~الفصل 49~
“همم، حسنًا… إنه يشبه…”
“يشبه؟”
يشبه تعبيرها المرعب. مثل “دع أحدهم يخالفني الرأي و سأمزقه إربًا.
لكن رِيدين لم تستطع قول ذلك للكونت.
بدلًا من ذلك، ابتسمت وقالت:
“يبدو أنها منشغلة جدًا بالتفكير في شخص ما. هكذا يبدو الأمر لي.”
“أرى… لقد فكرتُ في الأمر….”
حرك مارك رأسه بحزن. اكتسى تعبيره ظلمة تحت أشعة الشمس الساطعة.
رِيدين، التي كرهت رؤية الكونت اللطيف حزينًا هكذا، اقتربت منه وسألته بلطف:
“كونت، هل هناك خطب ما؟ قد لا أكون عونًا كبيرًا في منزل الدوق، لكن إن كان هناك ما أستطيع فعله، فسأفعل!”
لم تكن مقربة من الدوقة تمامًا، لكنها لم تستطع أن تكتفي بمشاهدة مارك وهو حزين هكذا بينما كان دائمًا لطيفًا معها.
“آه، آنسة رِيدين، لماذا أنتِ دائمًا لطيفة؟”
وضع يده على صدره وتردد للحظة قبل أن يتكلم.
“في الواقع، ليس الأمر جديدًا. لطالما اعتادت والدتي شرب الشاي على الشرفة بغض النظر عن الفصل – ساخنًا كان أم باردًا.”
“هل لدى الدوقة حرارة شديدة أم ماذا؟”
لطالما بدت عيناها الحمراوان ساخنتين، كما لو كانت مليئة بالحرارة – أو الغضب.
“هذا بسبب والدي الذي اختفى.”
“إنها تجلس دائمًا على الشرفة لتكون أول من يراه إذا عاد إلى المنزل.”
“آه…”
تنهدت رِيدين بعمق.
نظرت إلى الدوقة مجددًا، وقد نسيت اللسعة في عينيها.
التعبير الذي بدا غاضبًا في السابق – بدا مختلفًا الآن.
لم يعد غضبًا، بل حزنًا. لم يعد غضبًا، بل شوقًا. ما بدا شرسًا بدا الآن كوجه شخص ينتظر.
“آه.”
شعرت رِيدين بالخجل.
قرأتُ القصة الأصلية. حتى أنني قرأتُ مذكراتها قبل بضعة أيام فقط. كيف لي ألا أفسر هذا التعبير بشكل صحيح؟.
“يا حمقاء!”
حتى أنها بكت وهي تقرأ مدى حب سامانثا لزوجها ويليام.
ربما كانت قد بالغت في حكمها على الدوقة منذ البداية.
لاحظ مارك تغير تعبيرها، فتحدث مرة أخرى.
“بالطبع، الآنسة رِيدين لن تعرف. ليس الأمر كما لو أنكِ قرأتي مذكراتها أو أي شيء من هذا القبيل.”
“آه – نعم! لم أقرأها، لكن… ما زلتُ أشعر بالألم لسماعها!”
“حقًا؟”
“حقًا!”
“أي جزء صحيح – أنكِ لم تقرأيه، أم أنه يؤلم قلبكِ؟”
“الجزء المتعلق بألم قلب–… لا، كلاهما! كلاهما صحيح!”
كادت رِيدين أن تخطئ وتعترف بأنها قرأت المذكرات.
قلبت عينيها.
“لم أقرأها.”
“بالتأكيد.”
لكن وجهها يُشير بوضوح إلى أنها قرأتها من الغلاف إلى الغلاف.
ومع ذلك، كان مارك سعيدًا لأنها فعلت.
“حسنًا إذًا، هل يمكنني الحصول على المذكرات؟ يبدو أن خادمة أرفقتها بالخطأ مع هديتكِ. سأعيدها بتكتم حتى لا يقع أحد في مشكلة.”
بينما كانت تتبع مارك إلى القصر، نظرت رِيدين إلى الخلف.
‘ ويليام كينوولف… كان هذا اسمه.’
دوق كينوولف، أُعلن رسميًا أنه مفقود.
في القصة الأصلية، هناك لحظة يتذكر فيها إيثان والده – كيف غادر وحيدًا من أجل العائلة.
وإيثان، خشي ألا يتمكن هو الآخر من البقاء بجانب البطلة، كان يخشى الوقوع في الحب.
ظلت تلك المذكرات عالقة في ذهن رِيدين خلال الأيام القليلة الماضية. لقد أثرت فيها.
نظرت إلى وجه الدوقة مرة أخرى.
“لا بد أنها تفتقده بشدة.”
ومن تلك الفكرة، ازدهرت رغبة صغيرة داخل رِيدين: مساعدتها.
قال مارك إنه سيعيد المذكرات إلى غرفته أولًا، وطلب من رِيدين الانتظار في غرفة الطعام.
كان الوقت لا يزال مبكرًا، فاقترح أن يتناولا وجبة طعام معًا.
جلست رِيدين بهدوء على الطاولة الطويلة، ودخلت الدوقة.
“إنها ترتدي نصف قناعها مرة أخرى اليوم.”
لم تكن ترتديه على الشرفة من قبل.
شعرت رِيدين بالفضول، لكنها لم تسأل، لأن…
كانت الدوقة تحدّق بها.
حدّقت طويلًا قبل أن تتجاوز غرفة الطعام وتدخل المطبخ.
