همس فالنتين بجانبه، كأن كلماته أمر خافت يتردد في الهواء.
أديل أطاعت بلا تردد، أمسكت بالخنجر، موجهةً الحجر السحري إلى الأعلى تمامًا كما أرشدها.
ومع ذلك، لم تستطع أن تتخلص من الإحساس بأن كل هذا عبث لا جدوى منه.
لقد حاولت مئات المرات من قبل. كل محاولة كانت نهايتها الفشل، ولم تكن قادرة حتى على إضاءة وميض ضئيل بحجم يرَاعة.
“تذكّري… ذكرياتك.”
حثّها بصوت ناعم، بصبر معلم يرفض أن يتخلى عن تلميذه.
قبضت أديل على الخنجر بقوة، واستدعت ذكرى تلك الليلة. لكن الحقيقة أنها لم تحتج حتى لمحاولة… تلك اللحظة كانت محفورة في داخلها بوضوح تام، تخرج إلى السطح كلما أغمضت عينيها.
السماء المظلمة خارج النافذة، الغبار المتطاير في أجواء المكتبة، رائحة الورق المعتّق، دفء الغرفة، ولمسة فالنتين… تلك الحرارة المتفجرة التي تسربت منها إليه.
تدفقت الطاقة من جسده إلى جسدها، حفرت مسارات جديدة في قلبها. ارتفعت الهالة الزرقاء العميقة من الجروح التي فتحتها بيديها.
“ببطء…”
تابعت صوته… تنفست كما يتنفس، مع أن جسده لم يلامسها قط.
ورغم عينيها المغلقتين، أحست بنظرته تخترقها، كشررٍ خفيفٍ يتراقص فوق جلدها.
إنه يتنفس…
ركزت أكثر. قلبها بدأ ينبض بشكل غريب، كأنه يستجيب لشيء ما يتكون داخلها.
ثم، فجأة… شعرت بتلك السحبة المعروفة من أسفل سرتها.
هذا هو الشعور.
الشعور ذاته الذي سبق ارتفاع سحرها في تلك الليلة.
وبينما حفّزت ذلك الشعور أكثر، بدأ المسار المفتوح سابقًا يسمح لتدفق طاقة باردة بالانسياب خلالها.
خفق قلبها بقوة، وفتحت عينيها.
“آه…”
نور أزرق خافت يتلألأ داخل الحجر.
قد يكون باهتًا مقارنة بالقوة التي اجتاحتها في تلك الليلة، لكنه لا يزال سحرًا. وبعد كل الفشل، كان هذا تقدمًا لا يُستهان به.
تلاقت نظراتها بنظرات فالنتين، وابتسمت بسعادة لا تستطيع إخفاءها.
ابتسم لها بدفء مماثل، وقال:
“أحسنتِ.”
كلمات المديح كانت نادرة منه. وما إن انتزع الخنجر من يدها، حتى اختفى ذلك التوهج في لحظة، وكأن شيئًا لم يكن.
أعاده إليها، وقد عاد كما كان.
“في النهاية، ستتمكنين من استخدام قوتك دون الحاجة لأي شيء كهذا.”
“هل تعني ذلك حقًا؟”
“الحجر السحري مجرد وسيط. أما القوة… فهي في داخلكِ، يا أديل.”
همست بخفوت، وهي تتأمل الخنجر:
“ما زلت لا أشعر بأنها قوتي… لم أظن يومًا أنني أستطيع. جربت كثيرًا… ولم أنجح.”
ثم أضافت، مترددة:
“ما حدث اليوم… يبدو مصادفة. لا أفهم السبب.”
اقترب فالنتين، وتشكلت على شفتيه المثالية ابتسامة خبيثة، فيها من الدفء بقدر ما فيها من اللعب.
“أتريدين أن تعرفي لماذا استطعتِ فجأة استخدام السحر؟”
أومأت برأسها، مضطربة قليلًا. فانحنى، واقترب منها، وهمس قرب أذنها:
“لقد قبّلتني قبل قليل… أليس كذلك؟”
“ماذا تقصد…؟”
“القوة… تنبع مني. وكلما تواصلتِ معي، تأثرتِ.”
“…”
“لذلك اقترحت… أن نقضي معًا ليالٍ أكثر.”
احمر وجهها، وألقت نظرة جانبية عليه.
كان بارعًا… بارعًا جدًا في جعل الأشياء العادية تبدو أكثر إغراءً مما هي عليه.
وفي الحقيقة… لم يحدث بينهما شيء يذكر. بالكاد تقاسما نفس الفراش. هو لم يكن قادرًا حتى على لمسها إن لم تكن راغبة.
وضعت يدها على صدره ودفعته قليلًا.
“هذا سخيف.”
“ولِمَ هو سخيف؟”
“أنت تحاول مضايقتي، هذا واضح.”
“وإذا لم تصدقيني، يمكنكِ تقبيلي مجددًا… للتجربة فقط.”
“لـ-لا تقل شيئًا كهذا!”
