.:
الفصل 31 : تعلّمتُ من خلال المشاهدة
تذكَّرت إيفلين أيّام الأكاديميّة وهي تعبس قليلًا وتهزّ رأسها.
“مهما فكَّرتُ، إنّه حقًا شخصٌ غريب!”
مع انتشار الشّائعة الغريبة بأنّها حبيبة أكسيون، ظهرت أيضًا بعض الأصوات الحاسدة والغيورة.
كانت تتلقّى رسائل تحذير من معجبي أكسيون يوميًّا تقريبًا.
“آه، أكره المتاعب حقًا.”
علاوةً على ذلك، بعد أن قضت عامًا كاملًا دون قصد مع خطيبها، اختفى أصدقاؤها العقلانيّون منذ زمن.
ذات مرّة، تلقّت رسالة من زميل دراسة لم تتذكّر اسمه.
كتب لها أنّه يريد التحدّث، وطلب مقابلتها خلف الأكاديميّة بعد انتهاء الدّروس.
ذهبت إيفلين إلى هناك وهي تتوقّع شيئًا ما، لكنّها لم تجد ذلك الزّميل.
لم تفهم السّبب، لكنّ الشّائعات عنها وعن أكسيون ازدادت انتشارًا بعد ذلك.
‘إذا استمرّ الأمر هكذا، ألن تتعطّل مسيرة علاقاتي العاطفية لاحقًا؟’
أطلقت إيفلين تنهيدة خافتة.
لِسببٍ ما، شعرت أنّ علاقاتها الاجتماعيّة تتقلّص تدريجيًّا، وخاصّةً مع الأشخاص من الجنس الأخر.
لكنّها فكّرت أنّ الأمر سينحل طبيعيًّا إذا وقع أكسيون في حبّ البطلة.
“نعم، لم أبدأ بعد، فمن الباكر جدًا التّفكير في الاستسلام!”
على أيّ حال، طالما أنّها في علاقة تعاقديّة مع أكسيون، فعليها أن تكون مستعدّة تمامًا.
“كلّ ما عليّ هو الصّمود حتّى حفل التّخرّج.”
* * *
بينما كانت إيفلين تتجوّل في المختبر الجديد في المبنى الملحق، قالت بفخر واضح:
“إنّه أروع ممّا تخيّلت!”
لقد أوفت بوعدها لجاكتر بدعمها المادّي والمعنوي.
على الرّغم من أنّ البناء استغرق وقتًا، إلّا أنّ المختبر المخصّص للفتى كان فضاءً مثاليًّا لأبحاث السّحر.
“أهلًا، أختي!”
“نعم، جاكتر. لقد أصبح لديك مختبر رائع!”
“شكرًا… حقًا.”
بدا جاكتر سعيدًا بمساحته الخاصّة، لكنّه كان يشعر ببعض العبء أيضًا.
شعرت إيفلين بضيقه، فقالت مازحة:
“ألم أقل لك؟ هذا ليس دعمًا مجّانيًّا.”
“نعم، سأنجح بالتّأكيد وسأردّ الجميل!”
ضحكت إيفلين بهدوء على حماس الفتى.
“كما قلتُ من قبل، فقط لا تمرض وأكبر بصحّة جيّدة.”
لحسن الحظّ، بدا جاكتر أكثر امتلاءً مقارنةً بأوّل لقاء لهما في دار الأيتام.
‘يبدو أنّ الطّاهي قد اهتمّ به بشكل خاص.’
وفقًا للاري، كان الخدم يعتنون بالفتى بعناية.
ربّما شعروا بالأسى تجاه طفل صغير فقد عائلته.
ومع ذكاء جاكتر وسرعة بديهته، لم يكن هناك ما يجعله غير محبوب.
“إذا كان الخدم يعتنون به جيّدًا، فلا يمكن للرّاعي أن يبقى مكتوف الأيدي!”
مؤخرًا، كانت إيفلين منشغلة بأبحاثها في الحديقة النباتيّة، فقرّرت قضاء وقت مع الفتى.
بعد جولة أخرى في المختبر، نظرت بعينين متألّقتين إلى الكتب والدفاتر على المكتب.
كانت نتائج اختبارات جاكتر القصيرة تقترب من الدّرجة الكاملة.
كانت تعلم أنّه ذكيّ، لكنّ تعيين معلّم خاص كان قرارًا صائبًا.
نظرت إيفلين إلى دفتر مليء بالحلول المكتوبة بدقّة وابتسمت بهدوء.
شعرت بالفخر وهي ترى الفتى يستخدم اللّغة الإمبراطوريّة بطلاقة.
جذبت كرسيًّا وجلست أمام المكتب، ثمّ نقرت على المقعد بجانبها وقالت:
“جاكتر، اجلس هنا. إذا كان لديك سؤال لا تفهمه، سأشرحه لك!”
“هل تعرفين هندسة السّحر أيضًا، أختي؟”
عندما فتحت إيفلين كتاب هندسة السّحر، رمش جاكتر بعينين مندهشتين كعيني أرنب.
هزّت رأسها بحزم لتجنّب أيّ سوء فهم:
“لا، فقط تعلّمتُ شيئًا من المشاهدة.”
“من المشاهدة؟”
بدا الفتى متعجبًا، فتمتمت إيفلين بهدوء:
“عندما كنتُ صغيرة، كان هناك من يحمل كتب هندسة السّحر دائمًا.”
