1
«هل أنا من قتلته؟»
مستحيل.
ومع ذلك، وجدت “هو ناريم” نفسها تحدّق في يديها النظيفتين دون وعي،
تلك اليدان كانتا ترتجفان بضعف وعجز.
“هذا غير ممكن.”
تمتمت بصوت خافت، تحاول أن تطمئن نفسها.
ظنّت أنّها ربما أخطأت الرؤية، فألقت نظرة أخرى،
لكن ما زالت ملامح وجهه كما هي… حبيبها السابق، “بايك يو هيون”.
أخذت “هو ناريم” نفسًا عميقًا، ثم وضعت أذنها برفق على صدره،
مقنعةً نفسها أنّه محض خيال.
لكنها لم تسمع أي نبض.
مدّت يدها لتتحسّس نبضه بارتباك،
لكن ذراعه كان صلبًا ومتيبّسًا، لا كما يكون في نومٍ عادي.
تجمّدت حركتها.
“هذا… غير ممكن.”
حاولت أن تُقنع نفسها مجددًا بالأمان،
فالناس لا يموتون بهذه السهولة، ولم يكن هناك أي أثر لهجوم.
لم يكن هناك دم في أي مكان،
فأخذت تتحقق أخيرًا من أنفاسه…
ولم تشعر حتى بأضعف نسمة تلامس أطراف أصابعها.
حينها، غمرها اليأس.
“يو هيون، يو هيون! كُفّ عن المزاح واستيقظ! أَلا تسمعني؟!”
هزّت جسده بعجلة، تضرب صدره العاري القوي بكل ما تملك من قوة،
لكن مهما فعلت، لم يفتح “بايك يو هيون” عينيه…
كأنّه في نومٍ عميق لا يستفيق منه أبدًا.
“لـ… لا يمكن.”
ارتفعَت يدها إلى بطنها من تلقاء نفسها،
عادةٌ لازمتها منذ اكتشفت حملها،
كلّما باغتها الخوف أو القلق.
لكن، كيف لها أن تهدأ الآن؟
أغمضت “هو ناريم” عينيها بإحكام.
«هل أتصل أولًا بالإسعاف… أم بالشرطة؟»
انهمرت دموعها في مواجهة هذا الواقع المربك غير القابل للتصديق،
حتى أنها تساءلت لماذا ينبغي أن تفكّر أصلًا في أيّهما تتصل به.
رفعت يدها المرتجفة لتمسح دموعها،
ثم توقفت فجأة… حين أدركت شيئًا متأخرًا.
«إن أبلغت… ماذا سيحدث؟»
حتى وإن أرادت أن تُثبت براءتها،
فالعلاقة بينهما كانت معقدة أصلًا،
وسبب انفصالهما كان خيانته لها.
ما زالت تذكر بوضوح اللحظة التي أخبرها فيها فجأةً،
أثناء علاقتهما، بأنه سيتزوج أختها الكبرى.
حينها لم تتمكن حتى من إخباره بحملها،
وكانت الصدمة عميقة.
إذا وُجدت جثته أمام منزلها،
فالشكوك ستتجه إليها أولًا.
«سيظنّ الناس أن الأمر انتقام… وماذا عن طفلي؟»
كان الأمر واضحًا:
لن يكبر الطفل بلا أب وحسب،
بل ستصبح أمه قاتلةً أيضًا.
ذلك المصير سيكون أقسى حتى من حياتها اليتيمة التي عاشت بلا والدين،
ولم تحتج أن تراه لتعرفه.
التفتت إلى جسد “بايك يو هيون” الساكن،
غير مصدقة أنّه لن ينهض في أية لحظة.
«يو هيون… يو هيون أوبا…»
منذ علمت بخيانته، لم تعد تناديه بـ”أوبا”،
كانت تتعمد الابتعاد عنه،
وكانت ترى في ألم ملامحه نوعًا من الانتقام.
