في اليوم التالي، جلستُ على ركن المكتبة، فقط انا وسيلينا، لان سامي قد خرج في مهمة مستعجلة، محاطتان بالكتب والوثائق، لكن عقلي كان مشتتًا، يلفه شعور غريب بأن شيئًا سيئًا على وشك الحدوث. الهواء بدا أثقل من المعتاد، وكل همسة من الريح بين النوافذ كانت كرسالة تحذير.
لم أكن أعلم أن هذا الشعور كان صادقًا… وأن الخطر سيقع فجأة.
رأيت ظلًا يتحرك بين الرفوف العالية، وخنجر يلمع في ضوء المصابيح الخافتة. رجلٌ مجهول يتقدم بخطوات حذرة، عيناه مصممتان على هدفه: أنا.
ارتعشت، وصرخت: “من أنت؟!”
لكن الرجل لم يُجب، بل اقترب أكثر، وخنجره يلمع كالبرق. شعرت بأن الدم يتجمد في عروقي، وكل جسدي يصيح بالخطر.
“اوف… أوفيليا!” صرخت سيلينا، لكن صوتها اختفى وسط صخب قلبي.
وفي لحظة لم أتمكن من تفسيرها، ظهر فريدريك من الظل، وكأنه كان يتوقع كل شيء. حركته كانت صادمة: سريعة، صارمة، دقيقة، لكن في كل تصرفاته كان الغضب يختبئ تحت سطح هدوئه الظاهر.
ضرب يد القاتل، وألقى به على الأرض. لم يكن هناك أي رحمة، فقط قوة وانفعال محكم. التقطني بسرعة، سحبي بعيدًا عن الخطر، ونظر إليّ بعينين جامدتين، لا أثر فيهما للشفقة، فقط غضب وقسوة مختبئة.
قلت، وأنا أتنفس بصعوبة: “ف… فريدريك… لم تخبرني…”
لكن صوته كان حادًا، صارمًا: “كنت أراقبك، وأنتِ لم تلتزمي بأي حذر. هذا يكفي.”
شعرت بالارتباك. لم أستطع تفسير مشاعري: امتنان لأنه أنقذني، وخوف لأن نبرة صوته لم تعرف الرحمة.
“ماذا كان يمكن أن يحدث لو لم تكن هنا؟” صرخت داخلي.
هو فقط نظر إليّ، صامتًا، عيناه تتفحصانني، كأنهما يقيسان كل حركة وكل نفس. لم يقل أي شيء، لكنني شعرت بثقل حكمه عليّ، وكأنني مسؤولية ثقيلة، عبء يجب أن أتحمله.
بعد دقائق صمت، قال أخيرًا: “الآن، ابتعدي عن أي شيء مشبوه. كل حركة خاطئة يمكن أن تكلفك حياتك.”
لم يكن هناك عاطفة في صوته، لم يكن هناك أي نوع من التعاطف، فقط أمر صارم وغضب مكبوت.
جلسنا للحظة على مقربة من رفوف الكتب، وأنا أحاول استيعاب ما حدث. شعرت بأن جسدي ما زال يرتجف، وكل عصب في داخلي مشدود.
قلت بصوت ضعيف: “أ… أشكرك…”
ابتسم ابتسامة قصيرة، باردة، وقال: “هذا لا يعني شيئًا. أنا هنا لأسباب أخرى، لا لشكر أوفيليا.”
شعرت بصمت ثقيل يحيط بنا، كل شيء حولنا يبدو ساكنًا، لكن في داخلي كان صخب المشاعر يزداد: خوف، امتنان، حيرة، وغضب خفي تجاهه.
فجأة، أدركت شيئًا: حتى مع غضبه وقسوته، وجوده يعني أنني لم أعد وحيدة. ومع ذلك، لم أستطع تجاهل شعور أن هذا الغضب لم يكن موجَّهًا بالكامل للقاتل، بل نحوي أيضًا، بسبب الماضي الذي لم يشفَ بعد، والذنب الذي يحملني بلا سبب واضح.
