خرجت من الغرفة وأنا أحمل المذكرة بحذر، كل خطوة تخطوها كانت محسوبة، وكل صوت حولي كان يلفت انتباهي. الممرات صامتة، والظلال تتراقص على الجدران الممزقة، لكنني شعرت بشيء من الطمأنينة لوجود المذكرة بين يدي، كأنها دليل على أنني اقتربت أكثر من كشف الحقيقة.
وصلت إلى زاوية القصر حيث تنتظر سيلينا وسامي، وعيونهما لم تفارقني منذ أن ظهرت.
“ماذا وجدتِ؟” سألت سيلينا بصوت منخفض، لكنها مليئة بالفضول والقلق.
جلست على كرسي مقابلها، وسامي يقف بالقرب مني، عيناه تتفحصان المذكرة بحذر. “هناك خيط… خيط كبير،” قلت وأنا أفتح المذكرة، “هناك إشارات عن الغراب، البلاط، والليلة الأولى. كل شيء هنا متشابك مع القلادة والسم.”
سيلينا أومأت، وعيناها تتلألأ بالتركيز: “هذا مهم جدًا… إذا كان الغراب من البلاط، فقد يكون قريب منا أكثر مما نتخيل.”
ابتسم سامي بخفوت، وقال: “على الأقل وجدنا نقطة انطلاق، الآن يجب أن نواجه المشتبه بهم ونسألهم بذكاء، لنستخرج أي معلومات ممكنة.”
أومأت برأسي، شعور القلق يتسلل إليّ، لكن عزيمتي كانت أقوى. كل خطوة خاطئة قد تفسد الخطة، لكن إذا نجحنا، ستقودنا إلى كشف الحقيقة كاملة.
بعد دقائق، توجهنا إلى قصر المجلس الكبير، حيث جلس المشتبه بهم الثلاثة بالفعل: داريوس،وغرايسون، اللذان ظهر خيالها لي في الغرفة، وميرالين، كل واحد منهم يراقبنا بعينين ثاقبتين، وابتساماتهم لم تخفِ توترهم الخفي.
دخلت الغرفة وأنا أحمل المذكرة على صدري، شعرت بكل نظرة من حولنا، وكل حركة كانت محسوبة.
داريوس رفع حاجبه وقال ببرود: “اذن سموك… ماذا لديك اليوم؟”
أجبت بثقة، وأنا أنظر في عيون كل واحد منهم: “لديّ معلومات، وأريد إجابات. من بينكم من يعرف شيئًا عن القلادة، عن السم، ومن هو الغراب؟”
ميرالين ابتسمت بابتسامة قصيرة، وقالت بنبرة هادئة: “أحيانًا الحقيقة أكثر خطورة مما تتصورين… هل أنت مستعدة لها؟”
تقدمت خطوة، مشددة على المذكرة: “أنا مستعدة، لن أترك أي غموض، لن أسمح لأحد أن يخدعني.”
غرايسون نهض ببطء، ونظر إليّ بعينين حادتين: “سموك… كل خطوة تقومين بها تحت المراقبة، وكل كلمة تقولينها قد تعود عليك لاحقًا.”
سيلينا بجانبي همست: “ركزِ على المذكرة، كل شيء مكتوب فيها مهم.”
أومأت برأسي، وأنا أحاول أن أبقي أعصابي. ثم نظرت إلى داريوس مباشرة: “أريد أن أعرف الحقيقة عن الخيوط التي تربط القلادة بالسم، وكل ما حدث مؤخراً، وكل من تورط بذلك.”
سكت الثلاثة للحظة، وكأنهم يدرسون خطوتي التالية، ثم داريوس قال ببطء: “أحيانًا يكون القرب من الخطر أعظم من مواجهة الخطر نفسه… أنت تجرئين أكثر مما يجب، أوفيليا.”
ابتسمت ابتسامة قصيرة، وأنا أرفع المذكرة: “أنا أعرف أن الخطر قريب… لكن إذا لم أواجهه، لن أعرف أبداً من الخائن ومن البرئ.”
ميرالين نظرت إليّ بعينين لامعتين، وقالت: “حسنًا، لنرَ إلى أي مدى ستذهبين… لكن تذكري، كل شيء هنا مرتبط بمن تثقين بهم.”
غرايسون أضاف بحدة: “والخيانة قد تكون أقرب مما تتصورين.”
جلست هناك، أراقب كل حركة، وأدرك أن هذه المواجهة لم تنته بعد، وأن كل إجابة صغيرة يمكن أن تكون المفتاح لفهم الخيط الثاني بالكامل، وربما دفعنا خطوة أقرب لاكتشاف الخيط الثالث والخيانة الحقيقية.
سامي وسيلينا بجانبي، يراقبان ردود الفعل بعناية، وأنا أشعر بأن كل ثانية تمر هنا تزيد من التوتر، لكنني أيضًا أشعر بقوة داخلية، إصرار على كشف الحقيقة مهما كانت العواقب.
