.:
الفصل 34 : كنتُ أبحث عنكِ باستمرار
“هاه، أخيرًا تخلّصتُ منه.”
بعد أن تمكّنت إيفلين أخيرًا من الانفصال عن خطيبها، اتّجهت نحو الطّابق العلوي من قاعة الحفل.
خلال الرّقصة الأولى، كان أكسيون يرمق كلّ من ينظر إليها بنظرات حادّة.
بالطّبع، لم تكن إيفلين غير متفهّمة لموقفه.
لو حدث لها شيء، سيكون من الصّعب عليه مواجهة والديها.
بعد حماية مفرطة قليلًا، تمكّنت أخيرًا من الانفصال عنه.
‘أين يمكن أنْ يكون الدّكتور فابيان؟’
كان من المفترض أنْ يرتدي ربطة عنق حمراء على شكل فراشة وقناع ثعلب.
بينما كانت إيفلين تنظر إلى القاعة الرّئيسيّة من الطّابق العلوي، أطلقت تنهيدة خافتة.
ربّما بسبب تأمّلها في الأقنعة الملوّنة، شعرت بإرهاق في عينيها.
أغمضت عينيها بقوّة ثمّ فتحتهما، وهي تفرك محيط عينيها برفق.
فجأة، سمعت صوتًا قريبًا:
“كيف تتبعني إلى هنا؟”
“لم توافقي على مقابلتي، فماذا كان عليّ أنْ أفعل؟”
يا إلهي، هل هذه مشاجرة عاطفيّة؟
من الحوار القريب، بدا أنّ الشّخصين في علاقة سرّيّة.
تذكّرت إيفلين فجأة ما همست به المدام أنجيلا.
تظاهري بأنّكِ لم تري شيئًا…
حاولت إيفلين مغادرة المكان بهدوء لتجنّب الحرج.
“ماذا لو رآنا أحدهم؟”
“من سيرانا بحقّ…”
في تلك اللحظة، التقت عيناها برجل في منتصف العمر.
يا إلهي، لم أرَ شيئًا، تابعوا ما كنتم تفعلونه!
لكن، على عكس توقّعاتها، اقترب منها رجل ذو مظهر خشن.
عبست إيفلين وهي تستعدّ للتراجع خطوة إلى الخلف.
“ها أنتِ هنا. كنتُ أبحث عنكِ باستمرار.”
ظهر فجأة رجل يرتدي قناعًا فضّيًّا وتظاهر بمعرفتها.
ثمّ حجب بجسده الطّويل رؤية الآخرين لها تمامًا.
“ماذا؟ تقصدني…؟”
من أنتَ لتنظر إليّ بعينين عاطفيّتين وتحمينيَ هكذا؟
ارتجفت عيناها الخضراوان بالحيرة، فانحنى الرّجل قليلًا وهمس:
“انتظري قليلًا من فضلكِ.”
أدركت إيفلين صاحب الصّوت، فأومأت برأسها مطمئنّة.
تردّد الرّجل في منتصف العمر، ثمّ غادر مع شريكته بسرعة.
ضحكت إيفلين ساخرة من تحوّلهما السريع.
ثمّ نظرت إلى الرّجل الذي اقترب منها.
شعر أشقر مائل إلى الذّهبي وعينان زرقاوان تظهران من خلف القناع.
على الرّغم من القناع، بدا جمال كاليد لا يمكن إخفاؤه.
نظرت إيفلين إليه مفتونة، ثمّ عبّرت عن شكرها:
“شكرًا على مساعدتكَ، سيّدي الدّوق.”
انحنت إيفلين، فضحك كاليد بلطف وقال:
“لم أفعل سوى ما يجب.”
نظراته وصوته المليئان بالعذوبة كانا غير متوقّعين.
‘كأنّه بطل يتعامل مع البطلة.’
بينما كانت تحدّق فيه، احمرّت أذناه ورقبته تدريجيًّا.
يبدو أنّ ما حدث أزعجه.
“منذ قليل، أنا…”
قبل أنْ يكمل كاليد، قالت إيفلين بنبرة مشرقة:
“لا تقلق! لا أسيء الفهم أبدًا.”
أومأ كاليد بابتسامة غامضة، ثمّ سأل بلطف كعادته:
“لكن، ما الذي جاء بسيّدتي إلى هنا؟”
“حضرتُ الحفل مع خطيبي.”
أجابت إيفلين ببساطة وهي تتفحّص زيّها.
فستان مفتوح يكشف إحدى ساقيها، وجاكيت رجالي مغلق بالكامل.
شعرت أنّها ستُتوّج كأسوأ زيّ في الحفل.
تساءلت عما إذا كان عليها خلع الجاكيت، لكنّها قرّرت البقاء هادئة والعودة لاحقًا.
