الفصل 14 : لألحَقَ بخطيبتي الخائنة.
لشرحِ ما حدثَ للتّو، يجبُ العودةُ بالزّمنِ إلى خمس دقائق مضت.
عربةُ عائلةِ إيناباسيل، الّتي كان يُفترَضُ أن تَكونَ أمامَ المخبزِ، كانتْ لِسببٍ ما على بُعدِ مَجموعةِ أبنية.
“إذًا، سَأَسبقُكَ قليلًا.”
إيفلين الّتي أمالتْ رأسَها بتعجُّب، بادرتْ بتحيّةٍ مهذّبةٍ إلى دوقِ ريكران.
لكنْ لِسببٍ ما، قال إنّه سَيُرافِقُها حتّى أمامَ العربة.
ولِأنّ الرّجلَ قال إنّه ليسَ مشغولًا نادرًا ما يكون، لَمْ تَسَعْها إلّا أن تَحبسَ دموعَها داخليًّا.
لأنّ تَغيُّرَ الإعداداتِ قبلَ أنْ يبدأَ الأصلُ، كان يُشعرُها وكأنّه ذنبُها.
‘رَغبتُ في تَغييرِ قدَري فقط، لكن……’
إيفلين الّتي ظَنَّتْ أنَّها لا تَملِكُ السّلطةَ لِتغييرِ مصيرِ الأبطالِ، هَزّتْ رأسَها بحزم.
“أُقدِّرُ لَطْفَك، لكن لا أُريدُ أنْ أُسِيءَ فَهمَ خَطيبي.”
والحقيقةُ أنّه حتّى لو عَلِمَ أكسيون بالأمر، فلَنْ يُعيرَهُ أيَّ اهتمام.
ومع ذلك، كانتْ ترى أنّهُ ما دامَتِ العلاقةُ قائمةً بينهما، فَيَجِبُ أنْ يُظهِرَ كلٌّ مِنهما احترامًا للآخَر.
وكان عليها أن تَكونَ أكثرَ حذرًا خُصوصًا إذا تَعلّقَ الأمرُ بشائعاتٍ عن عَلاقاتٍ مع الجنسِ الآخَر.
كاليد الّذي بدا مُتفاجئًا قليلًا من إجابتها، أَمالَ رأسَهُ واعتذرَ لها.
“لَمْ أَكُنْ أَنوي وَضعَكِ في موقفٍ مُحرِج، آنِستي.”
‘بِالطّبع لم تكنْ تَنوي ذلك.’
فَهُو البطلُ الرّجولي، وكان فقط يُظهِرُ لُطفًا بطَبيعَتِه.
وإيفلين الّتي كانتْ تَعلمُ أنْ لا مَعنى لِذلك، ابتسمتْ له ابتسامةً ناعمة.
“أَعلَمُ. أظنُّ أنّ الوقتَ قد حانَ للذّهابِ فعلًا.”
وفي تلكَ اللّحظة، كان جيديُون قد نَزَلَ من العربةِ وبدأَ يُسرِعُ نَحوَ سَيّدِه.
كاليد الّذي أومأ برأسِه مرّة، تَأمّلَ للحظةٍ خَلفَها وَهي تَغادِر.
في غرفةِ نومٍ تَغمرُها أشعّةُ الشّمسِ الدّافئة، كانتْ إيفلين تُحدِّقُ في صورتِها المنعكِسةِ على المرآة.
شَعرُها الكستنائيّ المُحمرّ الّذي رَبَطَتهُ بشريطٍ بسيط، وثيابُها المُرتّبةُ أكثرَ من العادة.
‘جيّد، هذا كافٍ تمامًا.’
مُبتسِمةً برِضى، وُضِعَتْ إحدى يديها على المرآةِ، ثُمّ صاحتْ بصوتٍ مُشرِق:
“اختبارُ المَظهر~!”
“آنِستي، ما الّذي… تَفعلينه؟”
ما إنْ عادتْ لاري من غُرفةِ الملابسِ، حتّى بَدَتْ على وَجهِها علامةُ الحَيرة.
وإيفلين الّتي شَعَرتْ بالحرج، سَعَلتْ بخفّة.
“همم، لا شيء مُهِمّ.”
اليوم، كانتْ إيفلين مُبتهجةً أكثرَ من المعتاد، حتّى إنّ خادمتَها الخاصّةَ تَسَاءَلَتْ عن السّبب.
وَلمْ يَكُنْ ذلكَ غريبًا، فقد كانَ لديها موعدٌ مُسبَقٌ مع أعضاءِ مجلسِ طلبةِ أكاديميّةِ روكسِن.