لكن الآن… لم يعد لذلك أي معنى.
شعرت أن كل شيء فقد قيمته.
«اذهب إلى أختي إن شئت… حتى وإن استغللتني، لا بأس… فقط استيقظ أرجوك.»
مهما كرهته وخيّب أملها،
ظل الرجل الذي أحبّته بصدق،
ولم ترغب في فقده بهذه الصورة العبثية.
تساقطت دموعها في صمت،
فلها عادة منذ الطفولة أن تبكي بلا صوت،
حتى لا تُظهر ضعفها.
«حين أبكي هكذا… كان أوبا يحتضنني، ويقول إنه أشد حزنًا… ويخبرني أنه لا بأس أن أبكي بصوت في حضنه.»
كانت مشوشة:
حبيبها الذي أحبّته مات فجأة،
وهي قد تُتّهم بقتله.
لكن رغم ذلك، كان لابد أن تبلغ السلطات،
فلعلها تسرعت في افتراض موته.
قررت الاتصال بالإسعاف،
وحين نظرت إلى هاتفها المرتجف—
انعكس على شاشته السوداء وجهٌ حزين،
ومن خلفه زوج من العيون الحمراء.
“آآآاه!”
صرخت “هو ناريم” وحاولت الفرار،
لكنها التوت قدمها وسقطت.
شعرت بالألم في كاحلها،
لكن كل انتباهها انصب على بطنها،
قلقة من أن يكون السقوط قد أضرّ بمعدتها المسطحة بعد.
[لا تُبلّغي.]
حينها، دوّى صوت غريب في أذنها،
صوت لم يكن لها أن تسمعه.
رفعت رأسها ببطء،
لتجد شخصًا واقفًا بقتامة داخل البيت،
حيث كانت وحيدة قبل لحظات.
كانت بشرته الشاحبة تحذيرًا غريزيًا من أنّه ليس آدميًا.
[أخفِي الجثة.]
الصوت لم يأتِ من فمه، بل تسلل مباشرة إلى عقلها.
وما صدمها لم يكن حضوره الشّبحي لطفل وحسب،
بل لسبب آخر أيضًا:
«إنه يشبهه…»
الشبح كان يشبه “بايك يو هيون” الميت بشكل مرعب.
وفي هلعها، وضعت يدها على بطنها بلا وعي،
وكأنّه ابن “بايك يو هيون”.
[ستكونين في خطر.]
تملّكها شعور داخلي مضطرب…
هل كان بسبب شبهه بـ”بايك يو هيون” وقلقه عليها؟
أم لأن تدخله المزعج جاء بلا معرفة؟
“هل سلامتي أمر مهم؟ إن ذهبت إلى المستشفى الآن، قد أعيش… أوبا! أن لا أموت أهم عندي.”
ندمت فور أن خاطبت كائنًا لا تدري ما هو،
لكن الفتى لم يفعل شيئًا سوى التحديق فيها بصمت.
[……]
كان صمته المخيف دافعًا لها لتشيح بنظرها سريعًا.
[ناريم… أترغبين في إنقاذه رغم خيانته لك؟]
تحدث بصوت خافت، لكنها سمعت كلماته بوضوح.
«كيف يعرف اسمي…؟ وكيف يعرف عني وعن يو هيون؟»
ساورها القلق من أن يكون مرتبطًا بروحه،
لكنها هزّت رأسها، تطرد الفكرة.
“أريد أن أنقذه… حتى وإن كرهته، لم أتمنَّ موته.”
اعترافها كان صادقًا وهادئًا،
فأطبق الفتى شفتيه،
ثم اتجه نحو “بايك يو هيون”.
كان حافي القدمين، على النقيض من مظهر “بايك يو هيون” الأنيق الدائم،
ملابسه بالية ومتسخة، وشعره أشعث.
لم يشترك معه إلا في ملامح الوجه،
أما الجوّ العام والمظهر، فكانا مختلفين تمامًا.