ثم توقفت، وأمسكت المذكرة بيد قوية، وقلت بصوت واضح: “لن أستسلم، سأعرف كل شيء، وسأكشف كل من تورط في هذه الخيانة، مهما كان قريبًا مني.”
صمت في القاعة، ثلاثة وجوه تنظر إليّ، وكل واحدة تحمل شيئًا من الغموض، وكل ابتسامة منهم تخفي أكثر مما تكشف. شعرت بقشعريرة تسري في جسدي، لكن عزيمتي لم تتزعزع. هذه كانت بداية المعركة الحقيقية، بداية كشف الأسرار التي كانت مختبئة منذ زمن طويل، والخيوط التي ستقودني خطوة بخطوة نحو الحقيقة الكاملة.
بعد مغادرتنا مجلس القصر، شعرت بوزن المذكرة بين يدي، كأنها تحمل عبء كل الأسرار التي لم تُكشف بعد. سيلينا وسامي يسيران بجانبي، وعيوننا الثلاثة مليئة بالعزم، لكن أيضًا بالخوف من المجهول.
جلست في غرفة صغيرة مطلة على الساحة الداخلية للقصر، ووضعت المذكرة أمامي على الطاولة، أفتح الصفحات بعناية، أحاول ربط الخيط الثاني الذي اكتشفناه مع الخيط الثالث الذي بدأ يظهر في الظلال.
“يجب أن نفصل كل معلومة عن الأخرى، ثم نعيد تركيبها معًا،” قالت سيلينا، وهي تشير إلى رموز مكتوبة في المذكرة. “كل كلمة، كل اسم، كل رمز… قد يقودنا إلى الخائن.”
سامي أومأ برأسه: “مولاتي، تذكري أن أي حركة خاطئة قد تكشفنا… يجب أن نكون حذرين.”
أومأت برأسي، وأنا أحاول تنظيم أفكاري. كل مرة أقرأ فيها عبارة عن الغراب أو البلاط، شعرت بأن الخطر أقرب إليّ أكثر. لكنني لم أستطع التراجع، لم أستطع التوقف قبل معرفة الحقيقة.
“سنقسم التحقيق،” قلت بحزم، “أنا سأركز على الملاحظات التي تربط القلادة بالسم، وسيلينا تراقب كل تحركات المشتبه بهم، وسامي سيحرسنا ويأمن أي طريق للخروج أو أي تهديد.”
جلسنا جميعًا في هدوء، نخطط بحذر، كل حركة محسوبة، كل كلمة محسوبة، وكأن كل ثانية تمر قد تكون حاسمة.
في الليلة التالية، قررت أن أبدأ تحقيقي بمفردي، خارج نطاق المراقبة المباشرة. أخذت المذكرة معي، وتوجهت إلى مكتبة صغيرة في الجناح الشمالي للقصر، حيث يمكنني البحث دون أن يرانا أحد.
جلست على الطاولة، أفتح المذكرة مرة أخرى، وبدأت أربط الخيط الثاني بالثالث. تذكرت كل ما قاله داريوس وميرالين وغرايسون، كل تحذير، كل نظرة غامضة، وكل كلمة مخفية بين السطور.
“الغريب في الأمر…” همست لنفسي، “أن كل خطوة تجعلني أشعر بأن الخائن أقرب إليّ مما كنت أتوقع… وربما يكون من أكثر الأشخاص قربًا مني.”
ثم شعرت بظل يتحرك خلفي، والتفت بسرعة لأرى سامي واقفًا عند الباب، عيناه تراقبان كل شيء.
“مولاتي…” قال بنبرة هادئة، لكنه تحمل تحذيرًا خفيًا، “هل أنت متأكدة أنك وحدك هنا؟”
ابتسمت له داخليًا، وشعرت بالراحة لمعرفتي أنه موجود، لكنه لم يعرف كل تفاصيل خطتي بعد. “أنا فقط أراقب كل شيء… وأبحث عن أي دليل يمكن أن يوصلنا للخيط الثالث.”
جلس بجانبي، وحمل المذكرة برفق، وقال: “كل شيء مكتوب هنا مهم… ولا تقلقي، أنا هنا لحمايتك.”
بدأت أربط بين أسماء المشتبه بهم، الرموز، وتحركاتهم الأخيرة. شعرت بأن هناك شبكة معقدة، وأن كل واحد منهم يخبئ شيئًا، لكن الخيط الثاني بدأ يتضح أكثر: هناك من يتصرف داخل البلاط، قريب مني جدًا، وربما شخص أعتمد عليه في بعض الأمور.
تذكرت كلمات ميرالين وغرايسون: “كل خطوة تقومين بها تحت المراقبة…” و”الحقيقة أكثر قتامة مما تتصورين…” شعرت بالقشعريرة، لكن عزيمتي لم تتزعزع.
