“ها قد شارف عطلة نهاية الأسبوع على الانتهاء.”
لم نتمكن من الخروج إلى الخارج إلا عندما أصبح الوقت مغيبًا، بعد لقاءٍ تأخر إلى ما بعد وقت الغداء.
وبعد ساعات من الجدل، تمكن “جايها” أخيرًا من الحصول على موافقة نائب الرئيس على أن يفعل ما يراه مناسبًا.
وربما لهذا السبب، وعلى الرغم من أنه حاول التظاهر بالهدوء، إلا أن علامات الفرح كانت بادية على وجهه دون أن يشعر.
“شكرًا لك على اليوم.”
“لقد كان أمرًا جيدًا لنا نحن الاثنين، لا داعي للشكر هل ستعودين إلى المنزل؟”
“نعم.”
أومأت له برأسي تعبيرًا عن رغبتي في العودة سريعًا إلى المنزل لأستريح.
لكن عندما نظرت إلى السيارة المتوقفة أمامي، أدركت فجأة المأزق الذي وقعت فيه.
“ما العمل؟ لا أجيد القيادة.”
تذكرت حينها الكحول الذي تناولته دون وعي أثناء وجبة الطعام قبل قليل.
المسافة إلى شقتي ليست بعيدة… هل ينبغي أن أطلب خدمة السائق؟ وبينما كنت أفكر، بادرني “جايها” بالكلام.
“قريبًا سيأتي السكرتير “هان”، فلنركب معه.”
“لا داعي، منزلي قريب وإن لزم الأمر يمكنني طلب أحدهم.”
كانت فكرته لطيفة، لكنني تذكرت أن منزله الذي زرته من قبل يبعد مسافة لا بأس بها عن شقتي.
“لا داعي لإرهاق السكرتير “هان”، من الأفضل أن أطلب خدمة السائق.”
وبينما كنت أعبث بهاتفي لأطلب السائق، رفعت رأسي على وقع خطوات تقترب.
وإذا بـ”جايها” قد اقترب مني دون أن أشعر.
نظر إليّ بثبات كما لو كان يتأمل طفلًا لا يدري إلى أين سيذهب.
”… أو يمكننا أن نركب سيارة أجرة.”
وبينما كان يكمل حديثه، أمسك يدي الفارغة.
توقفت يدي التي كانت على وشك فتح التطبيق فجأة عند هذا التصرف المفاجئ منه.
أو بالأحرى، يمكن القول إنه شبك أصابعه بأصابعي.
وعندما رأيت يدي محبوسة داخل يده الكبيرة، شعرت أولًا بالارتباك الشديد.
“أنا لا أحب الركوب في سيارات يقودها الغرباء، سوى السكرتير هان.”
“هاه؟ لكنني من ستركب معه.”
“لم أقل إننا سنذهب سويًا، أليس كذلك؟”
ضحكت بخفة دون أن أشعر، مندهشة من كون فكرة الذهاب سويًا أصبحت أمرًا مفروغًا منه.
منذ متى كان هذا الرجل بهذا القدر من الوقاحة الظريفة؟
“أليس الزوجان كيانًا واحدًا؟ من الطبيعي أن نذهب معًا.”
“ما هذا الكلام… هل تعتقد حقًا أن ما تقوله منطقي؟”
“نحن لم نقم حتى بحفل الزفاف بعد، ناهيك عن أننا زوجان…”
رأيت في عيني “جايها” بريق المزاح واضحًا.
“هل يسخر مني؟”
نظرت إليه بطرف عينيّ مستاءة من شعوري بأنني تعرضت للمقلب مجددًا.
وعندما حاولت سحب يدي من قبضته، شدّها أكثر ولم يتركها.
“لهذا السبب لا أريد أن أشرب على كل حال، لا تاكسي ولا سائق خاص.”
“أنا بحاجة فقط للضغط على زر الاتصال وبيتنا في اتجاهين مختلفين تمامًا.”
وحين حاولت النقر على شاشة الهاتف، رفع “جايها” يدي عاليًا.
كان مزاحه اليوم أكثر وقاحة من المعتاد.
في البداية، كنت أعتقد أن هذا الزواج من أجل الانتقام فقط، لذلك لن أشعر بشيء.
لكن “جايها” كان يتصرف دائمًا بطريقة تجعلني لا أستطيع تجاهل حقيقة زواجنا.
حتى الآن، كان يحدق في عينيّ وكأنه يريد سماع موافقتي على الذهاب معًا.
عندما أدرت وجهي عنه بسبب نظرته الثابتة جدًا، سمعت صوته المتذمر.
“عنيدة كالعادة.”
أذهلني كيف أنه يقول ما أفكر به، لكنني تظاهرت بعدم السمع.
كنت على وشك إنزال يدي التي رفعها لأطلب سائقًا.
“سآخذ هذا مؤقتًا.”
ومد يده فجأة ليأخذ الهاتف من يدي.
لم يكن هناك مجالٌ لمقاومته، فاستسلمت أخيرًا ونظرت إليه.
“أخيرًا، نظرتِ إليّ.”
“هذا لأنك تُصرّ كثيرًا، يا “جايها”.”
وبالرغم من أنني صرخت في وجهه، إلا أنه ابتسم بهدوء وقال:
“ألم تشعري بنظرات غريبة منذ قليل؟”
فوجئت بكلامه عن وجود من يراقبنا.
“من؟ من يكون؟ وأين؟”
بينما كنت أنظر حولي في موقف السيارات بقلق، جذبني “جايها” فجأة.
وجدت نفسي في حضنه، وقد سحبني بسرعة إلى جانبه.
“ليس هناك، بل انظري إليّ.”
سمعت صوته العميق من فوق رأسي.
كان قريبًا جدًا لدرجة أنني لم أستطع التنفس بشكل طبيعي.
وبينما كنت أرمش من المفاجأة وأنا ملتصقة به، رفع طرفي شفتيه بابتسامة.
“ساعديني، حتى يسيء الكبار الفهم بالشكل المناسب.”
“وكيف ذلك؟”
شعرت بيده تلتف حول خصري، وأنفاسه تلامس أنفي، فارتجف جسدي.
خفق قلبي بعنف كما لو أنه سيقفز من مكانه.
“من يدري؟”
رفع يده الفارغة ليُمسك وجنتي.
ومال برأسه قليلًا نحوي، وعيناه تتجهان ببطء نحو شفتيّ.
“ما الطريقة المثلى برأيك؟”
تلك اللحظة القصيرة شعرت وكأنها انقسمت إلى عشرات اللحظات.
مسافة بالكاد تُذكر بيننا.
أغمضت عينيّ دون أن أشعر، تحت وقع نظرات “جايها” العميقة والمركزة.
– دق، دق، دق.
شعرت أن قلبي سيُنفجر من شدة خفقانه.
وفي تلك اللحظة بالضبط…
عندما سمعت صوت سيارة تُشغل محركها وتغادر موقف السيارات، فتحت عينيّ ببطء.
“لقد غادروا.”
وانسحب يد “جايها” التي كانت تمسك بوجهي.
ما إن خف التوتر، حتى شعرت أن ركبتيّ ستنهاران من الوهن.
تملصت من بين ذراعيه وأطلقت أنفاسي التي كنت أحبسها.
“أهم!”
ارتعد جسدي فجأة عند سماع صوت سعال قريب.
التفتُّ بسرعة، لأجد السكرتير “هان” واقفًا على مقربة، لا أعلم متى جاء.
“ما الذي تفعلهما، أنتما الاثنان؟”
***
جلسنا في المقعد الخلفي سويًا ونحن في طريق العودة إلى المنزل، دون أن يتكلم أحدنا.
كان السكرتير “هان” ينظر إلينا من حين لآخر عبر المرآة الجانبية، ولا زلت أشعر بجو التوتر الذي ساد داخل السيارة.
وصل “جايها” حتى باب منزلي، ثم قال لي:
“أتمنى لكِ عطلة نهاية أسبوع سعيدة.” قبل أن يغادر.
بخلافي، التي لم أعد أطيق النظر في وجهه، كان هو يبتسم بهدوء.
وهكذا انتهت عطلة نهاية الأسبوع، وبدأ أسبوع جديد، لكن رأسي لا يزال يعج بالأفكار.
وكلما تذكرت ما جرى في ذلك اليوم فجأة، كانت وجنتي التي لمسها ترتفع حرارتها من جديد.
“سأُجنّ.”
عادت وغطّت وجنتيها اللتين ارتفعت حرارتهما من جديد بكفّيها.
كلما تذكّرت ما حدث ذلك اليوم، راودها شعورٌ قويّ بالرغبة في الاختباء في مكانٍ ما.
حتى لو كان أحد رجال نائب الرئيس واقفًا هناك، فالمسافة بينهما كانت قريبة بما يكفي للمساس.
لا، لولا صوت تشغيل السيارة، لربما حدث ذلك بالفعل…
ما إن تخيّلت ذلك مجددًا، شعرت بدوار.