[لا أستطيع إنقاذه… لأنني سأجعل الأمر كذلك.]
بدا وكأنه ينوي منعها من فعل أي شيء.
مد يده، كأنه منزعج من يد “هو ناريم” التي كانت تمسك ببطنها،
فأدارت وجهها مبتعدة عن يده الشاحبة الممدودة،
فتوقف في منتصف الطريق وسحبها.
كان ينظر بين يدها وبطنها، ثم أعادها إليه…
لكن تلك الحركة بدت لها تهديدًا.
«هل يعني ذلك أنه إن أبلغت، سيؤذي طفلي؟»
لقد كان هذا الكائن المجهول يعرف اسمها وصلتها بـ”بايك يو هيون”،
فلا عجب أن يعرف أيضًا عن حملها المبكر.
“ماذا تريد؟”
سألته مرتجفة،
إذ كان همّها الآن حماية جنينها، حتى قبل إنقاذ “بايك يو هيون”.
ألقى عليها نظرة من علٍ وهي منكمشة أرضًا،
دون أن يُظهر حتى أدنى حركة تدل على التنفس.
وحينها فقط، اعترفت “هو ناريم” بالحقيقة:
[أخفِه… حتى لا يعثر عليه أحد.]
لم يكن ما أمامها إنسانًا.
ومع أن الأمر بدا غير منطقي،
إلا أنها أذعنت له رعبًا،
وحاولت جرّ جسد “بايك يو هيون” الثقيل إلى داخل البيت،
متجاهلة ألم ساقها.
لكن حين استعصى عليها تحريكه،
مدّ الفتى الشبح يده، ووضعها على يد “هو ناريم”،
فانتفض ذراعها فجأة،
وكأن الشبح استعار يدها وحركها بنفسه،
وفي لحظة، انتقل جسد “بايك يو هيون” بسهولة إلى الداخل،
وأُغلق الباب من تلقاء نفسه.
[إلى أين تذهبين؟]
حاولت النهوض وهي تراقبه بحذر،
فبدا أنه أدرك نيتها في الهرب فورًا.
فأجابت بكذبٍ واضح:
“…لقد أمرتني بإخفائه. لا مكان في بيت عادي لإخفاء رجل بالغ.”
جالت بعينيها القلقتين في المكان،
والمكان الوحيد الذي يمكنها التفكير فيه هو الخزانة،
أو ربما حشره داخل الغسالة.
«لماذا أفكر حتى في هذا؟»
لم تكن قاتلة، لكنها شعرت وكأنها واحدة.
راودها الغثيان، فانحنت،
فجلس الفتى الشبح قربها بهدوء، يرفع رأسه إليها.
[هل تؤذين؟]
سأل بلا أي تعبير في ملامحه،
مما زادها خوفًا، فلم تشأ إظهار ضعفها أمامه.
وماذا لو رآها عاجزة وقرر إيذاءها؟
هزّت رأسها وأشارت إلى الخزانة.
“هذا المكان الوحيد لإخفائه.”
كانت مرهقة،
فالوضع برمته كان أشبه بإجبارها على المشاركة في جريمة لم تخترها،
وجسدها المرهق منذ بداية الحمل لا يحتمل المزيد.
لكن الفتى هزّ رأسه.
[لا… ليس هناك.]
ثم أشار بعكس الاتجاه، نحو غرفة الغسيل.
[أخفيه في القبو.]
ارتجفت “هو ناريم”.
قبو… في منزل عادي؟
كان بيتًا لن يتوقع أحد أن يحتوي على قبو أصلًا.
«كيف يعرف اين يكون القبو…؟»
ابتسم الفتى حين التقت عيناه بعينيها،
ابتسامة لم ترتفع فيها سوى زوايا فمه، دون أن تشاركها عيناه،
ابتسامة غريبة جعلت قشعريرة تسري في جسدها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"