My Beloved, Whom I Desire to Kill - 11
“إذن، هل عادَ حيًا هذهِ المرة؟”
“نعم، لقد عاد.”
“هذا أمرٌ جيد. لكن، بالطبع، مِنَ المؤسف أن الحرب ضد العدو الذي غزا عقله لم تنتهِ بعد.”
كانَ افتراضُ البروفيسور صحيحًا.
“إذا كانَ بحاجة إلى أي مُساعدة، يُرجى الاتصال بي من خلال هذا.”
أخرجَ البروفيسور بطاقة عمل من محفظته و ناولها لإدوين.
“سأتأكدُ من إيصالها إليه.”
تلقى إدوين البطاقة، مُعتزمًا إنهاء الحديث عن ذلك الجندي. إلا أن البروفيسور، بعدما أثارهُ الفضول، لم يستطِع التوقف.
“هل يُمكِنُك إخباري عن أعراضه؟”
“سيكونُ من الأفضل لو شرحها بنفسه.”
“آه، بالطبع.”
“بل أظنُ أنكَ قد صادفتَ حالاتٍ أكثرَ إثارةً للاهتمام، أليسَ كذلك، بروفيسور؟”
“بطبيعة الحال.”
عندما يجِدُ الباحث شخصًا مُهتمًا بمجال بحثه، خاصةً إذا كانت شخصيةً عامةً ثريةً و ذات مكانة، لا يسعهُ إلا أن يشعرُ بالحماس. تحدثَ البروفيسور بشغف عن مجاله البحثي.
“كما ترى، فإنَ الأسباب و الأعراض و التنبؤات تختلفُ اختلافًا كبيرًا من حالة إلى أُخرى، و لا يزالُ هذا المجال يكتنفهُ الغموض.”
“أفهمُ ذلك.”
“و لهذا السبب، من الصعب تشخيصه، كما أن هُناكَ العديد من التشخيصات الخاطِئة أيضًا.”
“هل هُناكَ حالات شفاء تام؟”
كانَ البروفيسور يبتسمُ طوالَ الوقت، لكن ملامحه سُرعانَ ما خيمَ عليها الظلام.
“بصراحة، إنها نادرة للغاية. فـبينَ الأمراض النفسية، يُعد هذا المرض من بين الأسوأ من حيثُ التوقعات المُستقبلية.”
“أفهم…”
“آه، مُنذُ حوالي عشر سنوات، استجابَ أحدُ مرضاي للعلاج بشكلٍ استثنائي…”
كانَ إدوين يستمِعُ بأنتباه، لكنهُ التقطَ شيئًا أثارَ اهتمامه، و كأنهُ يخفي فضولهُ وراءَ ستار من الاهتمام الأكاديمي.
“الطريقة التي استخدمتُها حينها كانت…”
“بروفيسور، أعتذر، لكن أمرًا طارئًا قد طرأ. هل يُمكننا مُتابعة هذا الحديث في وقتٍ لاحق؟”
“يا إلهي، لقد شَغلتُكَ أكثرَ مما ينبغي، أليسَ كذلك؟”
“بل العكسِ تمامًا. ينبغي أن أكونَ أنا من يعتذر. آمل أن نتمكن من ترتيب لقاءٍ مُنفصل للاستماع إلى التفاصيل. سأتواصلُ معكَ قريبًا.”
“نعم، صاحب السمو. سأكونُ في أنتظارك.”
ما إن أنهى إدوين الحديث على عجل، حتى عبر قاعة الرقص بخطوات سريعة، متجاوزًا الأزواج الذينَ كانوا يتمايلون على أنغام الموسيقى، مُتجِهًا مُباشرةً إلى الجهة المُقابلة.
“آه!”
لو تأخرَ قليلًا، لـكانت جيزيل قد نجحت في احتساء الشامبانيا التي تلقتها للتو من النادل.
“ما زالَ الكحول محظورًا عليكِ.”
“لكن…”
“عندما أقولُ لا، فهذا يعني لا.”
بلهجةٍ حازمة، زمت جيزيل شفتيها في امتعاض. في لحظاتٍ كـهذهِ، كانت تبدو كـطفلة بلا شك. و لهذا، كانَ الكحول أمرًا غير قابِل للنقاش.
أفرغَ إدوين بسرعة كأس الشامبانيا الذي لمستهُ جيزيل للتو، ثُمَّ أشارَ بعينيه نحوَ ساحة الرقص.
“آنستي الجميلة جيزيل، بما أنكِ حضرتِ إلى الحفل، ألن يكونَ من الأفضل أن تستعرضي فستانكِ الجديد بالرقص بدلًا من أن تُصبحي في حالة سُكر؟”
“هل تطلبُ مني أن أرقُصَ وحدي؟”
ما زالت جيزيل مُستاءة من انتزاع مشروبها، فـعقدت ذراعيها و اتكأت على الحائِط.
