شعر بشيء غريب، يُحرّك صدره، مزعج، مألوف على نحوٍ مُربك.
ما هذا الإحساس؟
كأنّ شيئًا ما في أعماقه كان نائمًا طويلًا قد استفاق فجأة.
لكن أوديل استعادت رباطة جأشها بسرعة، وأكملت الحديث بنبرة هادئة:
“ولو أصبحت أرملة، سيتّهمني الجميع باغتصاب اللّقب دون استحقاق. بل وقد يتّهمونني باغتيالك.”
“…”
“لذا، على سموّك أن تبقى حيًا. مهما حصل.”
نظر إليها لودفيل بصمت.
كلامها بدا عقلانيًّا…
لكنّ في أعماق نبرتها ما لا يُصدّق.
لو كانت تسعى فقط إلى السّلطة، لَما خافت من اتّهاماتٍ كهذه، ولواجهت النّاس بكلّ جرأة.
‘لا أزال لا أفهم هدفها.’
كلّما ظنّ أنّه التقط طرف الخيط، يعود إلى البداية.
حين تلاقت نظراتهما، تلاقت معها موجة من الذّاكرة الغامضة.
كان ذلك اللّون الأزرق…
نقيًّا، صافياً، مألوفاً.
‘…مرّة أخرى.’
قلبه بدأ يخفق بسرعة غريبة.
أدار وجهه بصعوبة، محاولًا السّيطرة على أنفاسه.
‘…لا. ليست هي.’
رغم أنّ لون عينيها الرّائق يشبه تلك الّتي يبحث عنها…
إلّا أنّ المرأة الّتي يبحث عنها…
كانت دائمًا تبكي.
ذاكرته لم تكن واضحة، كأنّها مكسوّة بالضّباب.
لكنّها كانت ضعيفة إلى درجة تشعر أنّها ستنكسر من لمسة واحدة.
امرأة عليه حمايتها.
أمّا هذه؟
‘ألم تمسك لصوصًا بيديها العاريتين؟’
لم تطلب المساعدة أبدًا.
بل دائمًا ما تتصرّف بمفردها، ولم تكن بحاجة إليه يومًا.
ابنة دوق كارديل المدلّلة.
وريثة بطلٍ محبوب من الإمبراطوريّة.
لا تهديد حقيقيّ يُحيط بها، ولا سبب يجعلها تعتمد عليه.
‘بل اختفاؤها طوال ثلاثة أشهر، كان مجرّد هروبٍ متعمّد… أو بالأحرى خروجٌ ذاتيّ نحو هدفٍ خاص.
لتحقيق السّلطة بنفسها.
فهي وإن كانت من الدّوقيّة، لكنّها مجرّد الابنة الثّالثة، ليست وريثة.
ثمّ، حين تحدّث عن المكافآت، ناولتْه عقدًا دون تردّد.
زواجٌ، ظروف، كلّ شيء… تُريد أن تقوده بنفسها.
هزّ لودفيل رأسه، كما لو يُبعد كلّ تلك الأفكار، ثمّ ابتسم ساخرًا.
“الآن تأكّدت. لستِ المرأة الّتي كنتُ أبحث عنها.”
“حقا؟”
سألت أوديلي بجفاف.
نظر إليها دون أن يتكلّم، ثمّ ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة.
‘امرأة يمكن التّعامل معها بعقد… دون مشاعر، دون شفقة…’
ربّما هذا ما يجعله يرتاح إليها أكثر فأكثر.
“لكنّه أمرٌ مضحك فعلًا. لم أوافق بعد، ومع ذلك تفرشين شروطكِ أمامي… هل خطّتكِ كانت مبنيّة على فرضيّة أنّني سأُوافق؟”
“لن أنكر.”
اعترفت أوديل بصراحة.
لكن ليس لأنّها واثقة أنّه سيقع في حبّها.
بل لأنّها ببساطة، لا تهتمّ بأيّ شيء آخر سوى إنقاذ لودفيل.
مهما كان عمرها المتبقّي قصيرًا… خمس سنوات فقط…
فهي لا تطلب أكثر من أن تمنحه معنى.
وليس من حقّه أن يلومها على ذلك.
“في النّهاية، سموّك ستُبرم هذه الصّفقة معي… لأنّك ستحتاج إليّ.”
قالت كلماتها بهدوء، فرأى لودفيل نفسه ينقر بأصابعه على الورقة، مُتأمّلًا ما كُتب.
ثمّ قال بنبرة رخيمة، وهو يبتسم:
“إن كنتِ واثقة إلى هذا الحدّ… فليكن. أُريني.”
أُريني أنّني لا أستطيع الاستغناء عنكِ.
قالها لودفيل بابتسامةٍ صغيرة.
ابتسامة رجلٍ بلا ذاكرة، لكنها كانت دائمًا كذلك…
زاوية فمه ترتفع…
لكنّ عينيه تظلّان باردتين.
ابتسامة كائنٍ مفترس، يُمكنه أن ينقضّ في أيّ لحظة على عنق فريسته.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 28"