تلقّت عقابًا ماديًا، وسقطت سُمعتها في أوساط المجتمع الراقي.
وبفضل ذاك الإمبراطور اللعين، نالت «إيلا» كل إذلال يمكن أن يُلقى عليها…
ومع ذلك، لم أشعر بالراحة أبدًا.
・ 。゚✧: . ꕥ . :✧゚. ・
رغم كثرة زوجاته ومحظيّاته، كان الإمبراطور يكنّ لـ«إيلا» عنايةً استثنائية.
“لأن على الإمبراطور واجبًا بإنجاب الكثير من الورثة، اضطررتُ إلى اتخاذ عددٍ من الزوجات. لكن حين أقف أمامكِ أنسى كل تلك الواجبات، ولا أفكر إلا في الحب.”
كأنها كانت بطلة قصة حبٍّ من نهاية العالم.
فقد اختارت «إيلا» الزواج من الإمبراطور بسبب ديونها، لكنها مع مرور الوقت وقعت في حبه حقًا.
لكن بعد فترة قصيرة، سمعت أنه قال الكلمات نفسها لـ«آيروبيل هوبر».
حينها فقط أدركت «إيلا» الحقيقة:
الإمبراطور لم يكن يحبها هي، بل كان يحب المرأة الجديدة دائمًا.
وفي تلك اللحظة، اشتعل في أعماقها غضبٌ مرير لا يُطفأ.
كانت تريد أن تُفرغ هذا الغضب العارم في وجه أحدٍ ما،
ولسوء حظ «آيروبيل»، كانت هي الهدف الأسهل.
في هذه الإمبراطورية التي يحكمها سلطانٌ مطلق، لم يكن بوسع «إيلا» أن تمسّ أيًّا من المحظيّات السابقات اللاتي سبقنها مكانة، بينما كانت «آيروبيل» ضعيفةً يسهل النيل منها.
حتى بعد أن أهانها الإمبراطور علنًا أمام الجميع دفاعًا عن «آيروبيل»، ظلّ غضبها موجّهًا لا نحوه، بل نحو تلك الفتاة الهدف الأسهل التي ظنّت أنها السبب في كل شيء.
‘لو لم تكن تلك اللقيطة موجودة، لما تعرّضتُ لهذه الإهانة،
ولما وبّخني جلالته… كم أود أن أقتلها بيدي!’
ورغم أنها كانت بطلة الحفل في عيد ميلادها هذا المساء،
فقد انكمشت «إيلا» في زاويةٍ بعيدةٍ من قاعة الحفل،
تتحمّل نظرات الحضور الثقيلة وهي تشتم «آيروبيل» في سرّها.
قال صوتٌ هادئ خلفها:
“إيلا، هل أنتِ بخير؟”
ظنّت أنها كانت مختبئةً جيدًا، لكنها فوجئت بـ«آنجي» تتقدّم نحوها.
“آنجي…”
كانت «آنجي» في الماضي منبوذةً من جميع أفراد المجتمع الراقي، وكانت «إيلا» الوحيدة التي مدّت لها يد الصداقة في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين ظلّت «آنجي» مدينةً لها بالامتنان.
لذا، حين رأت صديقتها في هذا الوضع المهين،
امتلأ قلبها بمرارةٍ حقيقية، وأرادت أن تكون لها السند كما كانت هي من قبل.
“لقد عانيتِ الكثير بسبب تلك الثعلبة، أليس كذلك؟”
وكما يُقال: الأصدقاء يتشابهون.
فبدلًا من أن تلوم «إيلا» على ما جرى،
صبت «آنجي» غضبها على «آيروبيل»، الهدف الأسهل.
“لا، لا يمكنني السكوت عن هذا. سأجعل تلك الثعلبة تدفع الثمن!”
“ماذا؟ أتريدين أن ينتهي بكِ الأمر مثلي؟ أيّ انتقام هذا؟!”
رغم أن «إيلا» كانت أكثر من يتمنى الانتقام من «آيروبيل»،
إلا أنها لم تكن ترغب في أن يتكرر ما حدث لها مع صديقتها المقرّبة.
“إيلا، لقد سدد جلالته كل ديوني بالفعل،
حتى لو طلقني الآن فلن يهمني،
ولا أبالي بسمعتي في المجتمع بعد اليوم!
فليس لديّ ما أخسره!”
قالت «آنجي» ذلك بنبرةٍ متعجرفة،
ثم خطت بخفةٍ نحو الجهة التي كانت فيها «آيروبيل».
・ 。゚✧: . ꕥ . :✧゚. ・
بدأ العازفون يعزفون مقطوعة فالس رومانسية.
الإمبراطور، الذي كان يحرّك أصابعه قليلًا على الإيقاع،
جثا فجأةً على ركبةٍ واحدة أمامي، ومدّ يده نحوي قائلًا:
“هل تمنحينني شرف الرقص معكِ، آيروبيل؟”
‘حقًا؟ في حين أن زوجتك صاحبة الحفل مختبئة في ركن القاعة، لا تكلّف نفسك حتى بإلقاء نظرة إليها؟!’
