الفصل 6 : يبدو أنّ الأمرَ أعجبهُ
عندما سمعت إيفلين كلام خطيبها، الذي لا يُمكن اعتباره كلامًا أصلًا، وضعت يدَها على جَبينها الذي بدأ ينبض بألم.
“كفى. عن أيّ حديثٍ معكَ أتكلّم أصلًا؟”
في تلك اللحظة، اقترب بعض الأشخاص للبحث عن أكسيون، فتنحّت إيفلين عن مَكانها تلقائيًّا.
ثمّ توجّهت إلى مجموعةٍ مألوفة من الشابّات، حيث استَقبلنها بحرارة.
“لقد مرّ وقت طويل، آنسة إيناباسيل.”
“نعم، يبدو أنّنا لم نلتقِ منذ فترةٍ طويلة.”
ابتسمت إيفلين لهم بودّ، وهنّ زميلاتها من أكاديميّة روكسن.
في تلكَ الأكاديميّة، حيث لا قيمة للطبقات، كُنّ دائمًا صديقاتٍ مقرّبات، لكنّ تخرّجهنّ كان وشيكًا.
والآن، مع بلوغهنّ، حان وقت العودةِ إلى مواقعهنّ الأصلية، وكان ذلك مؤسفًا بعض الشيء.
‘هذا يُثبت أنّنا بلغنا الرشَد فعلًا.’
فقط قبل عشرة أيّام، كنّ يُذاكرنَ معًا للامتحانات في قاعةِ المحاضرات…
وبينما غمرتها مشاعرُ الحنين، اقتربت منها امرأةٌ ذات ملامح حادّة.
“سمعتُ بالأخبار، آنسة إيناباسيل.”
آه، صحيح. كانت هذه موجودةً أيضًا.
تنهّدت إيفلين بخفةٍ، متسائلة كيف نسيَت شخصيةً بهذه الوضوح.
كانت تلك المرأة زميلتها من الأكاديميّة، وقد ترأّست لثلاث سنوات متتالية نادي “مُحبّات أكسيون”.
نعم، “نادي مُحبّات أكسيون”.
حبّها له كان أسطوريًّا لدرجة أنّ إيفلين نفسها تأثّرتَ في بعضِ اللحظاتِ.
لكنّها لم تنسَ أيضًا كيف أزعجتها تلكَ المرأةُ طوالَ ثلاث سنوات فقط لأنّها كانت خطيبَة أكسيون.
حقًا، كانت كلّبًا من نوع المالتيز بطباعٍ حادّةِ.
إيفلين قرّرت مجاراتها لبعض الوقت، فقالت بصوتٍ متعمّد الإشراق:
“أيّ خبر؟ عن ماذا تتحدثين؟”
“تصحيح شائعة زواجك من السيّدِ. لا بدّ أنّكِ حزينة.”
قالتها المرأة بابتسامةٍ متكبّرةٍ وهي ترفع زاوية شفتيها، ممّا نشر توتّرًا فوريًّا في الأجواء.
أن تقول هذا علنًا في مكانٍ رسميّ يعني أنّ نيّتها كانت الإهانةَ أمامَ الجميع.
‘همف. صحيح، لم أستطع إلغاءَ الخطوبة، وذاكَ هو ندمي الأكبر.’
أومأت إيفلين برأسها وابتسمت ابتسامةً هادئةً.
“أنا ممتنّة لاهتمامكِ، آنسة.”
ثمّ أمسكت بيديها وهزّتهما للأعلى والأسفل، لتُظهر بوضوح السوار الذي أهداه إيّاها أكسيون.
عكس الضوء من الثريّا الياقوتَ المتناثر عليه ليُبرزه أكثر.
وبالفعل، تحوّلت أنظار الحاضرات إلى ذاكَ السوار فورًا.
حينها، عبست خَصمتها بشدّةٍ وصفعت يد إيفلين، ثمّ غادرت المكان غاضبةً.
‘هذا جزاؤك لأنّك تجرّأتِ على مضايقتي.’
لوّحت إيفلين بخفّة نحو ظهرها المبتعد بابتسامةٍ باهتةٍ، لكنّ صوتًا مألوفًا همس من خلفها:
“يبدو أنّه أعجبكِ.”
فوجئت إيفلين، واستدارتَ بسرعة.
كان أكسيون، بطولهُ الفارعِ، يُحدّق بها بنظراتٍ هادئة.
“ما الذي… متى أتيت؟”
“الآن فقط.”
رغم أنّه كان يراقب الموقفَ على الأرجحِ، أجابَ بهدوءٍ وكأنّه لم يرَ شيئًا.
فكّرت أنّه رآها تستخدم السوار عمدًا، وشعرت أنّ كبرياءها قد تضرّر قليلًا.
لكنّها تظاهرت بالهدوءِ، وهمست له بصوتٍ منخفض لا يسمعه سواه:
“ولِمَ أتيتَ بهذه السرعةِ؟”
أدار أكسيون رأسهُ وأجابَ بهدوءٍ وهو يُحدّق بمكانٍ بعيد:
“والدَيّ وصلا. يريدان مقابلتكِ.”
سارت إيفلين بعينيها خلفَ نظراته، فرأت دوق ودوقة فالنتينو في قلبِ دائرة النبلاء.
رؤية هالتهما المهيبة جعلتها تبتلعُ ريقها تلقائيًّا.
‘لا فائدة… ما زلتُ أشعر بالتوتّر أمامهما.’
تنفّست بعمق، وسارت مع خطيبها باتّجاههما.