في طفولتها، حاولت التقرّب من أكسيون، لكنّ تلك الجهود بدت عبثيّة الآن.
هزّت رأسها لتنفض الأفكار، ثمّ سألت بلطف:
“هل هناك معادلة صعبة واجهتك؟”
كانت تعتقد أنّ تطبيق قواعد الرّياضيّات من حياتها السّابقة على هندسة السّحر لن يكون معقّدًا.
نظر جاكتر إلى دفتره بعناية، ثمّ أشار إلى مسألة:
“آه! هذا الجزء لا أفهمه جيّدًا.”
“دعني أرى…”
“همم، يبدو أصعب ممّا توقّعت.”
عندما واجهت المسألة، شعرت أنّ ثقتها السابقة تتلاشى وأنّ رأسها يدور.
حاولت إيفلين إخفاء ارتباكها وبدأت تكتب الحلّ مستعينة بتذكّر باهت لتحليل المعادلات.
فجأة، صاح جاكتر بصوت واضح وهو يلمع بعينين ذكيّتين:
“الجواب هو 517!”
“أحسنتَ.”
أذهلها مدى سرعة استيعاب الفتى للمعادلة.
“ستجتاز امتحان دخول برج السّحر بسهولة في المستقبل.”
بينما كانت تداعب شعر جاكتر بحنان، ظهرت ابتسامة غامضة على وجهها.
تذكّرت فجأة تطوّرات القصّة الأصليّة.
في الرّواية، كان جاكتر يبحث عن أداة سحريّة للسيطرة على انفجار القدرات كمرشّح لمنصب رئيس برج السّحر القادم.
لكنّه انحرف إلى السّحر الأسود، مما أدّى إلى فشل أبحاثه.
‘الآن، نجحنا في خداع عيون الإمبراطوريّة، لكن…’
لم تستطع توقّع ما قد يفعله الإمبراطور إذا اكتشف موهبة جاكتر في المستقبل.
كان الأهمّ أن يطوّر الفتى قوّة تمكّنه من حماية نفسه.
لكن إرساله إلى برج السّحر الآن، وهو لا يزال صغيرًا، لم يكن خيارًا.
“لو كان هناك معلّم جيّد يعلّمه استخدام القوّة السّحريّة…”
فكّرت في خطيبها للحظة، لكنّها خدشت خدّها بحرج.
كانت تعلم مدى انشغاله، فلم يكن طلبًا سهلًا.
“ربّما… يجب أن أحاول الحديث معه مرّة واحدة؟”
بينما كانت غارقة في التّفكير، مال جاكتر برأسه وسأل:
“أختي، هل هناك ما يقلقكِ؟”
“أوه، هل كنتُ جدّيّة جدًا؟”
شعرت إيفلين بالحرج، فأجابت بتهرّب:
“لا شيء، كنتُ فقط أفكّر في بعض الأعشاب.”
“هل يمكنني أن أسأل عن أيّ عشبة؟”
كان جاكتر يعلم أنّها تبحث في الأعشاب، فأبدى فضولًا.
نظرت إيفلين إلى عينيه المتلهّفتين للحظة، ثمّ أومأت برأسها:
“إنّها عشبة ديركوورس، لكنّك ربّما لا تعرفها.”
نجحت في زراعتها بصعوبة، لكنّها فشلت مرارًا في جعلها تُزهر.
كانت البراعم هي الجزء الأكثر سمّيّة، لكنّها لم تفهم سبب فشلها.
كانت تتأمّل وهي تدلّك ذقنها عندما قال جاكتر:
“أليست ديركوورس عشبة سامّة؟”
رمشت إيفلين بعينين متسعتين:
“جاكتر، كيف عرفتَ ذلك؟”
“حسنًا…”
بدأ جاكتر يعبث بشعره الخلفيّ، ثمّ أضاف ببطء:
“في الحقيقة، كان جدّي يدير متجرًا للأعشاب.”
“متجر أعشاب؟”
“نعم، لذا تعلّمتُ بعض الأشياء عن الأعشاب.”
قال إنّه كان يتسلّق الجبال مع جدّه لجمع الأعشاب.
لكن بعد إصابة جدّه بمرض مزمن، أصبح عمل المتجر صعبًا.
ربّما لأنّ الحديث عن الأعشاب أثار اهتمامه، أضاف جاكتر بصوت واضح:
“قال جدّي إنّ براعم ديركوورس لا يجب لمسها!”
كان كلامه صحيحًا.
كانت ديركوورس شديدة السّميّة، لذا كانت إيفلين ترتدي قفّازات خاصّة أثناء التّجارب.
“لحظة، إذا كنتَ تعرف هذا القدر…”
لمع عيناها فجأة.
“جاكتر، هل تعرف كيف تُزهر ديركوورس؟”
كان من المحتمل أن يكون جدّ الفتى خبيرًا بالأعشاب.
لم تكن ديركوورس معروفة في إمبراطوريّة بالتيان، لذا ربّما يعرف جاكتر شيئًا لا تعرفه.
ردّ الفتى بعد أن دارت عيناه الذّهبيّتان:
“السّماد… نعم، السّماد! أنا متأكّد أنّ جدّي قال ذلك!”
التعليقات لهذا الفصل " 31"