– هل لجنة التأديب بعد غد؟
كانت سُورين جالسة بعمق على الأريكة، مسترخية.
كان صوت زميلتها المألوف يأتي من الطرف الآخر للهاتف.
“نعم، بعد غد. أنا متوترة جداً، ماذا أفعل؟”
– من الطبيعي أن تكوني متوترة يا فتاة، لمَ لم تخبريني من قبل؟ كتمانه وحدك جعل الأمر أسوأ.
كادت سُورين أن تضحك رغماً عنها، لكنها كتمتها.
كيف يمكنها أن تقول إنها أخذت خطيب أقرب أخت كأختٍ لها؟
من حسن الحظ وسط كل هذا، أنها لم تكن بلا مؤيدين في محطة البث.
فخلال فترة إجازتها من تقديم الأخبار، دافع عنها زملاؤها وأوضحوا بعض الأمور بدلاً منها.
الشائعات التي دارت حولها وحول يون يوجين انتشرت كالنار في الهشيم.
ومهما كانت الحقيقة، فقصتها كانت أكثر إثارة، ولذلك تضاعف اهتمام الناس ككرة الثلج.
ابتسمت سُورين برضا.
“مع ذلك، كيف يمكنني قول ذلك… الأخت يوجين تعني لي الكثير أيضًا.”
– وهل ما زلت تقلقين بشأن مذيعة يون بعد كل ما فعلته بك؟ لقد نُشرت فضائح عنهما، الأمر انتهى.
“أتمنى فقط أن تنال الأخت عقوبة خفيفة…”
نطقت سُورين بكلمات لا تعبر عن حقيقة مشاعرها.
فانطلق صوت زميلتها الغاضب من الهاتف.
– سُورين، استفيقي! هذه ليست قضية يمكن التساهل فيها يجب منعها من دخول محطة البث مجددًا!
(نعم، انشري الشائعات أكثر حتى لا تظهر في الإعلام مرة أخرى.)
بمجرد أن تلقي طعماً صغيرًا، كانوا يلتهمونه بشغف.
لم تكن سُورين بحاجة إلى فعل شيء، إذ كانوا يتشاجرون ويسيئون لبعضهم بأنفسهم، وهذا كان مريحًا.
كانت تفكر في الاستقالة من العمل بحجة مناسبة: الزواج والحمل.
لم تكن تريد أن تُوصم فقط بلقب “العشيقة”.
والأهم أن صورة يون يوجين تدمرت أيضًا، وهذا كان جيدًا.
وصل صوت زميلتها الغاضب من الطرف الآخر مجددًا:
– كيف يمكنها أن تفعل ذلك مع أخ خطيبها وهي مخطوبة؟! لا ضمير لها تتظاهر بالنقاء أمام الكاميرا فقط تعرفين أنها كانت دائمًا متعالية، أليس كذلك؟
“بصراحة، كانت نظرات الأخت يوجين مخيفة أحيانًا… آه، أحدهم جاء لزيارتي.”
رن جرس الباب، فنهضت سُورين من على الأريكة.
“سأتصل بك لاحقًا.”
أنهت المكالمة على عجل وركضت نحو الباب.
(لا بد أنه جيهان!)
كان قد مضى عدة أيام على غيابه الغريب. لم تنظر حتى إلى شاشة الإنترفون، بل فتحت الباب مباشرة.
“جيهان! لماذا تأخرت هكذا… آه؟”
عندما فتحت الباب بوجه متحمس، توقفت في مكانها.
“آنسة سُورين.”
أومأ لها الرجل أمام الباب برأسه لم يكن جيهان.
كان السكرتير كيم واقفًا خلف الباب المفتوح.
“طلب منك السيد سيو أن تأتي معه حالاً.”
قالها بهدوء، دون أن يخفي خيبة أمله.
***
قاد السكرتير كيم السيارة لفترة طويلة.
ووصلوا أخيرًا إلى مكان مهجور بالقرب من النهر في ضواحي المدينة.
(نهر؟ لماذا طلب مني المجيء إلى هذا المكان؟)
انتقلت سُورين إلى سيارة أخرى كان ينتظر فيها جيهان، لكنه لم ينطق بكلمة.
كان يجلس في المقعد الخلفي، لا يتحرك، يراجع مستندات على جهازه اللوحي.
(هل هو غاضب من المقال؟)
ما زالت تتذكر تلك النظرة الحادة التي رمقها بها عندما دخلت السيارة.
لم يسبق أن نظر إليها بتلك الطريقة، وضغط الجو الثقيل عليها.
نعم… على الأرجح، نشر ذلك المقال الذي يفضح علاقة يوجين وجايها كان السبب.
مع أن جيهان طلب منها بوضوح ألا تنشر شيئًا، وبدون شرحٍ حتى.
كانت تعلم أن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر.
ولكن لضمان زواجها من جيهان، كان عليها نشره.
عندما وجه جيهان نظراته الحادة نحوها، انكمشت سُورين.
“فـ… فعلت ذلك لأجلنا لم يكن أمامي خيار ثم إن المقال ليس كاذبًا بالكامل، أليس كذلك؟”
بالطبع، لم تكن تعرف الحقيقة كاملة عن العلاقة بين الاثنين.
لكن المقال كان افتراضًا معقولًا في نظر أي قارئ.
جيهان الذي أعاد قبول يوجين ليستعيد مركز الوريث، ويوجين التي كانت تلعب على الحبلين بين الأخوين.
(الحقيقة؟ من يهتم بالحقيقة؟ قد يكونان فعلاً على علاقة منذ زمن بعيد.)
هذه المعركة المليئة بالوحل لم تكن تعني شيئًا لـ سُورين.
كل ما كانت تريده هو أن تكون بجانب جيهان.
وحتى لو ظهرت الحقيقة لاحقًا، فإن وجود هذه الفضائح يعني أن جيهان لن يستطيع التخلي عنها بسهولة.
بعد أن انتهت من التفكير، تابعت كلامها:
“بصراحة، أليس من الغريب؟ فجأة يظهر السيد سيو جايها والأخت يوجين معًا كأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن بل ويبدوان منسجمين جدًا.”
”……”
“ربما، ربما كانا بالفعل على علاقة منذ زمن بعيد وإن لم نتحرك، سيلقى اللوم علينا نحن فقط أنا راضية لو تمكنت فقط من تشويه صورتهما قليلاً.”
أخذ جيهان يستمع لكلامها بصمت، ثم مسح على جبهته بإحباط.
“هذا كلام لا مسؤولية فيه ماذا لو قدّما أدلة تنفي ادعاءاتك؟”
”…أدلة؟”
“نعم ألا تعلمين مدى دهاء خصمك؟”
نظرة جيهان المليئة بالخيبة صوبت مباشرة نحوها.
شدّت سُورين طرف تنورتها من التوتر، وهي تلتقي نظراته الحادة.
“هناك سبب لأنني قلت لك ألا تفعلي ذلك سؤالي الآن، كيف ستصلحين ما حدث؟”
قالها بصوت أعمق وأكثر جدية، مما زاد من توترها.
في تلك اللحظة، سُمع صوت خطوات تقترب، ثم طرق السكرتير كيم نافذة جهة جيهان .
“سيدي.”
“عذرًا للمقاطعة، لكن هناك أمر عاجل يجب إبلاغك به.”
حول جيهان نظراته الباردة من سُورين إلى النافذة، ثم فتحها.
“ما الأمر؟”
“قالت السيدة إنها عادت إلى البلاد وقد تلقّيت أمراً الآن للذهاب إلى مطار إنتشون لاستقبالها.”
“والدتي عادت؟”
ظهرت لمحة من الدهشة على وجه جيهان الذي نادراً ما يُظهر أي تعبير كانت جينهوي قد حضرت دون سابق إنذار بشأن عودتها إلى البلاد.
