عاد جايها إلى الشركة بعد غياب طويل، وقضى اليوم كله يتعرض لإزعاجات من أعضاء المجلس.
كان من المرهق أن يرد على كل من يسأل عن حقيقة الحادث بنفس الإجابة مرارًا وتكرارًا.
“يا لها من ثعالب ماكرة! يعرفون كل شيء ومع ذلك يسألون.”
بدت له الأمور أنها ستستمر على هذا المنوال حتى تهدأ هذه الضجة.
“إذا سمع الناس أن الرئيس ونائبه سيتنحون، ستزداد الفوضى.”
رسمت أمامه صورة المستقبل القادم بوضوح.
وهكذا، بعد أن أنهى جايها يومه الطويل والمُرهق، عاد مباشرة إلى منزل الزوجية الجديد.
بعد يوم كامل من الانزعاج، بدا له المنزل وكأنه ملاذ دافئ.
ولمّا تذكر اللحظة التي كان يطارده فيها المشتبه بهم، شعر بالسلام والطمأنينة.
فكّ جايها ربطة عنق كانت تضيق عنقه تحت ياقة قميصه.
ثم اتجه إلى مكتبه، معتزمًا إنجاز بعض الأعمال العاجلة قبل عودة يوجين.
أثناء تشغيل اللابتوب، بدأ يتفقد رفوف الكتب.
معظم الكتب كان قد قرأها بالفعل، ورأى أن الوقت قد حان لاستبدالها ببعض الإصدارات الجديدة.
“أين كان ذلك الكتاب؟”
تذكر أنه ترك أحد الكتب الثقافية التي كان يقرأها آخر مرة في مكان ما على الرف.
كان يفكر في قراءته مع يوجين عند عودتها، فبدأ يبحث بين الكتب بعينين مشغولتين.
وقعت عيناه على ألبوم أبيض موضوع بين الكتب على حافة الرف.
أمسك جايها بالألبوم الذي لم يره من قبل.
تساءل: “ما هذا؟”
ثم تذكر عندما جاءت يوجين لأول مرة إلى المنزل، كانت قد أحضرت صندوقًا وسألت إذا كان يمكن وضع الألبوم في المكتب.
“ألبوم صور؟”
ابتسم عند التفكير أنه قد يرى صور طفولة يوجين.
وبينما كان على وشك فتح الغلاف بفضول، سقط ظرف كان موضوعًا بين صفحات الألبوم على الأرض.
“ما هذا؟”
تساءل إذا كانت يوجين قد وضعته هناك، فتردد لحظة قبل أن يخرج المستند من الظرف.
“ها؟”
[طلب تأكيد رغبة في الطلاق بالتراضي]
ظهر اسم يون يوجين مكتوبًا في خانة الطرف، وختم أسفل الورقة.
ابتسم جايها ابتسامة خافتة وهو يرى أن زوجته قد أعدت هذا المستند مسبقًا.
ربما كانت تعتزم الطلاق منه بعد عام واحد.
تذكر حديثها السابق عن جعل الزواج صالحًا لمدة محددة
– “ما رأيك أن نحدد مدة للزواج؟”
– “يبدو أن سنة واحدة ستكون كافية.”
تساءل جايها إذا كانت قد نسيت وجود المستند، أم أنها كانت تخطط لاستخدامه لاحقًا؛ لم يكن يستطيع فهم نواياها.
جلس يفكر في ما سيفعله بالورقة، لكنه سرعان ما أدرك أن الأمر لا يستحق القلق.
“الطلاق مستحيل.”
ابتسم بشكل معوج وهو ينظر إلى المستند.
كما قال سابقًا، لم يكن ينوي أن يضع أي مدة محددة لهذا الزواج.
“لقد فات الوقت للهروب.”
نعم منذ اللحظة التي طلبت منه فيها أن يمنحها بعض الوقت في الجنازة، كان القدر قد قرر مصيرهما.
كيف يمكن أن يترك من دخلت في حضنه بنفسها؟
كانت شخصًا طالما تخيل أنه ستكون معه لفترة طويلة جدًا.
استرخى وجهه المتجمد، ووضع المستند على الطاولة وكأنه يتجاهله.
“لا بد أن أتصرف بسرعة.”
تغيرت ملامحه بشكل غريب وهو يتذكر شيئًا ما.
***
“شكرًا على مجهودكم.”
تنهدت فور انطفاء الكاميرا الموجهة نحوي.
منذ تأكدي من خبر الحمل، كان قلبي يخفق بسرعة شديدة، مما جعلني أشعر بالتوتر طوال فترة تقديم النشرة.
خفت طوال الوقت أن يقع أي حادث أثناء البث، لكن على العكس، انتهى كل شيء بسلاسة دون أي مشاكل.
“سأغادر الآن أراكم غدًا.”
“نعم، عزيزتنا المذيعة ، احذري في طريقك.”
خرجت من استوديو الأخبار وتوجهت مباشرة إلى المنزل.