لم يكلّف نفسه حتى عناء ملاحقتها أو تهدئتها،
بل أخذ يلتصق بزوجة رجلٍ آخر… ما أوقحك!
كنت أريد أن أرفضه رفضًا قاطعًا،
لكن في مناسبةٍ رسميةٍ كهذه، ليس من السهل رفض طلب الإمبراطور.
وبينما كنت أفكّر في طريقةٍ لائقةٍ للرفض—
“إنها ترفض.”
تدخّل ريتشارد بدلًا عني، ونطق ذلك الرفض الصعب على الفور.
كأنه يقول: «وماذا إن كنتَ إمبراطورًا؟»
لم تظهر على ملامحه أدنى تردّد.
أطلق الإمبراطور ضحكةً خافتة.
“كنتُ أوجّه الدعوة إلى آيروبيل، لا إلى أخي الأكبر.”
“ومن لا يعرف ذلك؟ لقد تحدثت فقط نيابةً عن زوجتي، فآيروبيل سترقص معي.”
قال ريتشارد هذا، ثم أمسك بيدي وسحبني نحو قاعة الرقص.
“……ريتشارد؟”
“أعتذر لأنني جئت بكِ بهذه الطريقة دون استئذان.”
عذرًا، لكن قولك إنك آسف بينما تضع يدك على ظهري بكل ارتياح لا يجعلك تبدو آسفًا إطلاقًا، كما تعلم؟
“لم أستطع أن أسمح لآيروبيل بالرقص مع ذاك الرجل جيرار.”
“ولمَ لا؟”
“آيروبيل هي…”
وضع ريتشارد يدي على ذراعه الصلبة، ثم تابع حديثه وهو يتحرك بانسجام مع الموسيقى التي بدأت تُعزف من جديد.
“ألم تقولي إنكِ مهووسة بالجمال؟ لا أريد أن أبدو مغرورًا، لكن جيرار ذاك تربطني به صلة دمٍ ما، ووجهه… حسنًا، يمكن القول إنه خطرٌ بعض الشيء عليكِ. ماذا لو رقصتِ معه عن قرب وأُعجبتِ به؟”
“وهل ترى أن الرقص بهذا القرب منك أمر عادي؟”
“يمكنكِ أن تغمضي عينيكِ كما فعلتِ في الغرفة المشتركة.”
لم تكن فكرة سيئة في الواقع.
أغمضتُ عيني كما قال، وتركت نفسي تنساق مع إيقاع الموسيقى.
لقد قضيت سبع سنوات كمتدرّبة، وثلاث سنوات بعد الظهور الأول، وثلاث سنوات أخرى تعلّمتُ فيها الرقص الاجتماعي بصفتي آيروبيل.
ثلاث عشرة سنةً قضيتها في الرقص جعلت من الرقص مغمضة العينين أمرًا طبيعيًا بالنسبة لي.
«أنا لا أقول هذا لمجرد المجاملة… لم أرَ أحدًا يرقص بهذه الروعة من قبل.»
حتى ذلك الإمبراطور الغبي، الذي كان يظن أن الرقص الراقي مثل الفالس هو أرقى أنواع الرقص، لم يملك سوى أن يمدحني بإخلاص حين رأى رقصي الحرّ لأول مرة.
“……لماذا ترقصين بهذه البراعة؟”
يبدو أن ريتشارد شعر بنفس ما شعر به الإمبراطور، فسألني ذلك بنبرةٍ متعجبة.
فأجبته كما لو أن الأمر بديهي تمامًا:
“لأنني محترفة.”
“……ما العلاقة بين كونكِ محترفة وبين إجادتكِ الرقص وإتقانكِ الغمز؟”
أوه، صحيح… لقد تساءل سابقًا عن مهنتي وما يرتبط به من «تصرّفات».
“ماذا أفعل الآن؟ بإغماضي لعينيّ، أستطيع أن أشعر بعضلات ذراعك الصلبة أكثر، وقلبي، لا يتوقف عن الخفقان.”
قلت ذلك في محاولةٍ لتغيير الموضوع، ومع أنه خرج مني على عجل، إلا أنه كان صادقًا تمامًا.
لطالما كنتُ أظن من مظهره أن جسده متناسق، لكنني الآن، بعد أن لمستُ ذراعه مباشرة، أدركتُ كم هو مدهش فعلاً.
ذراعه ليست سميكةً بشكلٍ مزعج، بل بمقدارٍ مثالي، ورغم أنه لا يشد عضلاته إلا أنها متماسكة وقوية للغاية.
“ألم تقل إنك ستجعل نفسك قبيحًا؟ لكنني لا أنجذب للوجه فقط، بل للجسد أيضًا، فماذا سأفعل إذا كنتَ وسيمًا من الرأس حتى أخمص القدمين؟”
يبدو أن محاولتي لتغيير الحديث نجحت، إذ أغلق ريتشارد فمه أخيرًا ولم يُعلّق بعد ذلك.
وبفضل ذلك، مرّت بقية الرقصة بسلامٍ دون أي موقفٍ محرج.
وعندما انتهى اللحن، فتحتُ جفنيَّ ببطء، ثم تنفستُ بعمقٍ دون قصد، وأطلقتُ همسة إعجابٍ صادقة:
“واو…”
بعد أن كنتُ في ظلامٍ دامس، وجدتُ أمامي فجأةً وجهًا هو الأوسم في هذا العالم، يملأ مجال رؤيتي بالكامل… كان المشهد مذهلًا حدّ الخدر.
دُقّ… دُقّ… دُقّ
ازداد خفقان قلبي، وارتفعت الحرارة إلى وجهي.
وبما أن يديّ لا تزالان مستندتين على ذراعه المتصلّبة، بدا الإحساس أقوى مرتين من المعتاد.
“ريتشارد.”
“نعم.”
ناديتُه بصوتٍ منخفض بينما ألوّح بيدي أمام وجهي لتبريده من شدة الحرارة، فبادلني نظرةً تقول بوضوح: «ما الحماقة التي ستقولينها هذه المرة؟»
“إذا حدث أن سألتك فجأة عن عدد الأحفاد الذين تفضّلهم، فرجاءً، فلتصفع وجهي فورًا.”
“……الأحفاد؟ ما علاقة الأحفاد الآن؟”
“أتعلم؟ الأشخاص الذين يقعون في الحب بسرعة، يملكون عادةً تلك القدرة الغريبة على تخيّل المستقبل معًا — من خلافات الأزواج السخيفة حول من يحب الآخر أكثر، إلى سنوات الزواج الطويلة التي تنتهي بأن يجلسا محاطين بالأحفاد وأبناء الأحفاد حول طاولة العشاء نفسها.
لذا… إن أنا بدأتُ أتحدث عن الأحفاد، فذلك يعني ببساطة أنني وقعتُ في حبّ ريتشارد.”
“كنتُ أتوقع أن تقولِي شيئًا سخيفًا، لكنكِ تجاوزتِ كل توقعاتي حقًا.”
“أعرف، لديّ موهبة في ذلك.”
أجبت مازحةً، وما زلت أروّح عن وجهي المشتعل لأخفف الحرارة التي لم تذهب بعد.
راقب ريتشارد وجهي المتورد باهتمام قبل أن يسألني:
“هل تشعرين بالحرّ؟”
“لستُ متأكدة إن كان السبب حرارة المكان… أم أنك أنت من جعلني متوترة، لكن على أية حال، نعم، الجوّ حار.”
“…….”
ربما بسبب الإحراج، احمرّ وجه ريتشارد قليلًا هو الآخر، ثم تنهد بتعب وأمسك بأحد خدم القصر الإمبراطوري الذين مرّوا بالقرب منا.
“زوجتي تشعر بالحر، أظن أنه من الأفضل أن تفتحوا النافذة قليلًا.”
“آه، نعم، بالطبع. انتظروا لحظةٍ فقط، سأفتحها فورًا.”
انحنى الخادم بأدب ثم أسرع نحو النافذة.
لكن في تلك اللحظة بالذات—
“أيتها الثعلبة الوقحة!”
شراخ!
فجأة، انهمر شلال من الماء فوق رأسي!
تلاشت الحرارة التي كانت تحرق وجهي في لحظة، وفكرتُ على الفور:
‘آه… ما أروع هذا! كم هو منعش!’
يا تُرى، أيُّ ملاكٍ لطيفٍ هذا الذي قرّر أن يُنعشني بهذا الشكل؟
رفعت رأسي، فإذا بي أرى أنجي نيوكريست، الزوجة الثامنة عشرة للإمبراطور، تحدّق بي بوجهٍ غاضب.
قهقهت بضحكةٍ خفيفة ساخرة وقالت:
“سمعتُ أنكِ تشعرين بالحر، فأردتُ أن أرشّ عليكِ قليلًا من الماء البارد. هل أصبحتِ أكثر انتعاشًا الآن؟”
همم؟ ملامح وجهها غاضبة تمامًا، لكن كلماتها نفسها… تبدو لطيفة؟ أو ربما لا؟
أسلوبها هذا… مألوف جدًا. أين سمعتُ شيئًا كهذا سابقًا؟
«إن فتحتِ فمكِ بكلمةٍ أخرى، سأجعل هذا الجسد الهزيل ينتفخ حتى يصبح مترهّلًا!»
«إن لم تأخذي هذا العقد فسأجعل بطنك يطوي نفسه ثلاث طبقات كلما جلستِ!»
نعم، تذكّرت الآن — كاميلا وريتـشارد أيضًا كانا يعبّران عن
لطفهما معي بطريقةٍ غاضبة غريبة!
والآن أنجي أيضًا؟
عقدتُ حاجبيّ وسألتها بحذر:
“ربما أنا لستُ على اطّلاعٍ كافٍ، لكن… هل أصبح من الشائع هذه الأيام أن يُظهر المرء لطفه وهو غاضب؟”
═══∘ ° ❈ ° ∘═══
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 17"