كان ذلك أحد أفراد الطاقم الذين التقيت بهم في مستشفى دايجين سابقًا.
اقترب مني وهو يلوّح بيده بسرور بينما كان ينظر إليّ.
“……أوه؟ عدتِ إلى العمل فور خروجك من المستشفى.”
كان مظهره مختلفًا تمامًا عما كان عليه حين كان يرتدي ثياب المرضى.
لم أستطع تصديقه كمريض خضع لعملية جراحية، إذ بدا بصحة ممتازة عندما التقيت به في محطة البث.
“نعم لقد أخذت قسطًا كافيًا من الراحة بسبب الجراحة.”
قال ذلك بابتسامة محرجة.
لكن الأمر الذي أثار استغرابي هو أن أحد موظفي فريق التصوير جاء إليّ حتى قسم البرمجة.
“لكن، ما الذي أتى بك إلى هنا؟”
“آه، المدير طلب مني الحضور إلى الاجتماع بدءًا من اليوم.”
عندما سمعت كلمة “اجتماع”، أملت رأسي متسائلة، فأوضح بهدوء:
“اجتماع مواضيع الأخبار.”
“آه، آه ومتى يبدأ الاجتماع؟”
“اليوم في الساعة الثالثة مساء.”
عندما سمعت عبارة “اجتماع المواضيع”، بدأ شعور تعييني كمذيعة رئيسية يصبح واقعيًا أكثر.
ومع ذلك، بقي تصرفه بالقدوم إليّ شخصيًا إلى قسم البرمجة محيرًا.
فالأمر يمكن تبليغه عبر الهاتف، فلمَ جاء بنفسه؟
“جئت لإبلاغك بنفسي، ولدي أيضًا ما أود قوله للمذيعة هان، فاغتنمت الفرصة.”
وكأنه قرأ ملامح وجهي .
“فهمت، شكرًا لك إذن، سأراك غدًا في غرفة الأخبار.”
كان من المقرر أن أظهر غدًا في أول بث لي بعد عودتي إلى عملي كمذيعة رئيسية.
“أوه؟ لدي أيضًا ما أفعله؟”
كان زميلي الأكبر يستمع إلى حديثنا، وعندما سمع كلام الموظف، استدار نحوه.
“نعم، لدي ما أخبرك به بخصوص البث هل يمكنك المتابعة الآن؟”
وعندما رأيت الموظف واقفًا بشكل غير مريح بجانب مقعد الزميل يونغ جون، نهضت من مكاني.
“يمكنك الجلوس مكاني تحدثا براحتكما.”
فمن الأسهل أن يجلس في مقعدي، المجاور له، إذا كان سيتحدث وهو يراقب الشاشة.
نظر إليّ الزميل يونغ جون وسألني عندما نهضت من مكاني:
“إلى أين أنتِ ذاهبة، زميلتي يون؟”
“استدعاني قسم الموارد البشرية للحظة.”
بسبب قرار التعيين، تلقيت بالفعل استدعاءً من قسم الموارد البشرية، وكنت أنوي الذهاب الآن.
عندما كنت جالسة لم ألاحظ شيئًا، ولكن عند مروري في ممر المكتب، أحسست بنظرات حادة تطاردني.
“الأنظار لم تتغير.”
ربما بسبب تعييني كمذيعة رئيسية، كانت النظرات الموجهة نحوي صارخة، مشحونة بالحذر والريبة.
…
بعد مغادرة يوجين، عادت الضجة إلى قسم البرمجة بعد أن كانت هادئة.
وكان معظم الناس يتحدثون بوجوه غير راضية.
“لقد تم تعينها فعلًا يا للعجب في النهاية أصبحت المذيعة.”
“هذا سخيف إذا كان الأمر كذلك، فلِمَ أقمنا اختبارات؟ كان الأفضل أن يختاروا بناءً على خلفيات العائلات.”
لم تبدأ الشكاوى بالظهور إلا بعد أن غادرت يوجين المكان.
وعندما بدأ الهمس يزداد حوله، رفع الموظف رأسه متسائلًا:
“؟”
يبدو أن يونغ جون أيضًا سمع الحديث، فتوقف عن الكلام فجأة وألقى النص الذي كان في يده ثم نهض بغضب.
“كفى، أليس كذلك؟”
في البداية كان ينوي مراقبة الوضع بصمت، لكن سلوك الآخرين الذي تجاوز الحد جعله يغضب.
فقد أغضبه الحديث عن يوجين أمام أحد أفراد طاقم الأخبار.
“لماذا تهتمون كثيرًا بأمور عائلية لا تعنيكم؟ ألا ترون أن هناك شخصًا من قسم آخر هنا؟”
بسبب كلام يونغ جون الحازم، ساد جو بارد في المكان.
وكانت إحدى المذيعات التي كانت تتحدث منذ قليل قد ردت عليه متذمرة:
“حتى لو كانت مسألة عائلية، من غير المعقول أن تتجاهل المذيعة أهلها وهم مرضى! لم تزر المستشفى ولو مرة!”
