«حصلتُ على الاعتراف. كان بالفعل بتحريض من الدوق جيرارد. اقترب رجل غامض من البارون برنارد قبل أسبوع تقريبًا من اقترابه من الدوقة ، و ذكر الوظيفة لأول مرة» ، أفاد جاك رافعًا حاجبه الذي لم يكن عليه ندبة. 

كان هذا أول تقرير يتلقاه إيثان منذ أن كلّف جاك بتعقب ليام. 

صمت إيثان للحظة قبل أن يتحدث ببطء. 

“كيف كان شكل هذا الرجل؟”

«شعر بني ، عيون بنية ، بشارب و لحية. بدا في الثلاثين من عمره تقريبًا. مظهره عادي جدًا. عندما سُئل إن كان يستطيع التعرف عليه مجددًا ، أقرّ بعدم ثقته بنفسه. شعر الوجه وحده كفيل بتغيير مظهر الشخص بشكل كبير» 

“كيف عرف أن جيرارد هو من يقف وراء ذلك؟”

«البارون برنارد ليس أحمقًا تمامًا. لقد رفض مهمةً خطيرةً كهذه دون ضماناتٍ لسلامته. لذا ، أراه الرجل شعار جيرارد. لا بد أن جيرارد كان يعتقد أنه طالما لم تُسلَّم أيُّ وثائق أو مواد تُدينه ، فسيكون الأمر آمنًا. حتى لو نجحت المهمة ، فمن المُرجَّح أنه خطط للقضاء على برنارد» 

“و من الرجل الذي حاول قتل برنارد؟”

«اسمه بيير ، في الخامسة و العشرين من عمره ، وُلد و نشأ في تلك القرية. اعترف بأن رجلاً مُريبًا يرتدي عباءة عرض عليه مبلغًا كبيرًا للقيام بهذه المهمة. و بالنظر إلى أنه يقضي أيامه في حالة سُكر ، فإن دفع شخص ما من فوق جسر كان يبدو سهلاً» 

“هل هذا كل شيء؟”

«نعم. لا يبدو أنه يكذب. لم تكن وظيفة تتطلب محترفًا ، ولن يُخاطر فريق جيرارد دون داعٍ» 

“……”

“ماذا ستفعل؟”

“دعه يذهب و لكن أبقوه تحت المراقبة”

على الأرجح، لن يُكلف جيرارد نفسه عناء إسكات بيير. 

لو علم أن إيثان هو من أنقذ ليام برنارد، لما خاطر بترك أثر.

“تأكد من أن برنارد حصل على خطة الهروب التي وعدناه بها. قد يكون مفيدًا لاحقًا”

“و جيرارد؟”

“اعتراف برنارد وحده لا يكفي لمواجهة جيرارد. فنشر هذا سيكشف أيضًا وجود الدفتر ، و بدون أدلة دامغة ، لن يرفّ لجيرارد جفن. على الأرجح أن خسارتنا ستكون أكبر من ربحنا” 

عبس جاك و قال: “من المُحبط أن نعلم أنهم أقدموا على خطوة ولا نستطيع فعل شيء”

“إن صد محاولته دون أي خسارة من جانبنا هو فوز لنا. وقد ضمنا بطاقة تأهل مفيدة للمستقبل”

“أنت هادئ بشكل ملحوظ”

“أنا فقط أكون عمليًا”

بما أن الخصم كان جيرارد، كان الحذر ضروريًا. 

فالعملية تفوق الانتقام العاطفي.

عندما اغتيل والده، ألمح ماثيس إلى احتمال تورط جيرارد.

ورغم عدم عثورهم على أي دليل مادي ، اعتقد ماثيس أنه لولا هذا الدعم ، لما تجرأ عمه على قتل أخيه.

رغم وفاة والده ، ظلت ثقة الإمبراطور بدومونت راسخة ، بل ربما تعززت بدافع الشعور بالذنب. أعلن الإمبراطور هنري دعمه لإيثان ، البالغ من العمر ستة عشر عامًا، دوقًا لدوموت.

بفضل دعم الإمبراطور و إرشادات ماثيس ، نضج إيثان بسرعة و تمكن من ملء مكان والده بكفاءة.

لم يتوقعوا ذلك. 

ظنوا أن دومونت سينهار بعد قتله والدي.

بعد أن لاحظ جيرارد تنامي نفوذ إيثان ، بدأ بالتحرك مجددًا.

على مدار العقد الماضي ، وقعت عدة حوادث يُشتبه في تورط جيرارد فيها ، لكن هذه كانت المرة الأولى التي يتلقون فيها اعترافًا مباشرًا من أحد مرؤوسيه.

لذا، كان من الضروري عدم التسرع. كان عليهم جمع ما يكفي من البطاقات لهزيمة جيرارد هزيمةً نكراء. 

المعلومات التي حصلوا عليها هذه المرة ستكون الأولى من بين بطاقات عديدة مماثلة.

“بالمناسبة ، كل شيء سار بالضبط كما تنبأت الدوقة” ، قال جاك فجأة.

