كان لدى آرثر سكرتيرتان: واحدة تتولّى شؤون حياته النهاريّة و الاجتماعيّة ، و الأخرى تتولّى أمور العالم السفلي.
كانت سيسيل، بلا شك، الأخيرة. كانت تتولّى أيضًا استقبال الزبائن الذين يحملون بطاقات إلى الحانة.
على الرغم من أنّ بطاقات لوفان تبدو متشابهة للوهلة الأولى، إلّا أنّ لكل واحدة علامات دقيقة مختلفة.
من المؤكّد أنّ هذا هو السبب في أنّ سيسيل عرفتني على الفور، رغم أنّني لم أقابلها من قبل.
‘حتّى مع تبديل ملابسي مع نادلة متجر الساعات، لم تُعلّق على ذلك إطلاقًا. إنّها محترفة حقًا.’
“أودّ مقابلة البارون لوفان. هل هذا ممكن؟”
عند كلامي، تحقّقت سيسيل من مفكّرتها وسألت: “متى تفضّلين؟”
“في أقرب وقت ممكن. الآن سيكون مثاليًا.”
ظهرت على وجه سيسيل نظرة محرجة قليلًا.
“أعتذر، لكن من الصعب ترتيب ذلك على الفور.”
كنتُ أتوقّع ذلك. آرثر لوفان رجل مشغول، وبما أنّ قصره ليس قريبًا من هنا، لم أكن أتوقّع أن أتمكّن من مقابلته فور وصولي.
“سأتواصل معه على الفور. لا يمكنني التأكيد قبل التحقّق، لكن ربّما يكون لديه ساعة أو ساعتان حوالي الخامسة مساءً. هل يناسبكِ ذلك؟”
لم يكن الوقت قد تجاوز الثانية بعد الظهر، لذا كان عليّ الانتظار ثلاث ساعات أخرى حتى الخامسة. بالنسبة لي ، التي يجب أن أعود إلى متجر الساعات ثم أتوجّه إلى منزل عائلتي، كان هذا غير عملي.
“حسنًا، رتّبي ذلك. لكن، بسبب جدولي، قد يكون من الصعب عليّ مقابلته شخصيًا. هل يمكنكِ ترتيب لقاء بينه وبين هذا الشخص بدلاً مني؟”
نظرت سيسيل إلى توما عند كلامي.
“و هذا …”
“السيّد توما ريجياني. هو الشخص الذي سيرافقني في المهمّة التي سأطلبها من البارون. أؤكّد على هويّته، أنا أضمنه.”
“آه، فهمت. إذن، يمكن اعتبار هذا السيّد وكيلًا عن الدوقة دومونت؟”
“نعم.”
أومأتُ برأسي.
ظهرت تجعيدة خفيفة بين حاجبي توما. كان ذلك متوقّعًا، فلم يتم التشاور معه بشأن أي من هذه الأمور.
في الواقع، حتّى ترتيب لقاء اليوم في الحانة كان إخطارًا دون تفاصيل، فقط قلتُ إنّني سأشرح عندما نلتقي.
أخرجتُ رسالة أعددتها مسبقًا ومددتها إليها.
“سلّمي هذه الرسالة إلى البارون لوفان. لقد كتبتُ تفاصيل المهمّة بالتفصيل.”
“تلقّيتها. سأتأكّد من تسليمها.”
قالت سيسيل بأدب وهي تأخذ الرسالة.
“إن أمكن، أودّ أن ينتظر السيّد ريجياني هنا حتى وصول البارون لوفان. هل هذا ممكن؟”
“نعم. سأرافقكما إلى غرفة الانتظار.”
“شكرًا.”
أرشدتنا سيسيل إلى غرفة أخرى. كانت غرفة تشبه صالة استراحة، بها طاولة وأريكة ووجبات خفيفة.
بعد مغادرة سيسيل، فتح توما فمه أخيرًا.
