الفصل 20 : بالطبع أنتِ وأنا
“بالطبع انتِ وأنا، أليس كذلك؟”
ظنت لوهلة أن أكسيون ربما يمزح، لكن عينيه الحمراوين بدتا جادتين وكأنهما لا تحملان سوى الصدق.
إيفلين، التي أخذت تعض شفتها وهي تشعر أنها سألت سؤالًا بلا فائدة، ضغطت على صدغيها وقالت:
“ما المشكلةُ بالضبطِ؟”
عندها، أمال أكسيون رأسه قليلًا وقال:
“ألا تعرفين حقًا؟”
لا يعقل…
يبدو أنه كان يتحدث عن موضوع عقد الاتفاق الذي لم يكتمل بينهما سابقًا.
فبعد إتمام الختم (الوسم)، لم يبرما أي عقد واضح حتى الآن.
ربما بسبب التوتر الذي شعرت به، ابتلعت إيفلين ريقها وهي تتصنع الحرج.
من الرجل الذي كان يراقبها بصمت، انطلق صوته الجاف:
“من الصعب جدًا فهمكِ.”
“…؟”
ما الذي يقصدهُ؟
حين عقدت حاجبيها برقة، أكمل أكسيون بنبرة هادئة وكأن الأمر ليس مهمًا:
“لو كان لديكِ شيء تريدينه، لكنت أعطيته لكِ.”
لا، هذا غير صحيح أبدًا!
تذكرت إيفلين ما فعله أكسيون في القصة الأصلية وهزت رأسها بعنفٍ.
فهو كان ذاك المجنون الذي خطف طاهي معجناتَ لمجرد أن البطلة قالت إنها تريد أكل الخبٓز.
عيناه الحمراوان اللتان حدقتا فيها بثبات،ٍ انحنتا مع أبتسامتهِ الدقيقة.
حقًا، أكسيون يملك موهبة في جعل الآخرين يفقدون القدرة على الرد.
تجنبت نظراته بخفة، ثم قالت بعزم:
“لا أريد منك شيئًا محددًا. وبالنسبة لتلك المسألة، فأنا أفكر فيها أيضًا.”
لقد كانت تفكر طوال الوقت في كيفية صياغة العقد المتعلق بالختم.
عندها رفع أكسيون حاجبًا واحدًا بدهشة طفيفة وقال بصوت عميق:
“أنتِ تريدين فسخ الخطوبة، وأنا أريد الزواج.”
لم تفهم سبب طرحه لذلك فجأة، لكنها أومأت قليلًا إذ لم يخرج عن صلب الموضوع.
“صحيح، كما تقول.”
“إذًا، هذا جيد.”
“…؟”
جيد؟ بأي معن
ى؟
حدقت به بارتباكٍ، لكنه أكملَ ببرودٍ:
“على أي حال، أنتِ لا تحبين أحدًا الآن، صحيح؟”
لم تستطع إيفلين إنكار ذلك، فهو لم يخطئَ.
لم يكن هناك رجل يلفت نظرها حتى الآن، وكانت منشغلة فقط بمحاولة حماية نفسها وعائلتها.
“وما الذي تريدُ قولهُ إذًا؟”
عندما أظهرت شكوكها بوضوح، ابتسم قليلًا وقال:
“إذًا، ستقضين الوقت معي خلال هذه الفترة.”
“همم؟ من مع من…؟”
ظنت أنها سمعت خطأ، فأ رمشتَ بعينيها وسألته مجددًا.
عندها أمال رأسه قليلًا وأجاب بخفة:
“بالطبع أنا وأنتِ.”
“…!”
“حتى يومِ التخرجِ فَقط.”
اتضح لإيفلين أن أكسيون فالبنتينو لم يكن بلا خجلٍ فحسبُ، بل بلا ضميرٍ أيضًا.
في مختبر النباتات حيث كانت تتابع الأعشاب التي تزرعها، تنهدت إيفلين بعمق:
“لماذا يبدو أكسيون دائمًا هادئًا ومرتاحًا؟”
في الليلة الماضية، أعادها إلى منزلها بسبب أمر يخص العائلة،
ثم عاد مباشرةً إلى قصر الدوق.
ومع ذلك، بقيت مشوشة حتى أنها لم تكن تدري هل الطعام يدخل فمها أم أنفها.
