الرجل تمكّن بسهولة من السيطرة على مارغريت التي صرخت بفزع.
رغم أن مارغريت كانت قوية البنية، إلا أنها تبقى امرأة في منتصف العمر.
في اللحظة ذاتها التي كمم فيها فمها، وجّه ضربة بحافة يده إلى مؤخرة عنقها.
مارغريت أغمي عليها من ضربة واحدة فقط، وانهار جسدها.
ثم رمى جسدها على الأرض بلا مبالاة.
كان تركيز الرجل منصبًّا منذ البداية على أديل، فاستدار نحوها فورًا.
“آه، أخيرًا التقينا مجددًا. كم اشتقت إليكِ.”
صوته الذي تخلّص من التوتر بات أكثر نعومة وهدوءًا.
أديل الآن كانت واثقة تمامًا من هوية صاحب هذا الصوت.
رفع الرجل يده ونزع قناعه ببطء. وتحت ظل الجدار المعتم، تلألأت عيناه الذهبيتان.
“مرّ وقت طويل، يا أديلهايت.”
كان أوسكار، هو نفسه.
الطاقة السحرية المزروعة في جسد أديل كانت تهتاج من التوتر.
لكن “الظل” الذي زرعه أوسكار بداخلها ما زال ساكنًا. لم يحذّره من أي شيء.
نظراته صارت باردة وقاسية. وهذا لا يحدث إلا في حالتين فقط: إن كانت أديل تحت تأثير “الكنيسة العظمى”، أو…
وقعت في قبضة مورغ.
“يسعدني أن أراكِ، أديل، ولو بهذه الطريقة. هل كنتِ بخير؟”
حالما رأت وجه أوسكار المتعجرف، عادت إلى ذهنها بوضوح ليلة مقتل فالنتين، وكأنها وقعت البارحة.
تذكرت كيف سألها ببرود لمَ أصبحت زوجة لأخيه.
اقترب منها أوسكار خطوة أخرى، واتسعت ابتسامته المائلة.
“ما الذي جعلكِ تتبعين رجلاً إلى مكانٍ ناءٍ كهذا دون خوف؟”
وضع يده على خاصرتها، تمامًا حيث طعنها من قبل، وجذبها نحوه بعنف.
شهقت أديل من الألم الناتج عن الضغط على الجرح. كان قد صفف شعرها بعناية، لكنه سرعان ما فكه.
تساقط شعرها الذهبي كالحرير على ظهرها.
“أديل. أكان الموت مخيفًا إلى هذا الحد بالنسبة لكِ؟”
نظرت إليه أديل بعيون حادة. وبدا أن ذلك أسعده، فضغط على موضع الجرح أكثر عمدًا.
كانت تعضّ شفتها حتى شحبت، محاولةً كتم الألم.
لم تكن تريد أن تظهر أي ضعف أو أنين. على الأقل، ليس أمام هذا الرجل.
رفع أوسكار ذقنها بيده. تسللت أنفاس قصيرة من بين شفتيها المفتوحتين.
“همم؟ لم تكوني أبدًا بارعة في إخفاء مشاعركِ.”
قالها بابتسامة خبيثة، ثم تنفس قرب عنقها، زافًا هواءه الساخن.
تحمّلت أديل ذلك الإذلال بصعوبة. نظر إليها أوسكار بوجه شبه خالٍ من التعابير، ثم ابتسم.
“كما كنتِ دائمًا، هشاشتكِ تلك تدفع الرجل للجنون. هل تعلمين ذلك؟”
“سيدي، تلك المرأة تمرّ بمرحلة تحول إلى شيطان.”
ارتبكت أديل بشدّة عند سماع الصوت المفاجئ.
لكن أوسكار لم يُفاجأ، وكأنه كان يعلم بوجود شخص آخر منذ البداية. ظهر رجل من الظل أخيرًا.
