لم يكن من الجيد إطلاق الأحكام بناءً على المظهر، لكن الرجل أمامها بدا وكأنه قائد مرتزقة أكثر من المرأة نفسها، مما جعل أديل تتخيل بأنها على وشك لقاء زعيم فيلق المرتزقة أخيرًا.
غير أن المرأة لم تتصرف كما توقعت. رفعت إصبعها السبابة وطلبت ببساطة:
«شاي قوي مع مربى الليمون والعسل. وأنتِ، سموّكِ؟»
«لا بأس، لا أريد شيئًا.»
ابتسمت المرأة وأشارت للرجل:
«إذًا، أضف كوب ماء لهذه السيدة، مع مربى الليمون والعسل طبعًا.»
أومأ الرجل قائلاً إنه سيكون جاهزًا حالًا، وخرج مغلقًا الباب بهدوء، كأنما اعتاد هذا النوع من الطلبات.
بدت أديل مشوشة، لكن المرأة ضحكت بخفة، كأنها قرأت ارتباكها:
«إنه زوجي. أنا من يدير نقابة التجار وفيلق المرتزقة، أما هو فيهتم بالمرتزقة من النوع السيئ.»
«نقابة التجار…؟»
«أجل. نقابة الصقر الذهبي. متأخرة في تقديم نفسي، صحيح؟ ناديني لويزا فحسب. هل سمعتِ عنا من قبل؟»
كانت النقابة من أشهر التكتلات التجارية في الجنوب، ولذلك أومأت أديل برأسها تأكيدًا، لترد لويزا بابتسامة ساحرة.
عاد الرجل بعد وقت قصير وهو يحمل المشروبات، التي قُدمت في أكواب كريستالية تليق بالملوك، إشارة واضحة إلى الثراء الذي تتمتع به النقابة.
تناولت لويزا فنجانها، وقدمت الآخر لأديل:
«تذوّقيه. الليمون في أفضل حالاته هذه الأيام. زوجي يصنع أفضل مربى ليمون بالعسل.»
خُيّل لأديل ذلك الرجل الضخم، الجالس في المطبخ يقطع الليمون، فابتسمت بلا وعي، وانفتح قلبها قليلًا:
«تبدوان وكأنكما على وفاق.»
نظرت لويزا إلى الباب المغلق وتنهّدت:
«وصلنا إلى ذلك بعد الكثير من المعارك. اعتقد أن خدمته لي تقلل من كرامته. لكنه بدأ يساعد عندما تحسّن وضعنا المالي… رغم أنه لا يتوقف عن التذمر!»
«فهمت.»
«رأيتِ يوهان، أليس كذلك؟ هو من أوصلكِ. لقد خفف التوتر كثيرًا…»
لكن أديل بدأت تفقد تركيزها من فرط كلام لويزا. بدا وكأن هذا كله جزء من خطة مدروسة لتفكيك حذرها ودفعها إلى قول ما لا تنوي قوله. ومع ذلك، تولّد بداخلها شعور بالألفة تجاه المرأة.
قهقهت لويزا فجأة:
«يا للحرج، أتكلم كثيرًا عن نفسي مجددًا.»
شربت رشفة من الشاي، ثم نظرت إليها بلطف:
«والآن، ما الذي جاء بكِ إلى هنا؟ بإمكاننا فعل أي شيء طالما تدفعين الثمن المناسب.»
بدأت أديل تسرد المعلومات: «امرأة دون الأربعين، شعر بني، عيون بنية، تبدو أكبر سنًا بقليل، خنصرها الأيمن معوج. آخر مكان شوهدت فيه ربما كان براغما، لكنها ليست متأكدة.»
أومأت لويزا ببطء:
«إذًا هي بلا مأوى، وربما وصلت مؤخرًا… ممتاز.»
وقفت واتجهت نحو حائط مغطى بالأوراق والملاحظات. بدأت تفحصها بعناية، تتمتم لنفسها:
«لا، هذا ليس هو… غامض… شعر بني… والخنصر…»
سحبت ورقة من الحائط، واستدارت بابتسامة لامعة:
«هذه المرأة تطابق وصفك تمامًا.»