“ليس هذا، ولا ذاك… كم أنتِ صارمة!”
“…”
“لقد أغريتِني سابقًا، والآن تتركينني معلقًا. أليس هذا ظلمًا؟”
“لقد قلتَ “رفضتُ” حينها.”
“وقلتِ مرة أخرى. هذا يعني أن الفرصة ما تزال قائمة، أليس كذلك؟”
ضحكت بخفة، لكن محاولتها لرده بدت ضعيفة. أمسكها من خصرها وسحبها إليه فجأة، ثم قضم أنفها بلطف.
ثم تشبث بملابسها بإصرار، وكأنها ملكٌ خاص، ورفض أن يتركها.
فزعت أديل، وحاولت إبعاد يديه، لكنه لم يستجب. تمسّك بها بقوة.
“…”
لم يكن أمامها حل. يدها عالقة، وهو لا يتزحزح. فخطرت لها فكرة.
بما أنه يستجيب لأقل لفتةٍ مني، لنجرب هذا…
رفعت نفسها على أطراف أصابعها، وقبّلته على ذقنه. ذاك هو الحد الأقصى الذي استطاعت الوصول إليه.
“……”
اتسعت عيناه، ثم تراجع بحدة، كمن صُعق. غطى فمه بيده، بينما احمرّ وجهه وأذناه حتى جذور رقبته.
“هذا قاسٍ… بالكاد أتمالك نفسي.”
خرج صوته مشدودًا، مرتجفًا.
كانت عيناه تحملان شيئًا خطيرًا… كأنه يحسب الوقت اللازم قبل أن يفقد السيطرة تمامًا.
أديل، وقد أدركت خطورة الأمر، سارعت لتغيير الموضوع:
“إذا أصبحت ماهرة في السحر… هل سأستطيع استخدام القوة كما تفعل؟ مثلما سخّنت الحساء أو سحبت الخنجر عن بعد؟”
نظر إليها بتضييق، وكأنه كشف نيتها، لكنه أجاب بهدوء:
“يمكنكِ فعل أكثر من ذلك، لكن الأمر يحتاج تدريبًا.”
“مثل ماذا؟”
“استدعاء أمواج المد… أو حتى إنزال النار من السماء.”
تخيلت المشهد، لكن بدا مستحيلًا. لم تستطع أن ترى نفسها في هذا الموضع.
فهمست وهي تضع يدها على موضع سحرها:
“إذا كانت القوة والسحر الإلهي من نفس المصدر… هل يمكنني توليد طاقة تشبه القوة الإلهية؟”
نظر إليها بدهشة… ثم ضحك.
“مخيب للآمال.”
فهمت أنها ربما أساءت التعبير، فأسرعت لتوضيح نفسها. لكنه رفع كتفيه بلا اهتمام.
“هناك طريقة… يمكنكِ كسر الوعاء.”
“الوعاء؟ ألن يمنع ذلك احتواء القوة؟ وهل يمكن إصلاحه؟”
نظر إليها بدهشة، ثم قال:
“هل تنوين تحطيم الروح لتحصلي على قوة إلهية؟ يا لكِ من مرعبة، أديل…”
تظاهر بالارتجاف، لكن كلماته كانت واضحة.
الوعاء هو الروح.
“إذا تضررت الروح بسبب قوة أو عقد، هل سيكون استخدام السحر مستحيلًا؟”
“الروح لا تُباع ولا تُشترى. لا يُمكن التفاوض عليها… خاصة في حالتكِ، يا أديل.”
“في حالتي أنا… لماذا بالتحديد؟”
لم يجب. فقط حدّق فيها، ثم أشار بإصبعه إلى منتصف صدره.
“قلب الحاكم… عادة ما يكون هنا.”
“……”
أخذت نفسًا عميقًا.
نقطة القلب… دائمًا نفسها، مهما تغير الجسد. ذلك الخنجر الذي أعطيتني إياه…
“لماذا تخبرني بهذا؟”
قاطعته بغتة، بصوت مشحون.
أحيانًا، يتصرف وكأنها ستطعنه في أي لحظة. ويبدو مستعدًا لقبول ذلك منها.
هذا الشك منه… هذا التوجّس المستمر، كان يؤلمها.
“أنا لا أريد أن أؤذي أحدًا،” قالتها ببطء، “وإذا استمررتَ في الحديث بهذه الطريقة… فلن أستخدم أي سحر على الإطلاق.”
اتسعت عيناه بدهشة، ثم ضحك بخفة.
“مع إمكانياتك… يمكنكِ قتلي، بلا شك.”
“هذا الكلام…”
“لكن في حالتكِ الحالية، ستحتاجين عشرة آلاف عام من التدريب للوصول إلى تلك النقطة.”
احمر وجهها من تعليقه الأخير. لم يكن يسخر منها، بل يُعيدها إلى الواقع… ليبرد نارًا كادت تشتعل داخلها.
“امتلاك القوة شيء جيد، يا أديل. لأنه يمنحكِ دائمًا… الخيار.”
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 49"