⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
«من الأسهل أن تتخيّل الطيران في السماء. لكن ماذا لو سقطت؟»
قال إيان بانزعاج من تصرفات لورا المتهوّرة.
«هذا هو الطريق الوحيد لكسب احترام جورج ودانيال. جورج ودانيال بحاجة إلى شخص راشد يسيطر عليهما، مثل كلب الصيد الذي يحتاج إلى سيّد يروّضه. الآنسة بندلتون أدركت ذلك من اللحظة التي جاءت فيها إلى هنا.»
«يجب أن تكوني مُدرِّبة، لا معلمة، لتُعلّمي هذين الولدين أي شيء.»
«صحيح.»
ضحكت السيدة فيرفاكس:
«الآن صار دانيال وجورج تحت سيطرة الآنسة بندلتون تمامًا. كل يوم يجمعان الأزهار والثمار ويقدمانها لمعلمتهما، كجِراء لا تتبع إلا ذيل سيدها.»
قهقه إيان بسخرية.
«حتى أوليفيا، التي تتظاهر بعدم الاهتمام، أصبحت في صراع مع الآنسة بندلتون. سمعت أن نطقها بالفرنسية لا يقل جودة عن الآنسة جين. في البداية، كانت تتصرف كشخص مدلّل، لكنها الآن تقلّد الآنسة بندلتون سرًا. تقول إنها تريد أن تعزف على البيانو مثلها، وتغلق عينيها وتبدأ بلمس المفاتيح.»
فجأة سأل إيان:
«وأنتِ؟»
كان يحدّق مباشرة في وجه شقيقته.
«ماذا عن الآنسة بندلتون التي التقيتِ بها شخصيًا؟»
ترددت السيدة فيرفاكس قليلًا، وكأنها تفكّر. لكن إيان لم يعتقد أن شقيقته تنشغل عادةً بالتفكير العميق في الناس. فهو يعرفها: إن أحبّت شخصًا أحبّته، وإن لم تفعل، فهذا كل شيء.
ثم أجابت بوضوح:
«الآنسة بندلتون تركض وتتمرّغ طوال اليوم، وأحيانًا تتسلّق الأشجار مثل السنجاب. إنها مختلفة تمامًا عن الفتيات اللواتي لا يعرفن سوى الجلوس والتطريز. بهذه الطاقة، يمكنها أن تُنجب خمسة أطفال.»
ابتسم إيان باستهزاء:
«إنه وصف أقرب لتقييم قطة سيامية. ماذا عن جانبها الآخر؟»
«كما قلت، هي امرأة ذكية. طيبة القلب، وتفهمك جيدًا. هذا كل ما في الأمر.»
«تفهمني؟»
«نعم.»
ابتسمت السيدة فيرفاكس:
«أنا أعرفك جيدًا. أنت مهووس بالكلمات، حاد الطباع، دقيق، وأحيانًا سيئ الحظ. لكنك لست سيئًا تمامًا. لو كنت مكانك، إيان، لما ضيّعت هذه الفرصة. النساء مثل الآنسة بندلتون نادرات، خاصة بالنسبة لك.»
«لقد قلتُ ذلك من قبل.»
أخرج إيان علبة سجائر فضية من جيبه، وأخذ يُداعب النقوش البارزة عليها. كانت عادة مدخّن، يعبث بشيء يخص التدخين حتى عندما لا يدخّن.
قال بهدوء:
«ستكون لي.»
«يبدو أنك واثق جدًا لتقول ذلك؟»
ابتسم إيان بخفوت:
«أنا من جلب الآنسة بندلتون إلى هنا. لعبت دور دون جوان إلى حدٍّ لا يُصدَّق، حتى أنني اضطررت للخداع رغم كرهي لذلك. هل تظنين أنني تكبّدت كل هذا العناء فقط لأجعلها مُعلّمة للأطفال؟»
فتح علبة السجائر، وفيها صف من السيجار الملفوف. مرر يده فوقها وقال:
«يجب أن تكون عروسي. وستكون كذلك.»
م.م: مع أني ضد التملك بس إيان يستاهل يستاااهل
«لكن كيف؟ أشعر بصداقة منها تُجاهك، لا حب. وقبل كل شيء، هي تعرف وضعها جيدًا. حتى لو لمستك، فلن تقبلك؛ ستتركك من أجل مصلحتها.»
ضيّق إيان عينيه. صحيح أن شقيقته امرأة لا مبالية، خرافية التفكير، غير ناضجة، لكنها تملك حدسًا لافتًا تجاه الناس. ابتسم بمرارة وقال:
«عليّ أن أجعلها تحبني. حبًا يجعلها تفضّل الموت على أن تتركني.»
مرّ شهر تقريبًا منذ وصول لورا إلى «دنفيل بارك»، وظهرت بعض التغييرات.
أولًا: بدأت لورا دروسًا حقيقية مع دانيال وجورج. كانت تخبّئ أوراقًا مكتوبًا عليها أسماء ملوك بريطانيين في الغابة صباحًا، وعلى الولدين أن يجدوها ويرتبوها زمنيًا على الأرض ليفوزا باللعبة. ومع رغبة الصبيين في نيل اهتمام لورا، أمضيا النهار يركضان في الغابة بحثًا عن تلك الملاحظات، ثم يستخدمان كتاب لورا للتعرّف على أسماء الملوك وترتيبهم.
وخلال هذه الدروس في الغابة، كان يظهر أحيانًا زائر جديد: السيد دالتون. كان يأتي إلى «دنفيل بارك» أساسًا للرسم، وبما أن اهتمامه الأكبر كان الطبيعة، فقد تكرر لقاؤه مع لورا والأطفال هناك.