بعد كل هذا النقاش، النتيجة كانت “علاقة مؤقتة بعقد”؟
لم يعجبها أن الرجل قد اقترح الأمر وكأنه لا يعني شيئًا.
لكنها، في النهاية، عقدت اتفاقًا مؤقتًا مع خطيبها.
لم تتوقع أن يغيّر ذلك مشاعرهما، لكن لم يكن هناك حل وسط آخر.
كانت تعتقد أنه مع مرور الوقت، سيتخلى هو أيضًا عن فكرة الزواج.
أبعدت تلك الأفكار وهزت رأسها:
“لدي الكثير من العمل، يجب أن أركزَ على البحثِ الآنَ.”
أخذت بحذر محلول “دركوورث” الذي كانت تحفظه في غرفة مظلمة، واستخرجت كمية مناسبة بالقطارة، ثم حقنتها في ساق نبات يشبه جسم الإنسان من الداخل.
ومع مرور الوقت، اسودّت السيقان، وذبُلت الأوراق الخضراء.
ذ
“نجح…!”
شعرت بموجة من المشاعر تغمرها وهي تتذكر سنوات جهدها، لكن كان عليها التحقق من النتائج بالتجربة المتكررة.
أغلقت الزجاجة بإحكام وخزنتها في غرفة محكمة الإغلاق، ثم مدت جسدها بتثاؤب ونظرت من النافذة.
كانت الشمس قد مالت نحو الغروب.
“لقد بقيت في المختبر وقتًا طويلًا.”
تذكرت أن تجارًا من بلدان أخرى يقيمَون سوقًا في الساحة، فقررتَ الخروجَ لرؤيةِ الأعشاب النادرةِ.
في ساحة العاصمة، كانت البضائع الغريبة والنادرة معروضةً بكثرةٍ، والناس يتزاحموَن لمشاهدتهَا.
“آنستي، لا تضيعي الطريق هنا.”
انتبهت إيفلين من شرودها عند سماع تحذيِر فارسٍ من حُراسِها، فابتسمتَ بخفةٍ:
“ومن قال إني سأضيع؟”
لولا تذكيره، ربما كانت قد جرفتها الحشَود.
صحيحٌ، لا يجب أن تنسَى سبب مجيئيهَا.
كانت خطتها أن تلقي نظرة على الأعشاب ثم تعود إلى منزل الماركيز.
لكن، عندما وصلت إلى مكان تجمع بائعي الأعشاب، رأت امرأة مألوفة تختار نباتات.
هبّت نسمة باردة فحرّكت شعرها الفضي الناصع.
لماذا داليا هنا…؟
هذه المرأة كان يفترض أن تكون في إقليم لورينهايم في الشمال، لا في العاصمة.
وبما أنها تملك قوة هائلة، فمن المستحيل أن يسمح المعبد لها بالخروج بسهولة.
وقفت إيفلين تحدق بها، ولاحظت داليا ذلك، فابتسمت بلطف وقالت:
“مرت فترة طويلة، آنسة إيناباسيل.”
بادلتها إيفلين التحية على استحياء:
“نعم، مضى وقت طويلٌ، آنسة لورينهايم.”
وبعد تردد، سألتها:
“ما الذي جاء بكِ إلى هنا؟”
“أبحث عن بعض الأعشاب.”
ابتسمت داليا وأجابتَ بصوتٍ ودودٍ.
صحيح، في القصة الأصلية، كانت تزور متاجر الأعشاب من وقت لآخر.
أومأت إيفلين قائلة:
“أفهمُ.”
ثم سألتها داليا بود:
“هل عدتِ إلى المنزل بسلام في ذلك اليوم؟”
ارتجفت رموش إيفلين قليلًا حين تذكرت الختم مع أكسيون، لكنها أجابت بابتسامةٍ مصطنعةٍ:
“بالطبع. وأنتِ؟ هل التقيتِ بالشخص الذي أردتِ مقابلته؟”
فأجابت داليا بحزن:
“كنت أتمنى، لكن يبدو أنهُ غادرَ مبكرًا.”
تساءلت إيفلين في سرها عن هوية ذلك الشخص.
ثم قالت داليا:
“سمعتُ أنكِ تديرين حديقةً نباتيةً.”
برقت عيناها البنفسجيتان، فأومأت إيفلين بخجل:
“صحيح، لكنها ليست في أفضلٌ حال.”
أشرقَ وجهُ داليا أكثَر:
“إذًا، هل يمكنني زيارتها يومًا ما؟”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 20"