نظر إليّ، وقال بصرامة: “لن أسمح لأحد أن يقترب منك، لكن هذا لا يعني أنك محمية من أخطائك… أنت بحاجة لأن تتعلمي الحذر.”
كانت كلماته حادة، كالسهام، لكنني شعرت في داخلي بنبض غريب من الأمان.
ثم، فجأة، ظهر القاتل مرة أخرى، حاول الهجوم مجددًا، لكن حركة فريدريك كانت سريعة، قوية، بلا رحمة. أمسك بالقوة بذراعه وأبعده عني.
قلت لنفسي: هذا الرجل… مهما كان غضبه، فهو الوحيد الذي لا يترك الخطر يصل إليّ.
جلسنا بعد ذلك، وأنا أراقبه عن كثب، كل حرف، كل نظرة، كل تصرف… يحكي شيئًا عن شخصيته: صارم، غاضب، لكنه يحمي.
في تلك اللحظة، قررت: سأكتشف الحقيقة كاملة، حتى لو كان الخطر أمامي مباشرة، حتى لو كان فريدريك شخصًا لا يظهر مشاعره، سأعرف من يقف وراء السم والقلادة، ومن يخطط لي في الظل.
صمت المكتبة كان ثقيلاً، لكن في داخلي بدأ شعور جديد يتسلل: عزيمة، رغبة في كشف كل الغموض، وفي مواجهة كل من يتجرأ على اللعب بحياتي، مهما كان قاسيًا أو غاضبًا.
بعد ذلك ذهبت باقدام متثاقلة الى غرفتي، افكاري تتزاحم في راسي، لذا، سوف اهرب منها من خلال النوم، استلقيت وحدث ما لم اتوقعه، لقد نمت بسرعة، رغم كل هذه الافكار نمت.
استيقظت على شعور ثقيل يضغط على صدري، رغم أن النهار قد بزغ منذ ساعات. الليل الذي مرّ بعد حادثة المكتبة لم يهدأ داخلي، وكل حركة داخل القصر كانت تذكّرني بأن فريدريك غائب مرة أخرى، وأنني لا أملك سوى نفسي، وسيلينا، وسامي، لمواجهة الغموض الذي يحيط بي.
جلست على حافة السرير، أدوّن كل ما حدث في الليلة الماضية، كل حركة، كل نظرة، كل همسة من سيلينا، وكل حركة دقيقة لفريدريك، رغم أنني لم أرَ مشاعره الحقيقية. شعرت بغصة في حلقي: لم أكن أعلم إذا كنت سألتقيه مجددًا أم لا، وكل ما أستطيع فعله الآن هو أن أواصل البحث عن الحقيقة.
سليينا دخلت الغرفة وهي تحمل عدة أوراق ومخططات، وعينها مليئة بالتركيز والجدية.
“استيقظتِ مبكرًا… أعتقد أنك لم تنامي كثيرًا، أليس كذلك؟” قالت بابتسامة خفيفة، لكنها سرعان ما تحولت إلى جديّة.
أومأت بصمت، وقلت: “نعم… كل شيء يدور في رأسي… لا أستطيع التوقف عن التفكير فيما حدث.”
جلست سيلينا إلى جانبي، ووضعت الأوراق أمامنا. على كل ورقة رسمات، مخططات، وملاحظات عن كل شخص في البلاط يمكن أن يكون له علاقة بالسم أو بالقلادة.
“حان الوقت لنبدأ من جديد، أوفيليا. كل خيط صغير يمكن أن يقودنا إلى الخائن.” قالت بحزم.
ابتسمت لها داخليًا، وقلت: “نعم… لن نتوقف هذه المرة.”
سامي دخل متأخرًا، يضع يده على حزام سيفه كأنه يراقب كل زاوية من الغرفة.
“لقد جمعت بعض المعلومات من الحراس، وهناك شيء غريب. المشتبه بهم الثلاثة – داريوس، ميرالين، وغرايسون – كانوا في مكان واحد مساء الأمس. تصرفاتهم لم تكن عادية، وكأنهم يتبادلون رسائل غير مرئية.”
تسارعت دقات قلبي، شعور بالريبة امتزج بالفضول.
