“انظروا هناك. إنها عربة دوق عائلة كينوولف.”
“من بداخلها؟”
“وماذا يشترون من بيت الدوق؟”
كانت العربة تحمل شعار العائلة: الغريفين، مخلوق أسطوري نصفه نسر ونصفه أسد.
تعلقت أنظار الجميع بباب العربة، وحين فُتح، خرجت منه كبيرة وصيفات الدوقة.
حتى لو كانت الخادمة الكبرى تشتري شيئًا شخصيًا، فهذا يعني أن البضاعة مخصصة للدوقة ذاتها.
“……مرحباً!!”
ركضت السيدة مادلين، وهي تفرك يديها بارتباك.
ابتسمت الخادمة وقالت بهدوء:
“أيمكنك أن تحزمي لي أربعة صناديق؟”
“أربعة صناديق؟ بالطبع!”
كانت يدا مادلين ترتجفان، لكنها مع ذلك رتبت الخبز بعناية داخل صناديق صفراء أنيقة.
توقّف المارة جميعًا، يراقبون المشهد بصمت. تجمّد الشارع كله.
ومن بينهم رِيدين.
هاه؟ لماذا عادت مادلين إلى الداخل؟
تساءلت رِيدين بدهشة وهي تراها تعود إلى المتجر بعد أن وضعت الصناديق داخل كيس ورقي.
‘ماذا تفعل الآن؟’
كما تربط السيدات النبيلات أوشحةً حريرية بأناقة حول أعناقهن، عقدت مادلين أوشحة ملوّنة حول مقابض الأكياس، مستخدمة عقدًا مختلفة لكل كيس.
فبدت الأكياس الورقية البيضاء العادية وكأنها تحوّلت فجأة إلى حقائب مترفة تكشف عن ذوقٍ راقٍ.
أمسكت الخادمة الكبرى بأربع حقائب على ذراعيها وبدت أكثر ثقة وهي تعود إلى العربة.
فهمت رِيدين على الفور.
“لا بد أنها فكرة الدوقة!”
تذكرت اللحظة التي حدّقت فيها الدوقة في الكيس الورقي البسيط عندما أحضرت رِيدين العينات إلى القصر.
وبينما أيقنت رِيدين أن الدوقة هي من خططت لهذا الحدث سرًا، كان الحشد يتدافع ليدخل المتجر.
“هل يغلّفون حلوياتهم دائمًا هكذا؟”
“لم أرَ شيئًا كهذا من قبل!”
“لا بد أن الطعم مذهل أيضًا!”
“أنظروا كم يبدو أنيقًا!”
“بما أن عائلة كينوولف اشترته، فلا شك أنه فاخر!”
تسابق الناس للشراء.
دفعت رِيدين غلين برفق وقالت:
“أعتقد أن خطتنا نجحت.”
ابتسم غلين بفخر:
“ألم أقل لكِ أن علينا فقط الانتظار قليلاً؟”
لقد اختارت عائلة الدوق يوم الافتتاح بعناية، بل وأعدّت هذا الحدث المفاجئ دون أن تخبر رِيدين.
لا بد أنها أرادت مساعدتي بعدما رأتني أتناول الحلوى يومًا بعد يوم محاولًا إنجاح هذا المتجر الصغير…
لكن بينما كانت رِيدين تحدّق بالعربة التي ابتعدت بلا أثر للفخر أو التفاخر… توقفت فجأة أمام المتجر.
شهق أحد الواقفين:
“يا إلهي… إنها الدوقة بنفسها!”
“لقد خرجت من العربة!”
من الطبيعي أن يصدم المشهد الناس؛ فمنذ اختفاء دوق كينوولف السابق، عاشت الدوقة في عزلة خمس سنوات.
كثرت الشائعات حولها — قيل إنها ترتدي أقمشة من الغرب الإمبراطوري، أو تتناول أطعمة من أقاصي الشرق — لكن هذه أول مرة تظهر فيها علنًا منذ زمن بعيد.
تجمّدت رِيدين حين رأت الدوقة تحمل أحد الأكياس بنفسها وتخرج.
مسحت الدوقة المنطقه بنظرة ثابتة، وحين التقت عيناها بعيني رِيدين، غمزت لها.
‘انتظري… ألم يكن الهدف مجرد إعلان عرضي للمتجر؟ لماذا رمقتني بهذه الطريقة؟’
ببريقٍ متمرّد في عينيها، دخلت الدوقة المتجر. لم تجد رِيدين خيارًا سوى اللحاق بها.
خفضت غطاء رأسها وانزلقت إلى الداخل وراءها.
داخل المتجر تحوّلت الأنظار كلّها نحو الدوقة. انحنى المدير بعمق وقال:
“مرحبًا بكِ في هاجنز! اسمحي لي أن أرافقكِ إلى الطابق الثالث.”
افترض أنها ستصعد إلى الطابق المخصص للشخصيات المهمة، لكن كلماتها التالية صدمته:
“سأتناول الطعام في الطابق الأول.”
