005
لأنّ زواجي من ريتشارد كان السبيل الوحيد لمغادرة ذلك المنزل.
فبالنسبة لعائلتي، كنتُ أشبه بإوزّةٍ تبيض ذهبًا، بعدما اختارني الإمبراطور.
لو كنتُ قد غادرتُ المنزل دون الزواج من ريتشارد، لكانوا قد تعقّبوني بأيّ وسيلة، وسلّموني إلى القصر الإمبراطوري.
لهذا، كان الحلّ الأمثل أن أغادر المنزل بعد الزواج، حين أكون غير صالحةٍ لأن أصبح محظيّةً للإمبراطور.
كح، كح—!!
فجأة، سُمِع صوتُ سعالٍ شديد من مقعد السائق.
أوه، يبدو أنّ السعال قد اشتدّ عليه.
“…في الواقع، أظنّ أن السبب هو ما قالته الآن الآنسة.”
ما قلته أنا؟
كيف تحملتَ كلّ هذا الوقت؟
كنتُ أعيش على أمل اليوم الذي أتزوّج فيه منك.
آه… من يسمع هذا الكلام دون معرفة الحقيقة قد يظنّه مأخوذًا من قصّةِ حبٍّ عظيمة.
“يبدو أنّ خدم دوقيّة إريستاين الكبرى لا يعرفون بعد عن طبيعة علاقتنا.”
“على الأرجح لا.”
لا بدّ أنّهم يظنّون أنني أغريتُ الدوق الشمالي البارد في ليلةٍ وضُحاها.
هل يجب أن أشرح أنّنا في زواجٍ تعاقدي، لا علاقةِ حب؟
يونياس والإمبراطور يعتقدان أنّنا واقعان في حبٍّ حقيقي، لا في علاقةٍ قائمة على عقد. فلو عرف الخدم بالحقيقة وانتشرت الأقاويل…
نعم، من الأفضل إبقاء علاقتنا التعاقديّة طيّ الكتمان.
وبينما كنتُ أعقد العزم على ذلك، توقّفت العربة.
يبدو أنّنا وصلنا أخيرًا إلى قصر دوقيّة إريستاين الكبرى.
“واو…”
لم أتمالك نفسي، فخرجت شهقة إعجابٍ من بين شفتيّ بمجرد أن نزلتُ من العربة.
رغم أن الوقت كان قريبًا من الفجر، إلا أنّ القصر كان مضاءً بالفوانيس، وكأنّه ينتظر عودة سيده. كانت الأضواء كضوء النجوم.
وتحت وهجٍ غامضٍ يجمع بين نور الفوانيس والنجوم، بدا القصر أكثر فخامة.
قصر دوقية إريستاين، المتلألئ وسط الظلام، كان أجمل بكثير مما تخيّلته وأنا أقرأ عنه في الرواية.
حقًّا، ليس من العدم أن تُدعى دوقيّة.
لو رأت زوجةُ أبي، التي أنفقت كلّ الأموال التي جنتها من دموعي على تزيين منزلها، هذا القصر… كم كانت لتشعر بالحسد؟
“مرحبًا بعودتك، سموّ الدوق.”
انحنى كبيرُ الخدم الذي خرج لاستقبالنا بانحناءةٍ محترمة لريتشارد.
ثم، وكعادته، ألقى ريتشارد قنبلةً غير متوقّعة:
“هذه الآنسة آيروبيل هوبر، زوجتي اعتبارًا من اليوم. عامِلوها بأقصى درجات الاحترام.”
“…عذرًا؟”
“قلتُ إنها أصبحت زوجتي اعتبارًا من اليوم، لذا عامِلوها بما يليق بها.”
“يا دوق، لم يكن القصد أن تعيدها مرّتين…”
قول مثل هذا دون مقدّمة سيجعل الجميع يشكّ في سمعه.
كما هو متوقّع من الدوق الشمالي البارد — فظٌّ لأقصى حدّ.
“ماذا كنتِ تفعلين مع الدوق؟”
“تزوّجنا.”
“أفهم… مهلًا، ماذا قلتِ؟!”
“قلتُ إنّنا تزوّجنا.”
…أليس هذا ما قلته أنا؟
لكن بما أنّ يونياس لا يُعتبر إنسانًا بنظري، فلا بأس إن كان فظًّا.
“أعلم أنّ الأمر مفاجئ، لكني تزوّجتُ الدوق اليوم. وبسبب ظروفٍ معيّنة، اضطررنا إلى التعجيل، ولم نقم بحفل زفاف.”
“أ-أفهم…”
رغم شرحي اللبق، بدا أنّ كبير الخدم لا يزال مرتبكًا، ومع ذلك، انحنى باحترامٍ بالغ.
“شكرًا لتوضيحكِ… يا سيّدتي الدوقة.”
سيّدتي الدوقة.
سماع اللقب الذي كان يُنادَى به لوسيا وحدها، جعل الأمر يبدو واقعيًّا فجأة.
لقد استوليتُ حقًّا على مكانها.
الخدم، هذا القصر الفسيح، ريتشارد… كلّ ما كان من المفترض أن يكون ملكًا لها وحدها.
أنا آسفة، أيتها البطلة. سأستعير كلّ هذا لعامٍ واحدٍ فقط، ثم أعيده إليكِ.
فأنا مجرّد مستعيرةٍ لحياتها. يجب أن أحرص على ألّا أترك أثرًا خلفي.
سأستخدم من المال فقط ما يكفيني للبقاء، وسأبذل جهدي حتى لا أواجه زوجي كثيرًا، لدرجة أنّه ينسى وجودي.
“هل أُعدّ جناح الدوق ليكون غرفة نومٍ مشتركة لكما؟”
“أوه. ل-لا، رجاءً، لا!”
كان كبير الخدم يقترح كارثة.
كيف له أن يدفعني إلى مشاركة غرفة مع شخصٍ أحاول تفاديه؟
“غرفةٌ منفصلة. أو، لا… سأستخدم ملحقًا خارج القصر.”
“لا يوجد لدينا ملحقٌ مستقل.”
ماذا؟ قصر دوقي ولا يحتوي على ملحق؟!
“…هل ترغبين أن أبني لكِ واحدًا؟”
والآن، زوجي هو الآخر يتفوّه بكلامٍ خطير.
كيف يمكنه قول شيءٍ كهذا، كما لو أنه يعرض عليّ فنجان قهوة؟
لا بدّ أن المال لديهم وفيرٌ بدرجة لا تُصدَّق.
“لا بأس. أيّ غرفة نومٍ منفصلة ستكون كافية.”
على أيّ حال، سيعود ريتشارد إلى الشمال قريبًا.
حتى ذلك الحين، كان كلّ ما عليّ فعله هو الصبر. فبناء جناحٍ منفصل سيكون تبذيرًا لا يُغتفر، مهما كانت ثروة عائلة إريستاين طائلة. لا يمكنني هدر المال الذي من المفترض أن أعيده إلى لوسيا.
“كاثرين، أرشدي الدوقة الكبرى إلى جناحها.”
عند إشارة كبير الخدم، تقدّمت فتاةٌ سمراء البشرة كانت تنتظر بهدوء في الخلف.
“سأرشدكِ إلى جناحكِ، سيّدتي.”
“شكرًا لكِ، أعتمد عليكِ.”
كنتُ على وشك أن أتبع كاثرين، حين توقفت فجأة وركضتُ نحو ريتشارد.
“سيّدي الدوق… شكرًا لك. لو لم تتزوّجني، لكنتُ عشتُ حياتي في عذاب حتى متُّ.”
“لقد كنتُ بحاجةٍ إلى ذلك أيضًا، لذا ليس من داعٍ لأن تشكريني.”
“ومع ذلك… أشكرك أيضًا على تصدّيك ليونياس والإمبراطور. لم يكن ذلك شيئًا سيعود عليك بالنفع.”
“أنا ببساطة لا أحتمل الحشرات البشرية، لذا لا حاجة لشكري على ذلك أيضًا.”
هل هو تسوندري¹؟
[¹ الشرح: تسوندري (Tsundere): شخصية تتصرّف بفظاظة أو برود في البداية، لكنها تُظهر لاحقًا جانبًا لطيفًا وحنونًا، خاصة مع من تحب.]
أعلم أنه لم يفعل ذلك من أجلي بالضرورة، لكن هل يصعب عليه أن يقول فقط: “فهمت” ويمضي؟! تصرّفه هذا يهدّد قلبي الضعيف!
“سيّدي الدوق… إذا واصلتَ التصرّف هكذا…”
هل سيفهمني إن قلتُ: “رجاءً، توقّف عن التصرّف كتسوندري؟”
من الأفضل أن أصوغها بطريقةٍ قد يستوعبها.
“توقّف عن كونك… لطيفًا للغاية.”
وفي تلك اللحظة—
كح! كح! كح!!
أحم… كح—!!
انطلقت أصوات السعال من كلّ مكانٍ حولنا.
آه… تبًّا.
مرةً أخرى، تحوّل موقفٌ بريء إلى مشهدٍ يجعلني أبدو وكأنني زوجةٌ مغرمة لا تستطيع كبح مشاعرها علنًا.
لم أكن أنوي إخبار الخدم عن زواجنا التعاقدي، لكنّني بالتأكيد لم أرغب في أن أبدو كعاشقةٍ يائسة.
“أرجوك، تظاهر بأنك مغرور لدرجةٍ لا تُطاق… سيكون هذا أقرب إلى نوعي.”
همستُ بتلك الكلمات إلى ريتشارد، الذي، خلافًا للخدم المصدومين، بدا غير متأثّرٍ على الإطلاق.
يبدو أنه قد اعتاد عليّ أخيرًا.
“مفهوم. سأكون أكثر حذرًا من الآن فصاعدًا.”
“رائع. إذن، ليلة سعيدة.”
انحنيتُ برأسي قليلًا، ثم حثثتُ كاثرين، التي ما زالت في حالة ذهول، على أن تقودني إلى جناحي في الطابق الثاني.
وخلال كلّ ذلك، ظلّ وجه ريتشارد بلا أيّ تعبير يُذكر.
・ 。゚✧: . ꕥ . :✧゚. ・
“أتمنّى لك نومًا هانئًا، سيّدي الدوق.”
“حسنًا.”
أجاب ريتشارد بصوتٍ هادئٍ مقتضب، ثم أغلق باب غرفة نومه.
ثم…
“هاااه…”
أسند ظهره إلى الباب وهبط جالسًا على الأرض.
لقد التقى بعددٍ لا يُحصى من الناس الذين امتدحوا وسامته.
لكن لم يسبق لأيّ شخص أن قال إنّ كلّ حركةٍ منه آسرة حتى الاختناق، أو أنّ فيه شيئًا “جذّابًا” بذلك المعنى.
دوق، إذا واصلتَ التصرّف بهذه الطريقة…
توقّف عن كونك لطيفًا.
لطيفًا! من بين كلّ الصفات!
لقد سمع من قبل أوصافًا مثل “وسيم” أو “جذّاب”، لكن “لطيف”؟ تلك كانت المرّة الأولى.
حتى عندما كان صغيرًا، لم يُقل له ذلك. وبالنظر إلى بنيته الضخمة وطباعه القاسية، كأيّ رجلٍ من الشمال، لم يكن يتوقّع أن يسمعه يومًا.
لم يكن كأولئك المجانين في الروايات الرومانسية الذين يصرخون: “أنتِ أوّل امرأة صفعتني!” ثمّ يقع في الحب بجنون.
بل كان الأمر ببساطة…
مُحرجًا إلى حدٍّ كبير، ومربكًا على نحوٍ مؤلم.