«لم تكن خطتي أن أتورط عاطفيًا إلى هذا الحد.»
المشكلة أنها تفقد حذرها باستمرار عندما تكون أمام جايها.
مشاعرها، التي تسير بلا وجهة، بدت وكأنها على وشك أن تسبب كارثة قريبًا، مما جعلها تشعر بعدم الارتياح.
في تلك اللحظة، وبينما كانت تجلس في مكتب قسم البرمجة ممسكة برأسها، اقترب منها زميلها يونغ جون وسألها:
“ألستِ ذاهبة إلى التسجيل؟”
كان قد عاد لتوّه من التسجيل المسبق لنشرة التاسعة المسائية.
ويبدو أن دورها قد اقترب الآن.
“آه، صحيح، يجب أن أذهب، بالطبع.”
وقفت فجأة من مكانها وجمعت النص من على المكتب، فنظر إليها زميلها وقد ارتسمت على وجهه علامات الاستغراب.
دخلت إلى استوديو الأخبار، فرأت مجموعة صغيرة متجمعة قرب الكاميرا.
وكانت سورين تقف في وسط تلك المجموعة.
كانت تتحدث على ما يبدو مع بعض الموظفين الذين تربطها بهم علاقة ودية.
“حقًا؟ إذًا ستتلقين عرض زواج قريبًا؟”
سورين احمرّت خجلًا من سؤال المخرج، وابتسمت بخجل.
“يبدو ذلك آه، مخرج! لم يُحدَّد الأمر بعد، كما تعلم.”
عندما قالت ذلك بصوت دافئ ممزوج بالدلال، ضحك المخرج وباقي الموظفين.
“إذًا، لن نخبر أحدًا هذا رائع إذًا سورين قررت التوقف عن الشرب استعدادًا للزواج؟”
“نعم هذا جزء من السبب، كما أنني مُنعت من الشرب لأسباب أخرى أيضًا.”
عندما وضعت النص الذي أحضرته على الطاولة، التفتت إليها أنظار الجميع للحظة ثم عادت لتتجه بعيدًا عنها.
شعرت بالذهول من تصرفات سورين، التي بدت وكأنها تروّج لزواجها في كل مكان.
«لماذا لا تذكرين أن خطيبك كان خطيبي أنا؟»
أدارت وجهها بعيدًا عن وجهها الوقح المثير للاشمئزاز، وفتحت النص أمامها.
«حسنًا، تحدثي كما يحلو لك.»
لن تستمر أيامها السعيدة طويلاً.
حتى ذلك الحين، كانت تنوي تركها تفعل ما تريد.
“منذ متى بدأتِ علاقتكِ العاطفية يا سورين؟”
“بالضبط لم ألاحظ شيئًا متى بدأتِ هذه العلاقة السرية؟”
“آه، هذا حدث صدفة فقط كنت أشعر بالحرج من لفت الأنظار.”
ازدادت حدة الأحاديث مع مرور الوقت.
وصوت سورين الرقيق الذي ظلّ يتسلل إلى أذنيها جعل أعصابها تتوتر دون أن تدري.
“لم أرد أن أكون عبئًا على خطيبي المستقبلي لقد أخفيت الأمر طويلًا، أليس كذلك؟ أعتذر.”
كان حديثها مزعجًا لدرجة جعلتها تتساءل إن كانت تقول ذلك عن قصد لتسمعها.
“ستتفهمين الأمر، أليس كذلك؟”
رفعت رأسها عند سماع هذه العبارة المزعجة، فالتقت عيناها بعيني سورين التي كانت تحدّق بها مباشرة.
ظنّت أنها اعتادت رؤية مثل هذه المشاهد، لكنها كانت مخطئة.
نظرات سورين، التي بدت وكأنها امرأة تنعم بالحب وتفخر بذلك، جعلت معدتها تنقلب.
أين ذهب ضميرها؟
“بالطبع، بالطبع. لا يوجد ما يستدعي الاعتذار! هذا أمر مبهج.”
“صحيح. مبروك.”
“سورين، ستقومين بدور رائع كزوجة زوجك المستقبلي محظوظ.”
نظرت إلى الساعة المعلقة على الجدار، ولاحظت أن وقت التسجيل لم يحن بعد.
وبينما كانت تغلق النص وتهمّ بالوقوف، رنّ الهاتف الموضوع على الطاولة.
«من يكون؟»
تمنت لو كان جايها.
لكن اسم “سوجيهان” الذي ظهر على الشاشة جعل رأسها يؤلمها فجأة.
يا للمصادفة الغريبة في التوقيت.