في كل مرة تلتقيه، كانت تشعر بالسرور والحرج معًا. فهي دائمًا في حالة غير مرتّبة بسبب اللعب مع الصبية، ملابسها متسخة بالتراب، وبعض خصلات شعرها تفلت من شبكته رغم إحكامها. كان حضوره المفاجئ يتركها بلا وقت لتفقّد مظهرها، فتبدو كالسنجاب الذي فوجئ بقدوم أحدهم وسط الغابة.
أما السيد دالتون، فقد كان رجلًا مهذّبًا مهما بدا شكله. ولعله شعر بإحراجها من مظهرها، فتعامل معها ببساطة جعلتها أكثر راحة.
وحين يبتعد الصبيان قليلًا للبحث عن الأوراق، كان ينتظرها وحده ويسألها عن يومها: هل هناك ما يزعجها؟ هل يسيء أبناء أخته التصرف؟
وكانت لورا تجيب دائمًا بنفس الطمأنينة: حياتها بخير. لكنه مع ذلك يكرر السؤال وكأن راحتها همه الأول.
جلسا معًا مرارًا على جذوع الأشجار أو الصخور ليتحادثا بينما يركض الأطفال في الغابة. وكان المكان ساكنًا، لا يُسمع فيه إلا أصوات الطيور وحفيف الأوراق.
وجد الاثنان أرضية مشتركة للحديث: «دنفيل بارك»، عائلة فيرفاكس، حياة الريف. بالنسبة للورا، كان هذا العالم جديدًا. لم تعش من قبل حياة متناغمة مع الغابة. صحيح أنها أقامت فترة قصيرة في بيت ريفي لعائلة بندلتون عندما كانت طفلة، لكنها لم تملك وقتها مستمتعة بما حولها. الآن كانت تتوق لمشاركة هذه المشاعر الجديدة مع أحد.
ولم يكن لدى آل فيرفاكس من يناسبها لذلك. الأطفال صغار، والعائلة تعاملها باحترام لكنها تبقى مستخدَمة لديهم.
أما السيد دالتون، فكان صديقًا. تبادلت معه كل مشاعرها: سعادتها بالمشي فوق التراب والأوراق، إحساسها بالحرية وهي تلعب مع الأطفال.
وكان إيان دالتون ينصت إليها بإخلاص، وتتلألأ عيناه بالفهم. فقد عاش طفولته بين الغابات، وأحب الطبيعة طوال عمره. وعندما عجزت هي عن التعبير، كان يمنحها الكلمات التي تبحث عنها. ومن خلال كلماته أدركت أنه يشاركها الإحساس نفسه: رهبة الأشجار، جمال الطيور، ينابيع المياه، وثمار الغابة.
ومع كل جلسة على جذع شجرة، يذوب الجدار الذي يفصل بينهما. شعور مختلف عن لقاءاتهما السابقة في لندن. هناك، كان بينهما دائمًا حدود غير مرئية يفرضها الأدب الاجتماعي. أما هنا، فقد انكسرت تلك الحدود.
في أحد الأيام طلبت لورا أن ترى رسوماته. قدّم لها دفتراً عليه حرف «D». فتحت صفحاته، فرأت أماكن مألوفة: شجرة الدردار التي تسلقتها، الشجيرات حيث جمع جورج التوت، المستنقع الذي درست فيه الذباب، والجحر الذي ولدت فيه ثعلبة جراؤها. ابتسمت وقالت: «هذه أماكن حكى لي عنها دانيال وجورج.»
قال إيان:
«انظري إلى التواريخ.»
فتحت عينيها دهشة. في زوايا كل رسم تاريخ يعود إلى خمسة عشر أو عشرين عامًا مضت.
«هذه رسومات منذ كنتَ طفلًا؟»
«نعم.»
«إذن هذا هو الملعب الذي كنتَ تشارك فيه السيد فيرفاكس طفولتك… والآن يلعب فيه جورج ودانيال.»
«صحيح، وأنا سعيد بذلك لأجلك.»
تأملت الرسومات مجددًا وقالت:
«رسم الأشجار والعشب رائع. كنتُ أتعلم الرسم في مدرسة البنات، لكن رسوماتي دائمًا كانت متوقعة ومملة. ما سرّك؟»
«أرسم فقط ما يثير اهتمامي.»
«وفقط؟»
«هذا كل شيء.»
ضحكت لورا: «لا تمزح!»
«لا أمزح. عندما أرسم شيئًا لا أحبه، تبدو النتيجة تقنية وجافة. علّمني أستاذي في صغري أن ترسم ما تحب إن أردت نتائج جيدة. وكلما رسمت، تأكدت من صحة كلامه.»
نظرت لورا إلى الرسومات من جديد. ظهر فيها جهد واضح وصدق. وفكرت: إن أردت أن تعرف ما يحب هذا الرجل، فانظر إلى ما يرسمه.
وفجأة قُطع الجو الهادئ بخطوات تركض. جاء دانيال مغطى بالعرق وهو يصيح:
«معلمتي! وجدت الأفعال الخمسة كلها!»
أخرج من جيوبه أوراقًا متسخة وأسقطها على تنورة لورا. كانت أوراقًا مكتوبًا عليها كلمات باللاتينية.
تفحّصت لورا الأوراق لتتأكد إن كانت أفعالًا فقط، بلا أسماء أو ظروف. ولحسن الحظ، كانت كلها أفعالًا. بفضل ما حفظه الصبي مسبقًا من كتاب القواعد الذي عرضته عليه قبل الدرس.
ابتسمت وقالت:
«أحسنت يا دانيال! لقد ربحت اليوم!»
«هييييه!» صرخ فرحًا.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 77"