فارس ذو شعر أشقر وعينين زرقاوين، يواكيم. الرجل الذي لطالما نظر إليها وكأنها شيء مقزز.
‘ما الذي يفعله هنا؟ وتحول إلى شيطان؟ ما معنى ذلك؟’
بغض النظر عن كل شيء، كيف يجرؤ على التصرف بهذه الثقة؟ وكأنه واثق تمامًا أن أوسكار سيصبح دوقًا في المستقبل.
عادةً، خيانة الفارس لسيده تنتهي بمصير مأساوي.
حتى إن نجحت الخيانة، نادرًا ما يستعيد الفارس ثقة سيده، وإن فشل، لا ينجو لا هو ولا عائلته.
وحتى لو فرّ، فلن يستقبله أحد كفارس مجددًا.
“…”
لكن يواكيم، الذي يعرف كل ذلك جيدًا، لم يُظهر سوى نظرات باردة موجّهة نحو أديل.
أوسكار وحده كان يبتسم في هذا التوتر الصامت.
“آه، طبعًا… سمعت شيئًا كهذا. لكن، هل يهم فعلًا؟”
“…”
“هي ستكون جائزتي في النهاية. أتدري كم فعلت من أجل أن أحصل على هذه المرأة؟ حتى ضد شقيقي بالدم…”
“كما أخبرتك، قد يكون الأمر خطيرًا، لذا أبقِ مسافة بينكما.”
قاطعه يواكيم بسرعة.
“ليست امرأة ضعيفة، بل شيطان. من الأفضل أن تعتبرها غير بشرية.”
“يا لك من متشدد.”
رفع أوسكار يديه أخيرًا وتراجع للخلف.
“كما قلت، سأدع لك أمر الحديث. أما أنت، فتابع طريقك. لا نريد أن يراك أحد.”
“لو أنك فقط تغلق فمك، لما علم أحد. حسنًا، حسنًا. أيها المتعصب. لكن لا تنسَ وعدك، أن تسلمني إياها بعد أن تنتهي. فهذا ما وافق عليه سيدك أيضًا.”
“…لا تقلق.”
ابتسم أوسكار وهزّ كتفيه بلا مبالاة، ثم غادر بهدوء. وحتى اختفائه التام عن الأنظار، لم يتحرك يواكيم قيد أنملة.
كان ينظر إلى أديل بعينين حذرتين، كما لو كانت فعلًا مخلوقًا شيطانيًّا كما زعم.
نظرت إليه أديل بثبات وقالت:
“هل خنتُمونا؟”
“كيف تجرئين على اتهامي بالخيانة؟”
اهتزّ وجهه كمن تلقّى إهانة لا تُحتمل.
كلما بدا عليه الانفعال، حاولت أديل الحفاظ على هدوئها أكثر. شدت على يديها المرتجفتين وردّت ببرود:
“إذًا ماذا تسمي هذا؟ أليست هذه خيانة للدوق؟”
“ظننتِ أنني لا أعلم؟”
“…”
“لم تكتفِ بإعادة إحياء سموّه باستخدام السحر الأسود، بل اغتصبتِ جسد زوجته وتظاهرتِ بأنكِ بشر!”
“يا سيدي، ما الذي تقوله الآن؟”
“سمعت أنك ماكرة للغاية، ويبدو أن هذا صحيح.”
تفوه يواكيم ببرود. ومن خلال هذا الحوار القصير، أدركت أديل ما يحدث.
من الواضح أنه، بفعل حادثٍ ما، بات يواكيم يعتقد يقينًا أنها تنين فيتشلِبِن.
لم تكن تدري متى أو كيف توصّل إلى هذا الاعتقاد، لكنه في النهاية ليس إلا ظنًا بلا دليل.
“أنا حقًا لا أفهم ما تقوله الآن.”
“لا تفهمين؟”
“هل أنت واثق أنك لن تندم لاحقًا على تصرفك الوقح هذا تجاهي؟”
“ندم؟”
اقترب بخطوة واحدة وأمسك بعنقها وكأنه يقبض على شيء مقزز.
