اسمها كيم شي أوم، عمرها 59 عامًا.
كل ما تتمناه هو كنّة كابنتها، وأحفاد لطيفون كالأرانب.
هي أم كورية عادية تمامًا، بسيطة وواقعية، وأم لابنين.
فقدت زوجها في وقت مبكر، وتكفّلت بتربية ولديها بمفردها.
ورغم كل العناء، كبر الابنان وأصبح لهما وظائف محترمة،وكان ذلك أشبه بإنجاز مهمّة الأمومة بنجاح…
سوى أمرٍ واحد.
حقيقةً، هناك فقط أمر واحد ظلّ عالقًا في قلبها:
زواج الابنين… خاصة الكنّة الثانية!.
الابن الأكبر لم يتزوج بعد، أما الأصغر فقد تزوّج،لكن كلما نظرت كيم شي أوم إلى كنّتها الثانية،شعرت بمرارة في الحلق وألم في مؤخرة الرأس.
فمنذ البداية، كانت تلك الفتاة تبعث شعورًا ثقيلًا كئيبًا…
بلا أي لمحة من اللطافة، صوتها جامد، وماضيها كـ “يتيمة فقيرة”
ينضح من ملامحها وتصرفاتها.
وحتى إن كانت تجني مالًا أكثر من ابنها،فما الفائدة؟ نشأت دون أصول!
ورائحة الفقر التي التصقت بها… لا تُمحى بالمال.
كيم شي أوم لم تفهم أبدًا:
ما الذي رآه ابنها فيها؟
ولما سألت، أجاب فقط: “لأنها طيبة.”
لكنها لم تكن طيبة كما يدّعي… بل رأت أن ابنها المخدوع قد تزوّجها غصبًا.
والآن، بعد ثلاث سنوات زواج، آن الأوان أن يسقط غشاء الوهم من عينيه.
كم هو رجلٌ حقيقي إن لم يفكر بامرأة أخرى بينما زوجته بهذا الشكل؟
لقد قبلتُ بها فقط لأنها كانت مطيعة… لكن حتى هذا لم يعد مجديًا.
ثم…
حدث ما لم يكن في الحسبان.
تحطّمت الطائرة التي كانت على متنها مع ولديها، والمديرة التي تعمل في مقهى ابنها الأصغر.
ظنّت أنها ستموت… لكنها استيقظت لتجد نفسها في عالم آخر تمامًا!.
هنا، أصبحت البارونة فلورانس، سيدة نبيلة!
قال لها ابنها إن “النبلاء” هنا يشبهون “اليانغبان” في مملكة جوسون، وأن لديها خدمًا ومالًا وفخامة تفوق الخيال.
منزل ضخم، أثاث باهظ، أدوات مائدة لم تكن تجرؤ على لمسها في الماضي…
والأهم، خدم لا يتوقفون عن العمل لحظة واحدة.
كيم شي أوم لم تستطع إخفاء سعادتها.
“هذا جزاء الحياة النزيهة!”
جسدها أيضًا تغيّر: أصبحت أصغر سنًا، ذات شعرٍ وعيون بألوان غريبة،
لكن المظهر الجديد راق لها كثيرًا.
لكن أكثر ما أعجبها…
“وأين دا–إن؟”
أدركت فجأة أن ابنها الأكبر أصبح الآن فلورانس الابن البكر،
وابنها الأصغر أيضًا من نفس العائلة النبيلة…
لكن…
“هل نحن الثلاثة فقط من انتقلنا؟”
دا إن، الكنّة المزعجة… لم تكن هنا!.
ولا حتى مديرة المقهى التي كانت تتقرب من ابنها الأصغر.
رغم أنها بدت أكثر دلعًا وربما “أفضل قليلًا” من دا إن،
إلا أن كيم شي أوم لم تقتنع بها أيضًا.
“إذاً، أنتما الاثنان غير متزوجَين في هذا العالم، صحيح؟”
يا لها من فرحة!.
“هذه فرصتي! في هذا العالم… سأختار بنفسي كنّة تعجبني!”
صرخت كيم شي أوم بفرح:
“يا إلهي، أهذا حقيقي؟!”
أُقيم الحفل الإمبراطوريّ ببذخٍ ونجاحٍ باهر.
وكانت كيم شي أوم، مرتديةً فستانًا فاخرًا، تتناول كأس شمبانيا سلّمه لها أحد الخدم.
ومن خلف زجاج الكأس الشفّاف، راحت تنظر بنظرةٍ حادّة تمسح بها الشابّات النبيلات واحدةً تلو الأخرى.
قيل إن حفلات الرقص هنا تؤدّي غالبًا إلى الزواج.
يختار النبيل الفتاة التي تعجبه، يدعوها للرقص، يتحدثان، فيتعارفان.
وفوق ذلك، فالعروس هي التي تأتي بالمهر؟
هكذا يجب أن يكون الأمر.
أليس الزوج هو من سيكفل لها الطعام والمأوى لبقية حياتها؟ فمن الطبيعي أن تأتي ومعها المال.
