⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
السيدة فيرفاكس، التي كانت قريبة، نَقَرَت بلسانها.
“أظن أن دانيال أخاف شقيقه مجددًا. يا معلمة، جورج حقًا ساذج لهذه الدرجة.”
لم تستطع لورا أن تمنع نفسها من الضحك. عندها فقط احمرّ وجه جورج بعدما أدرك الموقف. أما دانيال، الذي كان قريبًا، فقد ضحك بخفة.
“أحمق، هل صدقت هذا؟”
تجهّم جورج ونظر بغضب إلى شقيقه. فأخرج دانيال لسانه مستفزًا، عندها اندفع جورج نحوه. وبدأ الاثنان يتبادلان اللكمات.
ماذا لو أصيب أحدهما؟ نظرت لورا بقلق نحو السيدة فيرفاكس. لكنها لم تُبدِ أي انزعاج، بل راقبت ولديها يتشاجران بوجه خالٍ من الاهتمام.
تبادل دانيال وجورج الضربات عدة مرات، إلى أن انتهى الأمر بجورج الأصغر وهو يئن بعدما تلقى ضربات على ذراعه وظهره من شقيقه الأكبر.
“هل تشاجرتما بما فيه الكفاية؟ إذن عودا إلى غرفكما. كعقاب، لن يحصل أي منكما على وجبة خفيفة هذا العصر.”
ارتسمت على وجهيهما علامات استياء، خاصة على جورج.
“لكن يا أمي! هو من سخر مني أولًا!”
“ثم اندفعت أنت نحوه ولكمته. لم أتوقع أن تفعل هذا أمام المربية الجديدة. ماذا سيقول خالكما إن عرف؟”
شحب وجه جورج عند ذكر خاله. فقالت السيدة فيرفاكس ببرود:
“إلى غرفكما بسرعة. وإلا فلن أطعمكما حتى العشاء.”
انحنيا برأسيهما وعادا إلى غرفهما. ابتسمت السيدة فيرفاكس نحو لورا.
“أولادي مهذبون جدًا، أليس كذلك؟”
شعرت لورا بالحرج ولم تعرف ماذا تقول، فبادرت بسرعة لتغيير الموضوع.
“أظن أن الخال الذي يخاف منه الأطفال هو السيد دالتون، صحيح؟”
“وكيف عرفتِ مباشرة؟”
“فقط خطر ببالي أن الأولاد لن يخافوا من السيد فيرفاكس.”
“هاها، هذا صحيح! السيد ويليام هو مصدر طعامهم. أما أخي فهو مثل الشيطان.”
ابتسمت لورا.
“لكن السيد دالتون في الحقيقة خال جيد، أليس كذلك؟”
“نعم. بفضله فقط يصغي أولئك الأشقياء لي. لو كانوا نصف رقة هنري، لما اضطر إيان لأن يكون صارمًا.”
“هنري، هو الابن الأكبر؟”
“نعم. هو الأكبر، يدرس الآن في كامبريدج. رقيق جدًا لدرجة أن إيان لم يحتج أن يكون القاسي. لقد اعتنى به كثيرًا حتى دخوله الجامعة. كان يأخذه في جولات يومية حين كان صغيرًا، ويأتي لرؤيته كل عطلة، وحتى عندما ذهب إلى المدرسة العامة كان يرسل له هدايا كل شهر حتى لا يشعر بالوحدة. في بعض الأمور، اهتم به أكثر من والده نفسه.”
“كنت أعرفه عندما تعاملت معه في لندن. كان رجلًا صالحًا.”
“همم، كنت أظنه سيئ السمعة في لندن.”
ابتسمت لورا ابتسامة رقيقة.
“السيد دالتون شخص نادر في لندن، أليس كذلك؟”
“بأي معنى؟”
“الصدق شيء نادر في مجتمع لندن. كلماته وأفعاله كثيرًا ما تُدهش الناس. لكن لهذا السبب صادقتُه. أفضل الصدق على النفاق.”
