0
المُقدمة
حين كنتُ صغيرة، فقدتُ والديَّ معًا في حادث سير.
ومنذُ ذلك الحين، تنقّلتُ بين أقارب شتى، حتى انتهى بي المطاف إلى العيش مع عمّتي التي كانت ثريّة حينذاك.
غير أن الأقدار، وكأنها تسخر مني في أبشع صورها، أفلس عمل عمّتي خلال شهر من وصولي، وتدهورت ثروة العائلة سريعًا.
بالطبع، لا شكّ أنه مجرد صدفة.
لكن كلّما اشتدّت المحن، زاد ضعف الإنسان أمام الخرافات.
في تلك اللحظة، بدأ أفراد عائلة عمّتي ينظرون إليّ كما لو كنتُ دمية مشؤومة تجلب النحس. قالوا إنني كنتُ السبب في فقدان والديّ، والآن أنوي القضاء عليهم هم أيضًا.
وقفتُ مذهولة، غير أني لم أملك حتى القدرة على الاعتراض أو الشكوى من جور هذا الاتهام.
أي إنسان كان ليشعر بالمثل، لو رأى نظرات أفراد عائلة عمّتي.
نظرات حادّة لا تبحث سوى عن فرصة لافتراسي وتمزيق كلّ كلمة قد تخرج من فمي.
لذلك، لم يكن أمامي سوى أن أكتم الألم الذي اعتصرني حين قالوا إنني كنتُ سبب فَقْد والديَّ، وأتقبّل الإهانات صامتةً، خانعةً.
كانت كلماتهم دنيئة ووضيعة، لكن لم يكن ثمة قريب آخر يرغب في استضافتي، فاضطررتُ للبقاء في بيت عمّتي.
سواء غرقتُ أم نجوتُ.
كانوا من ذلك النوع من الناس الذين يتصيّدون أدقّ الأمور ليحوّلوها إلى معضلة؛ حتى ضحكتي، إن ضحكتُ، صارت خطيئة.
وهكذا تحوّلتُ من ‘الابنة الكئيبة’ إلى ‘الابنة ذات الابتسامة المشؤومة’ التي نجت بطريقة ما في ذلك البيت.
لحسن الحظ، أنقذني من الضياع وجود مكتبة قرب المنزل، كانت ملاذي الوحيد بعد انتهاء الدوام المدرسي.
كلّ يوم، بعد المدرسة، كنتُ ألوذ بتلك المكتبة، ألتقط أي كتاب يقع بين يديّ وأغرق في قراءته.
في البداية، لم يكن لديّ سوى وسيلة واحدة؛ أن أدرس جيّدًا.
لكن، ما إن تفوّقتُ على ابن عمّتي في الدرجات، حتى غدت أرضية غرفة تبديل الملابس، التي كنتُ أنام عليها، أشبه بجليدٍ صلد.
كان ربيعًا باردًا على نحوٍ مفزع.
ومنذُ تلك اللحظة، تخلّيتُ حتى عن الدراسة.
إن تفكّرتَ بالأمر، فإن الدراسة ترف لا يملكه إلا من يملك مستقبلًا.
ولم يكن ثمّة احتمال أن تدفع عمّتي مصاريف جامعتي، مهما كانت درجاتي.
وبصراحةٍ أكبر، سواء كان هناك مستقبل أم لا، كلّ ما كان يهمّني آنذاك هو دفء اللحظة الآنيّة.
وفي الاختبارات التالية، انهارت درجاتي تواضعًا.
لكن غرفة تبديل الملابس التي كنتُ أنام فيها لم تعرف الدفء مجددًا.
كنتُ قد ضقتُ ذرعًا بكلّ هذا الظلم حتى كدتُ أتناول القلم مرة أخرى، لكنني أحجمتُ عن ذلك، خشية أن يكون الطعام هو الشيء التالي الذي يُحرَم عني.
وهكذا، تشبّثتُ بالحياة بأظافري، حتى صرتُ طالبة في السنة الأخيرة من الثانوية، بمستقبلٍ مبهم.
من الناحية التقنية، كنتُ في التاسعة عشرة، طالبة ما قبل السنة النهائية، لأن الفصل الدراسي لم يكن قد بدأ بعد.
أما عن ذلك اليوم، التاسع من يناير……؟
فهو تاريخٌ غامض لا يحمل في طيّاته أي معنى أو مناسبة.
ومع ذلك، دفعني زوج عمّتي فجأةً ببعض المال قائلًا إنه يشتهي أكل كعكة، أي، ببساطة، أرادني أن أذهب وأشتري واحدة.
وفي طريق عودتي إلى المنزل، بعد أن اشتريت الكعكة لعائلة عمّتي.……
سكرييتـش- تـد!
وجدتُ نفسي ملقاة على الإسفلت البارد، أراقب دمائي وهي تنتشر على الطريق المعتم برعب.
وسط همسات الناس من حولي وصرخاتهم، كنتُ أشعر بحرارة جسدي تتلاشى شيئًا فشيئًا.
آه، يبدو أن سيارة قد صدمتني. وأنا على وشك الموت……؟
حياتي مرّت أمامي كالبرق، دون أن تترك خلفها ذكرى جميلة واحدة.
ورغم ذلك، اجتاحني حزن خفيف على هذا الرحيل الباهت.
إن كنتُ سأموت بهذه الطريقة.……
…فما المشكلة؟
ما الذي يعنيه موتي؟
حتى أنا لم أكن أعرف ما الذي أندم عليه الآن، فقد قضيتُ عمري كلّه أتظاهر بأنني لا أعرف ما الذي أريده.
دمعة وحيدة انسابت من جسر أنفي إلى خدّي.
توهّجت أضواء الإشارة، فتلاشى بصري في الضباب.
سُرعان ما ابتلع الظلام وعيي، وفي غمضة عين، كنتُ قد فارقت الحياة.
لكن.
“يا لها من آنسة جميلة!”
شعرتُ بشيءٍ غريب.
“شكرًا لك، يا إلهي……!”
“زوجتي العزيزة، لقد عانيتِ كثيرًا.”
“ابنتنا…هل وُلدت ابنتنا بصحة جيدة؟”
فتحتُ عيني على اتساعهما، ونظرتُ إلى وجه المرأة التي كانت تضمّني بين ذراعيها.
“نعم، إنها بصحة ممتازة……!”
غير أن المرأة التي كانت تتكلم بفرح التقت بعيني، فتبدّل وجهها فجأةً، وارتسمت عليه ملامح حيرة مبهمة.
يُتبع….
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 0"
شكرا على الترجمة 💞