كيف يمكن لأحدهم أن يقول مثل هذه الأشياء دون أيّ نيّةٍ عاطفية خلفها؟
مقارنةً بمجاملات الأرستقراطيات الممتلئة بالتكلّف، كانت كلماتها على مستوى مختلفٍ تمامًا.
لا—حتى كلمة “مجاملات” لا تفي بالغرض.
إنّه هوس المعجبين.
ورغم أنّ الكلمة تبدو مبتذلة بعض الشيء، إلا أنّ تصرّفات الآنسة آيروبيل لا يمكن وصفها إلا بهذا المصطلح.
・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ・
“زوجتي، مهما كانت مكانتكِ، فهناك أمورٌ يجب ألّا تُقال.”
رنّ صوتٌ منخفضٌ عذب، كأنه يخرج من كهف.
كان صوت ريتشارد.
“لماذا أشعر بهذا الدوار؟”
ولم يكن الأمر مقتصرًا على الشعور بالدوار، بل كانت رؤيتها مشوّشةً أيضًا.
تمكّنت بالكاد من إدراك أنّ ريتشارد كان غاضبًا، لكنها لم تستطع تمييز ملامح وجهه بوضوح.
“ما الذي يحدث، بحقّ السماء؟”
وقبل أن تتمكّن من سؤاله، وقد اعترتها الحيرة—
أدركت الحقيقة.
“الآنسة لوسيا فلورنس لطيفة؟ لا يوجد شيءٌ في هذا العالم ألطف من زوجتي.”
آه… إنّه حلم.
“…ما هذا؟”
ما إن أدركت أنها كانت تحلم، حتى استيقظت فجأة.
“يا له من حلمٍ سخيف.”
ريتشارد يراها ألطف من لوسيا؟ لا يمكن أن يكون هناك حلمٌ أكثر عبثيّةً من هذا.
بالمقاييس الموضوعيّة، كانت آيروبيل — أي نفسها — ذات ملامح مستديرةٍ وناعمة، تُضفي عليها مظهرًا لطيفًا.
ومع ذلك، لم يكن هناك أيّ احتمالٍ أن يرى فيها ريتشارد لطافةً من أيّ نوع.
فهو يملك بالفعل لوسيا — بطلة القصّة الحقيقيّة.
وليس هناك أدنى ثغرةٍ يمكنها أن تتسلّل منها إلى حياته.
“لكن، بالنسبة لحلم… لقد بدا واقعيًّا بشكلٍ مفرط.”
كأنّه حلمٌ تنبّؤي…
“لا، مستحيل. تماسكي! ليس حلمًا تنبّؤيًّا!”
هذه العادة البائسة في الوقوع في الحب بسرعة كانت دائمًا تدفعها للمبالغة في تفسير الأمور.
وذلك بعد لحظاتٍ فقط من إقناع نفسها بأنّه لا مكان لها بين ريتشارد ولوسيا!
“تماسكي!”
صفعت خدّيها محاولةً استعادة وعيها.
في تلك اللحظة، سُمِع طرقٌ على الباب.
“سيّدتي الدوقة الكبرى، هل استيقظتِ؟”
كان صوتَ رجلٍ لم أسمعه من قبل. من يكون؟
“من الطارق؟”
“أنا جايد ميوت، سكرتير الدوق.”
جايد ميوت؟
أهو نفس “جايد ميوت” الذي أدّى دور الشخصية الظريفة في زوجي التعاقدي غريب الأطوار قليلًا، والذي استحوذ على قلوب القرّاء بدوره الظريف؟
“آه، نعم! تفضّل بالدخول!”
لم أتمالك نفسي من الحماس، فارتفع صوتي تلقائيًا.
ثم فُتح الباب، ودخل شابٌ لم يتخلّص بعد تمامًا من ملامحه الطفولية، تتلألأ عيناه بفضولٍ ظاهر.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
الواتباد : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "005"