قالت لورا إن إيان رجل نادر، لكن في نظر السيدة فيرفاكس، لورا هي النادرة. لم يسبق لها أن التقت بسيدة تعترف بالطبيعة الحقيقية لأخيها. معظم الناس كانوا يقتربون منه لأجل وسامته وثرائه، ثم يفرون بسرعة بسبب طباعه وكلماته.
“يا للعجب، بدأتُ بالفعل أرغب في منحه تقييمًا حسنًا.”
اقترحت السيدة فيرفاكس أن تستريح لورا في غرفتها بعد الظهر، إذ بدت مرهقة. فانحنت لورا قليلًا لها وغادرت غرفة الجلوس.
كان كبير الخدم بانتظارها أمام الغرفة. تبعته لورا حتى وصل بها إلى غرفتها المخصصة. وبينما كانا يصعدان الدرج، التقيا بفتاة نازلة إلى الطابق الأول. كانت فتاة جميلة، أقصر من لورا قليلًا، بشعر أشقر لامع وفستان فاخر. أدركت لورا على الفور أنها أوليفيا فيرفاكس.
حدّقت الفتاة في لورا بعينين مملوءتين بالفضول.
“من أنتِ؟”
ابتسمت لورا وقالت:
“مرحبًا، أنا المربية الجديدة.”
اتسعت عينا أوليفيا، وحدّقت بها بدهشة وحيرة واضحة. تساءلت لورا في نفسها.
“ألم تسمعي أن هناك مربية جديدة؟”
أومأت أوليفيا كأنها استوعبت للتو.
“أنا أوليفيا فيرفاكس.”
كان صوتها صارمًا بعض الشيء. كتمت لورا ضحكتها؛ كان من الطريف رؤية فتاة صغيرة ما زالت تحمل بعض ملامح الطفولة تحاول التصرّف كالسيدات المتكبرات.
“لقد سمعت الكثير من السيد دالتون. قال إن لديه ابنة أخت نبيلة وسيدة محترمة. آمل أن ننسجم معًا.”
“لستِ مضطرة للانسجام معي. أنا لستُ طالبتك.”
“ومع ذلك، نحن نعيش في المنزل نفسه، وسيكون من الجيد أن نكون ودودتين. ربما أستطيع أن أكون عونًا للآنسة فيرفاكس.”
قالت لورا بلطف. فعلى الرغم من أن دانيال وجورج فقط هما من وُكِل إليها تعليمهم، إلا أنها كانت عازمة على أن تولي أوليفيا اهتمامًا أيضًا بصفتها ابنة عائلة فيرفاكس. فبخبرتها في المجتمع، لا بد أن لديها ما تقدمه لفتاة تستعد لظهورها الاجتماعي.
لكن كلماتها بدت وكأنها أزعجت أوليفيا. فقالت بحدة:
“لديّ معلمون بالفعل. توقفي عن التدخل وركّزي على دروس إخوتي الصغار.”
ثم استدارت أوليفيا ونزلت الدرج. كان موقفها عدائيًا، ولم تفهم لورا السبب. هل قالت شيئًا خاطئًا؟
أمالت رأسها قليلًا ثم تابعت السير خلف كبير الخدم حتى الطابق الثاني. على جانبي الممر امتدت الغرف، وقادها إلى الغرفة الواقعة في نهاية الممر الأيمن.
أصيبت لورا بالذهول عندما دخلت. الغرفة أكبر بكثير مما تخيلت، بحجم غرفة الجلوس تقريبًا حيث التقت السيدة فيرفاكس. لكن ما أدهشها أكثر من حجمها كان الأثاث الفاخر.
سرير ضخم، أريكة مزخرفة، طاولة خشبية أنيقة، مدفأة كبيرة، ومكتب. نافذة طويلة تصل حتى السقف العالي. بل وكانت هناك غرفة ملابس منفصلة إلى جانبها.
وعلى جانب السرير وُضع الصندوق الذي أحضرته معها. بدت حقيبتها البالية غريبة وسط هذا البذخ.
سألت لورا كبير الخدم:
“هل هذه فعلًا غرفتي؟”
“نعم. السيدة بنفسها خصصتها لك.”
“لا أصدق أن غرفة كهذه أعطيت لمربية. هل أقام فيها معلم سابق؟”
“لا. هذه أرقى غرفة ضيوف في قصرنا. مخصصة للزوار المميزين.”
