“… لماذا تقدم هذا الاقتراح فجأة؟”

“لماذا؟ أليس من المعتاد أن يستخدم الفرسان سيوفًا حقيقية أثناء التدريب؟ السيوف الخشبية تُستخدم فقط أثناء التدريب لأول مرة ، لذا … أشعر وكأنني ألعب، ولا أستطيع التركيز” 

قال فينسنت بإبتسامة خفيفة. 

للوهلة الأولى، بدا وكأن لا سبب آخر وراء كلامه.

و لكن إذا كانت شكوك الدوقة صحيحة …

تذكر مايل ما قالته الدوقة قبل خمسة أيام.

«ربما يقترح السيد فينسنت تغيير شروط المبارزة. قد يطلب تغيير المكان … أو ربما يقترح استخدام سيوف حقيقية بدلًا من السيوف الخشبية» 

«ماذا؟ لماذا يقدم مثل هذا الاقتراح؟» 

ترددت كاميل للحظة و كأنها تفكر في كلماتها ، ثم تحدثت ببطء ، “وفقًا لمخبري ، كان السيد فينسنت يتردد مؤخرًا على وكر قمار مملوك لعائلة جيرارد”.

«مقامرة …؟ هل تقصدين السيد فينسنت؟» 

تفاجأ مايل و سأل مرة أخرى ، و أومأت كاميل برأسها.

«إنه وكر قمار سري لا يدخله إلا من يحمل دعوة. سمعت أن الرهانات هناك أعلى بعشر مرات من المعتاد، وأحيانًا أكثر» 

«يصعب تصديق ذلك. أعلم أنه يستمتع بألعاب الورق و المراهنات ، لكن … لم أتوقع قط أنه من النوع الذي يرتاد مكانًا كهذا. علاوة على ذلك ، المقامرة محظورة بموجب قانون الفرسان. ألا يمكن أن تكون هذه المعلومات خاطئة؟» 

«أتمنى لو كان الأمر كذلك، لكن لا. مُخبِري لا يُخطئ أبدًا» 

تحدثت كاميل بثقة لا تتزعزع.

«لا أفهم. عائلة فرينير ليست غنيةً جدًا …» 

«هذا تحديدًا ما يثير الشكوك. لا يسمح هذا الكازينو بالدخول إلا بإثبات هوية مُوثّق، وزبائنه الرئيسيون أثرياء للغاية. ألا يبدو من غير الطبيعي أن يذهب السيد فينسنت إلى هناك؟» 

«…أنتِ على حق ، دوقة» 

«لهذا السبب أتيتُ إليك عندما سمعتُ أن إيثان سيُبارز السيد فينسنت. إذا ارتبط فارسٌ مُقامرٌ بعائلة دومونت ، فقد يُشوّه ذلك سمعة إيثان. أما إذا ارتبط بجيرارد، فقد يكون الأمر أكثر من مجرد مسألة سمعة» 

أحنى مايل رأسه بعمق ، “كان من الإهمال أن أرشّح شخصًا دون تحقيق شامل. أعتذر”

«ليس ذنبك يا سيدي مايل. أخبرني مُخبِري أن السيد فينسنت بدأ مؤخرًا بإرتياد وكر القمار. لم تعد تراه يوميًا كما كنت تفعل عندما كنت تخدم في نفس الرتبة ، فكيف ستعرف ذلك؟» 

«مع ذلك ، ما زلتُ أتحمل المسؤولية. لحسن الحظ ، بفضلكِ يا صاحبة الجلالة ، علمنا بهذا الأمر مُسبقًا. سأتصل بالسيد فينسنت فورًا وأُلغي المبارزة» 

عند سماع هذه الكلمات ، هزت كاميل رأسها ، «لا، لا تفعل ذلك» 

“عفوًا؟”

«لننتظر و نرى. يمكننا إلغاء المبارزة بعد مراقبة ردة فعله» 

«……» 

«في الوقت الحالي ، دعنا ننتظر السيد فينسنت حتى يتخذ أي خطوة» 

و كما تنبأت الدوقة ، هذه المرة أيضًا.

حتى تلك اللحظة ، كان مايل لا يزال لديه بعض الشكوك.

لم يكن فينسنت الذي عرفه من النوع الذي يتورط في مخططات مشينة. ربما لم يكن الفارس المثالي ، لكنه كان يؤمن بأهمية حماية الضعفاء وإعلاء العدالة.

ربما كانت شائعات القمار صحيحة ، لكنه لم يعتقد أن فينسنت سوف يتآمر مع جيرارد لإيذاء إيثان.

حدّق مايل في عيني فينسنت. لكن مهما بدت عليه النظرة ، لم يستطع قراءة نواياه الحقيقية.

مثل معظم المبارزين المحترفين ، كان فينسنت بارعًا في إخفاء مشاعره. و لعلّ شهرته كبطل لا يُقهر في ألعاب الورق نابعة من هذه القدرة تحديدًا.

و ربما كان السبب وراء عدم قدرة مايل على الرؤية من خلال فينسنت ليس بسبب فينسنت نفسه – و لكن بسبب مشاعر مايل المتضاربة.

بصراحة ، في تلك اللحظة ، الصدمة جعلت من الصعب على مايل أن يفكر بعقلانية.

“لماذا؟ هل سيكون الأمر صعبًا جدًا؟ أنا لا أُصرّ. ففي النهاية، الأمر ليس مجرد مبارزة بيننا … إن لم يكن ممكنًا، فلا مفر منه”

وبينما ظل مايل صامتًا لفترة طويلة، تحدث فينسنت.

