بينما كنت أخرج من مستشفى دايجين متوجهة إلى المنزل، رنّ هاتفي.
ةتوقفت يدي للحظة عند الاسم الثلاثي الظاهر على شاشة نظام الملاحة: “سو جايها”.
“مرحبًا؟”
– هل ما زلتِ في الخارج؟ هل أنتِ في طريق العودة من المستشفى؟
“نعم بما أن الطريق غير مزدحم، أظن أنني سأصل بسرعة.”
كان الوقت قريبًا من منتصف الليل، وكانت الطرق خالية تمامًا.
– لا بد أنكِ تعبتِ ، كيف كان أداءك في تجربة الأداء؟
وصلني صوته العميق عبر مكبر الصوت.
تذكّرتُ كيف غادر الاستوديو بعد فترة وجيزة من بدء اختبار الكاميرا.
سؤاله عن يومي بهذه البساطة ضغط على صدري بثقل.
“…ربما.”
– ربما؟
مرّ شريط ما حدث في فترة بعد الظهر أمام عيني كالفيلم.
برغم الاستعدادات السريعة، أنهيت تجربة الأداء دون أخطاء.
خاصة عند نقل الأخبار العاجلة، فقد كانت سلسَلسة الأداء أشبه بالبث الحقيقي، مما أثار إعجاب الحاضرين.
لم يكن أداءً سيئًا تمامًا.
“ربما خسرت… بصراحة، لا أعلم.”
– خسرتِ؟ أنتِ يا يوجين؟
أطلق ضحكة غير مصدقة.
لكنني كنت واثقة من وجود مشاركين آخرين أدّوا بشكل سلس دون أخطاء.
ومن المؤكد أن تشا يسورين كانت من بينهم.
ومع ذلك، لم أكن ضحية لمخطط سورين، لذا ربما لا يجب أن أعتبر الأمر سيئًا تمامًا.
انتظر قليلًا بعد صمتي ثم سأل:
– هل ارتكبتِ خطأ؟ أم كان الوقت غير كافٍ؟
أنتِ صاحبة سنوات من الخبرة كمقدمة أخبار.
– كنت أظن أن عشر دقائق كافية أوه، أم أن السبب هو أنني اختفيت في منتصف التصوير؟
ظهر في صوته نبرة مازحة.
يبدو أنه لا يصدق أنني قد أخفقت في تجربة الأداء.
“خطأ؟ لا، لا يمكن أنا كنت يومًا ما المذيعة الأولى في البلاد.”
– …
“بل ولم أكن أعلم حتى أنك غادرت، سيد جايها.”
ضحك ضحكة صغيرة وهو يستمع لكلامي.
– كاذبة .
جاء صوته العميق والحاسم من مكبر الصوت.
ضحكت ضحكة ساخرة دون قصد من نبرة تأكيده القاطعة بأنني أكذب.
“كيف لمن غادر في المنتصف أن يعرف؟”
بالطبع، كما قال جايها، كنت أكذب لكنني رغبت في إنكار الأمر بشدة.
كأنني دائمًا ما أجد نفسي تحت سيطرته.
“أنا لم أكذب كنت مركزة على الاختبار، فلم أنتبه لخروجك…”
– لكنك بدأتِ تبحثين عني فور توقف الكاميرا.
كان صوته عبر المكبر ساخرًا بعض الشيء.
لحظة… كان يشاهدني؟
نظرت للأمام، ثم التفتُّ لاشعوريًا نحو مكبر الصوت.
“كنت تشاهد؟”
تأخر في الرد، ثم ضحك بصوت منخفض.
– نظراتكِ كانت وكأن فرخًا يبحث عن أمه.
“…”
– على أي حال، أنتِ تجيدين الكذب جيدًا، يا يوجين.
احمرّ وجهي بشدة في لحظة.
لو كان أمامي، لأضاف بالتأكيد تعليقًا وهو يرى وجهي المحترق خجلًا.
مع كل مكالمة بيننا، كنت أشعر أنني أتورط أكثر معه.
“كف عن المزاح ، اخي ”
– أخي فقط في مثل هذه الأوقات، لكنني لا أحب هذا اللقب.
أصبح صوته جديًا عند سماعه لهذا اللقب يبدو أنه يزعجه فعلًا.
– يجعلني أشعر وكأننا نفعل أمرًا غير لائق.
لا أدري لماذا، لكنني تذكّرت حين احتضنني.
ارتبكت للحظة ثم أجبت بصعوبة:
“فهمت خرجت مني دون قصد.”
– أعلم وبالنسبة للتخفيف، فقد كنت سيئًا في ذلك.
ربما لهذا تصرف مازحًا معي في البداية.
نظرت إلى الأمام، ثم وقعت عيناي على الضماد الملتف حول يدي التي تمسك بالمقود.
“لكنني أشعر أنني تلقيت التعزية منك بالفعل.”