“هذا هو الخيط الثاني؟” سألت.
سامي أومأ، وقال: “نعم، ولكن لا يمكننا الاقتراب منهم مباشرة. أي خطوة خاطئة قد تكشف خطتنا.”
قررت أن نراقبهم من بعيد، وبمرور الوقت، بدأنا نلاحظ تلميحات دقيقة في تصرفاتهم. داريوس كان دائمًا ينظر إلى أوراق بعينين متفحصة، وكأنها تحمل سرًا لا يريد أن يظهره. ميرالين، بابتسامتها الرقيقة، كانت تراقب كل حركة حولها، لكن في عينيها لمعة تقول أنها تعرف أكثر مما تظهر. أما غرايسون، فكان هادئًا بشكل مبالغ فيه، يراقب من بعيد، وكأن شيئًا داخله يخفيه.
كل حركة منهم كانت دقيقة، كل نظرة تثير الشكوك. شعرت أن قلبي يزداد توترًا مع كل ثانية تمر، وكأن كل شيء حولنا يمكن أن ينهار في لحظة واحدة.
“نحتاج إلى الاقتراب أكثر،” همست سيلينا، وعيونها تلمع بالحذر، “لن نعرف الحقيقة إلا إذا رأينا تفاعلهم بشكل مباشر.”
وافقتُ، وقلبي ينبض بسرعة، لكن عزيمتي كانت أقوى. قررتُ أن أراقبهم وأدوّن كل شيء: طريقة حركتهم، كلامهم، أي إشارات صغيرة قد تكشف عن الخائن.
مرت ساعات ونحن نراقب، وكل لحظة تزيد من توتري. كل مرة يظهرون فيها معًا، شعرت بشيء يربطني بهم، وكأن الخطر أصبح أقرب إليّ.
في إحدى اللحظات، اقتربت ميرالين من داريوس وغرايسون، وهمسوا معًا شيئًا لم أستطع سماعه، لكن لغة أجسامهم كانت تقول كل شيء: مؤامرة، تآمر، وأسرار مخفية.
قلت لسيلينا: “نحن قريبون… يجب أن نكون حذرين جدًا.”
سامي أومأ، وعيناه لا تفارقان كل تحركاتهم.
في هذه اللحظة، شعرت بفراغ داخلي، كما لو أن وجود فريدريك كان يفتقد. لم يكن أحد هناك ليقف بجانبي كما فعل في المكتبة. شعرت بالقلق، لكن عزيمتي لم تتزعزع. سأكشف الحقيقة، مهما كلفني الأمر.
بدأت أدوّن كل حركة، كل نظرة، كل همسة بينهم، وكل شيء يمكن أن يكون دليلًا. شعرت بأن الغموض يزداد، لكن الفضول أيضًا. كل خطوة كانت تضعني أقرب إلى كشف هوية الخائن، وكل لحظة كانت تضعني أمام حقيقة أن البلاط مليء بالأسرار والخطر.
وبينما كنت أراقب، شعرت بشيء يتحرك خلفي. التفت بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد، فقط الظلال والكتب العالية. شعرت بقشعريرة تسري في جسدي، وقلت لنفسي: “كل خطوة هنا يجب أن تكون محسوبة… أي خطأ قد يكلفني حياتي.”
ثم اقتربنا أكثر من زاوية البلاط حيث كان المشتبه بهم الثلاثة يجتمعون. بدا واضحًا أنهم يناقشون شيئًا مهمًا، لكن كل شيء كان محاطًا بالغموض. شعرت بقلبي يزداد توترًا، وكل خيط من الخيوط يبدو وكأنه يقودنا إلى عاصفة كبيرة.
سامي همس: “هذا هو الوقت… يجب أن نعرف من بينهم يحاول إخفاء شيء.”
أومأت، وعيناي لا تفارقان أي حركة، كل كلمة، كل إشارة، وكل لحظة صمت بينهم. شعرت أنني أقف على حافة اكتشاف كبير، وأن الحقيقة ستنكشف قريبًا، لكن في الوقت نفسه، الخطر أصبح أكثر قربًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"