فكرة جايها الذي سينتظرني في المنزل جعلت خطاي تتسارع بشكل لا إرادي.
عادةً، حين أكون في البث لا أفكر في أي شيء آخر، لكن طوال النشرة لم أستطع إخراج صور فحص الموجات فوق الصوتية التي شاهدتها في المستشفى من ذهني.
طفل صغير جدًا، مثل نقطة، لا يظهر بعد على بطني المسطح وضعت يدي على بطني برفق.
قال الطبيب إن الطفل سينمو بسرعة في المستقبل.
“في المرة القادمة تعالِ مع زوجك لتسمعوا نبض قلبه سيحب ذلك.”
أجبت الطبيب بأنني سأفعل ذلك، لكن فور خروجي من غرفة الفحص اجتاحني شعور بالقلق.
هل سيحب جايها الطفل؟
تذكرت أنني لم أتحدث معه من قبل عن الإنجاب أو الأطفال.
لا أظنه سيكره الأمر، أليس كذلك؟
فجأة شعرت بخفقان في قلبي، متسائلة إن كان سيكره الفكرة.
فهناك من لا يحب الأطفال أحيانًا.
مع هذا التفكير، رغبت في لحظة أن أخبره بخبر الحمل، لكنني ترددت.
لم أتوقع أن يأتي الطفل الذي اعتبرته مجرد فكرة مستقبلية بهذه السرعة.
شعرت بسعادة غامرة، لكنها تلاشت أحيانًا عند التفكير في المستقبل القادم.
هل أنا مستعدة لأن أكون أمًا؟
قبل أيام قليلة فقط، كنت منشغلة بإجبار جيهان والسيدة أوه على الوقوع في كارثة… لقد عشت حياتي ساعية للانتقام فقط، ومع ذلك أتى هذا الطفل ليجدني.
شعرت بالامتنان وفي نفس الوقت بالأسف، لأنني أم غير مستعدة على الإطلاق… حين أفكر في الطفل القادم، تتقلب مشاعري بين الفرح والتوتر بسرعة.
.
.
.
كانت ساعة متأخرة من الليل، وربما لذلك، كنت أمشي وحيدة على ممشى الشقق الخالية من الناس.
حين اقتربت من المنزل، حاولت الاتصال بجايها، لكن كل ما وصلني كان صوت الإرشاد بأنه لا يمكنه الرد.
“ماذا يفعل الآن؟”
تساءلت إذا كان منشغلاً بالعمل، ففتحت الباب بهدوء، فإذا بغرفة المعيشة مضاءة بالكامل.
سمعت صوت الماء من الحمام، فخمنت أن جايها يستحم.
وحين أردت إخبارَه بخبر الحمل، شعرت بالارتباك ولم أعلم كيف أبدأ.
شربت من زجاجة الماء التي أخذتها من الثلاجة بلا توقف.
رغم أني فرغت الزجاجة بالكامل، لم يخف عطشي.
“هممم… ماذا أفعل؟”
كيف أبدأ الحديث معه؟
جايها، أنا حامل قالت الطبيبة إن الحمل في الأسبوع السادس.
كان ذلك يبدو مجرد سرد للحقائق فقط أم… مبروك، لقد أصبحت أبًا.
هززت رأسي.
لم أكن أتخيل أن مجرد قول كلمة أنني حامل سيكون بهذه الصعوبة.
وسماع صوت جايها أثناء استحمامه جعل قلبي يخفق أكثر.
شعرت أن لحظة المواجهة تقترب شيئًا فشيئًا.
حين كنت على وشك التوجه إلى غرفة الملابس لتغيير ملابسي، لاحظت أن باب المكتب المجاور لغرفة الملابس مفتوح.
“كنت تعمل في المكتب إذًا؟”
كان جايها أحيانًا يعود إلى المنزل بعد العمل لإنجاز بعض الأمور.
حاولت إغلاق الباب، لكن شيئًا ما دفعني للدخول إلى الداخل.
على طول أحد الجدران، كان هناك رف كبير ممتلئ بالكتب.
تنظيم الكتب بعناية يعكس شخصيته تمامًا.
“هل قرأ كل هذه الكتب؟”
تنوع الكتب كان كبيرًا مثل حجم الرف.
وكنت قد شاهدته في أوقات فراغه وهو يقرأ، لذا ربما قرأ معظمها بالفعل.
بينما كنت على وشك إغلاق الباب والابتعاد، لفت انتباهي شيء على الطاولة.
كنت فضولية لمعرفة ما كان يعمل عليه جايها، فرفعت المستند.
“أوه! لماذا هذا هنا؟”
ارتجف صوتي قليلاً دون أن أشعر.
المستند كان ورقة الطلاق التي كتبتها قبل الزواج.
تذكرت فجأة أنه قد تم وضعها بين ألبومات الكتب.
واجهت موقفًا لم أتوقعه، فاشتدت دقات رأسي.