أنهت حديثها معه، وبقيت وحدها تتأمل الغرفة.
اقتربت من النافذة وفتحت الباب الزجاجي، لتجد شرفة ذات سور حجري. وقفت هناك، تطل على حدائق قصر دنفيل بارك. الخضرة المنعشة أبهجت عينيها فورًا. حتى منظر الغرفة كان رائعًا.
لكن المفاجآت لم تتوقف. بينما كانت ترتب أمتعتها، سُمِع طرق على الباب.
عندما أجابت، دخلت خادمة تحمل صينية كبيرة. انحنت بأدب ووضعتها على الطاولة. كانت مليئة بأطقم شاي بورسلان لامعة، وكعك وحلوى. نظرت لورا إليها باستغراب، فقالت الخادمة بلطف:
“سيدتي رأت أنكِ لا بد جائعة بعد رحلتك الطويلة، فأمرت بأن تتناولي شيئًا قبل العشاء. ما زال أمامك أكثر من أربع ساعات.”
“شكرًا لك. بلّغي سيدتك امتناني.”
انحنت الخادمة وغادرت. جلست لورا مترددة، ثم احتست الشاي الأسود الساخن وأكلت قطعة حلوى. شعرت وكأنها في حلم. لو قرصت خدها، لظنت أنها ستستيقظ في العربة التي جاءت بها. مثل هذا الترحيب الفاخر؟ لم يكن من الممكن تخيله لمربية.
وفوق ذلك، علمت أنها ستتناول العشاء على المائدة نفسها مع العائلة، وهو أمر لم تسمع به قط.
أمضت المربيات اللواتي عرفتهن حياتهن في عزلة. كن يحظين باحترام أكثر من الخادمات، لكن دون أن يُسمح لهن بمشاركة العائلة حياتها. كان طعامهن يُرسل لهن إلى غرفهن، ويقضين أوقاتهن في ركن قصي من القصر.
لكن مربية تتناول عشاء رسميًا مع العائلة؟ هذا لم يسبق أن حدث.
بعد أربع ساعات، جاءت الخادمة لتأخذها. تأكدت من مظهرها، ثم تبعتها إلى غرفة الطعام.
كان جميع أفراد عائلة فيرفاكس مجتمعين حول مائدة فاخرة مضاءة بالشموع. هناك التقت لورا بصاحب المنزل، السيد روبرت فيرفاكس، رجل ممتلئ في منتصف العمر. ولأنه سمع أن المعلمة الجديدة صديقة لزوج شقيقته إيان، أسرع نحوها يصافحها بحرارة ويرحب بها. حتى أنه حرّك ذراعه بقوة جعلت جسدها النحيل يتمايل.
عاملها الجميع كضيفة مكرّمة. لم تُجلس في طرف الطاولة، بل قريبة من الزوجين، وكان السيد روبرت يلحّ عليها بالطعام مرارًا، يقدّم لها الحساء واللحوم والحلوى بنفسه. كلما توقفت عن الأكل، كان يضع أمامها صنفًا جديدًا. فأكلت، محرجة وممتنة في الوقت نفسه.
خلال الوجبة، كان جورج ودانيال يزعجان الخدم بطلب قطع الشواء أو السؤال عن الكعك بالليمون. أما أوليفيا فجلست بهدوء، تتناول طعامها بآداب دقيقة، ولا تتكلم إلا لتطلب ماءً إضافيًا أحيانًا.
لكن لورا شعرت تمامًا بنظراتها. طَوال العشاء، كانت أوليفيا تراقبها بحدة قاتلة.
ولم يكن هذا يزعج لورا. فقد اعتادت على عشرات، بل مئات النظرات في مجتمع لندن الراقي، واعتادت أن تكون موضع الثرثرة.
لكنها كانت فضولية: ما الذي لا يعجب أوليفيا فيها؟ وإن كان هناك سوء فهم، فهي تود إصلاحه. كانت تريد أن تكسب ودها، فهي ابنة عائلة فيرفاكس، وابنة شقيقة السيد دالتون.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 71"