2
٢. ليس نَوعي
عندما بلغت إيفلين السابعةَ عشرة من عمرها، أدركت أنّها وُلِدت من جديد داخل روايةٍ كانت تُحبّ قراءتها في حياتها السابقة.
في البداية، كان كل شيءٍ مُربكًا، لكن لم يكن أمامها خيارٌ سوى التأقلم مع أحداث الرواية إن أرادت النجاةَ.
رواية “الأرتباطُ الأبدي بالخلاص”، أي الرواية التي وُلدت فيها إيفلين، كانت من النوع المأساةِ الّذي لا يحمل أملًا ولا حُلمًا.
رواية تُبرز مفهوم “الهوس” من خلال أبطالٍ يُكنّون حبًّا مَرَضيًّا تجاهَ البطلةِ.
أكسيون، الذي كان في البداية أحد مرشّحي دورِ البطل الرئيسي، انحدرَ إلى دور الرجل الثاني بعد أن سلكَ طريقَ الندم.
رغم إدراكهُ أنّه لن يكون مع البطلة، ظل يُحيط بها ويتخلّص من خصومها، واحدًا تلو الآخر.
حتى خطيبته لم تكن خارج القائمة.
والسبب بسيط: لأنّ وجودها يُعيق طريقَ البطلةِ.
لو كان الأمر عاديًّا، لما اهتمّت إيفلين بما يفعلونهُ.
لكن هذه المرة، لم يكن بوسعها الوقوف متفرجةً.
فخطيبة أكسيون التي سيقتلها… كانت إيفلين نفسها!
‘يا إلهي… أليس بيننا علاقهةُ عشر سنوات؟ أليس هناك شيءٌ من الوفاء؟’
كيف يستطيع قتل خطيبته الّتي عرفها لعقدٍ كامل دون أي تردّد؟
لكن، رغم ذلك، لم يكن تصرّفه غريبًا تمامًا.
ففي الرواية الأصليّة، كانت إيفلين حادةً الطبع، ذات شخصيةٍ معقّدة بعض الشيء.
حتى أذاها للبطلة لم يكن فقط بسبب الغيرة، بل لأنّها كانت تستمتع برؤية خطيبها في مواقفٍ مُحرجة.
لذا، بدأت إيفلين تبحث عن وسائل للنجاةِ.
تظاهرت بالرغبة في التقرّب من البطلة، وداومت على زيارة قصر الدوق يوميًّا.
لكن، علاقتها بأكسيون كانت قد تدهورت بالكامل، ولم يكن من السهل إصِلاحها.
ومع مرور الوقت، قرّرت إيفلين أن تفسخ الخطبة قبل أن تبلغ سنّ الرشد.
ظنّت أنّه ما دام الانفصال وديًّا، فلن تنقطع علاقة العائلتين، وستتمكن من الابتعٌاد عن نظرهِ.
فالبُعد يولّد الجفاءَ، أليس كذلكَ؟
ولهذا، التحقت بالأكاديمية بذريعةٍ مناسبة.
لكن لسببٍ ما، اضطُرّت إلى قضاء ثلاث سنواتٍ في أكاديمية “روكسن”… مع خطيبها!
‘ألم يحن الوقت لإنهاءِ هـٰذا؟’
كانت ترغب فقط في فسخ الخطبة بسلاسة.
فإذا بها تتفاجأ بخبر “زواجٍ عاجل”!
”ما الّذي يجري؟!”
شعرت أنّ ما يحدث قد يكون حُلمًا… لا، بل كابوسًا!
وفي محاولةٍ يائسة لنفي الواقع، قرصت خدّها.
“آي!”
“آنستي! ماذا تفعلين؟!”
ولسوء الحظ… لم يكن حُلمًا.
التقت أكسيون مرة أخرى بشكل أسرع ممّا توقّعت.
مكان اللقاء كان نفس المقهى الذي التقيا فيه البارحة، وهو أيضًا المكان الذي اعتادا احتساء الشاي فيه طوال السنواتِ.
كان جوّ المقهى دافئًا، لكن طاولةً واحدةٌ بثّت برودة غريبة.
وربّما وحدها إيفلين من شعرت بذلك.