– سأبارك لك لاحقًا.
…
…
…
عندما نزلت من المصعد، التقت عيناي بعيني جيهان، الذي كان يستند إلى باب المنزل.
كان آخر شخص أرغب في رؤيته.
“أخيرًا وصلتِ؟”
سألني وهو يعتدل من وضعه المستند على الحائط.
لم أجد سؤالَه يستحق الإجابة، فتجاوزته متجهة نحو الباب.
“ أين كنتِ؟”
استدرتُ مندهشة من تصرفاته وكأنه زوجي.
“عُد إلى مكانك هذا منزلي.”
لكن قبل أن أتمكن من إغلاق الباب، مد يده ليمنعه من الإغلاق.
“ما الذي تفعله؟ لن تتركه؟”
“بقيت بعض أغراضي.”
“مستحيل.”
كنت قد تخلّصت من كل ما يتعلق به لا أعلم ماذا يريد أن يأخذ.
بالإصرار دخل جيهان إلى المنزل.
“ربما عليّ أن أغير مسكني إلى مكان لا يمكنه أن يأتي إليه مجددًا.”
شعرت بالصداع.
كنت لا أريد التخلّي عن هذا المنزل، فقد اختاره لي جدي بنفسه.
لكن فكرة مشاركة المساحة نفسها مع جيهان كانت غير محتملة.
وقف عند الجدار الفارغ في الردهة وسألني بنظرة باردة:
“أزلتِ حتى الصور؟”
رغم زياراته القليلة، يبدو أنه لاحظ اختفاء صور الزواج.
“أحقًا تنوين فسخ الخطوبة؟”
“نعم.”
“لن تندمي؟”
ألقى عليّ بنظرة قاتمة وكأنه لا يصدق عدم ترددي.
ندمت كثيرًا حتى اللحظة التي كنت أحتضر فيها أمام المحكمة.
“لم أندم لحظة واحدة.”
ابتسمت بسخرية بينما أنظر إليه بعينين خاليتين من التردد.
“الندم ليس من نصيبي.”
كادت الكلمات أن تفلت من لساني: أنا سعيدة لأنني لن أتزوجك، لأنني تخلصت من هذه العلاقة الكريهة.
“هل تظنين أن عائلتينا ستقبلان بفك الخطوبة؟”
“…”
“تعتقدين أن هذه العلاقة ستنتهي لأجل شيء كهذا؟!”
بكل سهولة.
قد اختبرت ما هو أسوأ: أن يتحطم زواج حافظت عليه بشدة في يوم واحد.
الزواج وعد هش، ويمكن أن ينكسر في أي وقت، وهو لا يعرف ذلك.
نظرت إليه بوجه هادئ وقلت:
“ولم لا؟”
ألم يكن هو من أنهى زواجنا بكلمة واحدة؟
خمس سنوات مضت هكذا، فكم بالأحرى خطوبة سنة واحدة.
“أنتِ من تتحملين الخطأ.”
“… قلت لك إنني لن أكرر ذلك، كان خطأ.”
“ناقش ذلك مع محاميّ استلمت أغراضك التي أرسلتها لك، أليس كذلك؟”
تذكّر حين جاء سكرتيره، وتشنّج حاجباه.
كلما تحدثت، ازداد غضب جيهان.
“كما ترى، البيت فارغ.”
أشرت إلى غرفة المعيشة الخالية بذقني وأكملت:
“ولا يبدو أن هناك شيء آخر لتأخذه، فلم لا تخرج؟”
“أنتِ…”
اقترب مني حتى التصقت أجسامنا، ثم انحنى برأسه.
نظراته كانت حادة كأنها ستذبحني.
“لو خرجتُ هكذا، ربما أرتبط بزميلتك هل ستتركينني أذهب؟”
ضحكت بدهشة، فنظر إليّ بنظرة باردة.
“لا أفهم ما تريد، جيهان أتنتظر أن أغار؟ أم أغضب؟”
“…”
“افعل ما تشاء مع تشا يسورين لا أريد أي علاقة بك بعد الآن.”
ويبدو أنه أدرك أن الكلام لم يعد يجدي، فعضّ على شفتيه.
“ربما قلت إن الندم ليس من نصيبك، لكنك ستندمين ، ستندمين على هذه الكلمات.”
ثم خرج مغلقًا الباب بقوة.
***
في كافيتيريا الشركة.
كنت أعبث بالطبق الذي أمامي حين وضعتُ العيدان جانبًا.
“هل ننهض إذا انتهيتِ من الأكل؟”
كنت شاردة أفكر في جيهان المنفعل ليلة أمس.
حين سمعت الصوت، أدركت أني كنت محدقة في الطبق الفارغ، فسألني يونغجون سونبي:
“نعم؟ نعم، انتهيت.”
نهضت من مكاني.
