“قلتُ لك سابقًا… لا ينبغي لليأس أبدًا أن يُكشَف، أليس كذلك؟ لا تتجاهلي كلمات تاجر حقير مثلي، بل احفظيها جيدًا. فمع مكانتك… سيغدو ذلك أمرًا في غاية الأهمية.”
لم تُجِب أديل، واكتفت بالتحديق في عيني لويزا بصمت.
لو كانت دوقة كبرى في موقف طبيعي، لكانت قد وبّختها على وقاحتها وتجاوزها حدود اللياقة.
لكن الواقع أن الموازين لم تكن في صالح أديل هذه المرة.
فالمعلومة التي تبحث عنها بشغف كانت في يد لويزا، بينما الذهب الذي تملكه أديل… لم يكن كافيًا.
انحنت نحوها قليلًا، تغمز بعينها كما لو كان هناك سر بينهما. تبعتها أديل، تميل برأسها ببطء فوق الطاولة، حتى اقترب وجهاهما بما يكفي لهمسة لا يسمعها سواهما.
قالت لويزا بصوت خافت:
“ما مدى معرفتكِ بالوحي الذي تلقّاه سموّ الكونت؟”
ارتجفت أنفاس أديل.
“…هل تقصدين العرافة التي تلقّاها كونت رايشناو؟ أنا… لا أعرف التفاصيل.”
كان ذلك سرًا دفينًا لا يعلمه إلا قلّة قليلة: البابا، والدها، جريتا، ورايشناو نفسه. حتى أديل لم تكن تعلم بشأنه لوقت طويل، ولو لم يتفوه الكونت بالحقيقة في إحدى نوبات سُكره… لما عرفت به أبدًا.
ما زالت تتذكر ملامحه حين لفظ تلك الكلمات دون وعي، والندم الذي اجتاح وجهه وهو يرفع يده ليضربها، قبل أن يدرك فداحة ما قاله.
“لكن… كيف علمتِ بهذا؟”
تساءلت أديل، مشوشة الفكر. كيف تسرب سر كهذا؟ هل شرب الكونت حدّ الثمالة وأفشاه مرة أخرى دون قصد؟
كم مرة حدث هذا؟ وكم عدد من سمع به؟
“هيا، أخبريني بما تعرفينه أنتِ أولًا.”
قالتها لويزا، وهي تتراجع قليلًا.
“كل ما أعلمه أنني كنتُ موضوع نبوءة، وأنها على الأرجح تتعلق بقدراتي… لا أكثر.”
هزت لويزا رأسها، ونظرت إلى أديل بنظرة شبه ساخرة.
“أوه، عزيزتي. أنتِ مخطئة. النبوءة لم تُمنح لكِ، بل لأمك.”
“…لأمي؟!”
حدقت أديل فيها مذهولة، وكأن عقلها يرفض الفكرة ذاتها.
“هذا كل ما لديّ. سمعت بالأمر منذ زمن، فبدأت أبحث فيه. اختفى كل أثر له حينها، ولم أعد واثقة من وجوده… إلى أن بدأت أجمع معلومات جديدة، وكلها كانت تشير إلى نفس الحقيقة.”
كان كلامها مبهمًا، بلا تفاصيل. مخيّب للآمال.
“إن أردتِ نصيحتي، عليكِ مراجعة النص الأصلي للوحي.”
“وهل تعرفينه؟”
هزّت لويزا كتفيها مبتسمة.
“ليس تمامًا. أعرف فقط بعض العبارات… المتناثرة.”
ثم، بعد لحظة تفكير، أضافت:
“إذا كنتِ تريدين الحقيقة الكاملة، فاذهبي إلى الكاتدرائية الكبرى. عندما تُلقى نبوءة، يكون هناك ثلاثة كهنة يسمعونها ويفسرونها. ابحثي عنهم. أحدهم على الأرجح سرّب السر.”
ناولتها ورقة دوّن فيها عنوانًا، بعد أن مزقتها من دفتر قريب وجفف الحبر بنفثات من فمها.
أخذت أديل الورقة وطوتها برفق قبل أن تضعها في جيبها الداخلي.
“هل كانت هذه صفقة مرضية؟”
سألتها لويزا بابتسامة اتسعت حتى لامست عينيها.
“نعم، بالطبع.”