“ألم يكُن هُناكَ أي رجُل طلبَ منكِ الرقص؟”
“لا، لم يكُن هُناكَ أحد.”
مُستحيل.
بصفتهِ الوصيّ عليها لم يُبعد إدوين عينيه عن جيزيل حتّى أثناءَ حديثه معَ البروفيسور فليتشر.
خلالَ ذلكَ الوقت، لم يتوقف الشُبان عن الاقتراب من جيزيل و التحدث معها، لكنها صرفتهم جميعًا و ظلت واقِفة وحدها بجوار الحائط، و كأنها زهرةٌ منسية.
“من سيكونُ مُناسِبًا…”
مسحَ إدوين القاعة بنظراتِه، باحثًا عن شاب يعرفه.
يجبُ ألا يكون لديهِ شريكة. يجبُ أن يكونَ عُمره أقل من 22 عامًا. يجبُ أن يتحلى بأخلاقٍ رفيعة، و شخصية جيدة، و مظهر جذاب.
بعد تصفية الخيارات بهذهِ الشروط، لم يبقَ أحد.
مُزعج.
إنهاء حفلة التخرُج دونَ شريكٍ للرقص كانَ أمرًا مُخزيًا.
بصفتي الوصيّ عليها، بدا أنهُ يتعينُ عليّ التدخل و أكونَ شريكها في الرقص.
لكن…
أصبحَ عقلُهُ مُشوشًا.
“بالمُناسبة ، يا سيّدي.”
بينما كانَ إدوين يبحثُ عن شريكٍ للرقص، تحدثت جيزيل.
“رقصتي الأولى، أنا…”
ترددت، و نظرت إليه. بنفس النظرة التي كانت تُعطيها لهُ عندما تُريدُ شيئًا منه. و كانَ إدوين يعلمُ بما ترغبُ فيه دونَ أن يسمعَ الكلمات.
أُريدُ أن تكونَ رقصتي الأولى معكَ، يا سيّدي.
من خلال الأفكار المُشتتة في ذِهنه، قطعت هذهِ الفكرة الوحيدة.
تركُكِ تقفينَ كزهرةِ جدارٍ وحيدة سيكونُ أمرًا سأندمُ عليه.
بدأ إدوين برفعِ يدهِ ليعرُضها لها، لكنهُ تردد.
لكن… لكن…
أصواتُ أفكارٍ أُخرى ارتفعت، مما جعلهُ يتوقف.
بينما كانَ أحدُ الجوانِب صامتًا، لم يستطِع الآخر أن يمُدَّ يده.
و في تلكَ اللحظة من التردد، تدخلَ شخصٌ آخر.
“عُذرًا.”
اقتربَ رجُلٌ بدا في العشرينات من عُمره من جيزيل.
على الأرجح لم يكُن يُدرِك أنهُ يتدخل بوقاحة. من الخارج، لابُدَّ أنَّ الأمرَ بدا و كأن الاثنين لا يفعلان شيئًا.
كما كانَ مُتوقعًا، طلبَ الرجُل من جيزيل أن ترقُص معه، فـفوجئَ إدوين و دفعها بِرفق تجاهه.
بينما أخذت جيزيل يد الرجُل و تحركت نحوَ ساحة الرقص، نظرت إلى إدوين بوجنتين مُنتفختين.
أطلق إدوين ضحكة خفيفة.
لم يكُن غريبًا على الإطلاق أن ترقُص مع وصيّها، لكن السبب الذي جعلَ إدوين يترددُ في تقديم يدهِ لها…
الرقصُ معها كانَ سيزيدُ فقط من سوء الفهم غير المُبرر.
كانت جيزيل، بأعتبارها سيدة تقتحِمُ المُجتمع حديثًا، ستتعرضُ للشائِـعات الخبيثة، مما يُعطي ذريعةً لأولئكَ الذينَ يسعون لتشويهِ سُمعتها.
لذا، كانَ هذا هوَ الخيارُ الحكيم.
استندَ إدوين إلى نفس المكان الذي كانت تقِفُ فيهِ جيزيل، يُراقبها و هيَ ترقصُ معَ الرجُل الآخر.
و في الوقت نفسِه، كانَ يرفضُ النساء اللواتي حاولنَ الاقترابَ منه بعُذرٍ مُناسِب، مما جعلَ إدوين إيكليستون هوَ زهرةُ الحائِط الحقيقيّة في تلكَ الليلة.
