بييب—
توقف الصوت الذي ظنّت أنه سيستمر إلى الأبد.
ثم سُمع صوت طرق مألوف.
طق، طق.
“هل يمكنني الدخول؟”
يبدو أن حاصدي الأرواح في هذا الزمان يطرقون الباب قبل أخذ الأرواح… كم هم مهذبون.
حسنًا، أنا مستعدة لتحمّل عاقبة ذنبي، لعدم قدرتي على حماية سعادتي.
“تفضل بالدخول…”
دا إن كانت قد أغلقت عينيها بهدوء، ثم سألت:
“في أي جحيم سأسقط؟”
“نعم؟”
من أثقل ذنبًا: من تسبب في تعاسة الآخرين، أم من أهمل نفسه وأغرقها في التعاسة؟.
أرادت أن تصدّق أن الثاني أهون، لكنّها لم تكن واثقة.
“هل جرمي كبير؟ كم سنة من العذاب سأقضي؟”
إن كانت لديك فكرة، ألن تلمّح لي، يا سيدي الحاصد؟.
“ذنبك… ثقيل جدًا.”
آه، فهمت.
بينما كانت دا إن تبلع دموعها بصمت، إذا بالصوت يقول:
“آنسة ماكري! لم تتناولي العشاء حتى! إن كنتِ ستنامين، على الأقل أغلقي النافذة كي لا تصابي بالبرد! هل تريدين أن تقابلي الدوق وأنت تسعلين أمامه؟!”
في صوت التوبيخ ذاك، التقطت أذناها اسمًا واحدًا مألوفًا.
“ابنة عائلة ماكري؟”
ردّدت الاسم بذهول، ثم فتحت عينيها.
رفعت جسدها عن السرير فرأت نفسها في غرفة خشبية كلاسيكية، كأنها من عالم قديم.
سيدة في منتصف العمر كانت تغلق النافذة، وردّت:
“ولمَ تتحدثين عن اسمك وكأنه اسم شخص غريب؟”
“اسمي؟… لا يعقل…”
ريدين ماكاري؟ تلك الشخصية من الرواية التي صممتُ غلافها قبل فترة؟.
تحسست مؤخرة رأسها بقلق… لا جرح… بل انسياب خصلات شعر ناعم وطويل بين أصابعها.
‘ أنا… هل متُّ… ودخلتُ عالم الرواية؟!’
ريدين ماكاري كانت “الشريرة” في رواية < لا مشكلة مع البطل النادم.>
كانت خطيبة البطل التي ارتبط بها قسرًا لتكون مهدّئًا له بسبب لعنة تضطره للجنون.
الرواية ما زالت حديثة في ذهن دا إن، فقد قرأتها للتو.
“هاه…”
في الرواية، تقع البطلة بالصدفة في طريق البطل، فيقعان في الحب.
لكنّ البطل كان يعلم أن ظروفه العائلية ستجعل من علاقتها به جحيمًا، لذا كان يعاملها ببرود متعمّد.
وفي خضم ذلك، يتزوج ريدين زواجًا سياسيًّا.
البطلة تراقب زواجه من بعيد، عاجزة عن الابتعاد عنه… والبطل كذلك.
فيتسلل لرؤيتها حتى بعد زواجه.
وهنا تبدأ المأساة…
البطلة تكاد تفقد عقلها من شدة الحب والألم، والزوجة ريدين تعتقد أن سبب تعاستها هو البطلة، فتنقلب إلى شخصية شريرة مؤذية.
ثم، حين لم تعد البطلة تحتمل، تقرر مغادرة حياته.
وهنا فقط يدرك البطل أنه لا يستطيع العيش من دونها، فيلحق بها ويعترف بكل شيء.
يعترف أنه حتى لو مات بسبب اللعنة، يريد فقط أن يكون بجوار من يحب.
أما ريدين؟ فمصيرها كان مظلمًا.
تنكشف جرائمها ضد البطلة، فيمقتها زوجها وعائلته، ويتم نفيها.
دا إن شعرت بانقباض في قلبها.
لقد ماتت يوم اكتشفت خيانة زوجها… بعد حياة من الإهانة والذل من حماتها.
وها هي تُبعث من جديد… في جسد شخصية ستلقى المصير نفسه؟.
مرة أخرى، عليها أن تعيش مع حمًاة مؤذية… وزوج خائن؟!
هل هذا… عقابي؟
اندفعت نسمات المساء من هذا العالم الجديد إلى صدر دا إن، فملأت رئتيها بعمق.
شعرت وكأن أحدهم يعبث بها بمزحة سخيفة.
ولكن!
ركضت إلى النافذة.
فتحتها على مصراعيها بعد أن كانت قد أُغلقت للتو، وأخذت نفسًا طويلًا.
“أهلًا بك!”
العالم الجديد… عالم الرواية… كان مرحّبًا بها.
لم يكن هناك ما تندم عليه في حياتها السابقة.
لقد حاولت، ولكن لم يبقَ شيء لتحبه.
أما هنا؟ فلا حمًى مزعجة، ولا زوج خائن!.
