بالرغم من أن الطقس ما زال باردًا، إلا أن الفصل رسميًّا هو أوائل الربيع. لكن هنا، ما زالت الأوراق عالقة على الأشجار.
كان المشهد كئيبًا أشبه بأواخر الخريف، وليس بداية الربيع. ولهذا، علمت أن هذا المكان لا ينتمي إلى عالمها.
فالشتاء قد يختلط بالربيع، لكن الخريف لا يمكن أبدًا أن يمتزج معه. حملها فالنتين بصمت، وصعد بها درجات المعبد المنهار.
“آه… لو تتركني فقط، يمكنني الصعود على قدميّ. أخشى أن تتعثر وتسقط.”
كانت الدرجات شديدة الانحدار، لدرجة قد تعرضه للإصابة أيضًا. لكن بدلاً من أن يتركها، شدها إليه أكثر.
“هل تشعرين بالقلق من أن أؤذيكِ؟”
“لا، ليس الأمر كذلك… لكن—”
“إذن وفّري طاقتكِ. لا أحد يعلم كيف ستتغير الأمور.”
“ألا تراني ثقيلة؟”
“أبدًا. أستطيع حملكِ بيد واحدة حتى.”
تذكرت أنه فعلها حقًّا من قبل. صحيح أنه أصبح يتحكم بقوته جيدًا مؤخرًا، لكنها لا تنسى كيف كان في البداية يكسر أي شيء يلمسه، سواء أكان كأسًا زجاجيًا أو حتى كوبًا من النحاس.
لذا، التزمت أديل الصمت.
“اصبري قليلًا. لقد اقتربنا.”
قالها بنبرة لطيفة، وكأنه يبرر تصرفه بدلاً عنها.
لاحظت أديل أن القلق الذي كان يلازمه طوال وجودهما في العاصمة قد اختفى بالكامل. بدا أكثر هدوءًا الآن، لكن هذا الهدوء كان أقرب إلى الاستسلام منه إلى الراحة.
وكانت تدرك السبب جيدًا.
‘ربما لأن ما كان يحاول تجنبه، حدث أخيرًا… وبسببي، بالتحديد.’
عانقته بقوة، ودفنت وجهها في صدره الصلب. لقد أهدرت كل جهوده سُدى.
مروا بممر تصطف فيه الأقواس العملاقة، وفجأة ظهر أمامهم بركة ماء واسعة في وسط البناء.
تفاجأت أديل بوجود مساحة مفتوحة بهذا الاتساع داخل مبنى كهذا. لكن دهشتها سرعان ما تحولت إلى إدراك مألوف…
‘أشعر وكأني رأيت هذا المكان من قبل…’
وسرعان ما تذكرت. ذاك الكوخ الغامض الذي أخذها إليه ذات مرة… هذا المكان نسخة طبق الأصل منه، حتى في الشجرة الوحيدة المزروعة عند حافة البحيرة.
الاختلاف الوحيد هو أن الشجرة هنا كانت أضخم بكثير، وفي المكان الذي كان يجب أن يوجد فيه الكوخ، وُجدت صخرة سوداء ضخمة.
“لقد وصلنا.”
قال فالنتين وهو يضع أديل بلطف على ضفة البحيرة.
نظر إلى قدميها الصغيرتين، وكأنما يتساءل إن كانت قادرة على الوقوف بثبات. لكن وجهه بدا ساكنًا، خاليًا من الظلال التي كانت تلاحقه في السابق.
أديل تساءلت، هل ما حدث كان راحةً له؟ هل لو اختفت تمامًا، سيكون هذا أفضل له؟ سؤال محمّل باللوم الذاتي.
“كيف تفكرين هكذا؟”
قال فالنتين، يحدق بها بدهشة، ثم ابتسم ابتسامة جانبية، كما لو كان يعرف كل شيء.
لم يُخفِ بعد الآن قدرته على قراءة أفكارها.
“انتظريني هنا، لحظة فقط.”
“إلى أين ستذهب؟”
“سأعود فورًا. لا تذهبي إلى أي مكان.”
وكأنها قادرة على الذهاب إلى أي مكان في مثل هذا المكان… أومأت برأسها، فضاقت عيناه في نظرة تأمل. وفي اللحظة التالية، اختفى تمامًا من أمامها.
“…فالنتين؟”
ولم تأتِ إجابة، بطبيعة الحال. كانت تعرف أنه ليس بشريًا، لكن كل مرة يثبت فيها ذلك، لا تخلو من الصدمة.
أزاحت المفاجأة من ذهنها، ونظرت إلى الجهة الأخرى.
خارج المعبد بدا قاسيًا ومقفرا، بينما في الداخل، ساد هدوء غريب. لولا تلك الصخرة السوداء الضخمة، لكانت اللوحة مثالية.
“انتظر… هل هي صخرة فعلًا؟”
ضيقت عينيها ونظرت بتمعن نحو ذلك الجسم الغريب.
بدا وكأنه مادة سوداء لزجة تجمدت تمامًا، مثل حمم بركانية تصلبت فجأة.
في البداية اعتقدته جمادًا، لولا ذلك الارتفاع والانخفاض الطفيف على ظهره.
“هل… هل تحرك؟”
إذا كان كائنًا حيًا بهذا الحجم، فلا يمكنها حتى أن تتخيل ما هو.
قشرته الخارجية بدت صلبة وملساء، ولمعانها الأسود كان يحمل مسحة غريبة من الأناقة.
ظل ساكنًا تقريبًا بينما كانت تراقبه. وإن كان كائنًا حيًا بالفعل، فلا شك أنه في نوم عميق.
“…ما هذا الشيء؟ قشور؟”
غلب الفضول خوفها من الكائن الغامض. وضعت يدها فوق عينيها لتقيها أشعة الضوء وهي تحاول التحديق بوضوح أكبر…
“دعيكِ من ذلك، وتعالي إلى هنا.”
كان فالنتين قد اقترب منها من الخلف دون أن تشعر. في يدٍ كان يحمل قنينة زجاجية، وفي الأخرى خنجر يشبه ذاك الذي أعطاها إياه من قبل.
مدّ القنينة إليها وقال:
“اشربي هذا.”
“ما هذا…؟”
“سيجعلك تتقيئين السحر الكامن في جسدك. عليّ أن أعرف بالضبط ما الذي ابتلعتهِ.”
“هل تقصد… أنني أكلت سحرًا؟”
“بل لأكون دقيقًا، أكلتِ جوهرًا مقدسًا، أو كما يُقال في لغة البشر: الألوهية نفسها.”
لم تفهم الأمر تمامًا. فهي لم تتناول طعامًا يُذكر اليوم.
فوجبة الغداء التي أعطتها لها مارغريت في الغابة بالكاد لمستها، ومنذ أن خرجت من المنزل لم تأكل شيئًا سوى… وفجأة، لمعت صورة في ذهن أديل:
“البرقوق المخلل الذي قدمه لي سمو ولي العهد…”
هل كانت تلك الفاكهة تحتوي على الألوهية؟ نظرت أديل إلى فالنتين بعينين تشعان بعدم التصديق.
رغم أنها تعرف كم هو بارع في الكذب والمراوغة، لم تتخيله يومًا يتهم شخصًا بريئًا بهذا الشكل.
تنهد فالنتين باختصار، وكأنه شعر بنفورها.
“يبدو أن تأثيره بدأ يظهر. آسف، لكن ليس لدي وقت الآن لأقنعكِ.”
رفع القنينة إلى فمه وشرب السائل كله، ثم أمسك بذقنها ورفع وجهها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 78"