وبمجرد أن سمعت سورين كلمة “والدتي” التي خرجت من فم جيهان تبادر إلى ذهنها تلقائياً شخص واحد.
والدة جيهان البيولوجية، وسيدة مجموعة هوچين، السيدة “أو جينهوي”.
لم يكن معروفاً الكثير عنها في العلن، ولكن سورين شعرت بذلك غريزيًا.
فقط حقيقة أن السيدة “أو” قد عادت إلى البلاد، كانت كافية لتُظهر هذا التوتر على وجه جيهان مما دلّ على أنها ليست بالشخص العادي.
في هذا الموقف الخانق، شعرت سورين وكأن السيدة هي طوق نجاتها الوحيد.
«يجب أن أجعل والدته في صفي».
كان هذا أيضًا السبيل الوحيد لقبولها في عائلة هوچين، على عكس يوجين التي وُلدت في عائلة ذات مكانة.
قالت سورين بنبرة مندهشة، بشكلٍ مبالغ فيه، وهي توجّه حديثها إلى السيد كيم:
“أوه، هل السيدة والدته قد عادت؟”
تردد السيد كيم في الرد على سؤال سورين ، مراقبًا ردة فعل جيهان.
“إن ذهبنا الآن فلن نتأخر كثيرًا هيا ننطلق إلى المطار فورًا.”
ولكسر الجو البارد، أمسكت سورين بذراع جايها واقتربت منه بجسدها، وقالت وهي تنظر إلى السيد كيم الذي كان واقفًا خارج نافذة السيارة:
“لقد جاءت من بعيد، فيجب علينا استقبالها بأنفسنا، أليس كذلك، يا سيد كيم؟”
ثم حوّلت نظرها من السيد كيم، الذي لم يتحرك أمام كلامها، نظر إلى جيهان مجددًا.
“سأرتّب لقاء تعارف لاحقًا.”
“هل ستذهب وحدك؟ إنها والدتك، ألا يمكنني الذهاب معك؟”
«هل يعني هذا أنه يطلب مني العودة؟»
لم تستطع سورين قبول ذلك، فأمسكت بقوة بملابس جيهان.
ربما كان من الأفضل، كما قال، أن تلتقي بوالدته في وقتٍ لاحق في لقاءٍ خاص.
لكن مؤخرًا، شعرت أن المسافة التي تفصلها عن جيهان بدأت تكبر شيئًا فشيئًا.
ولا تدري ما إذا كانت هذه المسافة لأسبابٍ ظرفية أم نفسية.
وكان هذا يملؤها بالقلق لذا، رغم علمها بأنه من الأفضل أن تعود، فإنها لم تستطع التراجع بسهولة.
“حتى طفلنا يرغب في رؤية جدته وبالمناسبة، يمكننا استكمال الحديث الذي بدأناه، وتوضيح ما حدث، أليس كذلك؟”
مرّرت يدها برفق على بطنها، ظنًا منها أن الحديث عن الطفل سيلين قلب جيهان ، الذي يُعرف بضعفه أمام الأطفال، وبهذا سيستجيب لطلبها.
“توضيح؟ هاه، هذا ليس الوقت المناسب عودي الآن.”
لكن جيهان سحب يدها التي كانت تمسك به، دون أي تردد.
“سيدي، سأوصلك إلى المطار بنفسي.”
وبينما كان السيد كيم يستعد للذهاب إلى مقعد السائق، أوقفه جيهان بإشارة من يده.
“لا سأقود السيارة بنفسي رجاءً، أوصل هذه السيدة إلى المنزل.”
وأشار بعينيه إلى سورين .
وبمجرد سماع ذلك، توجّه السيد كيم مباشرة نحو سورين ثم فُتح باب السيارة بعنف، وكأن الأمر لا يعتمد على رغبتها.
“تفضلي. سأوصلك إلى المنزل.”
نظرت سورين إلى باب السيارة المفتوح على مصراعيه، وضغطت شفتيها بقوة.