صحيح أن هذا ما سيحدث لاحقًا، لكن ما دام لم يحدث بعد… فهي قادرة على تغييره!
طالما أن ريدين ما زالت تقيم في النُزل، فهذا يعني أن الرواية في بداياتها!
“آنستي، هل تشعرين بالاختناق؟ لكن سأغلق النافذة على كل حال. الليل قادم، وإن دخلت الأرواح الشريرة، فماذا سنفعل؟”
بما أنها الآن في جسد ريدين، فقد عرفت أن هذه السيدة المتوسطة العمر تُدعى كوريل، المربية القديمة لها.
نظرت إليها دا إن بحنان وسألتها:
“بالمناسبة، يا كوريل… أين الآنسة هيرن؟”
توقفت كوريل لحظة.
“لم أجد سوى وجبة عشاء واحدة… هل تأكل الآنسة هيرن في مكان آخر؟”
تذكرت دا إن أن في بداية الرواية، كانت البطلة ماري هيرن وريدين تقيمان معًا في نُزل أثناء توجههما للعاصمة استعدادًا لموسم الظهور الأول.
وقد شاركتا الغرفة نفسها.
لكن الآن… لم ترَ لها أثرًا.
“الآنسة هيرن؟”
نظرت إليها كوريل بدهشة، ثم جاء الردّ الصادم:
“عادت إلى منزل عائلتها، منزل البارون… ألا تتذكرين؟”
تجمدت دا إن في مكانها من شدة الذهول.
أن تهرب البطلة منذ أول الرواية؟!
“لا… لا يمكن هذا!”
❈❈❈
بعد بضع ساعات…
تسللت دا إن من النُزل بعد أن خدعت المربية.
سارت وسط الظلام متكئة على وهج مصباح زيت.
“يا بطلتنا، لماذا فعلتِ هذا؟!”
ففي هذه الليلة بالذات، يجب أن يلتقي البطل والبطلة.
فهما يتقابلان في الغابة، حين تنقذ البطلة حياته، وهنا تبدأ القصة.
لكن بما أن البطلة هربت… فلا بد أن أذهب أنا لإنقاذه!
الليلة كانت ليلة خاصة تُعرف في الإمبراطورية باسم “ليلة الافتراس”.
تُقال عنها الأساطير أن الأرواح الجائعة في الظلام تنهش أرواح البشر إن وجدوا في العراء.
ولهذا يدهن الناس أبوابهم بدماء الحيوانات، درءًا للشر.
لكن دا إن مضت بثبات وسط الظلام.
تُردد في سرّها:
“لم يحدث للبطلة شيء في الرواية، فلن يصيبني أنا أيضًا.”
الخوف من أن يفشل هذا العالم الجديد بسبب موت البطل كان أقوى من خوفها من الأرواح.
“لابد أنه مذعور الآن.”
خصوصًا أن الليلة تشهد اكتمال القمر، ما يجعلها الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للبطل.
في الرواية، تنقطع ذاكرته للحظات.
وحين يستعيد وعيه، يجد نفسه ممسكًا بخنجره المفضل.
والخنجر… مغطى بدم مساعده الوفي.
ورغم أن المساعد يعتذر ويطمئنه، إلا أن البطل لم يكن على ما يُرام.
فقد كانت تلك المرة الأولى التي يفقد فيها السيطرة تمامًا تحت تأثير اللعنة المتوارثة في عائلته.
ومن شدة خوفه من أن يؤذي من يحب، هرب إلى الغابة وقيّد نفسه.
وهناك، تلتقيه البطلة المصادفة.
يبقى سالمًا طوال الليل فقط بفضل أحاديثها المتواصلة.
لكن الآن؟ لا بطلة هناك.
“أين هو؟”
حين بدأت رطوبة ضباب البحيرة تلتصق ببشرتها، أدركت أنها اقتربت من الموقع الصحيح.
لكنها لم ترَ البطل بعد.
“….!”
فجأة، سمعت صوت شيء سقط في الماء.
تلفتت بسرعة، ورفعت المصباح.
ورأت تحتها… بحيرة سوداء تمتد.
تتموج المياه ببطء.
“م- من هناك؟!”
كان صوتها يرتعش، مثل نعجة ضائعة.
وبينما تحاول ضبط أنفاسها، بدأت دوائر الماء تتسع أكثر فأكثر.
ثم…
ظهر ظل ضخم من عمق البحيرة.
ارتجف جسدها وتجمدت، لكن عينيها ضاقتا وهي تحاول التمييز.
رجل… يخرج من الماء ويتقدم نحوها.
وأخيرًا، حين دخل في مدى ضوء المصباح… ظهرت ملامحه.
تحت الظلام المُزاح، وتحت خصلات الشعر المبللة…
رأته.
ذلك الوجه… وتلك العينان السوداوان الحادة التي كانت ترقبها بثبات.
كان هو.
بطل الرواية.
__________________________________________
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•
حسابي على الإنستا:
https://www.instagram.com/empressamy_1213/
حسابي على الواتباد:
https://www.wattpad.com/user/Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 1"