“سمعنا الأخبار! نباركَ لكما الزواج!”
“شكرًا لكم.”
أجاب أكسيون بهدوء على تهنئة النبلاء المارّين.
”ماذا؟ شكرًا؟!”
في غليان أعصابها، خَرج من بين شفتيها ضحكة يائسة.
ثم بدأت الهمسات تتردّد من حولهم:
“يبدو أنهما يتشاجران بدافع الحب، أليس كذلك؟”
“ههه، يا لهما من ثنائي لطيفٍ.”
”ما هذا الذي يتخيّلونه؟!’
قطّبت جبينها وحدّقت في أكسيون.
”هل هو يَستمتع بهذا؟!”
نعم، بدا وكأنّه مستمتعٌ فعلًا.
أخذت نفسًا عميقًا، وردّدت في داخلها:
اهدئي… اهدئي… اهدئي…
لكن، رغم ذلك، كانت رغبتها في ضربهِ تتصاعد.
وضعت الجريدة المجعّدة على الطاولة وسألت بنبرة هادئة مصطنعة:
“ما الذي يجري؟ ما معنى هذا؟”
أمال أكسيون رأسهُ قليلًا وقال بصوت منخفض:
“هل يجب قول كل شيء بيننا؟”
“…؟!”
‘ألم يكن موافقًا على الفسخ؟!’
زفرت وقالت:
“هل تفعل هذا لمجرد رؤيَتي وأنا أغلي؟”
“رُبّما. هذا ليس خيارًا سيئًا.”
ابتسم بخفّة ورفع كتفيه.
‘وقح. وقح تمامًا.’
ضيّقت عينيها وقالت:
“قُل لي… مَن وراء هذا؟”
خافت أن يكون والداه قد تدخّلا، فازداد قلقها.
”هل سمعا خبر الفسخ فغضبا ونشرا هذا؟”
لكن أكسيون أجابَ بهدوءٍ:
“لا أحد. هذا من فعلي أنا فقطَ.”
شعرت بشيء من الراحة، لكن الحيرة لم تفارقها.
‘لماذا إذًا؟ ما هدفه؟’
كان أكسيون رجلًا عمليًّا. لا يفعل شيئًا دون مصلحة.
رغم أنّه فشل في كسب قلب البطلة، إلا أنّه لم يتردّد في استخدام أي وسيلة.
‘لا يمكنني فهمهُ أبداً…’
وفي خضم تفكيرها، راودها خاطر غريب:
‘هل… يُحبّني؟’
تجمّد تعبير وجهها، ثم بدت أكثر جدّيّة.
لا، مستحيل.
فأوّل لقاء بينهما كان معركةً حقيقيّة.
“أنظر إلى الأسفل.”
“أنتِ من عليكِ أن تنظري!”
كان الأمر أشبه بنزاع بين حيوانين مفترسين.
‘هل يحاول الآن سلك طريق: “أنتِ مختلفة عن البقيّة”؟’
مقزّز… ليس من نوعي.
هزّت رأسها بأسًى، ونظرت إليه بنظرة شفقةٍ.
لكن، وكأنّه قرأ أفكارها، عبس قليلًا وقال:
“ليس كما تظنّين.”
سعلت بخفّة، ثم قالت بتوتّر خفيف:
“هـهـم، أليس كذلك؟ حسنًا، هذا مريح.”
‘لكن لماذا يبدو غاضبًا؟’
رغم انزعاجها، مرّرت شعرها خلف أذنها محاولةً إخفاءه.
‘إذن، إن لم يكن يُحبّني…’
فهو على الأرجح يُريد استخدامي كوسيلة لتحقيق شيءٍ ما.
وبالنظر إلى شخصيّته في الرواية، فإنّ هذا الاستنتاج معقول جدًّا.
وحين نفد صبرها من هذا الحديث المربك، رفعت عينيها نحوه وقالت بحدّة:
“أكسيون فالينتينو… أظنّ أنّني قد تفاعلت معكَ بما فيه الكفايةِ بعدَ كل تلكَ السنينِ، ألستُ كذلك؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 2 2025-06-23
- 1 - هل... يُمكنك أن تفسخ خطوبتنا؟ 2025-05-16
التعليقات لهذا الفصل " 2"