⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
ومع ذلك، حين عادت إلى القصر لتناول الغداء، بدأت تتذكر واجباتها ببطء. وبعد العشاء، طلبت من كبير الخدم أن يستدعي الأطفال إلى غرفة الدراسة. وسرعان ما حضر دانيال وجورج، اللذان كانا يتدحرجان على العشب مع الجراء التي أهداها لهما والدهما. جلس الثلاثة معًا في غرفة الدراسة.
نظر جورج ودانيال بقلق إلى المعلمة الجالسة أمامهما. كانت لها عينان رماديتان صافيتان، ووجه ودود، وشعر أشقر مائل إلى الحمرة مربوط بعناية. لم يكن مظهرها مخيفًا أبدًا، لكنهما كانا مرعوبين للغاية، لأن خالهما قد هددهما قبل أيام قليلة بعقوبة شديدة إن أساءا التصرف مع المربية الجديدة.
لكن لورا، التي لم تكن تعلم بما في خاطر الصبيين، افترضت ببساطة أنهما متوتران لأنهما يلتقيان بمعلمة لأول مرة. وللتخفيف من توترهما، قررت أن تقترب منهما بحذر.
لم تجلب لورا أي كتب أو دفاتر أو أدوات كتابة. حتى اللوح الأسود المخصص تركته عمدًا، مدركةً أن فتح كتاب سيُشعل فوضى. لم تسألهما أي سؤال يتعلق بالدراسة. كل ما فعلته أنها سألتهما عن كيفية قضائهما لوقتهما، وعن الأشياء التي يحبانها والتي لا يحبانها.
أجاب الصبيان بتردد. لكن مع مرور الوقت، وبما أن المعلمة، التي توقعا أن تعذبهما بقواعد اللغة اللاتينية، لم تذكر شيئًا عن الدراسة، بدأ توترهما يخف تدريجيًا.
وقبل كل شيء، كانت المعلمة أمامهما تنظر إليهما بوجه ودود وابتسامة دافئة. أي ولد يستطيع أن يغلق قلبه تمامًا أمام امرأة جميلة تبتسم له وتهتم به؟ وهكذا، بدأا يجيبان بانسيابية أكثر على أسئلتها.
استمعت باهتمام لقصص الأطفال. كانا يستمتعان بالصيد والسباحة وجمع التوت في الغابة وصنع المقاليع ونصب الفخاخ للأرانب، وهذه كانت أكثر أوقاتهم اليومية. أما في البيت، فكان جل ما يفعلانه هو إشباع جوعهما، ومضايقة الخيول في الإسطبل، واللعب مع كلاب الصيد الخاصة بوالدهما.
سألتهم إن كانت لديهم كتب مفضلة، فسردوا بحماس عدة روايات بوليسية ومغامرات. طلبت منهم أن يقصوا عليها أحداثها. ولما حاولوا التشاجر على الأدوار، لجأت إلى لعبة صغيرة لتحديد ترتيب السرد.
وبالرغم من شرودهم أحيانًا، إلا أنهم استطاعوا رواية قصة متكاملة ببداية وعقدة وذروة وخاتمة واضحة. وهذا كان دليلًا على أن ذكاءهم سليم. ولم يكونوا متهورين بالكامل، إذ قَبِلوا الخسارة ولو بتجهم. بالطبع كانوا قليلي الصبر، لكن ذلك بدا نتيجة غياب التوجيه الهادئ.
لعبت معهما بعض الألعاب البسيطة: لعبة الأعداد، ولعبة تخمين الكلمات، ولعبة تعداد ملوك إنجلترا. وقد بدا أن الصبيين استمتعا بذلك، غير مدركين لنية المعلمة، وانغمسا في اللعب كليًا.