كيم شي أوم تابعت مراقبتها للحاضرات وهي في قمة الرضى:
“لِنرَ… أين سأجد الفتاة المناسبة لولديّ؟”
قبل الحفل بفترة، بذلت جهدًا خارقًا –رغم ذاكرة رأسها الضعيفة– لحفظ تسلسل الطبقات النبيلة.
كل هذا فقط من أجل زواج ولديها.
فحتى إن كانت الفتاة من عائلة نبيلة، فلتكن من طبقة أعلى!
وإن كانت من طبقة أدنى، فلتكن على الأقل وريثة لثروة ضخمة تُغري أي حموّة ذكية.
“لِنرَ من ستليق بابني الكبير والصغير…”
لكن في تلك اللحظة بالذات، بينما كانت كيم شي أوم تبرق بعينيها باحثةً عن “كنّة المستقبل”،لمحت مشهدًا في زاوية القاعة.
فأسرعت إلى هناك، وصرخت وهي تضرب كتف ابنها الأكبر الذي كان قد بدأ للتو يطلب رقصة من شابة خجولة من عائلة بارون:
“أنت!!”
“آه، لكنها صغيرة وجميلة!”
بيونغمين، ابنها الأكبر، لا يزال في أواخر الثلاثينات، لكنه لم يستطع أبدًا أن يقلع عن مطاردة الفتيات في العشرينات.
كم حذرته من مطاردة الفتيات الصغيرات، وكم أخبرته أن عليه أن يسعى لما هو “مفيد” لا “جميل” فقط!.
سحبته إلى طرف القاعة وهو يعبّر عن خيبة أمله:
“لكنها من طبقة البارون، وجميلة وصغيرة، لمَ الرفض؟”
“نحن نملك معرفة من عالم مختلف! هل تظن أننا مثلهم؟ نحن لسنا عاديين! العباقرة لا يليق بهم سوى العباقرة أمثالهم!”
وما إن التفتوا حتى رأوا شابًا آخر يطلب رقصة من تلك الفتاة.
عبس بيونغمين وقال بضيق:
“سبقني ذلك الأحمق! كانت تعجبني، ناعمة وبشرة ناصعة… أمي، ركّزي على أخي بدلًا مني.”
“أمك تؤمن بأنك لو وُلدت في عائلة ذات نفوذ، لكنت رئيسًا أو حتى ملكًا! لكني لم أتمكن من دعمك بما فيه الكفاية، ولهذا لم تصل لما تستحقه. لهذا عليك الآن أن تختار زوجة تليق بك! افهم ما أقول!”
وفي تلك اللحظة، فُتح الباب الكبير في الطابق الثاني.
وصاح الحارس بصوتٍ جهوري:
“دخول سموّ وليّ العهد وسموّ الأميرة!”
استدارت كيم شي أوم بسرعة، كصقر لمح طريدته.
فالأميرة كانت على رأس قائمة “كنّات الأحلام” لديها.
وليّ العهد، المرشّح الأقوى ليصبح الإمبراطور، يحبّ أخته حبًّا جمًّا.
لو زوّجت ابنها الأكبر بالأميرة، فستكسب عائلة ملكيّة كداعم قويّ!.
لاحظ بيونغمين نظرة أمه، فتمتم:
“أمي، نحن فقط عائلة بارون، لا تنسي.”
“وما في ذلك؟ ألسنا من النبلاء أيضًا؟!”
كلا الابنين يفتقران للثقة، رغم أنهما ليسا ناقصي شيء!
فقط لأنهما لطيفان وبسيطان… لا يعرفان حتى كيف يطمعان بالقدر المناسب.
ثم…
“دخول الآنسة ريدين مكّوري من عائلة الكونت مكّوري!”
عاد الهمس يعمّ القاعة بعد لحظة الصمت التي صاحبت دخول الأميرة وولي العهد.
اتجهت أنظار الجميع نحو الطابق العلوي، حيث دخلت شابة بثياب فاخرة.
شعرها كضوء القمر، وعيناها زرقاوان كصفاء السماء.
الجميع كان يحدّق بها.
لكن المدهش لم يكن جمالها فقط…
بل من كانت ترافقها—الإمبراطورة بنفسها، كانت الشافيرون الخاص بها.
“جلالة الإمبراطورة شخصيًّا؟!”
“من تكون هذه الفتاة…؟”
ضاقت عينا كيم شي أوم وهي تحدّق في الشابة.
ريدين مكّوري… ظنّت أن عائلتها قد أفلست بعد وفاة الوالدين.
لكن في الآونة الأخيرة، ظهرت شائعات عن قرب زواجها من دوق!
“لا دوق سيتزوج يتيمة مفلسة من دون سبب… فلا بد أن هناك سرًّا—أموال طائلة، لا شك!”
عندها رسمت خطّتها الجديدة:
الأميرة لابني الأكبر… والكونتيسة الشابّة لابني الأصغر!
خطة مثالية.
“البنات الثريات المدلّلات سهلات التعامل… لايملكن غير المال، وهؤلاء سهل قيادتهم.”
رفعت كيم شي أوم ذقنها باعتزاز.
الكنّة المنتظرة قد ظهرت، وحان وقت التحرّك.
