137
“لو كنت أعلم أنك ستقلقين إلى هذا الحد، لكنت تحمّلت الأمر قليلًا بعد.”
“القلق؟”
“دان… أعني، زوجك.”
كادت ماشا أن تنطق باسم دانتي صراحة، لكنها غيرت رأيها في منتصف الجملة، متذكرة أننا ما زلنا داخل برج السحر أما أنا، فاكتفيت بهز كتفيّ بلا مبالاة عند سماعها تتحدث عنه.
قبل أن نفترق، لم يكتفِ دانتي بإحاطتنا بعدة طبقات من السحر، بل أصر أيضًا على إعطائنا حجرين سحريين، قائلًا إنه يأمل ألا نضطر لاستخدامهما وبما أن ساحرًا سيرافقنا في رحلتنا، بدا الأمر وكأنه مبالغة ربما لهذا السبب، ظنت ماشا أن عنادها هو ما جعل دانتي يقلق.
أما من ناحيتي، فكنت أرى أن مجرد امتناعه عن الإصرار على مرافقتنا كان أمرًا يستحق الحمد.
“كان ليفعل الشيء نفسه حتى لو كنا في برج السحر المقدس، لذا لا تلومي نفسك دانتي لم يكن يومًا شخصًا يتصرف بعقلانية.”
“لكن بسببي، اضطررتِ أنتِ أيضًا للحركة…”
“يكفي، لقد تبعتك بإرادتي، لذا لا داعي لهذا الحديث مجددًا.”
أغلقت ماشا فمها، لكن وجهها كان صريحًا بما يكفي ليقول: “كان بإمكاني الذهاب وحدي!”
وحدكِ؟ لا أعتقد ذلك.
في ظروف أخرى، ربما، لكن ليس بعد أن تم اختطافها ونجت بالكاد بالإضافة إلى ذلك، الرحلة إلى الخارج محفوفة بالمخاطر، مع وجود الوحوش في كل مكان.
في الواقع، كنت أعلم أن مرافقتي لها ستجعلهم يحرصون على إرسال ساحر ذو كفاءة معنا، وهذا جزء من السبب الذي جعلني أصر على الذهاب معها.
…لكن لم أكن أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد.
“يسرني رؤيتكما مجددًا، السيدة ماشا والسيدة إي هل ننطلق الآن؟”
كان لوك يقف أمامنا، مبتسمًا بلطف كان هذا نفس الشخص الذي رأيناه عند وصولنا إلى البرج، لكنه الآن بدا مختلفًا تمامًا لا مزيد من الحيرة على وجهه، بل ثقة وهدوء.
بصفته مساعد سيد البرج، فلا شك في مهارته، لكنني لم أتوقع أن يتم تكليفه شخصيًا بمرافقتنا للحظة، تخيلت نفسي أوبخ دانتي على هذه المبالغة، لكنني سرعان ما تراجعت عن الفكرة.
“بما أنك مساعد سيد البرج، فلا بد أنك مشغول للغاية، أليس من الصعب أن تترك عملك لمرافقتنا؟”
“لقد طلب مني سيد البرج شخصيًا، ولم يكن لي خيار ثم إنه قال إن الأمر لن يستغرق وقتًا طويلًا، مجرد ذهاب سريع وعودة فورية، لذا لا بأس!”
لم يكن هناك داعٍ للتأكيد على ذلك بهذه القوة، فنحن كنا نخطط للعودة بسرعة على أي حال يبدو أنه قلق علينا أكثر مما ينبغي، حقًا.
لم أتمكن حتى من اقتراح أن يرسل شخصًا آخر بدلًا منه، فاكتفيت بإطلاق تنهيدة قصيرة، ثم أومأت بالموافقة وبمجرد أن فعلت، أشرق وجها ماشا ولوك، مما جعلني أدرك أنهما كانا يراقبان ردة فعلي منذ البداية.
لا أعرف لماذا، لكن شعرت وكأنني المسؤولة عن هذه المجموعة لا بد أن هذا مجرد وهم، تمامًا مثل وهم اعتقادي أنني لن أضطر إلى تبرير هذا كله لدانتي لاحقًا.
وقفنا أنا وماشا على دائرة النقل السحري، وبدأ لوك يهمس بتعويذة غير مألوفة.