“لا، سأرفع الأمر إلى الدوق”

“حقًا؟ هل سيكون ذلك على ما يرام؟”

“نعم. بالطبع، لا أستطيع الجزم بجواب الدوق بعد. هل لي أن أعود إليك بعد التأكد من قراره؟”

“بالتأكيد. هذا يبدو جيدًا. شكرًا لك” ، أجاب فينسنت بإبتسامته العفوية المعتادة.

إذا كان “أسوأ سيناريو” الذي ذكرته الدوقة صحيحًا ، فلا يمكن لمايل أن يُظهر أي شكوك تجاه فينسنت في هذه اللحظة. 

لذا ، قلّد تعبير فينسنت و ابتسم بهدوء ، مُخفيًا ارتباكه و مرارته.

***

“لذا كان الأمر كما هو متوقع تمامًا”

بعد سماع تقرير مايل ، تمتمت كاميل بهدوء.

“كما نصحتِ ، أجّلتُ الردّ الآن. أخبرتُه أنني سأراجعُ الدوق قبل اتخاذ القرار. لكن …” 

توقف مايل عن الكلام ونظر نحو الدوقة.

“… إذن ما هي خطتكِ؟”

سأل إيثان بصوتٍ خافت. بدا وجهه غير مبالٍ كعادته ، لكن عينيه كانتا جدّيتين بشكلٍ ملحوظ.

“بما أنّكِ اقترحتِ انتظار انتقاله ، فهذا يعني أن لديكِ نيةً ما. وإلا لرفضتِ العرض رفضًا قاطعًا”

“صحيح. أعتقد أنه يجب علينا استغلال هذه الفرصة لصالحنا”

“فرصة؟”

“نعم. حتى الآن ، و رغم كل المخططات التي دبرها جيرارد ضد دومونت ، لم يكشف قط عن تورطه. المرة الوحيدة التي تمكنا فيها من كشف تورطه كانت في قضية برنارد ، و حتى حينها ، كان الأمر بمثابة منعطف غير متوقع – أشبه بتدخل خارجي” 

تحدثت كاميل بهدوء.

“هذه المرة، انطلق الأمر لأن السيد مايل رشّح السيد فينسنت ليكون شريكك في التدريب. من وجهة نظر جيرارد، لا بد أن الأمر بدا وكأنه هبة غير متوقعة. وبما أنه لم يُدبّر الموقف بنفسه، فمن المرجح أنه يعتقد أن خطر إثارة الشكوك أقل” 

“……”

كان إيثان ومايل يستمعان بإهتمام شديد، وكانت تعابيرهما جادة.

أمالَت كاميل رأسها قليلًا ، “ألن تسألني لماذا أنا متأكدةٌ هكذا؟”

“إذا كنتِ تقولين ذلك ، فلا بد أن هناك سببًا وجيهًا. سأنتظر تفسيركِ”

كان صوت إيثان غير مبالٍ ، لكن كلماته حملت ثقةً عميقة.

كاميل، التي شعرت بالارتباك للحظة، احمرّ وجهها قليلاً قبل أن تُكمل حديثها بسرعة.

“على أي حال. اقتراح السيد فينسنت استخدام سيوف حقيقية يعني أنه ينوي استهدافكَ مباشرةً أثناء المبارزة. و نظرًا لتكتيكات جيرارد المعتادة ، فهذه خطوة جريئة جدًا. هذا يعني أنه واثق من أنه حتى لو ساءت الأمور ، فلن يُقبض عليه” 

“فهمت. إذًا ، أنتِ تقولين إن هذا الوضع قد يتحول إلى فرصة للإيقاع بجيرارد”

“نعم. كان استهداف سجل دومونت موضع شك ، لكن محاولة اغتيالك تُعدّ جريمة من نوع آخر. إذا أثبتنا ذلك ، يُمكننا القضاء على جيرارد بضربة واحدة” 

عند سماع كلمات كاميل ، ازداد التوتر في الغرفة.

“…إسقاط جيرارد”

ضغط إيثان شفتيه بقوة. 

حتى الآن، لم يكن ذلك سوى هدف غامض، لا خطة محددة.

كان هناك سببان رئيسيان لكون إيثان دائمًا في موقف دفاعي ضد جيرارد.

أحد هذه الأسباب هو أن إيثان كان يكنّ ازدراءً شديدًا لأساليب جيرارد. 

كان مارلون جيرارد رجلًا لا يتردد في استخدام الاغتيالات، بل حتى التضحية بحلفائه إن لزم الأمر. 

لم يكن لدى إيثان أي نية للقتال بنفس الطريقة. 

كان لا بد من القضاء على جيرارد بطريقة تتماشى مع مبادئ دومونت وشرفه.

السبب الثاني هو أن إيثان كان لديه الكثير ليخسره. 

على عكس جيرارد، لم يضحِّ إيثان بشعبه من أجل النصر.

كان يخشى فقدان من يُقدِّرهم، ولم يستطع التخلي عن من فشل في حمايتهم.

ولهذا السبب، كان نهجه حتى الآن هو تعزيز دفاعاته وجمع الأدلة الدامغة على جرائم جيرارد ببطء.

ولكن الآن، ظهرت فرصة غير متوقعة للقيام بتحرك هجومي.

كان إيثان حذرًا ومتشككًا دائمًا، لكن هذه المرة، فكر – ربما، هذه المرة فقط، قد يكون ذلك ممكنًا.

لأن الذي اقترح ذلك لم يكن سوى كاميل.