وجههُ الذي كانَ عادةً خاليًا من التعبير، تشوّهَ للحظةٍ عندما رآى يد الرجُل ترتفِعُ عن خصر جيزيل ثُمَّ تعودُ لتلتفَ حولَ ظهرها. لقد لامست جلدها العاري.
“كيفَ تجرأ…”
توقفت جيزيل عن الرقص على الفور و قالت شيئًا، مما دفعَ الرجُل للاعتذار. لم يحدُث شيء غير لائِقٍ بعدَ ذلك.
لابُدَّ أنهُ كانَ خطأ، بما أنهُ سحبَ يدهُ قبلَ أن يتمكنَ أحدٌ من توبيخه. و معَ ذلك، بالنسبة لإدوين، كانَ الرجُل قد تمَّ استبعادُهُ بالفعل.
في وقتٍ سابق منَ اليوم، كانَ إدوين قد أخبرَ جيزيل أنها لا تحتاجُ إلى إذنه للتعامُل معَ أي شخص، لكنهُ ها هوَ الآن يُناقِضُ نفسه.
هل أنا حساسٌ جدًا؟
معَ ذلك، استمرَ في تثبيت نظرهِ عليهما، غيرُ راغِبٍ في خفضِ حذره.
🎶بالنسبةِ للجُنديّ، حُبه هوَ النورُ الذي يهديه🎶
في مكانٍ ما داخلَ عقله، بدأ صوتُ رجُلٍ يهمسُ بأنشودة معركة لعدوٍ بلُغةٍ أجنبيّة.
🎶حبيبتي جيزيل، إذا انتظرتِ مِن أجلي، سأعودُ إلى جانبك.🎶
كانَ التغيّرُ الماكِرُ لأسمِ الحبيب في أُغنية هيلغايان الأصلية إلى “جزيل” أكثرَ من أن يحتملهُ إدوين. فتنحى بعيدًا.
و في النهاية، لم يستطِع إدوين أن يواصلَ النظر إلى جيزيل حتّى توقفت الموسيقى. كانَ عليه أن يوقِفَ الصوت الذي بدأ يتسللُ إلى عقلِه و جسده.
اختفى السيّد.
بعد أن بحثت في داخل و حول قاعة آمهرست، عثرت جيزيل عليهٓ أخيرًا في رواق حديقة السماء.
كانَ رجُلاً طويلاً يستندُ إلى أحد الأعمدة بينَ الأقواس. لولا ضوءِ القمر الساطِع، لـرُبما لم تتعرف عليه.
لأن شيئًا غير مألوف كانَ مُعلقًا بينَ أصابعه.
“سيّدي، أنتَ تُدخن؟ مُنذُ متى؟”
عندما ظهرت فجأة و سألته، بدا مُحرجًا، كـمن يُكتَشف و هوَ يفعلُ شيئًا خاطئًا، فـعدل من وضعهِ المائِل.
رمشت جيزيل بعينيها الواسعتين، تُراقب شخصهُ غيرِ المألوف و هوَ يُطفئ سيجارته في المنفضة الموضوعة في الممر.
“هُناكَ شيءٌ يجِبُ أن أُخبركِ به.”
فجأة، تذكرت التحذير الذي أعطاهُ لها السيّد في وقتٍ سابقٍ من هذا المساء قبلَ دخولها إلى قاعة آمهرست.
إذا فعلَ هوَ شيئًا مُريبًا أو شعرت هيَ بعدم الارتياح، كانَ يجِبُ عليها أن تجري فورًا و تستدعي السيد روي، الخادم، و…
“إذا قُلتُ لكِ أن تجري، فأجري دونَ أن تنظُري إلى الوراء.”
كانت تلكَ عبارةٌ كانَ يقولُها أثناءَ الحرب. لكن الحرب قد انتهت.
و بالإضافة إلى ذلك، حتّى أثناءَ الحرب، لم يكُن هُناكَ موقِفٌ استدعى منها الهروب كما أمر. لا يُمكن أن يحدُث شيء من هذا القبيل في قلبِ مدينةٍ هادئةٍ و سلمية.
هل يُدرِكُ كم يجعلُ ذلكَ شكوكهُ أكثرَ وضوحًا؟
كانَ السيّد الذي تعرِفهُ جيزيل شخصًا يبتعِدُ عن كُلِّ شيء، من النساء إلى الملذات البسيطة مثل الكحول أو السجائر.
و معَ ذلك، ها هوَ الدُخان الأبيض يتسللُ بينَ تلكَ الشفاه الزاهدة. حدقت جيزيل فيه، و قالت بدهشة:
“أنت تبدو غريبًا الآن. هل يجِبُ عليَّ أن أركُض و أستدعي السيد روي؟”
هوَ ضحك.