قبل أن أتمكن من التساؤل عن نوع التعويذة التي يستخدمها، شعرت فجأة وكأن العالم ينقلب رأسًا على عقب.
“واو، لقد وصلنا فورًا…!”
كانت ماشا تنظر إلى منزلها بسعادة، لكن كلماتها سرعان ما انقطعت.
المكان كان صحيحًا من حيث الموقع، لكنه بدا… مدمرًا لا يمكن أن يكون منزلًا يعيش فيه أحد.
تقدمت ماشا بخطوات مترددة إلى الداخل، بينما كنت أتفحص المكان بدقة وأتمتم:
“هل اقتحم المكان لص خلال غيابك؟”
”…”
“لا تبكي، ماشا لا نعرف ما حدث بعد ربما لا تزال الأشياء المهمة سليمة.”
بالطبع، حتى أنا لم أعتقد أن هناك أملًا كبيرًا في ذلك.
لكن من الذي يمكن أن يكون قد فعل هذا؟ من المفترض أن يبقى الناس في منازلهم حفاظًا على حياتهم في هذه الأوقات.
…إلا إذا لم يكن ما دمر المكان إنسانًا، بل شيئًا آخر.
كانت هذه الفكرة منطقية بما يكفي لأشعر ببرودتها تتسلل إليّ، لكنني تماسكت في هذه الأثناء، أمسكت ماشا بيدي بقوة، محاولة كبح دموعها.
“سأدخل غرفتي وأتحقق من الأمر لقد أمضيت سنوات في العمل على هذه التصاميم، لا يمكنني فقدانها!”
“إذن هذا هو الشيء المهم… تصاميم الملابس؟ حسنًا، اذهبي بسرعة.”
تجاهلتُ عمداً الباب الذي كان مخلوعًا تمامًا، ودخلت ماشا إلى غرفتها على عجل.
كررت دخولها وخروجها عدة مرات، تحمل في كل مرة المزيد من الأغراض.
في تلك اللحظة، شعرت أن وجود لوك معنا كان بالفعل نعمة.
أما هو، فبينما كنت أنا مشغولة بمساعدتها في جمع أمتعتها، كان يحدق باتجاه معين داخل المنزل، وكأنه يراقب شيئًا ما.
“ما الذي يشغلك، لوك؟”
“همم… قلتِ إن صديقتك تعيش وحدها، صحيح؟”
“نعم؟”
“هناك شيء يتحرك في الداخل.”
“ماذا؟!”
في اللحظة التي أشار فيها لوك إلى غرفة التخزين، أطلقت ماشا، التي كانت تخرج من غرفتها في ذلك الوقت، صرخة حادة.
كادت أذني أن تنفجر من صوتها، لكنني تماسكت وأعدت يديّ إلى جانبي ببطء.
“إذا كان هناك شيء يتحرك… هل يمكن أن يكون إنسانًا؟ ليت الأمر كان كذلك.”
“هممم… لا يمكننا التأكد إلا بفتح الباب هل تسمحون لي بإقامة حاجز وقائي أولًا قبل أن نفتح الباب؟”
“رجاءً، افتحه بسرعة.”
مهما كان ذلك الشيء، أريد طرده بأسرع وقت ممكن.
تمتمت ماشا بوجه شاحب، وسرعان ما ظهر أمامنا حاجز شفاف وما إن فتح لوك باب المخزن حتى اندفع منه شيء بحجم الإنسان، وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة.
كان يتحرك بسرعة هائلة، فلم أتمكن من رؤية شكله بوضوح، لكن إذا أردت تشبيهه بحيوان، فربما أقرب ما يكون إلى كلب.
تمنيت لو كان إنسانًا، لكن يبدو أن أمنياتي لم تتحقق.
“إي… إي! ذلك الشيء…!”
شهقت ماشا وغطّت فمها بيديها، بينما سحبتها خلفي على الفور.
المخلوق الذي خرج من المخزن بدأ يلتفت يمينًا ويسارًا، يسيل لعابه كأنه يبحث عن هدفه وبدا أنه قرر اختيار الأضعف بيننا، إذ سرعان ما انطلق نحونا.
