المدينة القديمة كانت تغفو تحت ضوء القمر، لكن الأزقة الضيقة كانت مليئة بالروائح المختلفة والتفاصيل الصغيرة التي لم أعتد الانتباه لها. كانت سيلينا تمسك يدي، عينها تتنقل بين الظلال، كما لو أنها تحسب كل حركة وحركة.
“أوفيليا… هل أنت متأكدة من أن هذا الطريق آمن؟” همست، صوتها يخفي القلق خلف هدوء ظاهر.
أومأت برأسي، قلبي ينبض بسرعة:
“نعم… إذا أردنا معرفة الحقيقة، علينا أن نبدأ من هنا.”
تسللنا بين الأزقة بحذر، كل خطوة محسوبة، وكل صوت مزعج جعلني أتوقف للحظة أطول من اللازم.
وصلنا إلى متجر صغير، الباب الخشبي قديم ولافتة مكتوب عليها اسم ميرون. كان المكان هادئًا، لكن عيناي شعرتا بأن كل شيء داخله يختزن أسرارًا.
“هذا هو المكان… تاجر القلادة.” همست سيلينا.
دخلنا، وعبق التوابل والشموع وغبار الخشب يملأ المكان. التاجر، رجل متوسط العمر، شعره أسود وعيناه ثاقبتان، رفع رأسه من خلف العداد ورقبنا بصمت.
“مرحبًا… بماذا أستطيع أن أخدمكن؟” قال بنبرة حيادية، ولكن عيناه لم تفارقاننا.
ابتسمت سيلينا بابتسامة خفيفة، وأنا أحاول أن أبدو طبيعية:
“أهلاً… نحن فقط نتصفح، شكرًا.”
بدأت أتفحص الرفوف، كل قلادة وكل قطعة فيها شعرت وكأنها تحمل تاريخًا طويلًا. لكن قلادتي لم تكن هنا، كما توقعت. شعرت بخيبة أمل عميقة، ثم ركزت على الهدف الحقيقي: العثور على أي خيط عن من أخذ القلادة أو نقلها لفريدريك.
التفتت سيلينا نحوي وهمست:
“تذكري، لا يمكننا السؤال مباشرة… علينا أن نبحث عن علامات، تلميحات، أو أي شخص يبدو أنه يعرف شيئًا.”
اقتربت من التاجر وسألته بابتسامة هادئة:
“سمعت أن بعض القطع هنا كانت تمر عبر عدة أيدي قبل وصولها إلى أصحابها. هل سمعت شيئًا عن أي قطعة مميزة وصلت إلى البلاط مؤخرًا؟”
رفع ميرون حاجبه، ثم أجاب ببطء:
“أحيانًا تتنقل الأشياء من يد إلى يد… وأحيانًا لا يسأل أحد عن مالكها الأصلي. لكن قليلون فقط يعرفون تاريخ كل قطعة.”
أومأت برأسي، محاولة أن أظهر الفضول دون الكشف عن الهدف الحقيقي.
“أرى… ومن الذي عادةً يكون مهتمًا بمعرفة من كان يمتلك هذه القطع؟”
ابتسم التاجر ابتسامة غامضة:
“الأمراء، البلاط، وجامعو التحف. بعض القطع… قد تحمل رسائل أو حتى أسرارًا لا يعرفها الجميع.”
شعرت بالقشعريرة تسري في جسدي. كل كلمة كان لها وزن، وكل تلميح أقرب إلى الحقيقة.
سيلينا همست لي بهدوء:
“أوفيليا… يبدو أنه يعرف أكثر مما يظهر. علينا أن نلاحظ كل شيء.”
ابتسمت بمرارة، شعور بالقوة والتوتر يختلطان:
“نعم… لن أترك أي شيء يمر دون أن أسأل عنه، حتى لو كان خيطًا صغيرًا.”
بينما كنا نغادر المتجر، لاحظت بعض التجار وهم يهمسون لبعضهم، وكأنهم يتحدثون عن شيء مهم. سيلينا أمسكت بيدي وهمست:
“انظري… هؤلاء ربما يعرفون شيئًا عن من جلب القلادة.”
