الفصل 7 : نسيتُه نسيانًا تامًّا
‘يبدو أنّه لا أمل في لقاء بطلي الرواية اليوم أيضًا.’
في الرواية الأصلية الأرتباطُ الأبدي بالخلاصِ ، كان البطل الذكر قد تلقّى تعيينًا مبكرًا كقائدٍ لفِرقة الفرسان المقدّسين، قبل أن يبلغَ سنّ الرشد.
ولذا، كان يقود الفِرقة في الشمال، منشغلًا بحملاتْ تطهير الوحوش.
أما البطلة، وهي من عائلة نبلاء إقليميين، فلم تكن قد وصلتَ إلى العاصمة بعد.
ذلك لأنّ قُدرتها المقدّسة لم تظهر سوى في وقتٍ متأخّر على خلاف بقيّة القوى الخارقة.
لكنّها ستحصل لاحقًا على قوّةٍ هائلة، وستلجأ لعائلةِ نبلاء مركزية من أقاربها البعيدين.
وفي النهايةِ، كان من المفترض أن تنشأ علاقةُ حبّ بين القائد والراهبة أثناء مشاركتَهما في تلكِ الحملات.
‘هذا هو ما يُسمّى بالقدرِ، أليس كذلك؟’
كم يختلف ذلك عنّي أنا وأكسيون، حيث لا نكفّ عن الجدال كُـلّما التقينا، ولا نعرفُ غيرَ الاشمئزازِ المـُتبادلِ.
وبينما كانت إيفلين غارقةً في هذه الأفكار، اقتربتَ منها عائلتها التي وصلت للتوّ إلى قاعة الحفلِ.
“ها أنتِ هَنا، إيفلين.”
وقد كانت قد أُنهِكت تمامًا بسبب خَطيبها، فألقت بنفسها في حضٌن وَالدتها.
“اشتقتُ إليكِ، أمي…”
“أوه؟ ابنتي الصغيرة تتدلّل كثيرًا اليومَ.”
وبينما كانت تستعيد قواهَا بين ذراعي والدتها، سمعَت صوت شقيقها يقولُ:
“أتفهّمُ الأمرَ، إيفلين.”
رفعت حاجبًا واحدًا عندما رأت بياتون يُومئ بذراعيه المتشابكتَين.
“تفهمـ ماذا؟ عن أيّ شيء تتحدث؟”
ابتسم بياتون ابتسامةً عريضةً، وأجابَ بثقةٍ:
“من الواضح أنّكِ تشاجرتِ مع صهري العزيزَ.”
“أيّ كلام تقولُ . لم يحدثَ شيءٌ من هذا أصلًا!”
كيف حصل هذا الأبلهُ على المرتبةِ الأولى في الأكاديميّة؟
كانت إيفلين تفكّرُ بجدّيةٍ في خياطة فمه حالًا، حين دوّى ضحكَ الماركيز العالي.
“بما أنّكِ بلغتِ سنّ الرشد، فاطلبي أيّ شيءٍ ترغبين فيه يا إيفلين.”
“صحيح يا ابنتي، قَولي لنا ما تشائين.”
“أمي… أبي…”
تأثّرت إيفلين بصدقٍِ والديها، وحين كانت على وشكَ الردّ، قاطعها شقيقها:
“ألا تريان أنّ هذا تمييزٌ واضحٌ؟”
ثمّ بدأ يطرقَ صدرهٌ كمنَ يحتجّ.
“هاه، ألم تكن أنتَ من قال بنفسهِ إنّه لا يحتاج شيئًا؟”
“أبي، هذا كان…!”
وحينما مزّق الماركيز تصفيفة شعر بياتون التي أعُدّت بعناية، شهق بياتون بذهولٍ شديد.
إيفلين، التي كانت تراقبَ عائلتها المرحةَ والمفعمةَ بالحبّ، ارتسمت على شَفتيها ابتسامةٌ ناعمةٌ.
تمنّت من قلبها أن يدوَم هذا الوقت السَلمي مع عائلتها لأطول فترةٍ ممكنةٍ.
