وفي تلك اللحظة، كانت أشعة الشمس لا تزال مستلقية على وجهه، مما جعل ابتسامته تبدو أكثر إشراقًا.
— كأن العالم بأسره صار مسرحًا لتسليط الضوء عليه، اللعنة.
“إي، أنتِ تشعرين بالإحراج الآن، أليس كذلك؟”
“لا؟ أنا لا أشعر بالإحراج من شيء على أي حال، حان وقت الإفطار.”
“لماذا سيكون هذا محرجًا؟ ألم أقل لك دائمًا؟ أنا أحب عندما تلمسينني.”
“حسنًا، فهمت. فقط… اصمت.”
“إذا اعترفتِ أنكِ كنتِ محرجة، فسأصمت.”
— إذا كان الأمر كذلك، فابقَ صاخبًا.
تحركتُ بسرعة باتجاه المطبخ، بينما تبعني دانتي بإلحاح، مُصرًا على إجابتي.
كان صباحًا هادئًا ودافئًا، وكأنه أول صباح نقضيه معًا منذ زمن طويل.
بعد تناول البيض على عجل كإفطار، بدأت الشمس تتقدم نحو الظهيرة.
نظرتُ إلى التقويم المعلق على الحائط، ولحسن الحظ، كان اليوم عطلة نهاية الأسبوع.
سبتمبر… لا عجب أن الجو ليس حارًا ولا باردًا كان الخريف في أوجه.
“دانتي.”
“نعم؟”
“لا يبدو أننا سنجد طريقة للعودة قريبًا، صحيح؟”
توقف دانتي للحظة، ثم أومأ برأسه ببطء.
“لو كنتُ قد وجدتُ طريقة سريعة، لكنتُ أخبرتكِ أولًا.”
“حسنًا، إذن لا يمكننا قضاء اليوم في اللعب هكذا.”
أعدتُ التقويم إلى مكانه بقوة، فنظر إليّ دانتي متسائلًا.
“لماذا لا يمكننا ذلك؟”
“لأن هناك الكثير مما يجب أن أعلمك إياه.”
“آه…”
أدرك دانتي قصدي وأومأ برأسه بصمت.
بالفعل، منذ أن وصل إلى هنا، لم يكن قادرًا على التكيف مع أي شيء، وكان واضحًا أنه بحاجة إلى التعلم.
”…لكن، من أين أبدأ؟”
لقد كان دانتي غريبًا عن كل شيء هنا، وكان هناك الكثير ليعرفه لدرجة أنني لم أستطع تحديد أول ما يجب أن أُعلّمه.
وقبل أن أغرق في التفكير، وقف دانتي أمام النافذة، يحدق خارجًا بصمت.
— تُرى، ما الذي يثير دهشته في هذا العالم الغريب عليه؟
المباني الشاهقة؟ السيارات التي تسير على الطرقات؟
كلما أطلقت لخيالي العنان، أدركت أن كل ما كان يثير دهشتي في ذلك البُعد لم يكن له وجود هناك.
يبدو أنني بدأت أدرك ما الذي يجب أن أُعلّمه له أولًا وبينما كنت أغوص في تفكيري، إذا بصوت دانتي يقطع أفكاري فجأة.
“إيـي.”
“ماذا؟ نعم؟”
“هل جميع من يعيشون هنا لون شعرهم داكن؟”
آه… التفتتُ مجددًا نحو الخارج، حيث كان الناس يتجولون في هذا العصر من ظهيرة يوم العطلة.
كنت أظنه سيركّز على المشهد بأكمله، لكنه كان يراقب المارة بتمعن.
أومأت برأسي وأضفت شرحًا بسيطًا:
“في الحقيقة، هذا ينطبق على سكان هذا البلد تحديدًا معظمهم يمتلكون شعرًا أسود وعيونًا سوداء، وأفتح لون قد تجده هو البني. لكن لو سافرت إلى بلدان أخرى، سترى ألوان شعر أفتح من ذلك.”
لم أرَ حاجة إلى أن أذكر له أن عالمهم كان يعجّ بألوان الشعر المتنوعة بشكل غير مألوف هنا.
لم أكن قد فكرت من قبل في أن التشابه في ألوان الشعر قد يبدو غريبًا لشخصٍ مثله.
لكن، حين وضعت نفسي في مكانه، بدأت أجد الأمر مثيرًا للاهتمام أيضًا.
وفي تلك اللحظة، لاحظت أن دانتي قد التزم الصمت هل انتهت تساؤلاته عند هذا الحد؟
التفتُ نحوه، فما كان منه إلا أن بادلني النظرات مباشرة، وكأنّه كان ينتظر ذلك.
حينها فقط، التقيت بعينيه الأرجوانيتين العميقتين الهادئتين، اللتين لم تكن تحدقان إلا بي.
ثم قال بصوت خافت:
“مقارنةً بمن هم في الخارج، يبدو لون شعرك أكثر إشراقًا بشكل واضح.”
امتدت أنامله لتلامس وجنتي ثم انزلقت إلى شعري، فتناثرت بعض خصلاته برفق قرب أذني، محدثة صوتًا خافتًا.
حرارته كانت أعلى من حرارتي بقليل، ولمست أطراف أصابعه أذني للحظة قبل أن تتراجع.
على عكس الطريقة الفوضوية التي عبثت بها أنا بشعره هذا الصباح، كان لمسه دافئًا وخفيفًا… حذرًا إلى حدٍ ما.
شعرت للحظة بشيءٍ غريب في داخلي، وخشيت أن يظهر ذلك على ملامحي، فحاولت التظاهر باللامبالاة وقلتُ أي شيء عشوائي لكسر الصمت:
“نعم، لون شعري فاتح قليلًا مقارنة بالآخرين. في الماضي، سألني الكثيرون إن كنت قد صبغته.”
“صبغته؟”
“أجل، إلى أن شعرت بالضيق من كثرة السؤال، فقررت أن أصبغه بالأسود ذات مرة…”
ما إن أكملت جملتي حتى لمعت عينا دانتي بفضول واضح، وكأن شرارة اهتمام قد اشتعلت داخله.
عندها، توقفتُ عن الكلام، ورسمتُ على شفتيّ ابتسامة مترددة، ثم سألته بتردد:
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات