بمجرد أن خرجت “سورين” من المصعد، وقعت عيناها على لافتة كُتب عليها:
“العريس: سيو جايها · العروس: يون يوجين”.
وبمجرد أن رأت الاسمين المألوفين، انطلقت منها سخرية تلقائية.
كان هذا هو قاعة الأفراح الفاخرة في الفندق، التي لطالما أرادت “سورين” أن تُقيم فيها حفل زفافها.
ورغم أنه كان من المفترض أن يُعقد الحفل بشكل خاص، فقد كان المكان يعج بعدد أكبر من المتوقع من الناس.
«ياللعجب، لا ينقصهم سوى الصحفيين… يبدو أن كل من يجب أن يأتي قد جاء بالفعل؟»
كان الحضور متنوعين، من شخصيات بارزة في الأوساط السياسية والمالية، إلى موظفي محطات البث.
“هاه، ومع ذلك، يبدو أنهما بذلا جهدًا من أجل هذه الزفاف، أليس كذلك؟”
تمتمت “سورين” بنبرة مشوبة بالضيق.
حتى أنها فكّرت في أن تضع في ظرف التهنئة تعويذة تودي بهما إلى الدمار، لكنها تراجعت.
ثم ما لبثت أن اقتربت من مدخل القاعة حيث كانت صور الزفاف مصطفّة، وقد لفت نظرها إحدى الصور.
من قريب، رأت وجه “جيها” يبتسم بسعادة في الصورة.
«كيف يمكن أن يكون الشقيقان مختلفين إلى هذا الحد؟»
رغم أنهما وُلدا من أمهات مختلفات، إلا أن “جيهان” و”جايها” كانا شديدي التباين، إلى درجة يصعب معها تصديقهما كأخوين.
من المظهر إلى الشخصية، كان من الصعب إيجاد وجه شبه بينهما.
لا، ربما… كان هناك شيء واحد مشترك: النظرة الباردة التي تبث قشعريرة في جسد من يراها.
“ومع ذلك، ترسلان دعوة الزفاف بكل وقاحة؟”
نظرت “سورين” إلى بطاقة الدعوة في يدها، ثم قبضت عليها بقوة.
يبدو أن ما قيل خلال جلسة الطعام في الفندق كان جديًا فعلًا، فقد أرسل أحدهم إليها دعوة الحفل.
مع إضافة عبارة: “يرجى الحضور لإضفاء البهجة على هذا اليوم المميز”.
بسببها، لم تنقطع نوبات الغضب والضيق لأيام متواصلة.
«هل أنا الآن في موقف يسمح لي بتهنئة أوني على زواجها؟ هراء لا يُحتمل.»
فكرت “سورين” بأنها كان يجب أن تحضر معها تعويذة بالفعل.
هي كانت قد حجزت بصعوبة قاعة الحفل، لكنها ألغت الزفاف في نهاية المطاف.
وكان من المؤكد أن “يوجين” كانت تعلم ذلك عندما أرسلت إليها الدعوة.
«…ماكرة. تقشعر لها الأبدان، فعلًا!»
في كل مرة كانت ترى “يوجين” تبتسم بذلك التعبير وكأنها تقرأ ما في قلبها، كانت “سورين” ترتعش.
لم تكن هذه هي “يوجين” الطيبة التي كانت تعرفها من قبل.
كلما فكرت بالأمر، زاد ارتباكها وغضبها، فبدأت تلوّح ببطاقة الدعوة لتبريد وجهها.
«لا، سأُقيم زفافي أنا أيضًا في مكان أفضل، وبصورة أكثر فخامة من “يون يوجين”!»
فكما قالت السيدة “أوه”، يمكنها الانتظار حتى تنتهي الأمور كلها لتقيم زفافها بهدوء لاحقًا.
بمجرد أن فكرت بذلك، خفّت حدة التوتر والقلق في قلبها.
أقنعت نفسها أن الأمر كله مسألة طريقة تفكير.
لكن سرعان ما تذكرت “جيهان”.
كان قد جاء معها، لكنه قال إنه مضطر لإجراء مكالمة، وطلب منها أن تسبقه إلى الداخل.
اعتقدت أنه سيلحق بها بعد قليل، لكن مضى وقت طويل دون أن يظهر.
«أين ذهب يا تُرى؟»
كانت تنظر حولها بحثًا عنه وقد اقترب وقت دخوله.
وفي تلك اللحظة، بدأ الناس من حولها يتحدثون بصوت خافت ويتهامسون.
تساءلت عما يحدث، فاستدارت وهي واقفة أمام صور الزفاف نحو مصدر الضجيج.
ومن هناك، خرجت “يوجين” من غرفة انتظار العروس.
وكان الضيوف يصيحون بحماس عند رؤيتها.
حين وقعت عيناها على “يوجين” ترتدي فستانًا أبيض ناصعًا يخطف الأبصار، تشوّه وجه “سورين” تلقائيًا.
كانت “يوجين” جميلة بشكل يثير الغيظ.
وكان الفستان الذي ترتديه أحد الفساتين التي جربتهم “سورين” في متجر الزفاف سابقًا.