لكن، بالكاد انتهت من التفكير بذلكَ، حتى دوّى صوت الأبواق من الأوركسترا الضخمة في القاعة.
بوووووو…
كانت تعلم تمامًا ما يعنيه ذلك الصوت، فلم تستطع إخفاء توتّرها.
“المجد الأبديّ لإمبراطوريّة فالتيان!
جلالة الإمبراطور وجلالة الإمبراطورة، وسموّ وليّ العهد يدخلون الآن!”
وبصوتِ الحارس المُدوّي، دخل أفرادَ العائلةِ الإمبراطورية، وسادَ الصمتُ القاعةَ بأكملها.
كانت إيفلين تُقبض على قبضتها المرتجفة، تبذل كلّ جهدها لإخفاءِ انفعالاتها.
رغم أنّه لا دليل مادّي حاسم حاليًّا، إلّا أنّها كانت تؤمن أنّها ستكشفُ الحقيقةَ وراء مَقتل والديها الحقيقيّين.
في الروايةِ الأصلية، كان السُّم المستخدمُ مرتبطًا بسحرٍ محرَّم.
ولذلك، أمضت وقتًا طويلًا في أبحاثٍ لصناعةِ ترياق للسموم القاتلة.
وبينما كانت تعضّ شفتها بصمتٍ، وضع بياتون يده على كَتفها برفقٍ.
‘يبدو أنّه قلقٌ عليّ.’
شعرت بالعاطفةٌ تجاهَ هذا الشقيق الأكبر منها بعامٍ واحد، الذي تصرّفَ برجولةٍ ناضجة.
لكن… ما إن تلاقت نظراتهما، حتى رأتهُ وقد اقشعرّ من فعلتهُ تلك.
‘هاه، كنتُ أعلم أنّك ستعود لطبيعتك السخيفة.’
وكم كانت لحظات الاعتمادِ عليه قصيرةٍ.
مع بدايةِ حفلِ بلوغ الرشد، حان وقت اللقاءِ الفردي مع الإمبراطور.
لقاء الشبان اليافعين بالإمبراطور كان جزءًا من تقاليٓد إمبراطوريّة فالتيان.
رغبةً منها في طمأنةِ والديها، مَنحتهم إيفلين ابتسامةً مشرقةً عن عمدٍ.
“سأذهبُ فقط لأُلقي التحيةَ، وسأعودُ بسرعةٍ.”
كم من المرّات تدربت على تعابير وجَهها أمام المرآة من أجل هذهُ اللحظةِ!
لم تَعُد إيفلين تلك الطفلةَ الضعيفة التي فقدتَ والديها، بل أصبحت الآن امرأةً واثقةً ومستعدّةً.
وحين حان دورها، تقدّمتَ إلى الأمام دون تردّد.
“المجد الأبديّ لإمبراطوريّة فالتيان! أ
تشرف بمقابلةِ صاحبَي الجلالة، نُور الإمبراطوريّة ومجدها، الإمبراطور والإمبراطورة!”
“آه، أنتِ إذًا ابنة ماركيز إيناباسيل، أليس كذلك؟”
بدا الإمبراطور مُبتسمًا، وكأنّه لا يشعر بأيّ ذنبٍ تجاهَ ما جرى قبل سنوات.
أو ربّما… نسي الأمر كلّيًّا منذ زمنٍ بعيدٍ.
رغم أنّ سلوكَ الإمبراطور الماكر كان مثيرًا للسخرية، حافظت إيفلين على ابتسامةٍ خفيفة وأومأت.َ
“نعم، جلالتكَ. أنا إيفلين إيناباسيل.”
رغم خوفها من أن تفَقد أعصابها، بقيتَ متماسكةً.
ثمّ، وبينما كان الإمبراطور يربّت على ذراع كرسيّه، تمتم بتنهيدة قصيرة:
“صحيح، سمعنا أنّك ورثتِ نفس القدرة الخاصة من والدكِ، أليس كذلك؟”
على عكس الماركيز الحالي الذي لا يملكُ أيّ قوى خارقة، كانت إيفلين تمتلك قدرة الشفاء التي ورثتها من والدَها الحقيقي.