“صحيح صورة المذيع مرتبطة مباشرة بثقة المشاهدين لو عرف الناس، لقامت الدنيا.”
“بالضبط وقد انتشر الأمر في منتدى القناة، وسينتشر أكثر بمرور الوقت.”
لم تقتصر الشائعات على المنتدى الداخلي، بل انتشرت عبر الأحاديث أيضًا.
“أصبحت وريثة، واشترت منصب المذيعة بالمال، أليس كذلك؟”
“أصبحت مذيعة بفضل والديها، لكنها لم تزر والديها اللذين على فراش الموت حتى مرة واحدة.”
توسعت الشائعات وانتشرت كأنها حقائق.
“بصراحة، استغربت أصلًا من عودتها إلى العمل.”
من فرط الغضب، فك يونغ جون ربطة عنقه.
كيف يصدق الناس هذه الشائعات بدون أي تحقق؟
رغم أن الأمر لا يعنيه شخصيًا، شعر يونغ جون بخيبة أمل من زملائه.
“إنها مجرد شائعات لم تتحدث هي بشيء، فلماذا أنتم واثقون هكذا؟”
بكلماته الحادة، عمّ الصمت في المكتب فجأة.
فكما قال، الشخص المعني بالشائعة لم يقل شيئًا.
“ومع ذلك، لا أحد يجرؤ على قول شيء.”
وبينما الجميع يقرأ وجوه بعضهم البعض بصمت، جلس يونغ جون في مكانه مغتاظًا.
“المذيع هان.”
ناداه الموظف الذي كان جالسًا بجانبه بهدوء.
“آه، آسف تحمست فجأة وأنا أتحدث.”
“لا بأس لكن، بما أنني عدت اليوم فقط إلى العمل، قد لا أكون على دراية بالأجواء، لذا اسمح لي أن أسأل.”
توجه الموظف إلى يونغ جون، الذي كان يروّح عن نفسه بمروحة:
“هل الحديث الآن كان عن المذيعة يون يوجين؟”
رغم أنه لم يذكر اسمها، إلا أن الجو أوحى بذلك.
تردد يونغ جون قليلًا لأنه لم يرغب بنقل الشائعات إلى موظف من قسم آخر، ثم أجاب:
“نعم. هاه، فعلًا هناك شائعات لا تُصدق تُقال عنها.”
“شائعات؟”
“لا أستطيع أن أخبرك بالتفاصيل أعتذر.”
لوّح الموظف بيده وكأنه لا بأس بالأمر، متفهمًا اعتذار يونغ جون:
“لا بأس يبدو أنها ليست أحاديثًا طيبة على أية حال.”
لقد استغرب، إذ بدت الأمور مختلفة عما كان يعرفه.
فمن ردات فعل الناس، يبدو أن يوجين تجاهلت والديها المرضى.
“هناك شيء غير منطقي هنا.”
فكر للحظة أن هناك خطبًا ما، ثم أدار رأسه تجاه يونغ جون الذي استأنف كلامه وهو يشير إلى الشاشة.
***
[إلى هنا، نختتم نشرتنا.]
في استوديو الراديو الخاص بالبث المسائي، انطفأ الضوء الأخضر الذي كان مضاءً أثناء البث المباشر.
“لقد انتهى كل شيء.”
بينما كنت أرتب الأوراق المبعثرة من حولي، التفت إلى موظفي الطاقم الواقفين:
“شكرًا لكم على مجهودكم.”
“أليست هذه آخر حلقة لك، مذيعتنا؟”
يبدو أنها سمعت عن تعييني كمذيعة رئيسية، فسألتني بذلك.
“نعم، للأسف لقد تلقيت التعيين منذ وقت قصير فقط، فكان من المؤسف الرحيل سريعًا.”
“لكنها ترقية للأفضل! مبارك لك!”
شكرتها بابتسامة وخرجت من الاستوديو، وهي تبدو أكثر حماسًا مني لكوني أصبحت مذيعة رئيسية.
“هل هناك شيء على يدي؟”
شعرت بيد لزجة بعد تسجيل البث، ربما لامست شيئًا ما.
لذا مررت على قسم البرمجة لأضع أغراضي، ثم توجهت إلى الحمام.
“تشاي سيورين؟”
رأيت ظهر سيورين وهي تدخل الحمام في نهاية الممر.
فكرت أن أذهب إلى حمام آخر، لكنني نظرت إلى يدي اللزجتين وفتحت الباب.
عندما دخلت، كانت سيورين قد دخلت إحدى الكبائن واختفت عن الأنظار.
كنت أنوي فقط غسل يدي والخروج فورًا.
وبينما كنت أفرك يدي بالصابون، بدأت شاشة الهاتف الموضوع بجانب المغسلة تضيء وتهتز.
كانت مكالمة من عمي هيونيك.
“نعم، عمي؟”
رميت المناديل التي استخدمتها لتجفيف يدي وأمسكت الهاتف مجددًا.