إيفلين الّتي كانتْ أقربَ إلى أولئكِ الأعضاءِ مِن زُملائِها في الطّبّ، شعرتْ بالحماسة.
وَبالطّبع، كانتْ تَنتظرُ أخبارًا مُعيّنةً أيضًا.
“آنِستي، ألا يَجِبُ أنْ تَبدئي بالخُروجِ الآن؟”
عندَ سؤالِ لاري، تَفقّدتْ الوقتَ بعَينَينِ مُتّسعتَين، ثمّ أومأتْ برأسِها.
“آه، نسيتُ الوقت! إذًا، إلى اللّقاء!”
إيفلين الّتي دَخلتْ إلى مقهًى في العاصمةِ، كانتْ تُراقبُ الزّملاءَ الأصغرَ سِنًّا الّذين وصلوا قبلَها وهم مُتّكئون على الجِدار.
‘حين انضمُّوا لأوّلِ مرّة، كانوا مثلَ الصّيصان……’
كانوا يَبكونَ من الأخطاءِ الّتي يَرتكبونَها بِسَبَبِ قلّةِ التّجربة.
لكنّها الآن تَشعُرُ بالامتنانِ وهي تَرَاهُم يُديرونَ الأمورَ ببراعةٍ.
“ما الّذي تَفعليه؟ لِمَ لا تَدخُلين؟”
“أه؟ فيليكس!”
فيليكس كانَ أيضًا من أعضاءِ مجلسِ الطّلبةِ، وكانَ نائبَ الرّئيسِ الّذي ساعدَها أثناءَ رئاستِها.
عندَ لقائهِما الأوّل، كانَ حذِرًا للغاية، ولمْ تكنْ تَظنُّ أنّها سَتُصبِحُ قريبةً منه بهذا الشّكل.
‘مُنذُ متى لمْ نلتقِ، أيّها الشّقي؟’
لأنّه اضطرّ إلى زيارةِ الأراضي التابعةِ لِعائلتهِ، لمْ يُمكنْهُ حضورُ مراسمِ البلوغ.
بينما كانتْ تُحيّي صديقَها بفرح، ارتفعَ صوتٌ من الجهةِ الأخرى.
“أهلًا بِكُم أيّها السّنباي!”
تَحدّثَ أحدُ الزّملاءِ الأصغرَ سِنًّا بأدبٍ حين سَمعَ صوتَهما.
وكان الهدفُ من اجتماعِهم هذا اليومَ هو تَسليمُ المهامِّ إلى الجيلِ الجديدِ من الطّلَبةِ الّذين سيَبقَون في الأكاديميّةِ.
من إدارةِ الانتخاباتِ إلى تَأجيرِ المعدّاتِ للمَهرجانات، كلُّ التّفاصيلِ كانتْ مكتوبةً في وثائقَ يتمُّ تَسليمُها.
وفي وَقتِ استراحةٍ خفيفٍ، بَدتْ إيفلين مُحرجةً مِن نظراتِ الإعجابِ من الزّملاءِ الجُدد.
“كونِكِ الأُولى على الدّفعة، هذا مُدهِشٌ فعلًا!”
‘لا، ليسَ كذلك.’
لو كانَتِ الأمورُ طبيعيّة، لابتسمتْ واعتبرتْها نتيجةً مُتوقَّعة.
لكنها، وهي تَعلمُ الحقيقة، لمْ تَستطِعْ قولَ شيء.
في الحقيقة، الشّخصُ الّذي يَستحقُّ المرتبةَ الأولى، كانَ غيرَها.
“في الأصل، مَن كانَ يَجِبُ أنْ يُمثّلَ الخرّيجين هو خطيبُك.”
“ماذا؟ أكسيون هو الأوّل؟”
لو لمْ يَكنْ يَفتقِدُ للحضورِ، لَكانَ أكسيون هو المُتصدِّرُ الأوّل بلا منازع.
في المهاراتِ والتّحصيلِ وكلِّ الجوانب، كان الأفضلَ دونَ نقاش.
إيفلين الّتي شعرتْ بذلكَ الألمِ مِن جديد، حاوَلَتْ دفنه.
ثُمّ حوّلتِ الحديثَ إلى موضوعٍ آخر، ونظرتْ إلى فيليكس الّذي بِجانبِها.
رغبتْ بالتّأكّدِ من أمرٍ ما.
“بالمناسبة، هل حَدَثَ شيءٌ ما في أراضيك؟”
تردّدَ فيليكس للحظةٍ، ثمّ تَكلّمَ بصوتٍ خافت.
“على أيّة حال، سيَعرِفُ الجميعُ قريبًا.”
