“حتى لو جئت تتوسل بهذا الشكل الآن، هل تظن أنني سأنسى أنك تحالفت مع الأمير الصغير وهاجمتني أنا ومارغريت؟”
“لقد كنتُ غبياً… لو كنت أعلم أن سموّكِ لستِ ذلك الكائن، لكنت… حتى لو متُّ… آه، لا…”
ركع فجأة على الأرض المتسخة، وحين أرادت أديل أن تسحبه واقفاً، أمسك بمعصمها بقوة.
“أرجوكِ… اعتبريها نجدة لإنسان… امنحيني رحمتك…”
“…”
“فقط أخبريني كيف تغلّبتِ على اللعنة… وسأفعل أي شيء… أقسم أنني سأفعل أي شيء من أجلكِ.”
حتى في عيني أديل، التي تعرف الحقيقة، بدا يواكيم كأنه غارق في وهم أو هذيان.
ربما كان هذا الإلحاح المفرط الذي يميز أولئك الذين يصدّقون شيئًا باطلًا وكأنه الحقيقة هو ما جعله يبدو أكثر جنونًا.
ناهيك عن سلوكه. من شخص كان مستعدًا لقتلها قبل قليل، إلى متوسل راكع. هذا التحول المفاجئ يكاد يكون مسرحيًّا.
‘وكأنني أواجه مجنوناً…’
أديل رمشت بعينين متظاهرتين بالحيرة، لكنها كانت تقرأ الموقف بعقل بارد.
‘من الأفضل أن أتمسّك بالإنكار. فلا دليل لديه.’
تفحصت هيئته بعناية.
كان مظهره فوضويًا على غير عادته، وعيناه زائغتان تحت الضوء. بدا وكأن بؤبؤيه غير مركزين. أعراض تظهر على من يتعاطون مواد تؤثر على الحالة الذهنية لفترة طويلة.
‘يبدو غير سوي. ولم يكن هكذا قبل أيام فقط… ماذا حدث له مؤخرًا؟’
وحتى لو تُرك على حاله، فلن يصدق أحد أقواله.
ولو شاع أنه يهذي ويتهم دوقة البلاد بأنها شيطانة، لربما تم عزله أو حتى طُرد. لا سيما أن ما يقوله يتهم امرأة بشرية تمامًا بأنها “وحش”.
‘حتى أنا ظننت أن غريتا تهذي عندما اتهمت فالنتين بأنه تنين فيتشلِبِن…’
ثم واصلت التفكير:
‘عليّ على الأقل أن أعرف لماذا بدأ يشك بي، ومتى تأكد. كي لا أرتكب الخطأ ذاته ثانيةً…’
في الماضي، لو انكشف سرها، كان بإمكانها الهرب. لكن الآن، مصير أنسجار كله على المحك. لا يجوز خلق ذريعة للاضطهاد أو الانجرار إلى صراع.
‘وإذا كسبت بضع دقائق أخرى، سيعود السير دونوفان…’
رمقت أديل مارغريت الملقاة أرضًا. تنفّسها كان منتظمًا، مما يعني أنها أغمي عليها فقط ولم تُصب بجروح خطيرة.
وبعد أن رتبت أفكارها، سحبت يدها من قبضة يواكيم.
“اهدأ أولًا. وسأجيبك إن كنت أعرف. لكن عليك أنت أيضًا أن تكون صريحًا تمامًا معي، بلا أسرار.”
للحظة، عاد شيء من الحياة إلى عيني يواكيم.
بدت عليه علامات من وجد حبل نجاة على حافة هاوية. بلّل شفتيه بسرعة ورد:
“اسألي ما تشائين.”
“ما الذي جعلك تشك بي بالضبط؟”
“ظننتكِ إما شخصًا استُيقظت قواه السحرية بفعل مخلوق شيطاني، أو أنكِ من يزرع تلك القوة.”
“تزرع؟”
“مصدر تلك القوة، أو باعثها.”
مصدر وباعث القوى السحرية—بلا شك، يقصد فالنتين.
فهو من أيقظ قواها، وسبق أن قيل إن كل قوى هذا العالم نابعة منه.
لكن السؤال: كيف عرف يواكيم أن ذاك الكائن هو تنين فيتشلِبِن؟
قررت أن تتعامل بحذر مع الأمر.
“ولماذا تبحث عن ذلك الكائن؟”
“لأنه عدو أختي، وعدوي الأبدي…”
مع مواصلة الحديث، بدأ يواكيم يتغير.
أمسك جبينه وتقلّص جسده. أخذ جسده يرتجف، وبدأ يئنّ من الألم.
“سيدي؟ هل أنت بخير؟”
اقتربت أديل، وضعت يدها على كتفه، فشعرت بحرارة جسمه العالية من تحت ثيابه.
ومع أنه كان يتأوه، إلا أنه أومأ برأسه.
“أنا… بخير. واصلي…”
“لكن حرارتك مرتفعة جداً… ما الذي…”
“أنا بخير…”
كانت عيناه محمرّتين ولا يبدو بخير إطلاقًا. لكن التوقف عن الحديث الآن قد يثير غضبه. ثم—
‘عدو أخته؟ هل آذى فالنتين أخته؟ أو يعتقد يواكيم ذلك؟’
لكنها لم تكن قادرة على التأكد. لا يمكنها اتهام فالنتين استنادًا إلى أقوال رجل غير مستقر.
بل شعرت وكأن قلبها يقول لها: “لا تجرؤي على الشك به”.