“هل أعددت ما طلبته؟”
– نعم حتى الأوراق كلها جاهزة هل أرسلها مع أحد الأشخاص؟
كنت قد طلبت منه ذلك بعد معرفتي بأمر شركة إنتيك.
فقد خطرت لي طريقة لنصب فخ لجيهان، الذي يتمتع بحذر مفرط.
“لا، أفضّل أن أراك بنفسي.”
استلامها عن طريق شخص آخر ينطوي على خطورة، لذا كان من الأفضل أن أستلمها بنفسي.
حينها، سُمع صوت فتح قفل المقصورة.
تلاقت أعيننا في المرآة، وسيورين تخرج وتتجه نحو المغسلة.
كانت تقترب وتنظر إليّ بثبات.
“هل يمكنك القدوم غدًا إلى المقهى القريب من محطة البث؟”
– حسنًا، سأفعل.
“إذن، أراك غدًا.”
أنهيت المكالمة وأنا أنظر مباشرة في عينيها.
كانت نظراتها الغاضبة تكشف مدى كرهها لي.
“لا بد أنها غاضبة فقدت المنصب الذي ظنت أنه سيكون من نصيبها.”
كانت متأكدة أنها ستُعيَّن، وفجأة تغيرت النتيجة.
خصوصًا بعد أن تدخل جيهان بنفسه، ومع ذلك فشلت.
“أوني.”
توقفت عندما سمعت صوتها، بينما كنت أوشك على الاستدارة بعد أن رتبت شعري.
كان صوتها المرتجف يناديني.
“ما الذي يحدث بحق الجحيم؟”
“……؟”
استدارت سيورين نحوي، وقد كانت تستند إلى المغسلة بيدها، وكأنها مختنقة.
“هل استخدمتِ المال؟”
“ماذا؟”
“أم أن شخصًا يُدعى سيو جايها استخدم سلطته؟”
نظرت إليها مستنكرة، فاقتربت مني أكثر.
“……هاه؟”
“وإلا، ما تفسير ما حدث؟ كيف أصبحتِ المذيعة؟”
اقتربت مني حتى باتت على بعد أنفاس، وهي تصرخ بأسلوب اتهامي.
من قرب، بدت وكأنها فقدت صوابها جزئيًا.
ضحكت بسخرية، فأخذت تعقد حاجبيها.
يبدو أن هزيمتها على يدي كانت لا تُحتمل.
“أليست هذه أفعالك؟”
من حبستني في موقع التصوير كي لا أشارك في الاختبار، ومن حاولت أن تصبح مذيعة بمساعدة خطيبي – كانت كل تلك أفعالها.
“ألا تفهمين؟ فكّري جيدًا في كلامك الآن من دفع خطيبي ليجعلها مذيعة، كانت أنتِ.”
“هاه…….”
“ومن استدرجني إلى الموقع وأغلق عليّ الباب، كانت أنتِ، هل ظننتِ أنني لا أعلم؟”
استمعت إلى كلامي بصمت، ثم ضحكت بسخرية:
“لكن لا يوجد دليل، أليس كذلك؟”
نظرت إليّ بغرور.
سمعت من السكرتير أن كاميرات المراقبة في الطابق السفلي الثاني كانت معطلة يومها.
“أنا التي استدرجتك؟ أنا لم أبحث عنك حتى.”
حين ذهبت إلى المدير لاحقًا، قال إنه لم يطلبني يوم الاختبار.
وحتى الموظف الذي نقل لي الرسالة قال إنه تلقاها عبر تطبيق المراسلة فقط.
“في الأساس، لا أحد كان ليفعل هذا سواكِ يا تشا سيورين.”
لكن كل هذا مجرد قرائن، لا دليل مادي يثبت تورطها.
وكانت سيورين تدرك هذا جيدًا، ولهذا كانت بهذه الثقة.
“صحيح، لا يوجد دليل على أنكِ فعلتِ ذلك ولم أحاول حتى أن أبحث.”
اهتز حاجبها عند سماع أنني لم أحاول حتى.
لم أرغب في أن أجرّ نفسي إلى مستوى ألاعيبها السخيفة لم يكن لدي الوقت أو الطاقة لذلك.
“لم أرد أن أتعب نفسي بكشف شيء كهذا.”
يبدو أنها فهمت مغزى كلامي، فقد احمرّ وجهها غيظًا.
“لكن لا تجرؤي مجددًا على استخدام والديَّ لإثارة غضبي.”
حذّرتها بنظرة باردة.
لم أكن أنوي السكوت عمّن استغل والديَّ اللذين يواجهان خطر الموت لتشويه سمعتي.
“ربما يجعلني ذلك أرغب في خلق دليل لم يكن موجودًا.”
إذا لزم الأمر، يمكنني أن أُوجِد دليلاً من لا شيء.
قابلت نظرات سيورين المشبعة بالسمّ، وهي تمسك بقبضتها بإحكام.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ].
التعليقات لهذا الفصل " 25"