إيفلين الّتي لَمْ تُفوّتْ كلمتَه، فَغَرَتْ عينيها وسألتْه.
“ما الّذي تَعنيه؟”
“في الآونةِ الأخيرة، جاءَ أحدُ الأقاربِ البعيدين لِيُقيمَ معنا.”
‘قريبٌ بعيد؟!’
صورةٌ ما ومضَتْ في ذهنِها.
وبَينما تُخفي تَوتّرَها، سَألتْ بِنبرةٍ عاديّة:
“أفهِم، ما اسمُها؟”
فأجابَها فيليكس بلا اهتمام:
“أظنُّ أنّ اسمَها كانَ داليا.”
“……!”
عينُ إيفلين الخضراءُ اتّسعَتْ للحظةٍ، ثمّ ضاقَت.
كما تَوقّعت، البطلةُ الأصليّةُ بدأتْ بالإقامةِ في منزلِ كونتِ لورينهايم.
لكنّ المشكلةَ هي أنّهُ لَمْ يَحِنْ بعدُ وقتُ بدايةِ القصّةِ الأصليّة.
‘هل بدأَتِ القصّةُ قبلَ أوانِها فعلًا؟’
صحيحٌ أنّه لَمْ يُعلَن بعدُ في المعبدِ، لكنْ إنْ تَبعنا تطوّرَ القصّة، فَسَوفَ يتمُّ تقديمُ داليا قريبًا ككاهنةٍ جديدة.
كانتْ هذه الأحداثُ من المُفترَضِ أنْ تَقَعَ بعدَ عِدّةِ أشهر، لكنّها وقعتْ الآن، وهذا ما جَعَلَها تشعرُ بالضّياع.
“آنِستي، هل أنْتِ مريضةٌ أو شيءٌ ما؟”
إيفلين الّتي أزالتْ الظّلَّ عن وجهِها، تَظاهرتْ بابتسامةٍ مَرتاحة.
“لا، أنا بخيرٍ تمامًا.”
“إنْ كانَ كذلك، فهذا يُريحُنا، لكن……”
وقبلَ أنْ يُكملَ أحدُ الزّملاءِ كلامَه، فَغَرَ عينيه فجأةً ونادَاها.
“آنِسة إيفلين……!”
“همم؟”
وبينما كانتْ تَرتشفُ شايَها، سَمِعَتْ صوتًا قلقًا يَصرخُ فجأة.
“أليسَ ذلكَ الرّجلُ هو خطيبُك؟!”
بَخّــــ
‘لا يمكنُ قولُ شيءٍ مُرعِبٍ بهذا الشّكل!’
أسرعتْ إيفلين بِمَنديلِها لِتَمسَحَ فمَها.
لكنّ الزّميلَ الّذي كان يُحدّقُ خلفَها لمْ يُحوّلْ نَظرَه، فالتفتتْ برقبةٍ متيبّسةٍ.
“……!”
وما إنْ رَأَتْ الرّجلَ الواقفَ خَلفَها، حتّى فَغَرَتْ فمَها باندهاش.
فَبِقامتهِ الفارعةِ وهالتِه المُختلفة، لمْ يَكُنْ سِوى خَطيبِها.
أكسيون الّذي كانتْ عيناهُ الحمراوانِ تَشعّانِ ببريقٍ صارخ، لَمْ يُخفِ حضورَه.
“أكسيون، لِمَ أنتَ هنا؟!”
إيفلين الّتي بدا صوتُها مُتفاجئًا، سَمعَتْه يَهمِسُ بنبرةٍ خافتةٍ فقط لِتَسمعَها هي:
“لألْحَقَ بخطيبتي الخائنة.”
وفورَها، شهقتْ إيفلين وهَمَسَتْ بلهفةٍ لتمنعهُ مِن قولِ المزيد:
“هيا، هل جُنِنت؟ ما الّذي تَقوله؟!”
بينما كانتْ تَحملِقُ بهِ بغضبٍ، ابتسمَ هو ابتسامةً ناعمة.
في المقابل، نظرَ فيليكس إليهما وهمَسَ بنبرةٍ مُتَصنِّعةٍ لا مُبالية:
“أنتمَا الاثنان، لِمَ لا تُظهِرانِ حُبَّكُما في الخارج؟”
وأخيرًا، شَعرتْ إيفلين بأنَّ أعضاءَ مجلسِ الطّلَبةِ جميعًا يُحدّقونَ بها هي وأكسيون.
أكسيون الّذي بدا مُتفاجئًا من رَدِّ فيليكس، تمتمَ برضى:
“همم، يبدو أنّني اخترتُ صديقًا جيّدًا.”
ماذا بالضّبط…؟!
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 14"