ابتلعت تنهيدة خافتة، ثمّ سألت كاليد:
“لكن، كيف عرفتني؟”
كان من الغريب أنْ يتعرّف عليها رغم الأقنعة.
في تلك اللحظة، ظهر ارتباك نادر في عينيه الزّرقاوين.
لم تلحظ إيفلين ذلك، وأضافت فكرة طرأت عليها:
“آه! ربّما بسبب لون شعري؟”
كان شعرها الوردي المائل إلى الأحمر موروثًا من والدها.
بما أنّه لون نادر في الإمبراطوريّة، افترضت أنّه تعرّف عليها منه.
أومأ كاليد وقال:
“كما قلتِ، سيّدتي.”
“كنتُ أعلم!”
ابتسمت إيفلين بفخر، فتضرّجت عينا الرّجل بلطف وهو ينظر إليها.
‘لكن، أليس من المفترض أنْ يكون البطل يحقّق في قضيّة الأدوية الآن؟’
شعرت إيفلين بشيء من عدم الرّضا، فنظرت إلى كاليد بخلسة.
من المؤكّد أنّ كاليد حضر للتحقيق في تهريب الأدوية المحظورة.
في الرّواية، لعب دورًا كبيرًا في القبض على المجرم.
“سيّدي الدّوق، ألستَ مشغولًا الآن؟”
سألت بطريقة غير مباشرة، متعجّبة من فراغه للحديث معها.
ردّ كاليد كجرو ذهبي مطأطئ الرّأس:
“هل وجودي يزعجكِ؟”
هل بدوتُ منزعجة حتّى الآن؟
شعرت إيفلين بالأسف، فلوّحت بيدها نافية:
“لا، بالطّبع لا!”
دارت عيناها، ثمّ أضافت:
“في الحقيقة…”
* * *
بعد أن استمع كاليد إلى شرحها، أومأ بوجه جدّي:
“إذن، تبحثين عن الدّكتور فابيان.”
“نعم، أحتاج إلى مساعدته بشدّة.”
“هذا جيّد إذن.”
“ماذا؟ ماذا تقصد؟”
أمالت إيفلين رأسها، فضحك الرّجل بابتسامة خفيفة بدلًا من الإجابة.
نظرت إيفلين إلى ساعتها، مدركة أنّه لا يجب أنْ تضيّع المزيد من الوقت، فانحنت قليلًا:
“حسنًا، سأذهب الآن.”
بينما كانت إيفلين تسرع خطواتها، أمسك كاليد بكمّها بلطف.
فوجئت إيفلين بسلوكه المفاجئ، ونادته بعينين متسعتين:
“سيّدي الدّوق…؟”
في تلك اللحظة، أفلت كاليد ثوبها كأنّه استعاد وعيه.
للحظة، مرّ ارتباك في عينيه الزّرقاوين.
كأنّه فوجئ بسلوكه، تجنّب نظرات إيفلين بشكل غير معتاد.
‘لمَ يتصرّف هكذا؟ هل هو محرج؟’
بينما كانت إيفلين تميل رأسها بحيرة، قال الرّجل بنبرة جدّيّة:
“ربّما أستطيع مساعدتكِ.”
“ماذا تعني؟”
رمشت إيفلين بسرعة، فتابع بنبرة هادئة:
“لقد تبادلتُ التّحيّة مع الدّكتور فابيان عدّة مرّات.”
“أنتَ؟ كيف…؟”
ما العلاقة بين دوق ريكيران الذي يحكم الشّمال وأحد أشخاص برج السّحر؟
بينما كانت إيفلين تدلّك ذقنها بحيرة، ابتسم كاليد بلطف وقال:
“كلابانا صديقان مقربّان.”
كان كلباهما يرتادان نفس روضة الكلاب.
كان بعض النّبلاء يعاملون كلابهم كأبناء، فيرسلونهم إلى روضات خاصّة.
“يا إلهي، لم أكن أعلم أنّكَ تربّي كلبًا!”
كانت إيفلين تعلم أنّ كاليد يحبّ الحيوانات، لكنّها لم تكن تعرف أنّه يربّي كلبًا.
في الرّواية، كان كاليد، قائد فرقة الفّرسان المقدّسين، مشغولًا بمحاربة الوحوش.
حتّى علاقته مع البطلة تطوّرت خلال تلك المهام.
بينما كانت إيفلين غارقة في التّفكير، رنّ صوته الجميل في أذنيها:
“أنتِ أوّل من أخبره بهذا.”
“…!”
عندما التقت عيناها بعينيه الزّرقاوين اللّطيفتين، تجمّدت تعابيرها قليلًا.
ربّما كان تفكيرًا مبالغًا فيه، لكن…
شعرت أنّ لطفه تجاهها يحمل معنى آخر.
التعليقات لهذا الفصل " 34"