تابعناهم على مسافة آمنة، مستمعين إلى كلمات مبهمة عن “الهدية الغريبة” و”الطفلة من إلڤارين”. كل كلمة كانت تزداد إحساسنا بالاقتراب من الحقيقة.
“أرى…” همست في داخلي. “كل خطوة صغيرة تقربنا من معرفة من كان وراء السم والقلادة.”
مع مرور الوقت، شعرت بالرهبة تتسرب داخلي. أي شخص قد يكون متورطًا، وأي خطأ بسيط يمكن أن يكشفنا. لكن سيلينا كانت هادئة بجانبي، وكأنها تقول لي: لن أتركك وحدك.
اقتربنا من أحد الباعة الذي كان يبدو أكبر سنًا، وقلت له بحذر:
“هل رأيت يومًا من يأتي بقلادات غريبة إلى البلاط؟ ربما تم شراؤها أو نقلها من مكان إلى آخر؟”
ابتسم الرجل بخفة وقال:
“هناك دائمًا من يعرف من يحمل ماذا… لكن ليس كل من يعرف يجيب بصراحة.”
رفعت حاجبيها وسيلينا همست:
“نعم، هذا ما كنت أقول… علينا أن نكون ذكيين، ونحاول معرفة كل شيء دون أن يكتشفوا أننا نسأل.”
عدنا إلى الظلال، شعورنا بالنجاح المختلط بالخوف كان يملأنا. لم نتمكن من معرفة كل شيء بعد، لكننا حصلنا على الخيط الأول، وهو معرفة أن هناك من يعرف تاريخ القلادة ومن نقلها لفريدريك.
سحبت سيلينا بجانبي وهمست:
“لقد اقتربنا من الحقيقة، أوفيليا… خطوة واحدة في كل مرة.”
ابتسمت، رغم التعب والخوف:
“نعم… خطوة واحدة، ونكشف كل شيء.”
ظل الظلام يغطي السوق، لكن شعورنا بالتحرك نحو الحقيقة أعطانا القوة. كل خطوة، كل تلميح، كان يقربنا من معرفة من وراء السم ومن تسبب في مأساة حياتي وفريدريك.
عدنا إلى الغرفة التي نسكنها في المدينة، وأقفلت الباب خلفنا بحذر. شعرت بشعور مختلط من الراحة والخوف، كأنني أخرجت نصف قلبي من فخ الخطر، لكنه لا يزال معلقًا في الهواء.
سيلينا جلست على الأرض أمامي، تنظر إلى الأوراق الصغيرة والملاحظات التي كتبتها خلال زيارتنا للسوق.
“أوفيليا… لقد حصلنا على بعض المعلومات… لكنها غير مكتملة، وهناك من يحاول إخفاء الحقائق.” همست بصوت خافت.
أمسكت إحدى الملاحظات، أعيد قراءتها ببطء، كل كلمة كانت تحفر في ذاكرتي: “هدية غريبة… الطفلة من إلڤارين… نقلها بلاط الإمبراطورية…”
همست لنفسي:
“كل شيء يقود إلى فريدريك… لكنه ليس فقط هو… هناك من يقف وراء هذه اللعبة كلها.”
سألت سيلينا:
“هل تعتقدين أن هناك أحدًا استخدم القلادة والسم لتحقيق أهدافه الخاصة؟”
أومأت برأسي:
“نعم… وهذا يجعل الأمر أكثر خطورة. كل خطوة علينا أن نكون حذرين فيها.”
بدأنا نحاول ربط كل كلمة بكل شخص ذكرناه في السوق. التاجر ميرون لم يذكر أسماء مباشرة، لكنه أشار إلى أن هناك من يعرف تاريخ القطع الثمينة، ومن يراقبها قبل أن تصل إلى البلاط.
“المؤامرة أكبر مما توقعت…” همست وأنا أعيد ترتيب الأوراق. “كل قطعة تحمل قصة… والقلادة ليست مجرد مجوهرات، بل مفتاح لشيء أكبر.”
