شعرت السيدة كيم شي أوم برغبة عارمة في الاصطدام بشيء أو أحد حالًا، لكنها تماسكت.
كان لديها ولدان، كلاهما بحاجة ماسّة للزواج، ودوقة كينوولف كانت امرأة نافذة في هذا العالم، تمتلك من السلطة ما لا يُعدّ ولا يُحصى.
فشدّت ما استطاعت من عضلات وجهها، رافعةً زوايا شفتيها إلى الأعلى، وخافضةً أطراف عينيها إلى الأسفل بابتسامة مصطنعة:
“أعتقد أننا سنلتقي قريبًا مجددًا في اجتماع رابطة السيدات التي ننتمي إليها.”
ثم انحنت وغادرت وهي تخفي غضبها، دون أن تتلقّى أي رد من سامانثا.
ومن خلفها، سمعت مالكة محل الأزياء تسخر بوقاحة:
“هيه، سيدتي؟ اليوم كان مخصصًا بالكامل للآنسة ماكري، لن نستطيع تصميم أي فستان لكِ. خذي نقودك، لا نريد مضاعفة السعر ولا شيء.”
‘هل فقدت عقلها؟!.’
ألم تكون قد وضعتِ المال في جيبك سابقاً وأنتِ تبتسمين؟!.
غلت الدماء في جسد كيم شي أوم، لكنها أبقت ابتسامتها المشدودة حتى النهاية.
كان لديها ولدان… وكان الزواج حاجة ملحة لكليهما.
توقّعت أن سامانثا، بعدما أنقذت ريدين من هذا الموقف، قد كوّنت انطباعًا جيدًا عنها منذ اللقاء الأول.
لكن… أفكار ريدين كانت تسير في اتجاه مختلف تمامًا.
فبينما كانت تراقب السيدة فلورنس وهي تجر ذيل فستانها وتنسحب ذليلة من محل الأزياء، بلعت ريقها بخوف:
“سأتولى الأمر. اذهبي.”
وحش أكبر ظهر، أطاح بالوحش الصغير، ثم استحوذ على فريسته.
ريدين، التي تم تسليمها للوحش الأكبر دون رأيها، حدّقت بالأرض بوجه شاحب مذهول، ثم ألقت نظرة جانبية نحو حماتها المستقبلية.
وتلاقت العيون.
عيونٌ حمراء تشتعل على وجه أبيض كالجليد، تنبض بالقسوة، كأنها ستقوم بتمزيقها إلى ثمانية أجزاء فورًا.
‘هل هذه منطقة مسحورة؟ هل ألقيت عليّ تعويذة سحر أسود؟.’
حتى أسعار الفساتين مضاعفة، وحتى مشاعر حماتي مضاعفة.
وها هو اضطرابي النفسي أصبح مضاعفًا كذلك. يبدو أن هذا المكان خاضع لسحر أسود يجعل كل شيء يتضاعف!
أما سامانثا، فلم تكن تعرف شيئًا مما يدور في خاطر ريدين، بل كانت تراقبها بعينين هادئتين.
صغيرة، نحيفة، شاحبة… تتنفس بصوت متقطع من الرعب، كفرخ صغير يحتضر.
‘ كنّتي هشة للغاية… إن لم أعتنِ بها بحنان، ستنهار بسرعة.’
‘يا صغيرتي، هل أنتِ بخير؟ يبدو كأنكِ توشكين على لفظ أنفاسك الأخيرة.’
أرادت أن تسألها بذلك الصوت اللطيف، لكنها لم تكن مقربة منها بعد، فلم تجرؤ على التفوّه.
فقد التقت بها لمرة واحدة فقط عند توقيع عقد الزواج، ويمكن اعتبارهما تقريبًا غريبتين عن بعضهما.
بدأت سامانثا بتنظيم المكان، مبعدة لاريا والمربية وكل من حولها.
ثم، وهي تحاول انتقاء موضوع مناسب لبدء الحديث، تكلمت أخيرًا:
“سمعتُ أنك لم تعثري على شابرون بعد؟”
“…”
“يُسعدني أن أكون أنا.”
ثم تابعت وهي تتأمل محل الأزياء بنظرة تقييم:
“أظنكِ جئتِ لطلب فستان للموسم الاجتماعي، أليس كذلك؟ أودّ أن أتولى أمره أيضًا. ما ستحصلين عليه سيكون بجودة أفضل من هذا المكان، فلا تقلقي.”
“…”
“لذا، لا تشغلي بالكِ بشيء. دخول المجتمع قد يبدو كطريق مليء بالأشواك، خصوصًا في البداية. لكن أنا… من أكون؟ أنتِ فقط أمسكي بالملعقة، وسأطعمكِ كل شيء بنفسي.”
ما عنته هو: سأعتني بك كما تعتني دجاجة بأفراخها… فقط افتحي فمك.
شعرت سامانثا بالرضا وهي تعتقد أنها نجحت في إيصال رسالتها بصفتها الحماة المستقبلية، مؤكدةً أنها ستدعم ريدين في دخولها إلى المجتمع بكل الوسائل.