بعد ساعات من التركيز، أدركت شيئًا مهمًا: “الخيط الثاني يقودني إلى شخص محدد، شخص يبدو بريئًا، لكنه على الأرجح مرتبط بما حدث للقلادة والسم… يجب أن أتحقق منه بدون أن يعرف.”
أغلقت المذكرة، وأخذت نفسًا عميقًا، ثم قررت أن أتحرك: “سأراقب هذا الشخص، سأجمع الأدلة بهدوء، ولن أترك أي شيء للصدفة.”
“أوفيليا…” همست سيلينا، “أعتقد أننا بحاجة لتقسيم التحقيق. كل واحد منهم يجب أن نتابعه بشكل منفصل، لنرى إلى أين ستقودنا المعلومات.”
أومأت برأسي، وعيناي لا تفارقان المذكرة. شعرت بأن هذه الخطوة ضرورية، وأن أي تأخير قد يبدد فرصنا في كشف الحقيقة.
سامي أضاف بحزم: “سأتابع غرايسون. لديه الكثير ليخفيه، وسأتعقب كل تحرك له.”
“وسأراقب ميرالين،” قالت سيلينا، “كل حركة منها دقيقة، وكل كلمة مخفية عن الآخرين.”
وبقيت أنا، أتحسس داريوس، الشخص الذي بدا دائمًا هادئًا ومسيطرًا، لكنه يحمل الكثير من الغموض. شعرت بقوة أن الإجابات حول الخيط الثاني قد تأتي منه، لكن التعامل معه يحتاج لكل حذر.
في البداية، جلست على المقعد المقابل له، محاولة قراءة كل تعابير وجهه، كل رمشة عين، كل حركة يديه.
“اذن سموك…” قال داريوس، صوته منخفض لكنه ثابت، “أرى أنك بدأتِ تفهمين ما يحدث حولك. لكن هل أنت مستعدة لما قد تكتشفينه؟”
ابتسمت ابتسامة قصيرة، أتحكم في نفسي: “أنا مستعدة، لا شيء يمكن أن يوقفني عن معرفة الحقيقة.”
داريوس نهض ببطء، وأخذ يلتف بين الطاولات المليئة بالوثائق، وقال: “هناك خيوط لم تُكشف بعد… من تثقين بهم ربما يكونون جزءًا من اللعبة.”
سليتنا بصمت، وأنا أكتب كل كلمة يقولها، أحاول أن أربطها بما وجدته عن الغراب والقلادة والسم. شعرت بأن الخيط الثاني يبدأ في التوضح شيئًا فشيئًا، لكن الغ’موض لا يزال يكتنفني.
فجأة، سمعت طرقًا خفيفًا على الباب. كان سامي يدخل أولًا، يقول بابتسامة خفيفة: “لقد اكتشفت شيئًا عن غرايسون، يبدو أنه كان يلتقي بشخص ما في الليلة التي وُضع فيها السم.”
سليتنا، وأنا أشعر بتسارع قلبي: “وماذا عن ميرالين؟”
سيلينا هزت رأسها: “هي تتحرك دائمًا بشكل غامض، لكنها لا تكشف كل شيء، ربما تعرف أكثر مما تقول.”
شعرت بأن الوقت يمر بسرعة، وكل دقيقة تحمل فرصة لكشف سر جديد. أخذت نفسًا عميقًا، وعرفت أن المرحلة التالية هي الأهم: مواجهة كل مشتبه به على حدة، ومحاولة جمع أدلة تربط كل الخيوط، من القلادة إلى السم إلى الغراب.
أمسكت المذكرة بقوة، وقلت في نفسي: لن أتراجع، لن أترك أي شيء يمر بدون أن أفهمه، مهما كانت التضحيات.
داريوس جلس مجددًا، يراقبنا بعينين ثاقبتين، وابتسامة قصيرة تعلو وجهه: “سموك، يبدو أنك بدأتِ تدركين اللعبة، لكن تذكري، بعض الخيوط قد تؤلمك أكثر مما تتصورين.”
أومأت برأسي، وأنا أعلم أن هذه الكلمات لم تُقال عبثًا، وأن كل خطوة سأخطوها ستكون محفوفة بالمخاطر. لكن عزيمتي لم تتزعزع، وأنا مستعدة لمواجهة كل مشتبه بهم، خطوة بخطوة، حتى أعرف من وراء السم والقلادة ومن يقف خلف كل هذه المؤامرة.
وبينما كنت أغلق المذكرة، شعرت بشيء من الهدوء يتسلل إليّ، كأن كل المعلومات التي حصلت عليها حتى الآن كانت مثل شرارة، ستشعل الطريق لاكتشاف الحقيقة كاملة، والخيط الثالث، وربما مواجهة لفريدريك نفسه حين يحين الوقت.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 17"