سيلينا رفعت حاجبها:
“أوفيليا… أنتِ تبدين قلقة. هل السبب أنه ربما يكون هناك شخص ما خطير؟”
أغمضت عيني للحظة، ثم فتحتها بنظرة حازمة:
“لا… ليس فقط خطره… بل لأنني أريد أن أعرف الحقيقة. من وضع السم؟ ومن تسبب في موت أم فريدريك؟ كل هذه الأشياء… لن أتركها تمر دون أن أعرف.”
جلست وحدي، وأخذت نفسًا عميقًا. أفكاري كانت تدور حول فريدريك، السم، القلادة، الماضي كله الذي أرهقني.
“لماذا أحببته رغم كل الألم؟ لماذا لا أستطيع أن أكرهه كما يريد الجميع أن أفعل؟” تساءلت.
لكن شعور آخر كان يزداد داخلي: الإصرار.
“سأعرف… سأكشف كل شيء… لن أكون ضحية بعد الآن.”
سيلينا لاحظت تغييري في المزاج، قالت:
“أوفيليا… يبدو أنك أخذت القرار بالفعل. لن تتركي أي شيء بدون جواب.”
ابتسمت، رغم الألم:
“نعم… لن أسمح لهم بأن يخبئوا الحقيقة عني.”
بينما كنا نعيد ترتيب الأوراق، وصلتنا رسالة صغيرة، مخبأة بين صناديق الكتب القديمة التي استعرتها من السوق. لم تحمل توقيعًا، لكنها تحتوي على رموز تشير إلى شخص في البلاط يعرف الكثير عن القلادة والسم.
سألت سيلينا بدهشة:
“هل هذا يعني أن هناك شخصًا يريد مساعدتنا أم يخدعنا؟”
همست بهدوء:
“لا أعلم… لكن هذه فرصتنا للحصول على خيط جديد. علينا أن نتصرف بحذر.”
جلست على حافة السرير، أفكر في كل ما جمعناه: التاجر، السوق، الرسالة، كل تلميح صغير قد يقودنا إلى الحقيقة.
“لن أتوانى… سأكشف كل شيء، حتى لو اضطررت لمواجهة فريدريك أو أي شخص آخر…”
صمت قليلا، و حدقت في النقاط على الورق، اتخيل كل خطوة سأتخذها للوصول إلى الحقيقة. شعور مختلط بين الخوف، الغضب، التصميم، والأمل، بينما الليل يغطي الغرفة بصمت ثقيل، كأنه يحمي سرّي لكنه يذكّرني بالمخاطر القادمة.
المدينة كانت تبدو هادئة بشكل مخادع، كأنها تتهيأ لإخفاء الأسرار التي تختزنها بين جدرانها القديمة. جلست على حافة السرير، أمعن النظر في الأوراق والرموز التي وجدناها، أفكر في كل كلمة وكل إشارة. شعرت بأن كل خطوة صغيرة تقربني أكثر من حقيقة السم والقلادة.
سيلينا جلست بجانبي، تلمس يدي أحيانًا لتطمئنني، وكأنها تقول: لن تكوني وحدك، مهما كان الخطر.
“أوفيليا… من أين نبدأ؟” سألت بصوت خافت، وكأنها تخاف أن يسمعنا أحد.
أجبت بجدية، عينيّ تلمع بالعزم:
“سنبدأ بالبلاط… أولاً، نبحث عن أي شخص كان يعرف شيئًا عن القلادة أو عن أي تعامل مع السم. كل خادم، كل جندي، كل تاجر لديه أي معرفة… حتى أصغر التفاصيل يمكن أن تكشف الخيط.”
دخلنا البلاط متخفّيتين، الحراس يسيرون بلا مبالاة حولنا، وأنا أشعر بعيني فريدريك في كل ظل. لم أرَه، لكنه كان حاضرًا في ذهني، صوته في ذاكرتي: “لن أتركك تموتين، أنا الذي أحببتك…”
سارت سيلينا بجانبي بخفة، تقول:
“أشعر بأن كل خطوة هنا مثل المشي على حافة سكين.”
أومأت، أشعر بيدها تهتز قليلاً.