ومن خلال هذه الألعاب، استطاعت الآنسة بندلتون أن تكتشف طبيعة طلابها. كانا ذكيين بما يكفي. يمتلكان القدرة على التذكر والتحليل، ما يعني أنه من الممكن تخزين المعلومات في رأسيهما أثناء الدروس. لكن المشكلة كانت: كيف يمكن تحقيق ذلك؟
لم يستطيعا التركيز إلا أثناء اللعب. لم يتحملا الجلوس ساكنين، فكانا يلتويان باستمرار ويغمرون وجوههم في الطاولة. كان ذلك طبيعيًا، إذ لم يُدرَّبا على الجلوس بانضباط. فكيف يمكن غرس المعرفة في رأسيهما إذا كانا لا يستطيعان حتى تحمل الجلوس؟
بعد أن حددت الحالة الأساسية للصبيين، رأت لورا أن عملها لهذا اليوم قد انتهى، فأعادتهم إلى مكان لعبهم. فركضا خارج غرفة الدراسة بفزع، يلهثان مثل الهاربين.
جلست لورا على كرسي في غرفة الدراسة، مسندة ذقنها إلى يدها، وبدأت تفكر في كيفية تعليم هؤلاء الأطفال. لقد واجهت التحدي الذي يواجهه أي معلم: طلاب بشخصيات مختلفة تمامًا عن شخصيتها. وهنا كان عليها أن تختار: هل تجعل طريقتها هي المهيمنة، أم تتأقلم هي مع طباعهم؟ وبعد تفكير، قررت الخيار الثاني. لم يكن ذلك لأنها تفتقر إلى الثقة، بل لأنها رأت أن هذا الأنسب لهم.
لقد ارتادت مدرسة تمنع جميع أشكال الرياضة باستثناء دروس الرقص، بحجة تربية فتيات مهذبات. في الأشهر الدافئة، كانت هناك رحلات خارجية مرة أو مرتين في الشهر، فقط آنذاك كان بإمكان الطالبات تحريك أجسادهن بحرية. كانت تذكر تلك الأوقات بسعادة. ذهبت مع صديقاتها للتجديف وتسلق الصخور ولعب التنس وتزيين الملابس بالزهور.
وعندما أعادت النظر، لم تكن تلك المتعة فحسب، بل كان لها أثر إيجابي على صحتها. فقط بعد التخرج أدركت أن كثيرًا من المدارس لم تسمح حتى بتلك الأنشطة البسيطة، ولهذا كان معظم خريجات تلك المدارس الأرستقراطية ضعيفات البنية. وهو أيضًا سبب إغماء السيدات كثيرًا أثناء الرقص في الحفلات. ومع ذلك، كان هذا يُعتبر دليلًا على رقة أنوثتهن في نظر المجتمع.
لكنها، في أعماقها، كانت ترى أن نقص التمارين في مدارس الفتيات كان السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات وفيات النساء أثناء الولادة. لذلك، كانت كثيرًا ما تتخيل أنها إن أصبحت معلمة تملك نفوذًا في إدارة المدارس، فإنها ستشجع الطالبات على ممارسة المزيد من الأنشطة البدنية. إذ إن النشاط الجسدي في الطفولة يرتبط بلا شك بصحة أفضل في الكبر.
من هذه الزاوية، كان دانيال وجورج محظوظين. كان نعمة عظيمة أن يكبرا أحرارًا يركضان في التراب والغابات بلا قيود. أرادت أن تضمن لهما اللعب الصحي حتى يحين وقت دخولهما المدرسة. فالمدارس العامة ستتكفل بالتأديب لاحقًا، بينما يمكنهما التمتع بطفولتهما الآن.
في اليوم التالي، أخذت لورا الصبيين إلى الخارج، طالبةً أن يريّاها الغابة والنهر اللذين يحبانها. وبفرح كبير لأن أحدًا اهتم بشغفهما، أمسكا يدها وقاداها إلى الغابة.
كانت الغابة، المليئة بالأشجار العملاقة، رطبةً ومظلمة، لكنها معطرة. أريّاها شجرة الدردار العتيقة التي اعتادا تسلقها، والمستنقعات المليئة بالحشرات، والشجيرات الكثيفة التي تُنصب فيها الفخاخ للأرانب. قضت معهم فترة الظهيرة تستكشف الغابة، تتعرف على تضاريسها وتتعلم كيف يقضيان أوقاتهما هناك.
في البداية، اكتفت بالمراقبة من بعيد، لكن مع مرور الوقت، وبما أن العلاقة بينها وبينهما صارت أكثر ودًا، انخرطت في اللعب.