قبل أن يتقدّم أحدٌ آخر لطلب رقصة منها…
دفعَت ابنها الثاني من ظهره وقالت:
“اذهب أولًا!”
لكن—
“دا إن…؟”
همس ابنها الثاني بدهشة، بعينين وكأنه قد رأى شبحًا…
ثم بدأ يتّجه نحو الكونتيسة بخطى ثابتة.
من دون أن تُجبره أمّه… بل من تلقاء نفسه!.
“لماذا تبحث عن من ليست هنا، يا للعجب… لكنها دائمًا كانت طيبة القلب، يا للقلق.”
عندما ذكر ابنها اسم كنّتها الثانية دون أن ينتبه، رفعت كيم شي أوم شفتيها بضيق.
فهي لم تتخيل حتى في أسوأ كوابيسها، أن الآنسة ريدين مكّوري قد تكون هي كنّتها السابقة، جونغ دا إن.
“آنسة مكّوري! امنحيني شرف الرقصة الأولى!”
“أرجوكِ، امنحيني هذه الرقصة!”
“حتى لو لم تكن الرقصة الأولى، اكتبي اسمي على بطاقة رقصك المتلألئة!”
❈❈❈
‘هاه… حتى هذا ليس بالأمر السهل.’
تمتمت دا إن بتنهيدة ارتياح وهي تصل إلى غرفة الزينة.
خمس دقائق فقط منذ بدء الحفل، لكنها كانت قد غادرت القاعة، مرهقة من حشود الرجال الذين التفوا حولها.
في حياتها الثانية، أصبحت تعيش كنبيلة مكسوة بأغلى الثياب والمجوهرات، لكن… لم يكن الأمر سهلًا كما يبدو.
لكن رغم كل شيء…
“حياة بلا حماة مزعجة، ولا أخو زوج وقح، ولا زوج خائن… إنها أفضل حياة ممكنة!”
مقارنةً بحياتها السابقة، كانت هذه حياة الأحلام.
وفي تلك اللحظة، سقط ظل طويل خلفها وهي تبتسم لنفسها.
“هاه!”
“أ… أمي؟!”
من وقفت أمامها كانت سامانثا كينوولف، سيدة دوقية كينوولف، أقوى دوقية في الإمبراطورية الشرقية…
وحماتها المستقبلية.
“عزيزتي، بحثت عنك طويلًا، وأخيرًا وجدتكِ.”
“بحثتِ عني؟”
“نعم، هل أزعجك أحد مجددًا؟ مثل تلك المرة، مع زوجة البارون فلورنس؟”
في تلك اللحظة، انخفضت نظرات سامانثا فجأة، وغدت أكثر برودًا.
لكن سرعان ما ارتسمت على وجهها ابتسامة دافئة وكأن شيئًا لم يكن، وقدّمت صندوقًا مخمليًا فخمًا وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة طويلًا.
كان داخله تاج من الألماس يلمع ببريق ساحر.
لكن… دا إن كانت قد ألغت بالفعل خطبتها من عائلة الدوق.
“لو قبلت هذا، فلن أستطيع الهروب!”
امتقع وجه دا إن وهي تلوّح بيديها رفضًا.
“أمّاه، ما زلت لا أجيد الرقص جيدًا، وإن وضعت شيئًا ثمينًا كهذا، قد يسقط أثناء الرقص…”
“أوه؟”
أمالت سامانثا رأسها باستغراب، وكأنها لا تفهم.
“وإن سقط ما أهديتكِ إياه؟ ما المشكلة؟ سأشتري لكِ غيره.”
(مشكلة كبيرة جدًا طبعًا!!!)
صرخت دا إن في داخلها بيأس.
‘ أنا لا أريد أن أكون من أشيائك يا أمّاه! ابنكِ هو بطل رواية من نوع “الندم”، أتفهمين؟!.’
ثم خطر ببالها وجه إيدن كينوولف، دوق هذه الرواية، وزوجها الذي كاد أن يكون.
عينيه السوداوين ونظرته الغريبة التي كانت دومًا تثير قلقها…
“لا داعي لأن نكون على وفاق. إنه زواج سياسي مبني على تبادل المصالح، فلنؤدّ كلانا دوره، وهذا كل شيء.”
كلما تذكّرت كلماته الباردة والقاسية، كل وسامته لم تكن تكفي لتثنيها عن قرارها.
فوق كل ذلك…
إن كانت عائلة زوجها السابقة عادية…
فالدوقية تشبه بيت الزوج بكل ما تحمله الكلمة من معنى: الضغوط، التحكم، العيش على حافة الانفجار.
كانت بالكاد تنجو من “الزواج” في حياتها السابقة، فهل عليها أن تمر بما هو أسوأ؟ مجددًا؟!.
وقفت دا إن أمام “حماتها المنتظرة”، التي كانت تنظر إليها بعينين متوهجتين كمن وجد كنزًا…
وأغمضت عينيها بخوف.
__________________________________________
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•
حسابي على الإنستا:
https://www.instagram.com/empressamy_1213/
حسابي على الواتباد:
https://www.wattpad.com/user/Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 0"