“لماذا اعتقدت أنني ذلك الكائن؟”
رغم ضيق أنفاسه، قال بوضوح:
“شعرت بآثار قوى سحرية من جسدك، ثم بعد أيام لم أعد أشعر بشيء… لا أحد في العالم قادر على كبح تلك القوة سوى كائنٍ واحد.”
“آثار قوى؟ هل يمكن الإحساس بذلك؟ هل هناك كثيرون يستطيعون ذلك؟”
رغم أن فالنتين قال إن التمييز صعب، كادت أديل تفصح عن دهشتها، لكنها تمالكت نفسها.
ولم يبدُ على يواكيم أنه لاحظ شيئًا، بل تابع بهدوء:
“ربما بسبب حالتي الخاصة. فقد كنت أرافق أختي وهي تعاني من تأثيرات قوى الشياطين. صرت حساسًا لذلك. ومنكِ، لا ينبعث نور الإيمان… بل شيء آخر، غريب.”
“…”
“لهذا اعتقدتُ أنك من أنقذتِ الدوق. منه لا أشعر بشيء، لذا لا شك أنه بشري… لكنكِ أنتِ…”
كان خبرًا مفرحًا ومحزنًا في آنٍ واحد.
فبغضّ النظر عن كيفية تطور الأمور، طالما أن “فالنتين” لا يُزجّ به في القضية، فإن اكتشاف أن أديل تمتلك قوى سحرية سيُعتبر خطأً شخصيًّا، وليس سببًا لإدانة أنسجار بأكملها.
لكن الجانب المحزن هو أنه لا أحد يعلم كم من الأشخاص الآخرين قد يظهرون بحساسية تجاه السحر مثل يواكيم.
هل هو وحده من يشعر بذلك بشكل غريب؟ أم أن كل من تعرّضوا للسحر بشكل منتظم يمكنهم الشعور به؟
والأهم… إن كان فالنتين هو من منحها هذه القوة، فلماذا لم يشعر يواكيم بأي شيء منه؟
“الآن… جاء دوري لأسألك.”
قالها بصوت متقطع مليء بالألم.
كان يعض شفتيه حتى سال الدم، حتى إن شفتيه كانتا تلمعان من الدم، وكان منظره بشعًا.
ابتلعت أديل شعور الذنب وأومأت برأسها، ثم شدّ يواكيم قبضته مرة أخرى على كمّ ردائها.
“كيف تغلّبتِ على اللعنة؟”
“اللعنة… تقصد السحر؟”
“نعم. أختي كانت ملعونة من ذلك المخلوق حتى قبل ولادتها. حين كانت لا تزال جنينًا، اقترب منها ذلك الشيء وهمس كلمات ملعونة في أذن أمها.”
حاولت أديل أن تتخيّل فالنتين وهو يلعن أحدًا.
لكن كلما حاولت، شعرت بنفورٍ لا يوصف. لم تستطع أن تتقبّل هذا الكلام على الإطلاق، وضحكت بسخرية.
“هذا مستحيل.”
“لا تستهيني بكلامي.”
تحوّل صوت يواكيم الذي كان منهارًا إلى نبرة حادة في لحظة.
“أختي تُعامَل كالمجنونة منذ سنوات، محبوسة في برج العائلة. حتى أن وجود أي شخص يملك طاقة إيمان بالقرب منها يجعلها تصاب بنوبات. بدأت حالتها منذ أول معمودية لها في الكاتدرائية.”
“……”
“كانت هادئة ولطيفة إلى أن بلغت عمر العاشرة تقريبًا. أما الآن…”
صوته بدأ يختنق بالدموع.
“لم أعد أعرف من تكون أختي حقًّا…”
“……”
“لذا أرجوكِ، أخبريني… كيف تخلّصتِ من اللعنة؟ كيف… كيف اختفت طاقتك السحرية وكأنها لم تكن؟”
حين رأت وجهه البائس، كادت تنسى تهديده السابق وتُشفق عليه فقط.
كادت أن تبوح له بكل شيء.
لكنها تمالكت نفسها لأن مارغريت لا تزال فاقدة الوعي على الأرض الباردة قربها.
بغضّ النظر عن مدى تعاسة يواكيم، لا يمكن تجاهل أنه هاجمها وهاجم مارغريت.
رفعت أديل يدها اليسرى حيث كانت ترتدي سوارها، وهزّت رأسها.
“أنا… لم أتغلّب عليها تحديدًا. ذات يوم، اختفت فجأة فقط.”
“هذا مستحيل… لا يمكن…”
عينا يواكيم ارتجفتا بصدمة. بدا وكأنه اقتنع للحظة، ثم بدأ الشك يغمر ملامحه.
زمجر قائلاً:
“أنت تكذبين.”
“لا، لا أكذب.”
“هل تستطيعين أن تقسمي؟ على الحاكم مورج مثلاً؟!”
آه… ارتجفت شفتاها قليلاً.
لكنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها قبل أن يلاحظ ذلك، وأومأت.
“أقسم.”
حدّق فيها يواكيم بنظرة مليئة بالريبة، ثم رفع يده المرتجفة ولمس وجهه.
سمعت بوضوح ما كان يتمتم به لنفسه:
“إن لم يكن كذلك… فربما من ألقى اللعنة هو من فكّها…”
“……”
“إن كان من لعنها هو نفسه من فكّها، فلا بد أنه اقترب منها بشدّة في كل مرة. هل لديكِ أي شخص يخطر ببالك؟”
“لا… لا أحد إطلاقًا.”
بدت خيبة الأمل على وجهه بشكل واضح.
“حسنًا، إذًا أجيبي عن هذا السؤال الأخير… هل هناك من شعرتِ نحوه مؤخرًا بمشاعر مفاجئة؟”
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 74"