ثم وجهت نظرة إلى جيهان الذي كان يركز نظره على جهازه اللوحي، وأدارت رأسها بسرعة.
عضّت على أسنانها بقوة.
كان الزواج على الأبواب، لكن العلاقة بينها وبين جيهان بدأت تتخلخل شيئًا فشيئًا.
«لن أتنازل عن هذا الزواج، أبداً.»
لا يمكنها العودة الآن خالية الوفاض.
بدأت تمشي نحو السيارة السوداء التي تنتظرها، ثم توقفت فجأة.
والتفتت إلى السيد كيم الذي كان يتبعها وسألته:
“سيد كيم، هل يمكنني أن أطلب منك خدمة؟”
“تفضلي، قولي ما تشائين.”
ومن خلف نظاراته، وجه السيد كيم نظرة دقيقة نحو سورين.
“المحل الذي اشترينا منه خاتم الخطوبة مع جيهان … أرجوك، ابحث عن الموظف الذي تلقى الطلب حينها.”
✦✦✦
في صباحٍ باكر، استيقظت على أصوات الحركة التي توحي بأن أحدهم يستعد للذهاب إلى العمل.
تساءلت، هل يجب أن أخرج لتوديعه؟ أم أظل في غرفتي وأتظاهر بعدم سماع شيء؟
«ما كان يجب أن أشاهد فيديو المقابلة…»
أو ربما، كان يجب أن لا أوافق على العيش معه.
فكلما نظرت إليه، تذكرت جايها وهو يذكر أثناء المقابلة أن لديه شخصًا يحبه.
«من هذه التي يحبها؟»
لم أتخيل أبدًا أن سبب رفضه الزواج بي هو وجود امرأة أخرى في حياته.
رغم أنني عرفته لسنوات طويلة، إلا أنني لم أكن أتوقع ذلك، وشاهدت المقطع مرات عديدة وكنت في كل مرة مصدومة.
«إذًا، ماذا عن كل ما قاله لي في ذلك اليوم؟ عن أنه يشعر بالقلق إن لم يراني؟»
رغم مرور أيام، إلا أن مجرد تذكّر ذلك اليوم يجعل صدري يضيق وكأنني مصابة بعسر الهضم.
وما زاد الطين بلة، أنني بعد مشاهدة المقابلة، أصبحت أتحاشى رؤيته.
وبينما كنت أتقلب في سريري غارقة في التفكير، سُمِع طَرقٌ خفيف على الباب ثم فُتح.
«لماذا أغمضت عيني؟»
“نائمة؟ يبدو أنها نائمة.”
اهتزّت رموشي قليلاً مع سماعي لصوت جايها عند الباب.
كنت أشعر بنظراته عليّ رغم أنني أغمضت عيني.
وتظاهرت بالنوم لأتجنّب الحديث معه، بينما كنت أكتم أنفاسي من التوتر.
“سأذهب إلى العمل الآن. أتمنى لك يومًا جيدًا.”
وبعد برهة من الصمت، أنهى جايها حديثه وأغلق الباب.
عندها فقط أطلقت زفرة كنت أكتمها.
«لماذا أهرب منه باستمرار؟»
اليوم هو يوم لجنة التأديب الخاصة بي وبسورين.
وتذكرت أن جايها قال إنه سيصدر مقالاً مضادًا في الوقت المناسب مع موعد اللجنة.
لم أستطع التخلص من الشعور المزعج الذي علق في داخلي، وفتحت عينيّ.
ثم نهضت من السرير، محاولةً طرد مشاعر الندم التي كانت تقترب من ابتلاعي.
“لا، ليس الآن وقت هذه الأفكار سأفكر في الأمر لاحقًا.”
قررت أن أؤجل التفكير في جايها، ونهضت للتحضير للخروج.
في تلك اللحظة، وصلني رسالة من العم هيونيك.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
التعليقات لهذا الفصل " 48"