كانت الورقة التي أعددتها حين تحدثت معه عن زواج بالاتفاق دون أن أعلم أن مشاعري ستتطور تجاهه.
لا… ربما كنت أرغب في إنكار مشاعري المتزايدة تجاهه.
لقد نسيت تمامًا وجود هذه الورقة منذ أن وضعتها في الألبوم.
ويبدو أن جايها اكتشفها الآن.
“لقد نسيتها تمامًا.”
رؤية الورقة على الطاولة جعلتني أشعر وكأن جايها يقول لي: “اشرحي ما هذا.”
كان عقلي يختلط، فقد كنت قبل دقائق أفكر كيف أخبره بحملي، والآن هناك أمر أهم من ذلك.
آسفة نسيت أن أتخلص منها.
هزيت رأسي، شعور بأن هذا القول يبدو غير مسؤول.
في اللحظة التي كنت مضطرة لتقديم أعذار غير متقنة، وصل صوت جايها المألوف إلى أذني.
“ماذا تفعلين هنا؟”
تفاجأت عندما التفت، فإذا بجايها متكئًا على إطار الباب.
“آه، كنت سأغلق باب المكتب، لكن دخلت قليلاً فقط.”
لم يكن الهدف أن أخفي شيئًا، لكنني خجلت فأخفيت الورقة خلف ظهري.
نظر إليّ بنظرة غامضة، ثم قال
“تعالي معي.”
أومأ لي برأسه وخرج من المكتب.
تنفست وتنهدت سريعًا، ثم رميت الورقة مباشرة في سلة المهملات.
في غرفة المعيشة، كان جايها يشرب الماء.
كيف أبدأ الحديث معه… كنت أندم على عدم رمي الورقة من قبل، لماذا أضعها في الألبوم؟
هل سيغضب مني؟
عندما اقتربت منه في المطبخ، استدار نحوي.
“أتيت مبكرًا اليوم؟”
“نعم، جئت مباشرة بعد انتهاء البث.”
– “أفهم.”
كنت أفكر أن لدي أخبارًا مهمة لأخبره بها… في الواقع، كان عليّ أن أخبره أولًا بخبر الحمل قبل أي توضيح بشأن ورقة الطلاق التي نسيتها.
رغم أنني اعتدت دائمًا على النظر في عينيه أثناء الحديث، اليوم شعرت أنه يتجنب بصري.
“جايها، هل غادرت العمل مبكرًا اليوم أيضًا؟”
سألت برفق محاولًة مراقبة ردة فعله.
كنت أنوي الحديث عن الورقة بطريقة طبيعية، قائلة إنها قديمة فقط وأنه لا داعي لسوء الفهم.
“نعم، غادرت مباشرة بعد العمل.”
“إذن، في المكتب…”
وفجأة رن هاتفه، واضطررنا لإيقاف الحديث بسبب رنينه المزعج.
“لحظة، هناك مكالمة.”
أظهر لي الهاتف ثم خرج إلى الشرفة للرد.
…؟
بالرغم من أن المكالمة كانت ضرورية، شعرت وكأنه يتجنبني.
ربما كان غاضبًا… شعور غريب اجتاحني بسرعة.
كان الوقت يقترب من منتصف الليل، من الممكن أن تكون مكالمة عاجلة.
عاد جايها بعد فترة طويلة من الشرفة.
“من هذا في هذا الوقت؟ سكرتير هان؟”
“نعم، سكرتير هان هل كنتِ تنتظرين حتى الآن؟”
شعرت بالراحة عند سماع أنه سكرتير هان، لكن تفاجأت بسؤاله عن الانتظار كل هذا الوقت.
“لقد أصبحت الساعة الواحدة تقريبًا لا زلت لدي أوراق لأراجعها، سأعمل قليلاً قبل النوم.”
هل يعني أنه يريد البقاء في غرفة منفصلة؟
رأيت جايها يستعد للعودة إلى غرفته وليس إلى غرفة النوم المشتركة، فرمشت بعينيّ.
“أريد أن أخبرك بشيء، جايها.”
أمسكت بذراعه قبل أن يتجاوزني.
شعرت أنه لا يمكن الانتظار أكثر، أردت توضيح الأمور قبل أن تتفاقم أي سوء تفاهم.
“دعينا نفعل ذلك غدًا الآن…”
– “أنا حامل ذهبت اليوم إلى الطبيب، واكتشفت الأمر سنصبح آباءً، الحمل حوالي ستة أسابيع وهناك صور الموجات فوق الصوتية أيضًا…”
توترت، فبدأت أتحدث بلا ترتيب.
وبينما كنت أواصل الكلام، شاهدت جايها، وقد تجمد في مكانه.
“ماذا قلتِ؟”
ككان صوته مرتجفًا قليلًا.
لم أكن أتوقع أن يكون اعترافًا بهذا الشكل عند وصولي إلى المنزل.
كانت عيناه تتأرجحان بلا هدف.
“يعني، جايها… ستصبح أبًا.”
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
التعليقات لهذا الفصل " 118"