“إذن، متى تنوين الشرح؟”
“كنتُ على وشك القيام بذلك. من المؤكّد أنّك سمعتَ باسم آرثر لوفان، أليس كذلك؟”
“لقد قضيتُ وقتًا طويلًا في العالم السفلي. هل تعتقدين أنّني لا أعرف الرجل الأسود؟”
قال توما بنبرة جافّة.
“إذن، يمكنني تخطّي التفاصيل الصغيرة. سيأخذكَ البارون لوفان إلى مكان إريك. إنّه بعيد بعض الشيء بالنسبة لي للذهاب بنفسي.”
كان إريك في قرية تبعد يومين بالعربة عن العاصمة.
على الرغم من أنّني نجحتُ في الخروج بخدعة ما، فإنّ الذهاب إلى هناك كان شبه مستحيل.
“لماذا تحتاجين إلى مرشد؟ ألا يكفي أن تعطيني العنوان؟”
“لأنّني لن أتمكّن من التأكّد إذا ذهبتَ حقًا لمقابلة إريك أم لا.”
تصلّبت زاوية فم توما قليلًا عند كلامي. نظر إليّ بصمت للحظة ثم سأل: “ماذا تقصدين؟”
“ما أعنيه بالضبط. أخشى أن ترى إريك من بعيد، تتأكّد من أنّه بخير، ثم تختفي إلى مكان ما.”
“على أي أساس فكّرتِ بهذا؟”
هززتُ كتفيّ قليلًا.
“مجرد حدس.”
حافظ توما على تعبير خالٍ من المشاعر، لكنّه لم يتمكّن من إخفاء اضطرابه تمامًا. من المؤكّد أنّه كان يفكّر في شيء مشابه خلال الأيام القليلة الماضية.
في القصّة الأصليّة، اختار توما تسليم نفسه قائلًا: “لقد ارتكبتُ الكثير من الأمور الفظيعة خلال السنوات القليلة الماضية. لا أملك الجرأة لمواجهة ابني.”
لم يبدُ أنّ هذا التفكير قد تغيّر هذه المرّة.
‘عندما ساعدني في الهروب، ربّما كان مصدومًا من خبر أنّ ابنه على قيد الحياة لدرجة أنّه لم يفكّر في هذا، لكن…’
إذا اتّخذ توما نفس الخيار كما في القصّة الأصليّة، فإنّ خطتي لإعادة لمّ شمل الأب وابنه لإخراج غابرييل ستفشل. لذا، كان يجب منع هذا السيناريو.
‘حتّى لو لم يكن هذا هو السبب … سيكون الأمر مؤسفًا جدًا لتوما وإريك إذا حدث ذلك.’
راقبتُ رد فعل توما للحظة، ثم تكلّمتُ مجدّدًا: “إذا كنتَ تشعر، حتّى لو بنسبة ضئيلة، أنّك لا تستحقّ مواجهة ابنك، أو أنّ غيابك قد يكون أفضل له، فأنتَ مخطئ. هذا ليس صحيحًا على الإطلاق.”
ظلّ توما صامتًا.
“إريك بحاجة إلى والده. بعد أن فقد والدته، أنتَ العائلة الوحيدة له في هذا العالم.”
تحدّث توما بصوت خافت ومتشقق: “لقد مرّت ثلاث سنوات بالفعل. كان صغيرًا جدًا، ربّما نسي وجهي بالفعل.”
“لا، هذا غير صحيح. ألم أقل لكَ من قبل؟ إريك يتذكّر الأغنية التي كنتَ تغنّيها له.”
عضّ توما شفتيه بهدوء.
“ربّما تكون ذكرى ضبابيّة. قد يكون من الأفضل تركها تتلاشى. إذا عرف ما فعلته خلال السنوات الثلاث الماضية … ربّما يفكّر أنّه كان من الأفضل ألّا يكون له أب مثلي.”
“لا، هذا غير صحيح!”
رفعتُ صوتي دون وعي. نظر إليّ توما متفاجئًا.