“المجد الأبديّ لإمبراطوريّة فالتيان. أتشرف بمقابلة دوق ودوقة فالنتينو.”
قالتها إيفلين وهي تنحني بلُطفٍ، وقد ارتجفتَ زاوية شفتيها قليلًا.
رغم مرور وقتٍ طويل على خطوبتها من أكسيون، لا يزال التعامل مع والديه يُربكها.
رفعت نظرها إلى وجهَي الزوجين، اللذين تنبعُ مِنهما هيبةٌ مهيبة.
لم يكن لقاء أصحاب النقوش أمرًا سهلًا، لكنّ والدي أكسيون كانا استثناءً.
تزوّجا بعد وقتٍ قصير من ظهور النقش لديهما، لأنّهما كانا يعرفان بَعضهما من قبلٍ.
مقارنةً بحياة أكسيون المليئة بالألم في الرواية الأصلية، كان والداه محظوظَين.
وفجأةً، التقت نظراتها بعيني الدوقة، فبدأ العرق البارد يتجمّع على جبين إيفلين.
‘هل قلتُ شيئًا خاطئًا؟!’
بدت ملامح الدوقة غير مرتاحةٍ، وبينما بللت إيفلين شفتيها بتوتّر، سألتها بصوتٍ أنيق:
“آنسة إيفلين، إن لم يكن ابني يُعجبك، فقولي لي بصراحةٍ.”
يا لها من امرأة صريحة! طريقة كلامها لا تقلّ مباشرةً عن والدتها!
‘هل تُدرك أنّي أريد فسخ الخطوبة؟! هل أخَبرها أكسيون بشيء؟’
نظرت إليه من طرف عينها، لكنه بدا مُتفاجئًا وصامتًا.
‘إذا لم يَخبرها… لماذا تقول هذا إذًا؟!’
رغم أنّها لا تعرف السبب، أجابت إيفلين بسلاسةٍ وكأنّها تتلو نصًّا محفوظًا:
“أبدًا. أكسيون هو أفضل عريسٍ في الإمبراطوريّة.”
وقالتها بابتسامة مشرقةٍ، وبهيئةٍ بريئةٍ.
أومأت الدوقة برأسها ببطءٍ، ثم نظرتَ إلى ابنها وقالت:
“أكسيون، لقد خيّبت ظنّي. أهذا ما فكّرتَ فيه كهديةٍ؟”
“همم، عزيزتي…”
توتّرت الأجواء فجأة، فتدخّل الدوق ليهدّئ زوجته.
شعرت إيفلين بالارتياح ِلوجودهِ، ولكن…
“ابقَ صامتًا، من فضلكَ.”
“…حسنًا.”
‘…؟!’
اندهشت إيفلين من كيفيّة رضوخ الدوق دون تردّدٍ.
نظرت الدوقة إلى ابنها ثم هزّت رأسها.
“كيف خطر ببالك أن تُهديها هذا السوار؟!”
نظرت إيفلين تلقائيًّا إلى سوار الياقوت في معصمها.
‘ما الخطأ فيه؟!’
كانت تعلم أنّ ذوق الدوقة راقٍ جدًّا، لكنّ الأمر تجاوز التوقّعات.
قبل أن تُفكّر أكثر، أومأ أكسيون بهدوء:
“أجل، لم أُفكّر كفايةً، أمي.”
أرادت إيفلين متابعة حديثهما، لكنّها بدأت تشعرُ أنّ مجرّد فهم نقاشهم شبهُ مستحيلٍ.
عندما لاحظت الدوقة نظرتها الشاردة، ابتسمت بلُطف وقالت:
“سأدعوكي إلى قصرنا قريبًا، آنسة إيفلين.”
“ها؟ نـ-نعم؟”
تلعثمت إيفلين بدهشةٍ، فغطّت الدوقة فمها بالمروحةِ وأضافت:
“سأعوض عن تقصير ابني، باختيار زينةٍ تليق بكِ بنفسي.”
“لا… لا داعي لهذا حقًّا…”
أرادت إيفلين الاعتذار، فهي راضيةٌ بسوارِ الياقوت تمامًا.
لكن، عندما نظرت إلى عيني الدوقة الجادّتين، لم تستطعَ الرفض.
“لا تُشعري بالعبِء. في النهاية، كلّ ما لدي سيؤول إليكِ لاحقًا.”
…آنسة الدوقة، هذه الجملة مخيفةٍ أكثر من الـ لازم.
نظرتَ إيفلين بخجلٍ إلى خطيبها.
‘يا هذا، قل شيئًا على الأقل!’
وكأنّه فهم نظرتها، أومأ أكسيون برأسهِ، ثم قال لوالدته:
“رجاءً، لا تُحرجيها أكثر.”
“…؟”
اتّسعت عينا إيفلين قليلًا، فقرصتهُ بخفّةٍ على يده من تحت الطاولة.
“إذًا، ماذا نفعلِ الآن؟”
رغم وجهها المبتسم، كانت كلماتها يائسةٌ.
ردّ أكسيون بهدوء:
“دعينا نلتقي لاحقًا عندما أكون معكَم.”
ابتسمت الدوقة بارتياح.
“صحيح، لم يخطر ببالي ذلك. سيكون من الأفضل أن نَختارها سويًّا.”
“مفهوم، أمّي.”
…أما إيفلين، فلم تستطع قول شيء، وظلّت تحرّك شفتيها في الهواء دون صوتٍ.
❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً في واتباد وقناة الملفات،
حسابي واتباد : _1Mariana1_
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 6"