في البداية، شعرت بالأسف تجاهه لأنه اكتشف أوراق الطلاق.
لم يكن لدى جايها أي علم بالأمر، وإذا شعر بالخيانة بسببي فلا أملك حجّة لذلك.
ولكن، مع مرور الليل وأنا وحيدة في السرير، ارتفع شعور بالضيق في داخلي فجأة.
كانت صورة الأمس حاضرة أمامي، عندما كنت أعترف له بحقيقة الحمل.
لم يقل شيئًا طويلاً بعد أن أخبرته بأنني حامل وأنه سيصبح أبًا.
“حسنًا… بما أن الوقت متأخر جدًا، يا يوجين، اذهبي ونامي أولًا سنتحدث غدًا.”
كانت هذه أول كلمة نطق بها جايها بعد صمت طويل.
كانت الساعة تتجاوز الواحدة صباحًا، ومع ذلك كان رده على اعترافي بحملي هو أن أذهب للنوم أولًا.
ظننت في البداية أن تصرّفه جاء نتيجة ارتباكه.
كنت متأكدة أنه سيتدارك الموقف قريبًا، ويأتي ليحضنني بشدة ويخبرني بسعادته.
لكن مرّت ساعة، ساعتان، ثلاث، وأصبح الصباح، ولم يأتِ.
لم يكن هناك حتى كلمة تهنئة أو شكر بسيطة.
وعندما فتحت عينيّ، رأيت أشعة الشمس الصباحية تسقط على سرير فارغ.
يُقال إن الجنين يتأثر كثيرًا بحالة الأم، حاولت النوم قسرًا كي لا أشعر بالضيق، لكن حتى ذلك كان صعبًا.
“لا يمكنني الانتظار أكثر.”
نظرت إلى الساعة بعد تجاوزها التاسعة صباحًا، ونهضت بسرعة من مكاني.
هل أصبح وجود الطفل مصدر إحراج له؟ كان يجب أن أسأل جايها مباشرة.
طرقات.
قرعت على باب غرفة جايها، لكن لم يكن هناك أي رد.
هل ينام؟ ثم شعرت بالشك.
“سأدخل.”
عندما رأيت غرفة جايها فارغة، شعرت بارتجاف في قلبي.
حتى أغطية السرير كانت مرتبة، وكأن أحدًا لم يبيت هنا.
“…أين ذهب بالضبط؟”
حاولت الاتصال به، لكن الرد كان دائمًا إشعار بعدم القدرة على الرد.
وكانت حالتي المتوترة تتفاقم أكثر مع رؤية الغرفة الفارغة أمامي.
***
سمعت أن جايها موجود في الفيلا، فانطلقت إليها فورًا.
عادت إلى ذهنها المكالمة التي جرت قبل قليل مع سكرتير :
– سيدتي… في الحقيقة لا ينبغي لي أن أخبرك بمكان وجود المدير حاليًّا، هذا يضعني في موقف محرج للغاية.
كان صوته مترددًا ومضطربًا حين سألته عن مكان جايها، وبدا أنه لا يعرف كيف يرد.
ظلّ يتلعثم ويتحاشى الإجابة لفترة، لكنه ما لبث أن باح بالمكان بصوت حائر عندما سمع نبرة البكاء في صوتها.
– في الحقيقة، المدير الآن في الفيلا الموجودة في بيونغتشانغ، نفس الفيلا التي سبق أن ذهبتما إليها في كانغووندو
تساءلت في نفسها لماذا ذهب إلى بيونغتشانغ هذا الصباح، ومن دون أن يخبرها بشيء.
ما آلمها أكثر أن حتى سكرتيره كان على علم بمكانه، في حين أن زوجته لم تُبلّغ بشيء.
بدأ الحزن يتسلل إلى قلبها، وتكاثرت مشاعر الانزعاج ككرة ثلج تتدحرج وتكبر شيئًا فشيئًا.
حاولت أن تواسي نفسها قائلة إن من الممكن أن الطفل لم يكن موضع ترحيب من قِبله.
وهو لم يسمع تفسيرًا منها بعد أن عثر على أوراق الطلاق، لذا ربما يكون قد أساء الفهم.
كانت تحاول أن تتفهم موقفه، لكنها مع ذلك لم تستطع كبح مشاعر الحزن التي غمرتها ربما لأنها كانت تؤمن، ولو بشكل غامض، أنه سيفهم مشاعرها حتى دون أن تبوح بها.
وكلما ازداد تفكيرها، ازدادت مشاعرها اضطرابًا.
وصلت إلى الفيلا دون أن تشعر.