لحسن الحظ، أقام لوك حاجزًا سحريًا، لذا لن يتمكن من الوصول إلينا لكن هذا لا يعني أن علينا تركه وشأنه.
من دون تردد، أمسكتُ بأحد الأحجار السحرية في يدي ورميته باتجاه المخلوق.
— طَق!
”…؟ هل انكسر؟”
“إي؟ ماذا رميتِ…؟ لحظة، لماذا يبدو وكأنه…”
كما قالت ماشا، المخلوق الذي تلقى الضربة على جبينه بدأ يتراجع مترددًا، ثم سقط جالسًا على الأرض.
بدا الأمر غريبًا، إذ لم يكن منطقياً أن ينهار بهذه السهولة بعد ضربة واحدة وعندما دققت النظر، رأيت حجرًا مغروسًا في جبينه.
آه… إذن، كان هناك حجر سحري بالفعل في جسد هذا المخلوق؟
بدأ يصدر أصواتًا غريبة، وهو يتلوى بعنف، ثم اختفى كما لو كان مجرد دخان.
هل هذا ما يحدث عندما يموت مخلوق مسحور؟ حاولت تذكر ما رأيته من قبل، لكن ذاكرتي لم تسعفني.
أما ماشا، فقد بقيت متصلبة حتى اللحظة الأخيرة، ثم أخذت نفسًا عميقًا، وكأنها تحاول استعادة هدوئها.
طمأنتها بأن كل شيء بخير، ثم التفتُّ إلى لوك، الذي كان ينظر إلينا بعينين متسعتين وجسد متجمد.
كانت يده مرفوعة كما لو كان يستعد لرسم دائرة سحرية، لكنه توقف في منتصف الحركة.
“سأعتبر أنني كنت أسرع من السيد المساعد، ولن أخبر دانتي بذلك.”
“أ-أمم… كنت أظن أن الحاجز سيصمد… آسف! وشكرًا لك!”
“لا داعي للشكر، لكن…”
جُلت ببصري في المنزل الذي أصبح الآن مكشوفًا بالكامل الطاولات والكراسي مقلوبة، الملابس ممزقة، وأحد الكراسي فقدت جميع أرجلها تقريبًا.
والنوافذ؟ كانت مكسورة بالفعل بسبب الهجوم السابق، مما جعل المكان يبدو كأنه مهجور منذ زمن طويل.
في الليل، لا بد أنه سيبدو مرعبًا أكثر.
“يبدو أنكِ ستضطرين إما إلى إعادة بناء المنزل بالكامل أو الانتقال إلى مكان آخر.”
“أجل… أظن ذلك أيضًا.”
أجابت ماشا بصوت مستسلم، تشبثت بالأشياء التي حملتها كما لو كانت كنوزًا لا تقدر بثمن.
“وصول مخلوق كهذا إلى داخل المنزل… يبدو أن الوضع أسوأ مما كنا نتخيل.”
“نعم، رغم أنني سمعت عن ذلك، لم أتوقع أن يكون بهذه الخطورة.”
نحن محظوظون بوجود ساحر معنا، إضافة إلى كل الاحتياطات التي وضعها دانتي، لذا لم نتعرض لأي خطر حقيقي.
لكن ماذا عن الأشخاص العاديين؟
إذا كان هناك من يعيشون في منازل غير محمية، وواجهوا مثل هذا المخلوق…؟
“لكن كيف دخل المخلوق إلى هنا؟ هل اقتحم الباب بالقوة؟”
“لست أدري، لم أترك الباب مفتوحًا عندما غادرت.”
“ثم إن الشوارع الآن فارغة، لا توجد أي مخلوقات قريبة.”
بينما كنت أتحدث، نظرت تلقائيًا عبر النافذة…
وفي اللحظة ذاتها، انبعث من الخارج صوت غريب، أشبه بصوت شيء ضخم يجر نفسه بصعوبة على الأرض.
ثم، أمام منزل ماشا، رأينا مشهدًا غير مألوف—
وحش عملاق يقف في مواجهة شخص واحد.
لكن المفاجأة لم تكن في وجود الوحش، بل في هوية الفتى الذي كان يقف أمامه.
شعر أحمر، وملامح شابة…
إيفان، أحد أفراد الفرقة الاستكشافية.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ].