كان اليوم هو يوم طردي من القصر الإمبراطوري. كانت أمتعتي قليلة، ولم يأتِ أحدٌ ليودعني. قبل صعودي العربة، ألقيت نظرة أخيرة على القصر. ستكون هذه المرة الأخيرة التي أراه فيها، إذ لن أعود إليه أبداً.
قال السائق بهدوء وهو يراقب مزاجي: “سموّ الأميرة، حان وقت الرحيل”.
تحركت العربة، حاملةً سيدتها الساقطة، ببطءٍ وكأنها تندب قدري. كان ينبغي أن أشعر بالأسى على حالي وما حل، لكن بدلاً من ذلك…
‘نعم! أخيراً، لقد طُردت!’
وأنا أغمض عيني، ابتهجت بصمت.
‘لن أضطر لرؤية وجوه أوغاد القصر مجدداً! هذا رائع!’
مر عامٌ منذ أن انتقلت إلى هذا الجسد. الحياة كأميرة مجبرة على خوض صراعات سياسية القوة كانت مرهقة. كنت أترقب هذا اليوم بفارغ الصبر. لسوء الحظ، حدث تجسدي في وقتٍ مبكر للغاية، واضطررت للتحمل حتى اتهمني الأمير زوراً بعد أن سمّم نفسه.
‘الآن، لا مزيد من الدراسة، ولا مزيد من معارك الخلافة! هاها، سأعيش حياةً رائعة في العزلة!’
في رواية “الناجية في الأكاديمية”، أصبحت الأميرة مينيرفا، والدة الشريرة ريونا التي عذبت البطلة آيلا.
‘لن أنجب أي أطفال، لذا فقد انحرفت بالفعل عن مسار القصة الأصلية.’
على الرغم من أنني كنت أتجه إلى المنفى، لم يكن لديّ أي قلق بشأن حياتي.
‘حتى لو كان في الريف، امتلاك عقار خاص أمر رائع.’
لقد نالت مينيرفا إعجاب الإمبراطور بشكل كبير وكونت ثروةً خاصةً ضخمة. لحسن الحظ، طالما بقيت في المنفى، لن تُصادر ممتلكاتي.
‘آه، أن أعيش حياتي دون عمل، فقط أستمتع. هذا هو نعيم الأرض.’
مجرد تخيل كيف سأستمتع بحياتي جعل الأسبوع اللذي استغرقته للوصول يطمر بسرعة.
“سموّ الأميرة، لقد وصلنا.”
بعد أسبوع من السفر، وصلنا إلى فيكونتية مينتي. لم يكن للإقليم الصغير سوى قريتين: قرية غرين وقرية فران. كان منزلي الجديد قصراً على تلة في قرية فران. كان قديماً لكنه متين، مثالي لحياة ريفية هادئة.
كنت عازمة على الاستمتاع بما تبقى من أيامي هنا.
‘أولاً، علي أن أنام.’
لم أنم جيداً منذ زمن. بمجرد أن وصلت إلى البوابة الأمامية_مستعدة للاندفع نحو السرير_لفت شيءٌ انتباهي.
كانت كرة صغيرة من الفراء الأشعث، بحجم كفي بالكاد، متكورة في الزاوية. أدركت سريعاً ما هيتها.
“…قطة؟”
كانت هرةٌ متكورة قرب البوابة. وعندما هم الحمال_الذي كان ينزل أمتعتي_ بالاقتراب منها، أوقفته.
“سموّ الأميرة، قد تكون مريضة. دعني أتخلص منها.”
“تتخلص منها؟ هذه الهرّة؟”
“نعم… نعم.”
أومأ الحمال برأسِه وهو يبدو خائفاً ومحتاراً. تنهدت بسبب قسوة قلبه وتقدمت نحو الهرّة. حاول الأشخاص الذين تبعوني ثنيي، لكني تجاهلتهم.
انحنيت وبدأت أتفحص الهرة بعناية. عن قرب، كانت متسخة، مغطاة بالغبار والسخام، وعيناها مغمورتان بإفرازات. حتى أنها بدت مريضة.
فوجئت بوجودي، استيقظت لكنها بدت أضعف من أن تهرب، لذا أكتفت بالإرتجاف فقط.
لم يستغرق قراري وقتاً طويلاً. مددت إصبعي نحو أنف الهرّة.
ابتسمت للحياة الصغيرة التي بدت مألوفةً بشكل غامض، وسألت: “هل ترغبين في العيش معي؟”
حدقت بي الهرّة لفترة طويلة قبل أن ترمش ببطء، وكأنها تجيب.
مساعدتي السابقة، لويزا، التي بدت قلقة بشأن القطة أو ربما بشأني، سألت بقلق: “سموّ الأميرة، هل أنت متأكدة من أنكِ بخير مع هذا؟”
“لن آكلها. فقط أنهي عملك.”
“نعم، فهمت…”
علمت لويزا أنني أكره التكرار، فأغلقت فمها بسرعة.