بدا وكأن هذا العرض موجّه خصيصًا لها، مما جعل معدتها تنقلب.
هي لم تُكمل حتى اختيار الفستان، بل تم تأجيل الزفاف إلى أجل غير مسمى.
“هل هذه هي العروس؟ إنها جميلة للغاية.”
“إنها مذيعة أخبار، أليس كذلك؟ يا إلهي، هي أجمل بكثير في الواقع الثنائي المثالي حقًا.”
وقف الضيوف مذهولين من جمالها وذهبو يهمسون بإعجاب.
“إنها تملك كل شيء، حقًا أنا أحسدها.”
وكان هذا أكثر ما أزعج “سورين”. استدارت بغضب نحو أحد الضيوف الذي عبّر عن إعجابه بـ”يوجين”.
«كان من المفترض أن أكون أنا من تقف هناك!»
العروس الجميلة التي ترتدي الفستان الأبيض، كان يجب أن تكون هي.
من كان عليها أن تمشي في ممر الزفاف وسط التهاني والبركات من الجميع، كانت هي، لا “يوجين”.
تذكرت كيف كانت قد بدأت بالفعل في اختيار الفستان وتحضير الزفاف، فتفجرت مشاعر القهر في داخلها.
راودتها رغبة عارمة في تخريب هذا الزفاف.
«تماسكي، سورين.»
لا يمكن أن تدمرِ كل شيء بدافع لحظة غضب.
وفي تلك اللحظة، رأت “يوجين” تمشي مبتسمة نحو “موجين” الواقف أمام القاعة.
“إبنتي ،هل أنهيتِ استعدادك؟”
“رئيس مجلس الإدارة… إلى متى ستناديني هكذا؟”
“أظن… مدى الحياة من اليوم أصبحتِ رسميًا زوجة حفيدي لا بد أن يكون الرئيس “يون” سعيدًا بذلك.”
بسبب قرب المسافة، وصل حديثهما إلى مسامع “سورين”.
ابتسمت “يوجين” ابتسامة عريضة إلى “موجين” الودود.
وبإشارة من عينيه، فُتحت أبواب القاعة.
أمسك “موجين” يد “يوجين”، وسارا سويًا بين أنغام المارش والزينة المبهرة نحو الممر.
«زوجة حفيده؟»
تذكرت “سورين” حين رأت “موجين” لأول مرة خلال جلسة الطعام في الفندق.
ذلك الرجل الذي لم يلقِ حتى نظرة نحوها، ناهيك عن أن يعاملها كزوجة حفيد.
لكنه بدا مختلفًا تمامًا مع “يوجين”، لطيفًا ومحبًا.
رؤية تلك العلاقة الوطيدة عن قرب جعلت “سورين” تشعر بمزيد من البؤس.
وكان الإحساس بالبعد الشاسع بينهما يزداد حدة، وكأنه لن يُردم مهما مر الزمن.
ارتجفت يدها، فقبضت على طرف فستانها بعنف.
“…هاه.”
وقبل أن تدرك، كانت “سورين” تمشي نحو القاعة، كما لو كانت مسحورة.
من الخارج، لم تكن القاعة بهذا البذخ، أما من الداخل، فكانت فاخرة وتضج بالحضور.
وكان فستان “يوجين” المطرز بالكريستال الأبيض يتماوج مع كل حركة لها.
وكانت أنظار الإعجاب تتبعها أينما ذهبت.
لمحت “سورين” في الجهة المقابلة “المدير لي” وبعض موظفي برنامج “أخبار 9” يصفقون.
أولئك الذين لم يرسلوا لها حتى رسالة واحدة بعد استقالتها، كانوا الآن مجتمعين جميعًا.
«لماذا؟ لماذا “يون يوجين” دائمًا ما تتألق؟ لماذا؟»
لديها كل شيء بالفعل.
حتى بعد أن سرقت خطيبها فقط لتجلس في ذلك المقعد، ما زالت تتوهج وتُبهر.
ثم، تلاقت عيناها مع “جايها” من بعيد.
وعندما ابتسم بسخرية، بدا وجه “سورين” وكأنه ينهار من اليأس.
«سيو جايها، يون يوجين!»
غضب عارم اجتاحها، رغبت في تدمير الممر الجميل المزخرف بالزهور.
أي شيء تقع يدها عليه، كانت تريد تمزيقه إربًا.
راودها شعور بالركض نحو “يوجين” ودفعها بقوة، لكن… لم تستطع.
فاشتدت قبضتها، وغلت في داخلها مشاعرها الغاضبة.
«سأدمركما! كليكما!»
هذا الشعور بالإذلال والمهانة… ذات يوم، سترده أضعافًا مضاعفة.
وكانت “سورين” على وشك الانفجار من فرط المشاعر، وهمّت بالخروج من القاعة…
لكنها التقت وجهًا لوجه مع “جيهان” الذي دخل للتو.
جاء بعد بدء الزفاف بوقت طويل.
ولسوء حظها، التقت به وهي في أسوأ حالاتها، حتى تعابير وجهها لم تكن تحت سيطرتها.