«فعلًا؟»
«لا أستطيع تأكيد الاسم، لكنها تملك شعرًا بنيًا، عينين بنيتين، وخنصرًا معوجًا. والملاحظات تقول إنها مختلة نفسيًا بعض الشيء. سأترجم ما كُتب إلى لغة دينبورك. فقط… يجب أن تدفعي أولًا.»
فتحت أديل معطفها بسرعة لتُخرج كيسًا من النقود، لكن لويزا رفعت يدها:
«لستُ بحاجة إلى مالك. هذه ليست صفقة ذات قيمة عالية. بالطبع، دفعتُ لمن جلب لي هذه المعلومة.»
«إذًا، ما الذي تريدينه؟»
اتسعت عينا لويزا وانطلقت ضحكتها العذبة:
«سموّكِ، إظهار هذا القدر من اليأس أمام تاجرة مثلي تصرف متهور. لكن، سأستفيد منه بلا شك.»
صمتت للحظة، ثم تابعت:
«ما أريده بسيط جدًا. السوار الذي في معصمك…»
«ليس للبيع.»
ردّها الحاسم جعل لويزا ترمش بدهشة:
«لقد فهمتيني خطأ. لا أريد شراءه. فقط أريد النظر إليه عن قُرب.»
«هذا السوار؟»
صوتها حمل شيئًا من التردد. كان هدية من فالنتين، ويحتوي على سحر مضاد. من الخارج، بدا كقطعة ذهبية مرصعة بالزمرد، لكن النقوش الدقيقة قد تحتوي على أسرار.
هزّت رأسها:
«استلمته من شخص مهم. لا أريد إظهاره لأحد. أُفضّل الدفع نقدًا.»
أطلقت لويزا تنهيدة هادئة:
«أنا تاجرة يا سموّكِ. أعيش على يأس الناس. والثمن يتغير حسب درجة هذا اليأس.»
«هل هذا تهديد؟»
«أبدًا. تمامًا كما ترغبين بالمعلومة، أرغب أنا بالنظر إلى السوار. فضول شخصي فقط. أقسم ألا أبيعه أو أشارك معلوماته.»
«وتقسمين على اسم من؟»
«على اسم نقابة الصقر الذهبي كاملة.»
جمعت يديها وأقسمت بجدية. بدا في عينيها شيء من الإخلاص. ترددت أديل للحظة. كانت على وشك الرفض مجددًا، لكن لويزا رفعت يديها فجأة وهتفت:
«لحظة! سأمنحكِ معلومة إضافية مهمة للغاية!»
توقفت أديل، صامتة.
«نقابتنا لا تخلف عهودها أبدًا. أقسم، أقسم، أقسم — لن يصيبكِ مكروه.»
أكّدت الكلمة ثلاث مرات، بنبرة يائسة تقريبًا. لم تستطع أديل أن ترفض بعدها، فقد انكشفت حاجتها منذ البداية.
حتى لو طالبتها لويزا بسعر فاحش لاحقًا، لن يكون بوسعها الاعتراض. وكما تعلم، فإن إفساد العلاقة مع النقابة قد يهدد التحالفات ويغلق طرق التجارة.
وأخيرًا، أومأت:
«فقط لحظة واحدة. لا رسومات، ولا وصف، ولا مشاركة.»
«طبعًا!»
كادت لويزا أن تصفق فرحًا. مدت أديل معصمها على الطاولة، فتناولت لويزا يدها بلطف، وبدأت تفحص القطعة الذهبية بدقة: الزمرد النقي، النقوش الدقيقة، واللمعان الباهت للذهب.
لم تتوقف عن التمتمة بإعجاب طوال الوقت.
«أظن أن هذا يكفي، صحيح؟»
تململت أديل، تسأل بتوتر. سحبت لويزا يدها أخيرًا، وبدا على وجهها أثر واضح من الإثارة.
«لويزا… هل تعرفين ما هو هذا السوار؟»
«بالطبع. من المستحيل تجاهله.»
بدت نبرتها وكأنها تنطق باسم مقدّس. ثم استعادت صرامتها المعتادة:
«لكن، إن أردتِ معرفة المزيد… فالسعر سيكون باهظًا.»
«إلى هذه الدرجة؟»
«لا، ليس ماديًا.»
«إذًا، ما هو؟»
ارتسمت على شفتيها ابتسامة ماكرة:
«بالنسبة لكِ، هو ببساطة… معلومة يائسة.»
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 69"