1
المقدّمة
لا شكّ في أنّه كان يومًا مثاليًّا بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى.
لقد أنهيتُ خطابي بنجاح بصفتي ممثّلة الخرّيجين، وتمّت مراسم التخرّج من الأكاديميّة بسلاسة.
بعدها تناولتُ الطعام مع والديّ، ودوق ودوقة فالنتينو، وذلك الابن الذي هو أسوأ من العدوّ.
قضيتُ وقتًا مناسبًا ثمّ عدتُ في طريقي إلى المنزل…
“أليس هذا غريبًا بعض الشيء؟”
قطّبت إيفلين حاجبيها قليلًا وهي تنظر إلى المشهد الذي أمامها.
فالعربة توقّفت أمام قصر منعزل، لا قصر مركيز، ولا قصر دوق.
‘أين بحقّ السماء نحن؟’
أطلقت إيفلين تنهيدة خفيفة وهي تلتفت حولها.
وما أثار ضيقها أكثر هو سلوك خطيبها الهادئ والمطمئن في موقف كهذا.
وحين رمقته بنظرة حادّة، بادلها أكسيون بابتسامته المتراخية المعتادة وسألها:
“ما الأمر؟”
“هذا ليس قصر الماركيز.”
رغم مرور أكثر من عشر سنوات على خطبتهما، لم تستطع إيفلين أن تفهم أعماق خطيبها.
‘هل هذا نوع جديد من المضايقات؟’
وبينما كانت تدلّك جبينها الذي بدأ ينبض بالألم، همس صوت أكسيون العميق الدافئ قرب أذنها:
“بالطبع ليس كذلك.”
“ماذا؟”
ولم تسنح لها الفرصة لتُظهر ارتباكها من اقترابه المفاجئ، إذ ظهرت غمازته البارزة بوضوح.
“هذا هو منزلنا الزوجي.”
فانكمش وجه إيفلين على الفور.
وخرجت من فمها الكلمات التي لطالما راودتها في قلبها لسنوات.
“مجنون.”
“صحيح، أنا مجنون.”
ارتسمت ابتسامة كسولة على شفتي أكسيون.
ولمّا التقت عيناه الحمراء التي تلمع بخطورة بعينيها، بدأ قلبها ينبض باضطراب.
‘لماذا ينظر إليّ بهذه الطريقة…؟’
ذاك التعلّق المرضي كان من المفترض أن يكون من نصيب بطلة القصّة الأصليّة.
ابتلعت إيفلين ريقها بمرارة وتراجعت خطوة واحدة عنه.
ثمّ سألت بصوت مرتجف وهي تحاول التماسك:
“عن أيّ هراء تتكلّم؟”
“أنتِ أكثر من يعرف الحقيقة، إيفلين.”
رغم محاولتها التظاهر بالجهل، شعرت أنّ وقت الاعتراف قد حان.
أن تعترف لمن يتوجّه ذلك التعلّق المرضي الآن.
“لا تقل إنّك الآن… تحاول فعل شيء معي؟”
“من يدري؟ ماذا تظنّين؟”
لفّ أكسيون ذراعَه القويّ حول خصرها بلُطف، فداعب عطره الهادئ أنفها.
رفّت عينا إيفلين وهي ترفع ببطء نظرها إليه.
وكانت عيناه الحمراوان المتوهّجتان تنظران إليها بإصرار، كما لو كانت فريسة.
“لا تقلقي، لا أريد أن تكرهيني.”
وقبل أن تتمكّن من التفكير في صدق كلامه، لامس أنفاسه الحارّة عنقها ثمّ ابتعد.
“لكن يبدو أنّني كنت مخطئًا.”
“…في ماذا؟”
نظراته التي كانت تلاحقها كوحش انقلبت فجأة إلى لطف واضح.
بلل شفتيه بطرف لسانه وأضاف بصوت خافت:
“أشعر الآن برغبة في احتجازك إلى الأبد.”
“…!”
‘لماذا بحقّ السماء تريد أن تحتجزني، أيها المجنون!’
—
الفصل الأوّل
1. هل… يُمكنك أن تفسخ خطوبتنا؟
داخل مقهى تغمره أشعّة الشمس الدافئة،
جلست إيفلين وهي تحدّق بلا مبالاة في الشابّ الجالس أمامها.
شعر أسود كاللّيل، وعينان حمراوان بلون الرمّان، وأنف حادّ، وفكّ بارز، وهيبة تنساب من ملامحه.
‘هاه، حقًا مقرف.’
كلّ من لا يعرف حقيقته كان ينخدع بمظهر أكسيون بسهولة.
“يبدو وكأنّ هالة تضيء من حوله، أليس كذلك؟”
“وسامة النبيل الصغير لا مثيل لها…”
‘الجميع مخدوع بتلك الملامح!’
وربّما شعر أكسيون بنظراتها الساخطة، فوضع فنجان الشاي جانبًا وتحدّث بصوت جاف:
“إن كان لديكِ ما تقولينه، فقولي.”
كلّ يوم أحد، في تمام الثالثة مساءً.
مرّت عشر سنوات على لقائهما الأسبوعيّ الذي رتّبه الوالدان.
ورغم طول العشرة، لا وجود لعلاقة أبرد من علاقتهما.
‘أذكر أنّه كان لطيفًا بعض الشيء عندما كنّا أطفالًا.’
لكن أكسيون، الذي أصبح على مشارف البلوغ، بات كلّه أشياء تزعج إيفلين.