“الطابق الأول…؟”
لكن الطابق الأول كان مكتظًا تمامًا!
ارتبك المدير؛ فهل يطلب من سيدته ومالكة المكان، سامانثا كينوولف، أن تنتظر دورها؟ لماذا تصرّ على الجلوس هنا؟
بينما كان في حيرة، جالت سامانثا بنظراتها بهدوء.
رأت الطاولة بجوار النافذة — المكان المثالي ليُشاهدها الجميع — لكنها كانت مشغولة.
في تلك اللحظة، لمحتها أمّ وابنتها أنهتا آيس كريمها، فقفزتا فورًا:
“يا دوقة! انتهينا، تفضّلي بالجلوس.”
أُفرغت الطاولة بسرعة وجلست الدوقة.
سألها المدير بقلق عن طلبها.
“ما هو الآيس كريم الذي ستختاره الدوقة، سليلة الإمبراطورية الغربية، من بين أصناف هذه الصالة؟”
انتظر الجميع جوابها بترقب، حتى فتحت فمها:
“لن أطلب شيئًا. أحضروا لي أطباقًا وأدوات مائدة فقط. وسأدفع رسوم المقعد.”
شهق الجميع.
ارتعش المدير، غير مصدّق أن سيدته ستتناول حلويات من متجر آخر داخل مقهاها الخاص.
اليوم، كانت الدوقة… مثيرة للفوضى، بلا شك.
بعد قليل، جلب الموظفون الأطباق، ووضعت الحلوى القادمة من الصناديق الصفراء عليها.
وبينما تتابعها العيون، قطّعت سامانثا القطع بدقّة، وأخذت قضمة صغيرة.
“مممم~”
تسلّل صوت إعجاب قصير من شفتيها.
“هذا المكان… جيد.”
وقفت رِيدين عند المدخل، تغطي فمها بدهشة.
‘ يا لها من وقاحة!.’
لقد تذوّقت العينات من قبل، لكنها الآن تتصرّف كما لو كانت تجربها لأول مرة.
‘ هذا… مزعج! لماذا تأكل هنا؟ وهل يُمكنها أصلاً أن تفعل ذلك؟!’
وبالفعل، الزوجان اللذان كانا على وشك طلب الآيس كريم أغلقا قائمة الطعام وغادرا.
“من أين جاءت هذه الحلوى؟”
“من المتجر المقابل، عبر الشارع!”
بدأ العرق يتصبّب من جبين رِيدين. مسكين صاحب المقهى، لن يحتمل هذه المنافسة!
جاء الموظفون بالمشروبات، وسكبوها في أكواب كريستالية شفافة.
أمسكت الدوقة الكأس، وأدارته في ضوء الشمس، ثم ارتشفت رشفة صغيرة.
“همم…”
وعلى عكس الحلوى، تلعثمت ملامحها قليلًا.
إذن، فهي ليست وقحة تمامًا.
كان الأفضل لو أنها اكتفت بابتسامة رقيقة، لكنّها بالغت في إعلانها الصاخب عن المتجر.
همس أحدهم بخفوت:
“أعتقد أن المشروبات… ليست جيدة.”
اتسعت عينا سامانثا القرمزيتان بحدة.
“آه… إذن المشروبات لم تكن مثالية، أليس كذلك؟”
لم تكن الدوقة يومًا ممن يتصنّعون الإعجاب بما لا يروق لهم. لكن هذه المرة، قررت أن تجعل استثناءً.
رفعت كأسها عاليًا، وبصوت درامي يعلو القاعة، أطلقت ضحكة مجلجلة:
“ههههههه!”
ضحكة عامل يرتشف الجعة بعد نهار عملٍ مرهق.
شهق الحاضرون بدهشة.
هل هذا جيد حقًا؟ من أين أتوا بهذا؟!
وفي لحظات، بدأ طابور هاجنز يتّجه شيئًا فشيئًا نحو “سانست كريم” المقابل.
مسحت رِيدين العرق البارد عن جبينها.
“يا إلهي… المشروبات فعلاً ليست جيدة.”
عليّ أن أصلح الوصفات فورًا، وإلا ستصبح سمعة الدوقة في عالم الذوّاقة على المحك.
ألقت نظرة على متجرها المزدحم، ثم عادت بعينيها إلى داخل هاجنز.
كان كل الاهتمام ما زال منصبًّا على الدوقة.
وهنا، لاحظت رِيدين شيئًا غريبًا.
الجميع تقريبًا كانوا في أزواج أو جماعات، يتبادلون الأحاديث ويتقاسمون الطعام…
أما الدوقة، فكانت وحيدة.
جلست بمفردها، تقطع الحلوى إلى قطع صغيرة، مظهرها… بدا هشًّا، ضعيفًا.
هشّة؟! إنها بطول 180 سنتيمترًا!
رمشت رِيدين، وفركت عينيها، لكن الإحساس لم يتبدّد.
رغم طولها وهيبتها، ظلت الدوقة تبدو وحيدة… وحسّاسة.
هل فقدتُ عقلي؟
♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1316
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
التعليقات