“صحيح أنّك ارتكبتَ أخطاء. لكن في النهاية، كنتَ تنفّذ أوامر دوق جيرارد فقط.”
“هذا لا يمحو الجرائم التي ارتكبتها.”
قال توما بنبرة كئيبة.
“بالطبع. لكن ما الجديد في ذلك الآن؟”
“ماذا تقصدين؟”
“أليس ما كنتَ تفعله قبل ذلك مشابهًا إلى حد ما؟ لم يكن عملًا مشرفًا تمامًا، أليس كذلك؟”
اتّسعت عينا توما قليلًا. كان رد فعل وكأنّه سمع شيئًا غير متوقّع.
في الواقع، قبل أن يصبح توما عضوًا في قسم مخابرات جيرارد، كان يعمل كحلّال في منظمة العالم السفلي. كلا العملين كانا، إلى حد ما، متورّطين في أنشطة شبه إجراميّة.
“لو كنتَ تشعر بالخجل من مواجهة ابنك، ألم يكن من الأفضل أن تتوقّف عن هذا العمل منذ زمن وتبحث عن عمل شريف؟ أليس هذا ما تقوله؟”
عند كلامي، طحن توما أسنانه.
“شخص مثلكِ لن يفهم. لقد عشتُ في الأزقّة منذ أن كنتُ أصغر من إريك. للبقاء على قيد الحياة، كان عليّ أخذ ما يملكه الآخرون، ولحماية نفسي من الأعداء، كان عليّ الوصول إلى مكانة لا يجرؤ أحد على تحدّيها. لم يكن لدي خيارات أخرى.”
أومأتُ برأسي.
“أعرف. لهذا السبب قلتُ ذلك.”
“ماذا؟”
“لم يكن لديك خيارات أخرى. كل ما فعلته خلال السنوات الثلاث الماضية لم يكن من إرادتك الخاصّة. دوق جيرارد كان يتلاعب بك كدمية، مستغلًا غضبك وحقدك بعد فقدان عائلتك.”
صمت توما.
“التقِ بإريك، توما. دع ابنك يعرف أنّه ليس وحيدًا، وأنّ والده يحبّه كثيرًا. دفع ثمن جرائمك يمكن أن يأتي لاحقًا.”
ارتجفت عينا توما عند كلامي. بدا غارقًا في التفكير وتلعثم
“لكن …”
“حتّى لو لم تتمكّن من مسامحة نفسك، هذا قرارك أنتَ. يجب أن تعطي إريك فرصة. أن يقرّر بنفسه إذا كنتَ أبًا سيئًا أم لا، وإذا كان وجودك أفضل أم غيابك، هذا من حقّه”
نظرتُ إلى توما بهدوء وأضفتُ بصوت منخفض: “وأنا متأكّدة، حتّى لو عرف الحقيقة، لن يفكّر إريك بهذه الطريقة أبدًا.”
لم تكن هذه كذبة لإقناع توما، ولا تخمينًا بلا أساس.
كانت هذه كلمات قالها إريك فعلًا عندما التقى بتوما مجدّدًا في القصّة الفرعيّة.
أغلق توما عينيه وأطرق برأسه.
* * *
تركتُ توما وغادرتُ المبنى.
لقد فعلتُ كل ما بوسعي، لكن لم يكن هناك ضمان أنّني غيّرت رأي توما تمامًا.
‘الباقي يعتمد على آرثر.’
بما أنّني لا أستطيع الذهاب بنفسي، كانت دور آرثر في هذه المهمّة حاسمًا.
في الرسالة التي أرسلتها له، شرحتُ الوضع بالتفصيل مع تعليمات دقيقة ومفصّلة.
بالنظر إلى سمعة آرثر وقدراته التي أظهرها في القصّة الأصليّة، كنتُ واثقة أنّه قادر على إنجاز الأمر.
سرّعتُ خطواتي نحو متجر الساعات.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 146"