كنت قد خططت للنوم فوراً، لكني احتجت لإطعام وتنظيف هذة الصغيرة أولاً. ماذا سأسميها؟
‘تبدو ضعيفة جداً. تحتاج لاسم قوي.’
الأسود من السنوريات أيضاً، أليس كذلك؟
قررت اسم الهريرة على الفور.
“أسلان.”
إنه اسم يعني “أسد”، يرمز للشجاعة. في هذا العالم، توجد كلمتان ترمزان للأسد: أسلان وريونا. كنت سأفضل ريونا ذات الوقع الألطف، لكن ذلك كان اسم الشريرة الأصلية_والتي وفقاً للقصة الأصلية_ ستكون ابنتي. لذا اخترت أسلان بدلاً من ذلك.
“مياو.”
بدا أن الهرّة فهمت اسمها الجديد وأصدرت أول صوت لها.
يبدو أن هذا الاسم يناسبكِ.
“فالتكبري لتصبحي وحشاً شجاعاً، أسلان.”
وأنا أمسح جبين أسلان، خطوت خطوتي الأولى داخل القصر. بدا أن حياتي في العزلة ستكون أكثر سعادة بفضل هذة الصغيرة.
* * *
مرت خمس سنوات.
تماماً كما تمنيت، كنت أعيش حياةً هادئة في العزلة. إحضار أسلان معي كان قراراً رائعاً. لم أكن أرغب قط في اقتناء قطة، ولكن الأمر كان مُرضياً ورائعاً بشكل لا يصدق! أن أشاهد كائناً حياً يكبر بصحة جيدة بجواري.
“أسلان، أين أنتِ؟”
أحياناً، اضطررت للبحث في القصر الكبير لأجدها عندما تختفي بداخله.
“مياو.”
كانت أسلان تستجيب دائماً لندائي على الفور، لذا لم تكن حيواناً أليفاً مزعجاً. سمعت مواءها من غرفة الملابس، فوجدتها مستلقية على ظهرها بين ملابسي كالمعتاد.
“ها أنتِ ذا.”
“مياو.”
ماءت أسلان بصوت رفيع لا يتناسب مع حجمها. فراؤها الكريمي الناعم وعيناها الخضراوتان الفاتحتان كالجوهرة، كانت بعيدتين كل البعد عن الهرّة المرتعشة المريضة التي وجدتها لأول مرة. لقد كبرت منذ زمن طويل لتصبح قطة بالغة بفراءٍ كثيف وبنية جسدية صحية. رغم أنها تجاوزت سن الطفولة بطبيعته المشاكسة، إلا أنها بالنسبة لي لا تزال طفلتي الظريفة البالغة من العمر خمس سنوات.
رفعتها ودلكت جبيني بجبينها.
“لنذهب لتناول الطعام.”
“مياو~”
أجابت أسلان كالإنسان تقريباً وارتاحت بهدوء بين ذراعي بينما أحملها إلى غرفة الطعام. أيام هادئة، ساكنة، ومريحة مع قطتي … هذه هي الحياة التي رغبت بها دائماً.
‘الهروب من القصة الأصلية سهلٌ جداً.’
طالما أنني لم أنجب أي أطفال فأنا خارج مسارها بالفعل! ألم يكن مستوى صعوبة هذا التجسيد منخفضاً للغاية؟
‘لو كان هناك متجسدون آخرون، فلا بد أنني حظيت بدور الأسهل بينهم.’
ما يُكتسب بسهولة يمكن أن يُفقد بسهولة. لذا، كل ليلة قبل النوم، كنت أتمنى نفس الأمنية.
‘أتمنى ألا أتورط مع القصة الأصلية حتى يوم وفاتي.’
بينما كنت أتمنى للقمر المرتفع خارج نافذتي، توقت أسلان عن اللعب بشريطها وقفزت إلى السرير. بعد أن أنهيت أمنيتي، غطيت نفسي بالبطانية، مستعدة للنوم. استقرت أسلان أيضاً بجانب كتفي، مستهيئة للنوم أيضا.
كان خريرها عالياً مثل محرك دراجة نارية. صنعت أسلان تموجات صغيرة في الوسادة أسفل رأسي عندما عجنتها بمخالبها الأمامية. ضحكت بخفة وخدشت جبينها.
“تصبحين على خير، أسلان. لنستمتع معاً غداً أيضاً.”
“ميا~.”
أجابت أسلان وهي تغمض عينيها نصف إغماضة وألصقت جبينها بذقني. هذه السعادة اليومية البسيطة تعد نعمة عظيمة.
‘أتمنى أن يستمر الحال هكذا غداً…’
كالعادة، تمنيت هذا وأنا أخلد للنوم بجانب أسلان.
ثم، في صباح اليوم التالي.
لعق، لعق.
“همم…؟”
استيقظت على إحساسٍ بلعق خدي. هل حان وقت الاستيقاظ؟ كانت أسلان توقظني دائماً بلعق خدي.
‘…لكن لماذا أشعر بأنه مبتل جداً؟’
لسان القطة خشن وليس مببلاً كثيراً. هذا الإحساس كان أشبه بلسان إنسان. علاوة على ذلك، كان شيء ثقيل يضغط على صدري.
هل كانت أسلان دائماً بهذا الثقل؟
بينما كنت أتساءل عن هذا، سمعت صوتاً بشرياً.
“…ماما!”
كان صوتاً لم أسمعه من قبل. غريب…. هل كان لدينا خادمة في القصر بصوت كهذا؟ عادةً ما توقظني خادمتي، لكن هذا لم يكن صوتها.
“…ماما!”
سمعته مجدداً. بالتأكيد لم يكن صوتها. من يمكن أن يكون؟ رغم أنني كنت فضولية، لم أشعر بالذعر. بغرابة، استطعت أن أشعر بالمودة في الصوت.
‘انتظري لحظة. حتى مع ذلك، لا يوجد أحد في القصر يوقظني بلعق خدي.’
ذُهلت، وفتحت عيني على اتساعهما. تجمدت في مكاني. كانت هناك، جالسة على صدري، فتاة لا أعرفها، تبلغ حوالي الخامسة من العمر. كان لديها شعر كريمي ناعم وعينان خضراوان فاتحتان وكانت تنظر إليّ من الأعلى.
“ماما، استيقظي. حان وقت ألعاب الصيد.”
“…؟”
ماذا؟ ماما؟ هل نادتني ماما للتو؟
كنت مندهشةً جداً لدرجة أنني لم أستطع الكلام، لكن الفتاة استمرت في إلحاحها.
“ماما، أسرعي! حركي قصبة الصيد من أجلي.”
“عمّ تتحدثين؟ من تكونين حتى تناديني ماما؟ وانزلي عني!”
لم أعد أتحمل أكثر، فقفزت من السرير. بشكل طبيعي، تدحرجت الفتاة التي كانت تجلس على صدري نحو أسفل السرير.
وعندما لم أجد كرة الفراء المنفوشة التي كان يجب أن تكون حولي، مما ادى إلى تولد شعور بالذعر.
أين أسلان، ومن هذه الفتاة؟!
لم أستطع أن أري قطتي أسلان، التي كانت تتفاعل دائماً عندما أستيقظ. لقد كانت نائمة معي، فأين ذهبت؟
“أ-أين طفلتي؟ أسلان!”
بدأت على الفور بالبحث عن أسلان. لكن القطة التي كانت تظهر عادةً أينما كانت عندما أناديها لم تظهر في أي مكان في غرفة النوم. بدلاً من ذلك، حصلت على رد فعل من الفتاة الصغيرة الغامضة.
“ماما، ماذا تفعلين؟ أنا هنا.”
“من تنادين ماما…؟!”
فجأة، لاحظت الشريط الأحمر حول عنق الفتاة.
‘انتظري لحظة، ذلك الشريط!’
كنت قد صنعت بطاقة التعريف تلك بنفسي لأسلان. لماذا كانت ترتديها؟
“أنتِ، أنتِ! ماذا فعلتِ بأسلان؟ أين طفلتي؟!”
بدأت عينا الفتاة تدمعان.
“ماما، ما الخطب؟ أنا أسلان. أنا ابنتك…”
“…ماذا؟”
ماذا سمعت للتو؟
بينما كنت أرمش محتارة، غير قادرة على معالجة ما قالته، تشوهت تعابير وجه الفتاة وبدأت في البكاء.
“ماما، أنتِ تتصرفين بغرابة اليوم. لماذا لا تدللينني؟ هل فعلت شيئاً خطأً؟”
هذا التعبير… كان نفس ما كانت تفعله أسلان كلما اعتقدت أنها في مشكلة.
هل يمكن أن تكون هذه الفتاة هي أسلان حقاً؟
“ماما، لقد كنتِ تتصرفين بغرابة منذ قليل. ألا تعرفينني لأنني أصبحت بشرية؟”
كان لديها أنياب أطول بقليل من الشخص العادي وعيناها الخضراوتان الفاتحتان كالجوهرة تميل تحو الأعلى قليلا. بدت مشابهة جداً لأسلان. ومشابهة بشكل مقلق لوصف الشريرة، ريونا، من القصة الأصلية.
سألت سؤالاً أخيراً، متشبثة بأمل ضئيل.
“…هل أنتِ حقاً أسلان؟”
“نعم!”
“كم عمرك؟”
“خمس سنوات!”
“متى عيد ميلادك؟”
“الخامس من مايو!”
“…….”
كان نفس اليوم الذي وجدت فيه أسلان. بدأت الفتاة التي تدعي أنها أسلان تشد ذراعي.
“ماما، لنلعب ألعاب الصيد!”
أسلان، التي كانت تحثني على اللعب بمرح، جعلتني أصرخ داخلياً.
ألم يكن من المفترض أن يكفي فقط ألا أنجب ابنة؟
لم يرد أي ذكر في القصة الأصلية أن الشريرة كانت قطة!
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
فاجعه المخلوقه المسكينه ماما ماما وزعلتي لما استنكرتك؟! 😭😭😭
شكرا على الفصل 💕
استمري ترجمتك روعه🔥