وبينما تحدّق فيه بعينين متسعتين، قال ببرود:
“أندم في كل لحظة. كان عليّ أن أفضح حقيقتك أمام الجميع قبل أن تخدعي شعب أنسجار. الآن، بعد كل هذه الشكوك والترددات، اضطررت إلى اتخاذ خطوات مزعجة كهذه كي أصل إليكِ.”
“…”
“لا فائدة من التظاهر بالبراءة أو الإنسانية الآن. كل شيء سيتكشف.”
وما إن أنهى كلماته، حتى انبعث من جسده ضوء أبيض. كانت تلك قوّة الإيمان.
“…”
حدّقت أديل في يواكيم بعينين مصدومتين.
فهو الابن الأكبر لعائلة أنجبت ثلاثة من الكهنة الكبار، وكان من الطبيعي أن ترث العائلة قوّة الإيمان جيلاً بعد جيل.
لذلك لم يكن غريبًا أن يملك هذه القوة. لكن الغريب هو أن من يمتلكون قوّة الإيمان عادةً ما ينضمون إلى فرسان القدّيسين، لا الفرسان العاديين.
‘كان يُعتقد أن يواكيم لم يُبايع فرسان القدّيسين لأنه لا يمتلك تلك القوة، لكنه أخفاها طوال الوقت؟’
رغم أن نوعيّة قوته لم تكن مثالية، إلا أن كميّتها كانت تضاهي تقريبًا تلك التي يملكها رئيس الكهنة بادري.
بدأ العرق يتصبب من جبينه، وأصبح الضوء الذي ينبعث منه أقوى فأقوى.
“ماذا… لماذا…؟”
تمتم بدهشة، وكلما بقي وجه أديل هادئًا، ازداد وجهه ارتباكًا وتشوهًا.
أصبح الضوء المتفجر من جسده أكثر توهجًا، وكأن شمسًا هبطت فجأة إلى الأرض. لكن، هذا كل ما حدث.
“إنه ساطع جدًّا. إلى متى تنوي الاستمرار بهذا؟”
“لا… هذا غير ممكن…”
تمتم بصدمة، ثم حرر عنقها بوجه جامد.
“لمَ لم يحدث شيء؟”
“…”
“لا يعقل… لا يمكن…”
بدأ يتمتم وكأنه يحسب شيئًا في ذهنه، ثم التفت نحوها فجأة. بدا وجهه شاحبًا وفيه مسحة من الرجاء غير المسبوق.
“هل لستِ متجسدة بالكامل؟ بل لُعِنتِ من قِبل مخلوق شيطاني؟”
“…”
“نعم… نعم، هذا منطقي. إن كان جزءٌ من جسدك ملعونًا، فربما بقي عقلك بشريًّا، ومن الطبيعي أن تظهر طاقة مريبة…”
“…”
“لكن أن لا تظهر عليكِ أي ردة فعل؟ هذا لا يُصدق… هل… هل نجحتِ فعلًا في فكّ اللعنة، سموّكِ؟”
بدأ يبدو كمن فقد صوابه. يتحدث عن أشياء لا يفهمها سواه، يرتجف صوته تارة، ويهدأ تارة.
وفي النهاية، بات حديثه قريبًا إلى التوسل:
“أرجوكِ… أرجوكِ، أخبريني…”
أمسك بذراعيها بكلتا يديه بقوة. عبست أديل من شدّة قبضته.
“أنتَ تؤلمني…”
“ك… كيف؟ أرجوكِ، كيف فعلتِ ذلك؟ أخبريني… هذا مهم للغاية بالنسبة لي…”
“رجاءً، لا تفعل هذا…”
بدت وكأنها توشك أن يركع أمامها، فدفعت صدره بخفة مرتبكة. في عينيها الحنونتين، بدأت تظهر لمعة حازمة.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 73"