“عُدِي في أي وقت، سأكون سعيدة إن استطعت مساعدتكِ يا صاحبة السمو.”
ابتسمت أديل لها بخفة، ونهضت عن كرسيها استعدادًا للمغادرة.
لكن لويزا سبقتها بخفة، ووقفت أمام الباب، تمسك بمقبضه كما لو أرادت أن تقول شيئًا أخيرًا.
“وهناك شيء آخر… لنقل إنه… ليس رشوة. مجرد تلميح.”
لم تكن تمسك بأي شيء، لكن وجهها اقترب من أديل حتى شعرت بأنفاسها على بشرتها، وهمست:
“وردتني معلومات تفيد بأن قدرة شارلوت ليندا هيجل فون رايشناو العلاجية… بدأت تتلاشى.”
تسمرت أديل، وسحبت رأسها إلى الوراء، الصدمة تعصف بعينيها.
هل هذا حقيقي؟ هل هذه هي حقيقة قلق شارلوت الدائم؟ كانت تظن أن السبب هو خطوبتها… لكن يبدو أن المسألة أعمق.
لو صحّ هذا، فربما يكون الكونت رايشناو قد أصبح يائسًا، يحاول تزويجها بأي ثمن قبل أن يعرف الجميع أنها فقدت ما يميزها.
والإمبراطور؟ ربما انخدع، يظن أنه سيكسب سلطة وقدرات شارلوت عبر الزواج من فالنتين.
لمحت لويزا ما يدور في بال أديل، فابتسمت ابتسامة شاحبة وسألت:
“المعلومة التي أخبرتكِ بها… لا تُقدّر بثمن، أليس كذلك؟”
ثم ضحكت برقة.
“لهذا السبب، فهي ليست صفقة… بل رشوة.”
—
بمجرد أن غادروا مبنى النقابة، سمعوا دونوفان يتذمر بصوت خافت.
لم تعرف أديل ما إذا كان وجهه المتجهم يعني الغضب أم الإحراج. لكنها بعد لحظة صمت قررت الإجابة بصدق:
“نعم… كانت صفقة جيدة. حصلت على ما أحتاجه.”
“وما نوع المعلومات التي تستحق المجازفة والدخول إلى مكان خطر بدون حراسة كافية؟”
فكرت أديل في اختلاق عذر، لكن سرعان ما تنهدت وقالت الحقيقة:
“كنت أبحث عن جريتا.”
تجمدت مارغريت، حتى دونوفان شحب وجهه. لكن لم يعد هناك ما يُخفى.
كان لا بد أن تقولها.
ضمّت أديل يديها وقدّمت اعتذارًا بسيطًا:
“أعتذر على عدم إخباري لكما مسبقًا. أعلم أن الاعتذار لا يُغير شيئًا، لكن…”
قاطعها دونوفان بصوته الجاد:
“لا داعي للاعتذار أو التبرير. أنتِ سيدتنا.”
لكن مارغريت، التي كانت تحدق بالأرض، رفعت رأسها وقالت بصوت مرتجف:
“لا أستحق لطفك… لا أنا، ولا أيٌّ منّا.”
تابعت بصوت منخفض:
“في تلك الأيام… كنا نعاملكِ كأنكِ لا تنتمين إلينا. عشنا في قلعة أنسجار وكأنكِ مجرد ظل.”
لم تقل كل شيء، لكنها لم تحتج لذلك. أديل فهمت تمامًا.
لقد تجاهلوها. استهانوا بها. عاملوها كهواء.
قالت مارغريت:
“اعتقدتُ أنكِ أضعف من أنسجار، حتى أنني لم أظنكِ قادرة على النجاة من الشتاء. لكنكِ فعلتِ… وفعلتِ أكثر.”
ابتسمت أديل، خجولة من كلمات مارغريت المفاجئة.
لم تسمع في حياتها من يخبرها أنها لا تنقصها أي شيء… سوى فالنتين. والآن، هذه كانت المرة الثانية.
ضحكت مارغريت بهدوء.
“سعادتكِ تعني سعادة أنسجار. ومهما كان أمركِ، فسنطيعك.”
“…”
كان هذا إعلانًا صريحًا: عهدٌ جديد. اعترافٌ، وتكفيرٌ عن الماضي.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 70"