0
المُقدمة
بييـب.
ضغطت كلوي أسلان زرّ التشغيل على جهاز الفونوغراف.
[قلب السيدة يضعف شيئًا فشيئًا.]
لم يمضِ وقت طويل منذُ أن زفّ إليها الطبيب هذا الخبر الحزين في المستشفى.
[عامان فقط.]
ضغطت كلوي الزرّ مرة أخرى.
بييـب.
[يؤسفني قول هذا، سيدتي، لكن يجب أن أبلغكِ بأن ما تبقّى لكِ هو عامان فقط.]
مرة أخرى.
[يؤسفني قول هذا، سيدتي.]
[ما تبقّى لكِ عامان فقط.……]
[عامان فقط.……]
توقّف قرص الفونوغراف عن الدوران، وتسلّل منه صوتُ إنهاكٍ متهالك، إذ لم يعُد في الغرفة سوى صرير المعدن واحتكاك الأجزاء القديمة.
حدّقت كلوي إلى الفونوغراف بعينين زائغتين. عيناها الزرقاوان، اللتان كانتا دائمًا صافيتين، قد أضحَتا مغيَّمتين. خُيّل إليها أنها باتت تسمع لحن الجنازة، تسمع الموت ينبعث من هذا القدّاس، بل وتعيشه.
ببطء، حوّلت نظرتها الكليلة نحو ظاهر كفّها. كان نحيلًا إلى حدّ مروّع.
‘أنا.…..أموت.’
قالتها في سرّها، والعبارة ما زالت عصيّة على التصديق. فالناس يعيشون حياتهم دون أن يفكروا بالموت، رغم أنه يحوم من حولهم دومًا.
وكانت كلوي من هؤلاء. قضت كلَّ يوم من حياتها وكأنها ستعيش إلى الأبد.
‘……عامان فقط.’
لكن حين يُضرب لك أجلٌ واضح، تبدأ برؤية الحياة قصيرة جدًّا. ستغادر هذا العالم بعد ربيع وصيف وخريف وشتاء. ثم واحدٍ أخير فقط.
‘ألا يجدر بي أن أبكي الآن؟’
تساءلت.
وحاولت أن تستجلب الحزن وهي تفكّر في موتها الوشيك.
لكن دموعها لم تسقط. ولم تسخن عيناها حتى.
‘لماذا؟’
جاءها الجواب سريعًا.
لأن الأمر كان حتميًّا. لم تعِش حياتها بشغف من الأصل. كانت أقرب إلى الموت منها إلى الحياة. لذا، فما الداعي للجزع إذا كان رحيلها سيأتي فقط أبكر قليلًا من المتوقّع؟ لم يكن هناك شيء يمكنها أن تطلبه بعد.
‘……لا.’
أتراها كانت صادقة في ذلك؟
رفعت كلوي رأسها ببطء، محاولة أن تجيب نفسها.
فرأت لوحةً لزوجها معلّقة على الجدار بزاوية حادة. وكانت عيناه الباردتان، الواضحتان حتى من خلال اللوحة، كفيلتين بأن تبعثا القشعريرة في جسدها.
ارتعشت كلوي، والتقطت شالها الذي سقط على الأرض. ثم أخذت نفسًا عميقًا.
رائحة الحديد الحادّة ملأت رئتيها.
كانت هذه الغرفة حافلة بآلات مهجورة، صدئة. جميعها من صنع زوجها، ثم تركها لتتعفّن. ذات يوم، نفخ فيها الحياة. أما الآن، فكلّ ما تنفثه هو رائحة عفن وموت.
وفجأةً، خطرت لها فكرة.
أتُراها ليست مختلفة كثيرًا عن هذه الآلات؟
هي أيضًا عاشت حياة قاسية بعد أن هجرها زوجها.
‘لا. هذا غير صحيح.’
فكرة كهذه محضُ سخف. تلك الآلات أفضل منها. أجل، كانت متيقّنة من ذلك. على الأقل، حظيت الآلات بنزرٍ من اهتمام زوجها وحرصه.
أما هي، فهي أقل من سرابٍ خرج من حيّز نظره.
كانت زوجةً فُرض عليها زواجٌ سياسي، لتُهمل لاحقًا.
هذا هو وضعها الآن.
رفعت كلوي عينيها ثانية، وتطلّعت إلى لوحة زوجها.
[يؤسفني قول هذا، سيدتي، لكن يجب أن أبلغكِ بأن ما تبقّى لكِ هو عامان فقط.]
ماذا لو علم زوجها بقرب أجلها؟
هل سيفاجَأ؟ يحزن؟ يندم؟
تفكّرت كلوي في ردّة فعله، فانفجرت ضاحكة.
زوجها، زوجها القاسي القلب، زوجها الذي لم يحبّها يومًا، لن يشعر بالحزن أبدًا. لذا.
“سأطلُب الطلاق.”
أقسمت كلوي أن تستردّ ثمن السنوات الخمس التي ضيّعتها عليه.
يُتبع….
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 0"