“نعم… لكن هذه هي الطريقة الوحيدة لمعرفة الحقيقة.”
راقبنا الحراس، لاحظنا أي حركة غريبة، أي شخص يتحدث بهدوء مع آخر. كل همسة كانت مهمة، كل نظرة قد تكشف شيئًا.
بدأنا نسأل بشكل غير مباشر، نتحدث مع خدم البلاط، نبحث عن أي معلومة عن القلادة أو من قد يكون اهتم بها. كانت المهمة صعبة، معظم الناس يخافون من فريدريك، بعضهم كان يتهامس وراء الأبواب، يحذر بعضهم من الحديث.
جلست إلى أحد الخدم القدامى، امرأة مسنة تدعى مارينا، قالت بحذر:
“القصر مليء بالأسرار يا سيدتي… بعض القطع تأتي من بعيد، البعض يُعطى كهدية، والبعض يُسحب بلا علم أحد. لكن لا أحد يتحدث صراحة عن الأمير… ليس هنا.”
ابتسمت ابتسامة صغيرة من الرضا:
“هذه بداية… كل كلمة صغيرة قيمة.”
بينما كنا نتحرك، شعرت بالقلق يتسرب داخلي.
“ماذا لو اكتشفنا شيئًا عني وعن التحقيق؟ ماذا لو قرر فريدريك التدخل؟”
سيلينا لاحظت توتري:
“أوفيليا… خذي نفسًا. كل شيء سيكون على ما يرام… أحيانًا الخطر الأكبر هو في رأسنا فقط.”
ابتسمت ابتسامة متوترة:
“نعم… ربما… لكن كل خطوة هنا تجعل قلبي يختنق أكثر.”
توقفنا عند أحد الحانات القديمة، حيث كان التجار والحراس يجتمعون بصمت. استمعت، وأدركت أن حديثهم عن “هدية غريبة” و”الأمراء الذين يهتمون بالقطع” يمكن أن يقودنا للخيط الذي نبحث عنه.
لاحظت سيلينا شيئًا:
“أوفيليا… انظري… هناك شخص يبدو وكأنه يعرف شيئًا عن القلادة. طريقة حديثه، ونظراته… أعطني شعورًا سيئًا.”
اقتربنا ببطء، حاولنا أن نستمع دون أن يلاحظنا. الكلمات كانت مشوشة، لكنها تحمل تلميحات واضحة عن الشخص الذي نقل القلادة لفريدريك وعن من كان وراء السم في الطعام القديم.
جلست على حافة نافذة صغيرة في الحانة، أراقب الطريق، أفكر في كل ما جمعناه: الخيوط الصغيرة، الرسائل المجهولة، التلميحات من التجار والخدم.
“لماذا كل شيء معقد هكذا؟ لماذا كل من أحببته مرتبط بالألم؟” همست لنفسي.
لكن شعور الإصرار بدأ يسيطر:
“لن أسمح لأحد بإخفاء الحقيقة بعد الآن. سأعرف من تسبب في السم، ومن جعل حياتي بهذا الشكل.”
سيلينا جلست بجانبي، وضعت يدها على كتفي بهدوء:
“أوفيليا… أنا معكِ، مهما حدث.”
ابتسمت، رغم الخوف:
“أعلم… وهذا يجعلني أشعر بالقوة.”
انتهى اليوم ونحن نجلس في الظلال، نخطط لليوم التالي. الخيوط التي جمعناها لم تكشف كل شيء بعد، لكنها كانت بداية واضحة للتحرك نحو الحقيقة.
أقفلت عيني للحظة، شعور مختلط بين الغضب والحزن والعزم، وأنا أردد في داخلي:
“سأعرف كل شيء… سأكشف كل سر… لن أتركهم يتحكمون في حياتي بعد الآن.”
الظلام يلف المدينة، والليل يهمس بأسرار البلاط القديمة، لكنني شعرت بأنني أخيرًا أتحرك على الطريق الصحيح، طريق كشف أسرار السم والقلادة وفريدريك وكل ما حدث منذ سنوات.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 5"