اختلفت ملامح الفيلا الآن عن ذلك اليوم الصيفي حين كانت محاطة بالخُضرة، فقد اكتست بالألوان الدافئة لأوراق الخريف.
ما إن وقعت عيناها على الفيلا حتى تذكّرت الأسبوع الذي قضته هناك.
حاولت أن تطرد الذكريات التي اندفعت في ذهنها فجأة، فهزّت رأسها بعنف.
“ليس وقت الذكريات الآن.”
أسرعت إلى داخل الفيلا، لكن المكان كان هادئًا تمامًا كأنه خالٍ من البشر.
عبرت غرفة الجلوس واتجهت نحو السلم المؤدي إلى الطابق الثاني بحثًا عن جايها، وبينما كانت تصعد التقت به وجهًا لوجه.
“أوه؟ كيف وصلتِ إلى هنا؟”
بدت ملامحه مندهشة، إذ لم يكن يتوقع أن تأتي إلى الفيلا.
وحين رأت وجهه، ذاك الذي كانت تبحث عنه طوال اليوم، انفجرت دموعها فجأة.
“ماذا تفعل هنا؟”
“في الحقيقة…”
لم يستطع الإجابة فورًا، وتردد في الكلام.
ربما سبّب له حضورها المفاجئ إلى هنا حرجًا.
“أنا لا أنوي الطلاق منك، كل هذا… مجرد سوء فهم.”
“…”
“نعم، صحيح أنني من كتب الأوراق، لكنني حتى نسيت أنني فعلت ذلك.”
ارتجف صوتها وهي تكلّمه، وكانت نظرات جايها لها صامتة، مما زاد ألم قلبها.
لم تكن تريد طرح هذا السؤال أمام الطفل الذي تحمله في أحشائها.
لكنها شعرت أنه لا يمكنها التهرب منه أكثر، فتمتمت بصعوبة
“هل… لا تريد هذا الطفل؟”
وما إن قالت ذلك حتى أُسدِل الغمام أمام عينيها، فخفضت رأسها.
اضطرت أن تشد على يديها المرتعشتين لتتماسك.
كانت الثواني التي انتظرت فيها جوابه ثقيلة للغاية.
ثم سمعت وقع خطواته يهبط على السلم، وفجأة احتواها بذراعيه القويتين.
“لا، ما الذي تظنينه بي؟! مستحيل أن أرفض الطفل، يا يوجين.”
“إذًا… لماذا تتهرب مني؟ ولماذا أتيت إلى بيونغتشانغ؟ أنا فقط…”
كانت تدرك أن عواطفها في حالة من الاضطراب، يصعب عليها التحكم بها.
ورغم أن جايها نفى وجود سوء نية من جانبه، إلا أن التوتر لم يهدأ في قلبها.
“في الحقيقة، كنت أنوي أن أدعوك عندما أكون مستعدًا تمامًا…”
ثم أمسك بيدها بلطف، وقادها نحو الشرفة.
.
.
.
لم أستطع أن أفهم ما قصده جايها عندما قال إنه سيناديني حين يكون مستعدًا.
لكن، وما إن خرجتُ إلى الشرفة الخارجية، حتى فهمت كل شيء.
“يا إلهي…”
لم أكن أعلم أن ما قصده بـ”الاستعداد” كان شيئًا كهذا.
رأيت بالونات وزينة كثيرة موضوعة على الطاولة، وورودًا طبيعية تزيّن الطريق المؤدي إلى الطاولة، وأزهار الخريف تتمايل بلطف وسط خضرة الحديقة الغامقة.
قال وهو ينظر إلى المكان الذي بدا وكأنه نصف مُعدّ:
“لماذا أفشل في كل مرة أقوم فيها بتحضير حدث كهذا؟”
ثم تابع بأسف:
“كنت أنوي أن أطلب يدك الأسبوع الماضي، متأخرًا شعرت أني لم أقم بطلب زواج لائق لذا، زينتُ الفيلا بشكل جميل، لكن الأمطار الغزيرة أفسدت كل شيء.”
حينها تذكرت علبة الخاتم التي وجدتها في سترته الأسبوع الماضي كنت قد نسيت أمر الخاتم تمامًا وسط المفاجأة بالحمل وأوراق الطلاق التي ظهرت فجأة.
“سمعت أن حفلات (بيبي شاور) أصبحت رائجة هذه الأيام لذا، أردتُ أن أنجح في هذا الحدث على الأقل.”
يا لي من حمقاء… لم أكن أعلم شيئًا عن كل هذا، وظننت أشياء أخرى تمامًا وبينما اجتاحتني مشاعر الارتياح العميق، لم أتمالك دموعي حين رأيت بالونات الأطفال فوق الطاولة.