تجمّدتَ ملامحها للحظةٍ، لكنها أجابت بثبات:
“……أجل، جلالتكَ.”
“لقد كان والدك موهبةً نادرة فعلًا. آمل أن نرى إنجازاتكِ قريبًا.”
قالها بابتسامةٍ عريضةٍ كأنّه يُلقي مجرّد تمنٍّ عابر.
لكنّ إيفلين كانت تُكبت نارًا مشتعلة؟ في داخَلها، تخفيها خلفَ ابتسامةٍ ساكنةٍ.
“أتشرّف بذلك، جلالتكَ.”
نظر إليها للحظة، ثمّ رفع يدهُ، مُعلنًا انتهاءَ دورها واستدعاءَ التالي.
انحنت له باحترامٍ، ثمّ غادرت بهدوءٍ.
قرّرت أن تنسى كلمات الإمبراطور الوقحةَ، حتى لا تُقلق عائلتها.
وبينما كانت تتبادل التحيّات مع النبلاء الذين قدِموا ليهنّئوها، بدأت مشاعرها تهدأُ قليلًا.
ثمّ بدأت أنغام الأوركسترا تصبح أكثر حيويةً وبهجة.
‘يبدو أنّ الجميع سَيبدأ بالرقص.’
راقبت إيفلين النبلاء وهم يتوجّهون إلى ساحة الرقص كأنّها تشاهدهمَ من بُعد.
وذلك لأنّ مهاراتها في الرقص كانت… كارثيّةً بحقٍّ.
‘عدم الرقص أفضلُ من أن أكونَ مادةً للسخريةِ.’
لكن فجأة، بدأ الناس من حولها يَتهامسونَ.
“يا إلهي، يَبدو أنّه اشتاق إليها بالفعلِ.”
“الزهرةُ لا تستطيعُ مقاومةَ العسلِ، كما يقال.”
تلفّتت إيفلين لتعرف سبب الضجّة، وما إن وقع بصرها عليه، حتى فغرت فمها بصدمة.
‘ما الذي أتى بهٌ إلى هنا الآن؟!’
كان هو… يقترب منها، وابتسامةٌ ساخرة على وجهه.
“أنتَ… أنتَ!”
تقلّبت عينا إيفلين الخضراوان باضطرابٍ.
ذلك الشخص لم يكنَ سَوى أكسيون.
نظرتَ إليه من طرفِ عَينها، وهمست بخفوتٍ حادّ:
“ما الذي تفعلهُ هنا؟! ابتعدَ حالًا!”
“ولِم أبتعد؟ خطيبتي واقفةٌ هنا، أليسَ من الطبيعَي أن آتي؟”
رفع حاجبهُ بمكرٍ وأجابَ ببرودٍ.
إيفلين، التي لم تجد ردًّا مناسبًا، فتحَت فمها بصمتٍ.
فكّرت أنّه لو رقص مع فتاة أخرى بدلًا منها، فَسيبدو المشهد غريبًا للناس.
لكن… هل يجدر بها أن تُعرّض نفسها للإحراجِ من أجل ذلكَ؟
رفعت على أطراف أصابعها، وهمست في أذنه:
“ألا تتذكّرُ مهاراتي في الرقصِ؟”
لقد دهست قدمهُ كثيرًا خلال حفلة التعريفِ.
رمقتهُ بنظرة شكّ، لكنه ابتسمَ قليلًا.
“كيف يمكنني نسيانها؟”
‘إذًا، لِم تصرّ على هذا؟!’
حقًّا، لم تكن قادرةً على فِهم ما يدورُ في رأسِ خطيبها.
لكن، قبل أن تسألهُ عن السبب، مدّ يدهُ نحَوها قائلًا:
“أتمنّى أن تتشرّفيني برقصةٍ واحدة، آنستي.”
……لقد انتهيتُ.
❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً في واتباد وقناة الملفات،
حسابي واتباد : _1Mariana1_
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 7"