لم تكن ترغب برؤية أو سماع صوت أحد بقدر ما لم تكن ترغب في رؤيته أو سماعه الآن، تمامًا كما هو حالها مع سورين.
في البداية، أرادت أن ترفض المكالمة.
لكن، عندما رأت سورين تتحدث بغرور أمامها، تغيّر رأيها في لحظة.
“مرحبًا؟”
كانت ترغب في رؤية وجه سورين وهي تدرك أن خطيبها السابق يتصل بها الآن.
– هل بإمكانك التحدث؟
سألها جيهان وكأنّه نسي تمامًا أنهما قد ألغيا الخطوبة.
أخفت تعابير وجهها العابسة بصعوبة، وأدارت جسدها نحو سورين عمدًا.
“سوجيهان اختصر حديثك لدي تسجيل بعد قليل.”
تعمّدت قول اسم “سوجيهان” بوضوح حتى تسمعه سورين.
وعندما سمعت الاسم، التفتت بسرعة نحوها وأظهرت ردّ فعل فوري.
– تلقيتِ الاتصال، صحيح؟ الرئيس قد عاد.
السبب وراء الاتصال المفاجئ من جيهان كان واضحًا: رئيس مجلس الإدارة، سو، قد عاد.
بمجرد سماعها لكلامه، تذكّرت المكالمة التي تلقتها من بيونغتشانغ في اليوم السابق.
اتصال واحد في عطلة نهاية الأسبوع.
أنهى الرئيس سو المكالمة بعد أن قال ببساطة: “تعالي إلى المنزل”.
– صدر أمر بجمع الجميع اليوم.
عودة الرئيس من أمريكا، حيث كان في مهمة عمل كبيرة، واستدعاؤه للجميع إلى المنزل، كانت تعني أنه علم بكل ما حدث.
«لا بد أنه عَلِم بإلغاء الخطوبة، وفشل الاندماج.»
نبرة التوتر في صوت جيهان، الذي كان يتحدث من الجهة الأخرى، أظهرت أنه قد استعد للأمر جيدًا.
لقد حان الوقت لإنهاء هذه العلاقة الخانقة تمامًا.
“أعلم تحدثنا في نهاية الأسبوع.”
– حسنًا سأمر عليكِ في محطة البث، ونذهب معًا.
“هذا غير ممكن.”
ضحكت بسخرية على أسلوبه وكأنه لا يزالا مخطوبين.
«نحن لسنا في علاقة تخوّلنا الذهاب سويًا.»
لكن، بينما كانت على وشك رفضه بوضوح، التقت عيناها مجددًا بعيني سورين، التي كانت تحدّق بها بصراحة هذه المرة.
عندها، ابتسمت بسخرية وأكملت الحديث بنبرة ودودة مقصودة:
“لا تجعل الرئيس ينتظر اذهب قبلي.”
– ……
“هل أحضرت ما يلزم؟ في مثل هذا اليوم، من الأفضل أن تكون مستعدًا مسبقًا.”
– ماذا؟ لا تقصدين… دواء الضغط؟
كان الرئيس سو يعاني من ضغط دم مرتفع، وغالبًا ما كان ينهار ويمسك برقبته.
ومع ذلك، لم تكن بحاجة لتوضيح الأمر، فقد فهم جيهان على الفور ما كانت تعنيه.
وكان ما يقلقها أكثر هو حالته الصحية إذا سمع بخبر زواجها من جايها.
حين لم تُجب، تحدّث جيهان بنبرة منخفضة عبر الهاتف:
– هل تفكرين فعلًا بإنهاء كل شيء بيننا؟
يبدو أن سورين لاحظت الجو المشحون، إذ بدت التجاعيد تظهر على جبينها.
من الواضح أنها فهمت أن الأمر يتعلق بشيء يخص العائلة من خلال ذكر “الرئيس”.
“دعنا نتحدث عندما نصل سأنهي البث الآن.”
أغلقت الخط بذلك.
مهما كانت سورين محبوبة، إلا أن المكان الذي لا تزال لا تستطيع بلوغه هو عائلة هوجين.
لكنها، اليوم، ستزيل الحاجز الذي كان عاليًا جدًا.
وحين رأت نظرات سورين تهتز بقلق، ابتسمت بخفة.
شعرت أن توترها وقلقها من احتمال عودتها إلى جيهان قد بلغها.
“هل نبدأ التحضير للتسجيل؟”
قالت وهي تبتسم للموظفين الذين اجتمعوا حولها.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ].
التعليقات لهذا الفصل " 32"