“أنا آسف لم أضع نفسي مكانك، ولم أتصور أنك قد تسيئين فهمي إلى هذه الدرجة.”
وعندما بدأت أبكي، احتضنني جايها كان يربت على ظهري بحنان، لدرجة أنني بكيت بشدة من شدة لطفه.
“كنت أريد أن أسعدك بهذا التحضير، فكيف تبكين الآن؟”
قالها بصوت حزين يهمس في أذني.
“لكني… أسأت الفهم تمامًا ظننت أنك لا تريد الطفل…”
استمع لكلامي بصمت، ثم مسح دموعي التي انهمرت على خدي.
“سيكون طفلًا يشبهك ويشبهني، فكيف لا أحبه؟ أنا في غاية السعادة فكرة أنني سأصبح أبًا… هذا يجعلني طائرًا من الفرح.”
“……”
“لم أتمكن من قول أي شيء أمس لم أستوعب الأمر كنت أتساءل: هل هذا حلم؟ هل سأكون أبًا؟ حقًا؟”
وقد احمرّ وجهه وهو يتحدث عن مشاعره التي غمرته بالأمس.
“أتساءل، هل ستكون فتاة؟ أم ولد؟ أيًا يكن، إن كان يشبهك، فسيكون جميلًا بلا شك بدأت أفكر في الاسم المناسب، ولم أستطع النوم من شدة الحماس.”
“……”
“لم أنم لحظة واحدة، ولم أستطع التركيز على عملي، فقط من شدة التوتر والسعادة.”
لم أره بهذه السعادة منذ ستة أشهر رؤيته يبتسم بهذا الصفاء جعلت قلبي يخفق بلطف، وكأن السعادة قد تسربت إلى داخلي.
شعرت أن هذه هي السعادة الحقيقية.
كل مشاعر الخيبة والخذلان التي كانت تتراكم في داخلي قبل مجيئي إلى الفيلا، ذابت كالجليد تحت الشمس وبدلًا من تلك المشاعر، نمت بداخلي مشاعر حب أعمق.
“شكرًا لك، يا يوجين شكرًا لأنك منحتني سعادة بهذا الحجم.”
ضمّني بلطف وكأنني شيء ثمين لا يُقدّر بثمن، وكان يتصرف وكأنني زجاج هشّ قد ينكسر، مما جعلني أبتسم رغم دموعي.
رجلٌ يحبني إلى هذا الحد، ما الذي كنت أقلق بشأنه؟
يبدو أن خبر الحمل المفاجئ هو ما جعلني أتأثر عاطفيًا بهذا الشكل.
“وأنا أيضًا…”
أنا أحب هذا الرجل كثيرًا بل إن كلمة “أحبك” لا تكفي للتعبير عن مشاعري نحوه لم أعد أستطيع تخيّل حياتي من دونه.
إنه شخص ثمين أصبح جزءًا مني مددت يدي ولمست وجهه بلطف، فأجابني بأن وضع يده فوق يدي، ودفء أنامله غمر قلبي بالسكينة.
ثم مال جايها نحوي، واقترب حتى شعرت بأنفاسه تداعب أنفي فأحيطت عنقه بذراعيّ وجذبته إليّ.
“أحبك، جايها.”
تلامست شفاهنا، وكانت القبلة هذه المرة أعمق من أي وقت مضى طالت حتى شعرت بالاختناق من شدتها، فابتعدت قليلًا ألهث من شدة التنفس.
ومن خلال عينيّ شبه المغلقتين، رأيت بالونات الأطفال تتمايل بفعل نسيم الخريف.
فشل هذا الحدث المفاجئ، كما قال جايها، فشل فادحًا رجلٌ دقيق في كل شيء، لا بد أنه بذل مجهودًا كبيرًا ليجعل هذا الحدث ناجحًا.
ومع ذلك، رغم عشوائيته، بدا لي هذا المكان أجمل مكان في العالم.
لأن حب جايها كان حاضرًا في كل ركن.
ابتسمت من دون وعي، فرأيت على وجهه أيضًا ابتسامة خفيفة وهو ينظر إليّ.
“لدي شيء أريد أن أريكِ إياه.”
قال وهو ينظر إليّ بعمق، ثم أمسك بيدي.
“تريد أن تريني شيئًا؟”
ألم يكن هذا الحدث هو المفاجأة التي أعدّها؟
نظرت إليه بعينين مليئتين بالفضول، فابتسم قائلاً:
“نعم، إنه مكان كنتِ دائمًا فضولية بشأنه.”
مكان كنتُ فضولية حياله؟
لكن قبل أن أتمكن من السؤال، سحبني جايها بلطف وأخذني معه…
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 119"