كنت منزعجة من مجيء جيهان المتكرر دون إذن، لكن ما حدث أمس جعلني أحسم قراري.
عليّ أن أبيع الشقة وأبحث عن منزل جديد.
صعدت مع سونبي إلى قسم التخطيط قبل نهاية وقت الغداء.
بينما كنا نعبر المكتب، شعرت بنظرات الناس الحارقة عليّ.
“آه، لحظة ما هذا؟”
“…؟”
كنت قد شغلت الحاسوب لأتفقد جدول بعد الظهر، حين استدار سونبي فجأة بقلق.
وجهه تبدّل إلى الذهول وهو ينظر إلى هاتفه.
وفي تلك اللحظة، أضاءت شاشة هاتفي الموضوع بجانب لوحة المفاتيح.
“أنتِ تستخدمين تطبيق البث، صحيح؟ احذفيه لا، لا تفتحيه.”
مدّ يده إلى هاتفي، لكنني سبقتُه ونظرت إلى الشاشة.
“ما الأمر؟”
“آه… قلت لا تنظري لماذا يُرسل إشعارًا عندما يكون المنشور شائعًا؟”
لكن عيني سبقتا كلماته.
منشور شائع على منتدى الشركة المجهول.
نُشر قبل وقت الغداء وقد تجاوز مئة تعليق.
“يا إلهي… أن تكوني ابنة عاقة لا يعرفها أهلها؟”
كنت قد تحدثتُ عن الشائعات مع يونغجون سونبي أثناء الغداء.
وكان يعلم كذلك نظرة الناس السيئة لي.
“من الواضح أن الجميع يعرف أن المقصودة أنا سونبي، يبدو أنني أُبغَض كثيرًا.”
المحتوى كان فظيعًا.
منشور يذكرني بالاسم ويُعيد نشر الشائعات عني دون خجل.
[بصراحة، لا مانع لدي ان تصبح ㅇㅇㅈ مذيعة الأخبار ، فالقصة أصبحت معروفة للجميع 12:29:13]
كارثة! إذا وصل الأمر إلى المنتدى، فسيعلم المشاهدون بالأمر قريبًا. (مجهول، 12:29:56)
وأثناء تصفحي لتعليقات مليئة بالسخافة، ظهر تعليق جديد:
انظروا إلى الإعلان! تم تعيين المذيعة الجديدة، وبذلك انتهى أمر نشرة التاسعة. (مجهول، 12:49:59)
توقفت عيناي عند كلمة “تعيين”.
“تم تعييني؟”
وفجأة، سمعت صوت يونغجون سونبي يناديني بقلق:
“لحظة، يون!”
رفعت رأسي عن الهاتف.
نظر إليّ بعينين واسعتين، وأشار إلى شاشته:
“انظري! تم تعيينك.”
نظرت إلى الشاشة.
وحين رأيت التعيين الرسمي كمقدمة أخبار على لوحة الإعلانات الإلكترونية، فتحت فمي بذهول:
[تنقل: المذيعة يون يوجين من قسم أخبار الراديو → إلى نشرة أخبار KBC9 (مقدمة أخبار)]
لم أكن أتوقع أن تصدر النتيجة بهذه السرعة.
وكانت نظرات الجميع أكثر حدة من ذي قبل.
“أيعقل… أنني حصلت على الوظيفة؟”
فعلاً، لا نعلم النتيجة حتى تُعلَن رسميًا.
تذكّرت صوت جايها الليلة الماضية وهو يقول بثقة إنه سيهنئني لاحقًا.
“ها… هاها.”
ضحكتُ لا شعوريًا.
“يبدو أنني سأهاتفه بعد الدوام.”
شهقت دون قصد.
فكرة أنني أردتُ أن أراه يبتسم عند سماع خبر تعييني أربكتني.
“هل جننت؟”
رغم أن لا أحد يستطيع قراءة أفكاري، أخذت أُمرّر أصابعي على شفتي بخجل.
“مبروك! أحسنتِ ألم أقل لكِ أنكِ ستنجحين؟”
“شكرًا.”
ربما ظنّ سونبي أنني منزعجة بسبب منشورات المنتدى، فهنأني ليرفع من معنوياتي.
أومأت له مبتسمة، ثم التقت عيناي بعيني سورين الجالسة قُبالتي.
كان وجهها ممتلئًا بالغضب.
“حتى بعد كل تلك الألاعيب، لم تستطع هزيمتي.”
لا بد أنها تموت قهرًا.
رأت ابتسامتي، فقبضت على قبضتيها بغضب.
وفي تلك اللحظة، فُتح باب المكتب.
شخص ما كان يبحث عن أحد، وحين التقت عيناه بعيني، لوّح لي بيده:
“المذيعة يون؟”
وجه مألوف رحب بي بابتسامة.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ].
التعليقات لهذا الفصل " 24"