كما أنها شعرت بقليل من السعادة… فلطالما كان لديها أبناء فقط، وامتلاك كنّة كان حلمًا صغيرًا لطيفًا راودها كثيرًا.
بعد أن أنهت كلامها… صمتت سامانثا.
أما ريدين، فقد دخلت في نوبة اضطراب ما بعد الصدمة.
فهذا الموقف، مألوف جدًا لها، أعاد لها أحد مشاهد حياتها السابقة.
يوم التقت حماتها السابقة لأول مرة بعد الخطوبة.
لم تنطق السيدة شيئًا، واكتفت بالتحديق في دا-إن.
لكن دا-إن كانت قد مرّت بنظرات كهذه كثيرًا، ففهمت معناها فورًا:
نظرة احتقار إلى يتيمة تافهة، لا تليق بعائلة من هذا المستوى.
وبعد صمت طويل، قالت السيدة شي-أوم تلك الجملة:
“أعلم أن الزواج يثير القلق، لكن لا داعي لذلك. بما أنكِ نشأتِ من دون أم، فلابد أن تجهيزات المنزل الجديد تشكّل عبئًا عليك. لا بأس، سأرافقكِ بنفسي لمساعدتكِ في شراء كل شيء. لِتَعلمي أن لكِ حماتًا تهتم بالتفاصيل… تلك نعمة من نعمكِ.”
‘مطابقة تمامًا… بشكل مقزز!.’
بل ربما كانت سامانثا أكثر رعبًا.
وفجأة، تساءلت ريدين: كيف علمت الدوقة أنني لم أجد شابرون بعد؟
لكنها تذكرت أنها لم ترسل طلب الشابرون إلى رابطة السيدات بعد، لذا من الطبيعي أن تهتم امرأة مثل سامانثا بهذه التفاصيل.
‘عليّ أن أقول لها إنني لا أحتاج شابرون.’
فحتى لو لم تستطع المطالبة بإلغاء الزواج قبل لقاء المحامي، فعلى الأقل يمكنها رفض الشابرون.
كررت ذلك في داخلها، ثم فتحت فمها:
“أمّي… أقصد، سيدتي.”
“هل ناديتني للتو بأمّي؟”
‘ هاه؟!.’
دون أن تشعر، انساقت مشاعرها مع الموقف، فخرجت منها الكلمة المعتادة من حياتها السابقة دون قصد.
لقد نادت سامانثا، التي بالكاد تعرفها، بـ”أمّي”.
وقبل أن تستطيع ريدين تصحيح كلامها، سبقتها سامانثا بابتسامة راضية:
“كنّتي الصغيرة، هل أنتِ خبيثة إلى هذا الحد؟”
‘خبيثة جدًا! ناديتني أمّي بكل جرأة؟. ترغبين بالزواج سريعًا وتقريب المسافة بيننا بهذه الطريقة؟ آه، كم أنتِ لطيفة!…لكن لن أكون أقل منكِ!’
قالت سامانثا في سرّها، ثم نادت ريدين بـ”كنّتي” مباشرةً، وهي تشعر بسعادة غامرة.
أما ريدين… فقد أصبحت ترتجف بالكامل.
أغمضت عينيها بإحكام وأجابت بصوت مرتجف:
“آ… لا، أقصد–!خرجت الكلمة عن غير قصد…”
قالت سامانثا بنبرة حادة:
“بالخطأ؟.”
لم تجرؤ ريدين على رفع رأسها، وقد طأطأته من شدة الإحراج.
لكن… على عكس نظرات الحماة المستقبلية التي كانت تتوقعها، هبط على رأسها صوتٌ رقيقٌ دافئ:
“مستحيل، بل خرجت بشكل رائع.”
“…؟”
“أحسنتِ. أعجبني ذالك ، من الآن فصاعدًا.ناديـني ‘أمّي’.”
تطور غريب في الأحداث…
رفعت ريدين رأسها بتردد ونظرت إلى الدوقة.
بدت نظرتها أقلّ حدّة مما سبق، كأن حرارتها ارتفعت قليلًا… أو ربما كانت أكثر دفئًا فعلًا.
‘ربما… قد لا تكون مثل حماتي السابقة؟.’
ولم تكن مشاعر ريدين هذه خاطئة.
فقد كانت سامانثا أمًّا لولدين فقط.
وبعد سنوات من التعامل مع شابين أرِقّاء الأعصاب، كان من الطبيعي أن تُثير نظرات الطفلة المرتبكة أمامها مشاعر حنونة في قلبها.
‘كلمة “كنّة” بحد ذاتها تبدو باردة…’
نظرت سامانثا إلى ريدين بعطف وقالت:
“بل إن كنتِ كنّتي… فأنتِ بمثابة ابنتي. أودّ أن أراكِ كابنتي تمامًا.”
“…!”
‘لا أصدق… سمعت هذه الجملة… هنا أيضًا.’
في تلك اللحظة، بلغت نوبة اضطراب ما بعد الصدمة في ريدين ذروتها.