في البداية، لم تستطع مجاراتهما في الركض. كانت أضعف من أن تواكب نشاطهما. وهذا طبيعي، إذ لم تمارس أي رياضة منذ تخرجها من مدرسة الفتيات سوى الرقص في الحفلات. وعندما عادت إلى القصر، شعرت وكأن أطرافها أثقل من الجبال.
لكن بعد أسبوع تقريبًا، بدأ جسدها الواهن يتأقلم تدريجيًا مع النشاط البدني. ومع تكيف جسدها، انفتح ذهنها أيضًا. قبل أن تدرك، صارت تركض وتلعب الغميضة معهما، تزحف في التراب لجمع الأشياء، وتستشعر فرحًا منعشًا. وبعد ساعات من اللعب الطفولي، أصبح ذهنها صافيًا، وقلبها يخفق ببهجة.
حيوية طلابها، التي كانت مصدر قلق في البداية، صارت شيئًا تتناغم معه. كانوا لعوبين، سريعو الغضب وخشنين، لكنهم مثل أبناء الطبيعة، يمتلكون قوة وصلابة الأطفال. اندهشت من سرعة تقبلهم لمعلمتهم الجديدة، التي تحولت إلى رفيقة لعبهم. وكان من الطبيعي أن يتعلق الأولاد بمعلمة لطيفة مثل لورا تهتم بهم بصدق.
وفي تلك الأثناء، كانت السيدة فيرفاكس، وهي تراقب أسلوب لورا في التعليم، مذهولة. لم تتوقع أن تبذل كل هذا الجهد مع أطفالها. كل ما كانت تتصوره هو أن تعلمهم الأساسيات، كالبحث في الكلمات، وأداء الاختبارات، وإغرائهم أحيانًا بالحلوى والبسكويت.
لكن على عكس توقعاتها، كانت لورا تذهب مع الأولاد إلى الغابة كل يوم، وتعود في المساء مغطاة بالتراب، ملابسها ممزقة وملأى بالأوراق.
كانت السيدة فيرفاكس تدرك جيدًا سبب ذلك. كانت تعلم كم أن أولادها مشتتون ولا يحتملون الجلوس ساكنين. وقد لاحظت لورا ذلك في يوم واحد، فوجدت الطريقة الأنسب لتعليمهم: أن تكسب ودهم كامرأة راشدة تفهمهم. وهذا وحده كان كافيًا لتكشف شخصية لورا الحقيقية.
“أنتِ امرأة ذكية يا آنسة بندلتون.”
أما أوليفيا، فقد اندهشت من طريقة لورا في التعليم مثل والدتها، لكنها لم تفهم دوافعها بالقدر نفسه.
بالنسبة لها، كانت السيدة دائمًا مثال الوقار. ورأت أن لورا فقدت كل أثر من سمات السيدة. بدا لها أنه من العبث أن تتخلى امرأة عن وقارها من أجل المال.
لكن ذلك التفكير كان نابعًا فقط من الغيرة تجاه لورا، التي سرقت قلب خالها المثالي. في الحقيقة، كانت تدرك أن انتقاد لورا لعدم تصرفها كسيدة أمر سخيف، خاصةً وأنها لم تعد سيدة. لكنها لم تجد شيئًا آخر لتعيبها به.
في اليوم الأول، عندما التقت بها على الدرج ودهشت من جمالها الفاتن، ازداد غضبها، وصارت تبحث بيأس عن أي عيب فيها.
لكن خلال الأيام الماضية، لم تجد إلا خطوات لورا الرشيقة، وكلامها اللطيف، وأسلوبها المهذب. لم تكن فقط متأنقة، بل تحمل وقارًا ملكيًا.
وكلما راقبتها، زاد قلقها بشأن وضعها هي. هل جميع سيدات لندن الأرستقراطيات بهذه الأناقة؟ وهل ستتمكن هي من ترك بصمة حين تظهر لأول مرة في لندن بعد ثلاث سنوات؟
استسلمت أوليفيا لقلقها، فانكبت على البيانو والرسم، وبدأت تقرأ المزيد من الكتب. لكن القلق بقي ينهشها.
م.م: غيرتها كيوووت
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 73"