بل حتّى الآن، يبدو واضحًا أنّه يريد الخروج من المكان فورًا.
لكنّها لم تُعر ذلك أيّ اهتمام.
المشكلة كانت في أنّ بروده هذا يشمل حتّى البطلة الأصليّة أيضًا.
هكذا إذًا هو في موقع الرجل الثاني الذي يشعر بالندم؟ بل وغير قابل للإصلاح أيضًا.
تنهدَت إيفلين بضيق من بين شفتيها، ثمّ حدّقت بخطيبها قائلة:
“أنا أكرهك… أكرهك بحق.”
فأجابها أكسيون وهو يرفع زاوية فمه، كأنّ ما سمعه لم يكن جديدًا:
“جيد، أنا أيضًا أكرهك.”
باااز―
شرارة غير مرئية تطايرت بينهما.
لطالما كان الأمر كذلك، كلما التقيا انخرطا في مشادات كلامية لا تنتهي.
‘حسنًا، وما شأن ذلك الآن؟’
فاليوم، ستتحرر إيفلين إينيباسيل أخيرًا من هذه الخطوبة البغيضة.
وقد عقدت العزم، فسألته بصوت حازم:
“أكسيون، أنت تعلم أن حفل بلوغي قريب، أليس كذلك؟”
فأومأ برأسه بسلاسة، كأنه توقّع ما ستقوله.
“هل هذا من أجل البروش؟ سأرسله قريبًا إلى قصر الماركيز.”
في إمبراطورية فالتِيان، من التقاليد أن ترتدي الفتيات في حفل البلوغ زينة مصنوعة من بروش يُهدى إليهن من شريكهن.
لكن إيفلين لم تكن تكترث لهذه العادات على الإطلاق، ربما كانت كذلك في السابق حين كانت تهتم بالسمعة.
“لا حاجة لذلك.”
“حسنًا، في أقرب وقت… ماذا؟”
عبس أكسيون قليلًا كأنه لم يفهم ردّها غير المتوقع.
لكن إيفلين تجاهلت نظرته المستفسرة، وقالت بخجل مصطنع:
“لقد فكرتُ في علاقتنا مؤخرًا…”
وفي تلك اللحظة العابرة، بدا على خطيبها الجدّية غير المعتادة.
فهو، دون شك، كان يمقت هذه الخطوبة بقدرها.
وساد بينهما صمت غير مألوف.
ثم، ابتسمت إيفلين بابتسامة مشرقة وقالت وهي تلمع بعينيها الخضراوين:
“هل… تفسخ خطوبتنا؟”
وفي تلك اللحظة، انقطع عزف الكمان الرقيق فجأة.
وتوارى ضوء الشمس الساطع خلف غيوم رمادية ثقيلة، كأن كل شيء تغير في لحظة.
وأثناء ما كانت تهز كتفيها بخفة، ارتفع حاجب أكسيون.
“لمَ تفعلين أمرًا لم تعتادي عليه فجأة؟”
صحيح، لم يسبق لها أن تحدّثت عن فسخ الخطوبة من قبل، لذا قد يبدو الأمر غريبًا له.
لكن في الحقيقة، كانت تنتظر اللحظة المناسبة فقط، لأنها تعرف كم حياتها ثمينة.
فبمجرد بدء القصة الأصلية، ستكون أول من يُقتل على يد أكسيون لكونها عائقًا.
أما الآن، وقد ادخرت المال الكافي لاستقلالها، فلم يعد هناك سبب للبقاء بجانبه.
“على أي حال، لا أحد منا يريد الزواج، أليس كذلك؟”
“……”
لكن، لسببٍ ما، بدا الجو من حول أكسيون أكثر برودة.
“اهدأ، سأتحدث مع الدوق والدوقة وأشرح لهما.”
قالت إيفلين بصوت مرح، كأن الأمر لا يستحق القلق.
فردّ بابتسامة جانبية:
“لا، سأشرح لهم بنفسي.”
“حقًا؟ إذًا أترك الأمر لك.”
وبتفاؤل نادر، ابتسمت له بابتسامة مشرقة.
للمرة الأولى منذ عشر سنوات، بدا أنهما على وفاق بشأن أمر ما.
أو هكذا كانت تظن.
—
“آنستي، استيقظي بسرعة!”
صوت الخادمة المخصصة لها، وهي توقظها منذ الصباح الباكر، جعل إيفلين تجلس بتثاقل نصف نائمة.
“هــآم… ما الأمر؟”
تمطّت بتثاقل، وفتحت عينيها ببطء وهي تنظر نحو لارييه.
فمدّت الخادمة الجريدة إليها بحماس ظاهر، قائلة:
“لماذا لم تخبريني مسبقًا؟!”
كانت الصحيفة التي أُصدرت اليوم مجعدة للغاية، كأنها أمضت الليل تمسكها بإحكام.
‘ما الذي يحدث الآن؟’
أخذت الجريدة، وعندما قرأت العنوان الرئيسي المكتوب بخط عريض، اتسعت عيناها الخضراوان بوضوح.
[خبر عاجل] الشاب الدوق فالنتينو والآنسة إينيباسيل، زواج فوري بعد التخرج!
“ما هذا بحق السماء؟!”
استيقظت من النوم، لتجد نفسها مخطوبة رسميًا في الأخبار في ليلة وضحاها!
ولمن؟ لأكسيون فالنتينو… عدّوها اللدود.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 2 2025-06-23
- 1 - هل... يُمكنك أن تفسخ خطوبتنا؟ 2025-05-16
التعليقات لهذا الفصل "1"