نظر إليها “جيهان” للحظة، ثم حول نظره بعيدًا.
“أخي! أين كنت؟ لقد بحثت عنك طويلاً.”
تشبثت “سورين” بذراعه، واقتربت منه بجسدها.
لكنه تجاهلها تمامًا، وكان يحدّق في الثنائي الواقفين عند نهاية الممر.
«لماذا؟ لماذا هذا التعبير؟»
نظرت “سورين” إلى المكان الذي كان يحدّق فيه، وشعرت بقلبها يسقط فجأة.
كانت نظرات “جيهان” موجهة نحو “يوجين” و”جايها”، محمّلة بتعبير يصعب تفسيره.
وبمجرد أن رأت ذلك، امتلأ وجه “سورين” بالبؤس، وكأن دموعها ستنهمر في أي لحظة.
رغم أنها تقف بجانبه بوضوح، كانت عيناه لا تفارقان خطيبته السابقة.
وخلال لحظة، اجتاحها شعور خانق بالقلق الشديد.
“أخي!”
نادته مرة أخرى.
وفي تلك اللحظة، تعالت هتافات الحاضرين التي ملأت القاعة بأكملها…
كان “جايها” يلف ذراعه حول خصر “يوجين”.
***
رغم أن الحفل كان خاصًا، إلا أنه كان يعج بالكثير من الناس.
ما إن بدأتُ بالسير على الممر المزخرف ممسكة بذراع رئيس “سو”، حتى بدأ قلبي ينبض بعنف.
(’لم أكن أعلم أنه سيكون بهذا البذخ.‘)
متى تم التحضير لكل هذا؟
أما “جايها” الواقف بجانبي، فلم يكن يبدو عليه أي توتر، بل كان يحدّق إلى الأمام بوجه هادئ.
عندما انتهى بيان إعلان الزواج الطويل، وتلا المذيع تعليماته، اقترب مني “جايها” وأنا في حالة ذهول.
ما إن جذب خصري بلا تردد حتى علت الهتافات من كل اتجاه.
وما إن واجهته وجهًا لوجه، حتى بدأ قلبي ينبض بشكل أسرع.
رؤيته واقفًا قريبًا بهذا الشكل جعلني أستشعر حقًا… أن اليوم هو زفافي.
وقبل أن تلتقي شفاهنا بلحظة، همس لي “جايها”:
“تماسكي، “سوجيـهان” و”تشاي سـورين” خلفنا.”
”……!”
هل قال إنهما حضرا؟
بنظرة جانبية خلفية، رأيت بالفعل أنهما كانا هناك.
وخاصةً “سورين”، فقد كانت نظرتها تشتعل بغضب ظاهر.
كان وجهها مليئًا بالغيرة والتشوه، الأمر الذي أثار سخريتي.
(’تشعرين بالقلق لأن “جيهان” الذي ظننتِه ملككِ ينظر إليّ؟‘)
من تصرفات “جيهان” هذه الأيام، بات من السهل فهم حالة التوتر لدى “سورين”.
لكنني لا أعلم إن كان اهتمامه بي فعليًا، أم أنه مجرد رغبة في استعادة ما فقده.
(’اشعري بقلقٍ أكثر، يا سورين.‘)
ويبدو أن “سورين” أحست بنظراتي، فقد تجمّد وجهها فجأة.
ورغم المسافة بيننا، إلا أنني شعرت بنظرات “جيهان” الحادة القوية.
تلك النظرات المشحونة بالعواطف المتشابكة، كان من بينها شعور واضح بالندم.
وما إن قرأت ذلك الشعور في عينيه، حتى ارتسمت على شفتيّ ابتسامة ساخرة بهدوء.
(’حتى لو شعرتَ بذلك الآن، فلن يتغير شيء.‘)
(’لأنك ستعيش نادمًا أكثر من هذا من الآن فصاعدًا.‘)
وعندما رأى “جيهان” تلك الابتسامة، تجعّدت جبينه بعمق.
وفي تلك اللحظة، فوجئت بكف “جايها” الكبيرة تحتضن وجنتي، فوجهت بصري إليه.
وبين كفيه، التقت أعيننا ببعضها.
ويبدو أنه قد لاحظ أنني كنتُ أنظر إلى “جيهان”، فقد كانت نظرته صارمة.
“لا تضحكي وأنتِ تنظرين إلى رجلٍ آخر، انظري إليّ أنا.”
كان قولًا يليق بـ”جايها”، فابتسمتُ له ابتسامة رقيقة.
ليست سخرية كما كنت أنظر إلى “جيهان”، بل ابتسامة صادقة نابعة من القلب.
ويبدو أن “جايها” شعر بذلك، فقد ردّ عليّ بابتسامة مشرقة مماثلة.
“أنتِ اليوم أسعد عروس في هذا العالم، يا حبيبتي.”
رأيت انعكاس صورتي في عينيه الثابتتين الخاليتين من التردد.
ثم اقتربت شفتاه مني ببطء وهو يهمس لي بصوته العميق المنخفض…
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
التعليقات لهذا الفصل " 69"