«إذا كان الدوق جيرارد هو المقصود ، فسيحاول بالتأكيد التعامل مع البارون برنارد لإسكاته دون ترك أي خيوط غير واضحة. لذا ، أطلقوا سراح البارون و اطلبوا من أحدهم تعقبه. قد نحتاج إلى الاستعداد للمعركة الطويلة. سيكون من الصعب تعقب جيرارد من خلال القاتل. فهو معروف بدقته الفائقة. و مع ذلك ، قد يكون من الممكن الحصول على اعتراف من البارون برنارد ، و ذلك بناءً على كيفية تعاملنا معه» 

انتاب إيثان شعورٌ غريبٌ بأن نبوءة كاميل ستتحقق. 

بعد “تاريخ حرب إيريندل” ، بدأ إيثان يراها في ضوءٍ جديد.

لم يعد لديه أدنى شكٍّ في أن كاميل التي عرفها خلال السنوات الخمس الماضية كانت مجرد واجهة.

إذا استطاعت الانتهاء من قراءة جميع المجلدات الاثني عشر من كتاب تاريخ حرب إيريندل في أسبوعين فقط ، فإن مستوى معرفتها سيتجاوز بكثير مستوى النبيل العادي.

“و لكن للقيام بذلك …”

كأنه يقرأ أفكاره ، سأله جاك: “ذكرتَ ذات مرة احتمال أن تكون الدوقة جاسوسة جيرارد. هل ما زلتَ تعتقد ذلك؟”

«مجرد إبلاغ كاميل عن برنارد لا يعني براءتها. علينا أيضًا أن نأخذ في الاعتبار احتمال كونها جاسوسة لجيرارد» 

هذا ما قاله إيثان منذ حوالي شهر خلال اجتماع لاتخاذ قرار بشأن إطلاق سراح ليام برنارد.

عرفت كاميل معلوماتٍ لم يكن من المفترض أن تعرفها ، و توقعت نتائج لم يكن من المفترض أن تتوقعها. لم يكن إيثان ساذجًا ليصدق أن ذلك يعود فقط إلى ذكائها و بصيرتها.

كان الأمر أكثر إقناعًا أن كل هذا كان جزءًا من مخطط كبير لم يفهمه إيثان بالكامل بعد.

“أن الدوقة تم تدريبها على يد جيرارد منذ البداية ، و أن زواجها منك كان فقط للتجسس على دومونت و سرقة الدفتر …”

كرر جاك ببطء كلمات إيثان من ذلك اليوم.

“هل تعتقد أن هذا ممكن؟”

“بصراحة، يصعب الجزم. خلفية الدوقة لا تُثير أي شكوك، أليس كذلك؟”

كانت عائلة كاميل ، عائلة شيفيلوت ، عائلة نبيلة محترمة ، و إن لم تكن ثرية. و مثل إيثان ، فقدت كاميل والديها في سن مبكرة ، و ربّاها شقيقها الأكبر بكثير.

كان الكونت أوليفيير شيفيلوت يُحب أخته بشدة. لم يكن ذكيًا ولا كفؤًا ، بل كان متواضعًا و غير طموح. و لذلك اختار إيثان كاميل زوجةً له.

كان يعتقد أن أوليفيير ، بفضل سلطة دومونت ، لن يتجاوز حدوده. لم تكن عائلة شيفيلوت أدنى من دومونت لدرجة أن تُسبب مشاكل.

و بعيدًا عن ذلك ، ربما كان هناك شعور بالقرابة بينهما بإعتبارهما أيتامًا.

“من الصعب أن نتخيل أن الكونت شيفيلوت سيستخدم أخته الحبيبة كجاسوسة ، ألا تعتقد ذلك؟”

“لا أحد يعلم. ربما كانت هذه مجرد واجهة أيضًا”

“هل تعتقد ذلك حقًا؟ الكونت لا يملك الدهاء الكافي لمثل هذه الخطة، وأنت تعلم ذلك”

“ربما تم استبدالها في وقت ما.”

“كان الكونت يصطحب الدوقة معه أينما ذهب. كانت حضورًا منتظمًا في المجتمع منذ صغرها. لو استُبدلت ، للاحظها أحد”

“لكن إذا كانت كاميل جاسوسة لجيرارد، فهذا يُفسر الكثير. تصرفها كامرأة سطحية وحمقاء طوال زواجها، ومعرفتها بالدفتر وموقعه، كل شيء”

“هل كان البارون برنارد مجرد بيدق يمكن التخلص منه؟”

“بالضبط. كان من الرائع لو نجح في سرقة الدفتر، لكن لو فشل، فلن يكون قطعه مشكلة. في هذه الأثناء ، يمكن لكاميل البقاء في دومونت، لمواصلة مهمتها”

مسح جاك ذقنه ، و كان غارقًا في التفكير.

خلال السنوات العشر الماضية، كُشف عن ثلاثة جواسيس في دومونت. إحداهن كانت ابنة رئيس الطهاة ، الذي خدم الدوقية منذ الجيل السابق.

رغم استجوابها المكثف من قبل الفرسان ، انتحرت دون أن تكشف عن أي شيء. و ظلًت هوية مُشغِّلها و نفوذهم عليها ، و هي ابنة طباخ ، محاطة بالغموض.

كان جاك يدرك ذلك جيدًا. 

أدرك أن نظرية إيثان، التي تبدو غريبة، ليست مستحيلة تمامًا. كان جيرارد قادرًا بلا شك على تنفيذ مثل هذه الخطط.