أحست أن الجراح القديمة التي تراكمت عبر حياتها السابقة بدأت تُنبَش مجددًا.
‘يالني من حمقاء.. هل بدأت أتعلق بأملٍ خادع من جديد؟ إلى متى سأكرره؟ خمس حيوات؟ ست؟ متى ستتعلم؟!’
ابنة؟ كنّة؟ فليسمّوها ما شاؤوا.
ما دامت لم تُرد أن تكون لا هذه ولا تلك.
‘أين غلين؟ ألم يكن من المفترض أن يحضر محاميًا؟!.’
هل ذهب ليدرس القانون أولًا؟!
‘لن أتزوج! حتى لو تسلمت المهر، لن يتم الزواج! لكن على الأقل… عليّ رفض موضوع الشابرون!’
فتحت فمها وقالت:
“أمّـ… أقصد، سيدتي، بخصوص موضوع الشابرون… ممتنة جدًّا لعرضك، ولكن… قد يثير ذلك شائعات عن وجود علاقة مسبقة بين دوقية كينوولف وكونتية ماكوري.”
فالعقد المبرم بين العائلتين سري، وكان يفترض أن يلتقي ابنا العائلتين في حفل الظهور الأول ويقعا في الحب من النظرة الأولى ثم يتزوجا في ما بعد.
“إن كنتِ قلقة من أعين الناس، فلا بأس… يمكنني أن أكون شابرون سرية.”
“شابرون… سرية؟”
تجمدت ملامح ريدين من الذهول، بينما أشاحت سامانثا عنها بابتسامة مشرقة كضوء الشمس:
“نعم، شابرون سرية. ستأتين إلى الدوقية بهدوء وسأعلمك بنفسي كل ما تحتاجينه لدخول المجتمع الراقي. لا داعي لأي قلق أو إشاعات. ما رأيك؟ أنا أعتقد أنها فكرة ممتازة. صغيرتي.”
‘لا لا لا لا لا لا لا! ليست ممتازة أبدًا! تطلبين مني أن أعيش في بيت زوج المستقبل قبل الزواج؟!…كيف تستطيعين قول أمرٍ كهذا بذلك الوجه البشوش؟ أنتِ… حقًا مخيفة!.’
أجل، لا شك أن سامانثا هي نسخة مطورة من حماتها السابقة، كيم شي أوم.
صرخت ريدين في داخلها:
“أوه، أعتقد أن إقامتي في بيت الدوق قد تكون مزعجة لكِ من عدة نواحٍ–”
“همم؟ ولماذا قد تكون مزعجة لي؟”
“أقدّر لطفكِ حقًا، لكن… تلقي هذا النوع من العناية قبل الزواج أشعر أنه عبء كبير…”
“عبء؟ إن كان هذا العبء، فأرجو أن تُثقليني به كل يوم!”
“لكني يتيمة… وإن تركت بيت الكونت أيضًا–”
“واو.”
‘لا لا لا لا لا!!!’
صرخت ريدين في عقلها ألف مرة.
‘لا يجب أن أستسلم. عليّ أن أرفض. بكل وضوح: لا.’
فتحت فمها، عازمةً على قولها.
“حسناً.”
سقطت يد ريدين من شدة اليأس.
ذلك الجواب القصير، “نعم”، الذي قالته مرارًا في حياتها السابقة وكتفيها منكفئان.
لقد قالته اليوم أيضًا.
‘بم أتخلص بعد من هذا المرض… ما زال يسكنني…’
مرض يُدعى “حسنا،حسناً”.
كان مرضًا مزمنًا بدأ معها في حياتها السابقة، حيث كانت في داخلها تصرخ “لا”، “مستحيل”، “ارحل من هنا!” لكنها في الخارج تقول فقط “حسناً”.
تكرار الفشل في قول “لا”، رغم كل الظروف، جعله يستفحل حتى صار مرضًا مستعصيًا.
وريدين كانت من الحالات المتأخرة، المرحلة النهائية من “حسناً”.
لذا، لم يكن من المفاجئ أبدًا أن تقول “حسناً” أمام شخصية مثل الحماة.
كانت تأمل أن يكون جسدها الجديد حياةً جديدة بلا هذا المرض… لكن الأمل لم يكن سوى أمل، لا أكثر.
كانت لا تزال… مريضة.
“لا، لا يجوز أن نلفت الانتباه، لذا… بدلًا من أن تأتي إلى الدوقية، نعم، الأفضل أن نرسل عربة إلى بيت الكونت. سأجهز كل شيء، ما عليك سوى الحضور.”
“…حسناً.”
بمجرد أن أدركت حالتها، خرجت الكلمة بسهولة.
فما دامت لا تستطيع قول شيء آخر، فـ”حسنا” هي الخيار الوحيد.
وبعد يومين…
انزلقت عربتان أنيقتان داخل أسوار قصر كونتية ماكاري. __________________________________________
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار!!⭐•
حسابي على الإنستا: @empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 10"