“لماذا تدخل المطبخ؟ هل لتوبيخ أحدهم؟”
تنفّست رِيدين الصعداء لأنها لم تذكر المذكرات ضمن الهدية.
وإلا، لكانت الخادمات قد عوقبن على الأرجح.
لكن الدوقة عادت.
وضعت طبقًا من الحساء الأحمر الداكن أمام رِيدين.
“تناولي هذا.”
“هاه؟”
“إذا مرضتِ، سيعاني إيثان أيضًا.”
“آه… إذن هذا حساء مقوٍّ للصحة.”
“…نعم.”
حرّكت رِيدين الحساء الأحمر الداكن بملعقتها.
كان ممتلئًا بقطع كبيرة من اللحم ومزيج وافر من الخضراوات.
كانت التوابل العشبية تتصاعد مع البخار، ناشرةً رائحة عطرة.
سال لعابها.
فقد كانت في الآونة الأخيرة لا تأكل إلا الحلويات، وهي تجرّب وصفات جديدة استعدادًا لإعادة افتتاح المقهى.
“يا لحسن حظي أنّ اليوم هو الأخير.”
لو لم تستطع تناول حساء الدوقة بعد أن شبعت من الحلويات، لكان الموقف سيئًا.
“شكرًا على الطعام.”
“يبدو لذيذًا!”
وكان هذا صادقًا، فقد كانت تتوق لشيء دافئ ولذيذ — وها هو ذا.
وبينما وضعت ملعقة كبيرة في فمها—
“ألا ترين أنه ساخن جدًا؟”
“آه… نعم… ههه. سأنفخ فيه أولًا.”
جلست الدوقة في نهاية الطاولة، تراقبها.
“أعطتني إياه، لذا على الأرجح ستحدّق بي حتى أنهيه.”
أمر غير مريح… لكن لا بأس. حان وقت الأكل!
نفخت في الملعقة وأخذت قضمة كبيرة.
“آه، ساخن—!” انظروا إليها.
“لا بأس! لم أحرق نفسي!”
انزلق الحساء الساخن في حلقها، حتى جرّ معه الغثيان المتراكم من كثرة الحلويات.
هذا كل شيء. منعش. مثالي. لكن… كان هناك شيء غريب.
وبينما أمالت رِيدين رأسها، سألتها الدوقة:
“طعمه لذيذ، أليس كذلك؟”
“حسنًا، الطعم…”
لم يكن كذلك حقًا….
رغم كثرة التوابل، كان الحساء يفتقر إلى النكهة.
كان بلا طعم… وليس جيدًا جدًا.
‘ لا يمكن أن يكون طاهي الدوق بهذا السوء. هناك خطأ ما.’
ربما عليها أن تخبر الدوقة؟…
“سيّدتي، الطبق…”
“…”
“طعمه ليس جيدًا.”
انفتح فم الدوقة دهشةً.
وسُمع ضحكٌ من خلف باب المطبخ، حيث كان الموظفون يتلصصون.
“هذا مستحيل.”
“…؟”
“لا بدّ أن ذوقكِ… لا بأس.”
كادت أن تقول إن المشكلة في لسان رِيدين، لكنها توقفت.
كانت تدرك أن لرِيدين بصيرة حادّة، وربما ذوقًا صحيحًا أيضًا.
إن كان الأمر كذلك، فالمشكلة تكمن في طبخها.
نهضت الدوقة ودخلت المطبخ لتتذوّق الطبق بنفسها.
لقد ظنّت أنه كان جيدًا حين تفقّدته آخر مرة.
في هذه الأثناء، جرفت رِيدين ملاعق الحساء في فمها بسرعة.
فمع تحديق الدوقة المقنّعة بها، كان من الصعب الأكل براحة.
وعلى الرغم من أن الطعم كان باهتًا، فقد كان الطبق المثالي لتهدئة معدتها المثقلة بالحلويات.
لكن عندما أوشكت على إنهاء الطبق، دوّى صوت عالٍ من المطبخ:
ما هذا؟ هل بصق أحدهم الطعام؟..
قبل أن تفهم رِيدين ما يحدث، اندفعت الدوقة تحاول انتزاع الطبق منها.
“هل انتهيتِ منه بالفعل؟! متى أكلتِ كل هذا القدر؟!”
“انتظري… ألستِ أنتِ من طلبتِ مني أن آكله؟”
نظرت رِيدين حولها، فرأت طاقم المطبخ يختلس النظر مرة أخرى وهو يضحك.
“قلتِ إنه سيّئ، لكنكِ أكلتِه كله؟”
“حسنًا… أنتِ من طلبتِ مني ذلك.”
“هل تحتاجين إلى من يعلّمكِ ألّا تأكلي طعامًا سيّئ المذاق؟”
في تلك اللحظة، دخل مارك إلى القاعة، وعلى وجهه حيرة.
فرك جبينه كما لو كان يتوقع هذا المشهد.
“أمّي، إذا كانت الآنسة رِيدين تأكل جيدًا، أليس هذا أمرًا حسنًا؟ فلماذا تحاولين انتزاع الطبق منها؟”
عندها أدركت رِيدين الحقيقة.
النظرات الفضولية من المطبخ.
والدوقة تتصرّف كأنها مستاءة.
كم من الوقت مكثت في المطبخ؟
“مهلاً… هل طبخت الدوقة هذا بنفسها؟”
♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1316
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
التعليقات لهذا الفصل " 49"