⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
الجزء الثاني: يوركشاير
طَرق… طَرق…
نظرت الآنسة بندلتون نحو النافذة عند سماع الضجيج المزعج الذي اخترق أذنيها. ومع دخول العربة الطريق الضيق، راحت الأغصان المتشابكة للأشجار المصطفة بكثافة على الجانبين ترتطم بزجاج النافذة.
كم مضى من الوقت وهي تسافر؟ رفعت معصمها لتتأكد من ساعتها ذات السوار الجلدي البسيط. لقد مرّت أكثر من ساعة منذ أن صعدت إلى هذه العربة.
متى سنصل؟
شدّت أصابعها المغطاة بالقفاز محاولة تهدئة قلبها الذي كان يخفق أسرع من المعتاد.
بعد ثلاثة أيام فقط من قبولها وظيفة المربية التي عرضها عليها إيان دالتون، وصلها منه خطاب يطلب فيه أن تأخذ القطار إلى يوركشاير يوم الإثنين التالي. السيدة فيرفاكس، التي كانت على علم بالظروف، وافقت بسرور على استقبالها كمربية.
وبعد أن تنفّست الصعداء لوصول الخطاب، قضت الأيام القليلة المتبقية في الاستعداد للرحيل. ودّعت أصدقاءها المقرّبين، ومن بينهم آل مورتون وآل فيرفاكس، رتبت حقائبها، اختارت بعض الكتب، واشترت بضع ثياب إضافية بسعر زهيد.
تضمّن الخطاب الذي بعثه لها خرائط دقيقة لمواعيد رحلات القطار والمحطات التي ستنزل فيها عند وصولها إلى يوركشاير. واتباعًا لتعليماته، ركبت القطار، وبعد يوم كامل من السفر، وصلت أخيراً.
وعند خروجها من المحطة، وجدت العربة الخاصة بـ دنفيل بارك بانتظارها كما أوصاها. أنزلها السائس باحترام شديد، كما لو كانت سيدة من النبلاء، ثم انطلقت العربة ببطء.
كان السائس صامتًا، وهذا ما أراحها، فهي كانت متعبة من الرحلة الطويلة. قلبها كان خليطًا من الترقّب والقلق والحماسة. وظيفتها الأولى كمربية، مكان جديد، أشخاص جدد كل شيء كان أول مرة.
انقبض صدرها وهي تتخيل المواقف المجهولة التي ستواجهها: اللقاء الأول المحرج مع أفراد العائلة الجدد، الأطفال المشاغبون، غرفة نوم صغيرة متواضعة. حياة تجمع بين الحرية والتقييد في آن واحد، حياة خادمة مستأجرة.
ولأنها لم تكن حالمة، لم تستحضر سوى صور واقعية. لم يكن من المتوقع أن تكون حياة سهلة أو مريحة، لكنها اختارتها، وعليها أن تتأقلم. يمكنني فعلها. لقد نجحت في التأقلم وسط مجتمع راقٍ، فما الذي يمنعني من التأقلم في أي مكان آخر؟
لكن ما أقلقها حقًا هو: هل سأستطيع القيام بمهامي الجديدة حقًا؟ كانت هذه أول مرة تعمل فيها رسميًا. صحيح أنها درّست الإملاء أحيانًا لتلميذات أصغر منها في مدرستها، لكن هذا لا يُعدّ خبرة. ها هو الدور الجديد يلوح أمامها: دور “المعلّمة”، اختبار لم تعشه من قبل.
سارت العربة عبر ممر ضيق وسط الغابة، اجتازت تلتين أو ثلاثًا، عبرت نهرًا، ثم عادت تسلك الطريق الغابي نفسه. غابة طويلة، حتى خُيّل إليها أنها لن تنتهي أبدًا.
لكن كل طريق له نهاية. بدأت الظلال الكثيفة تتلاشى تدريجيًا، لتفسح المجال أمام حقل واسع ممتدّ. ومن أعلاه، أبصرت قصرًا تحيط به الأشجار. حتى من بعيد، كان حضوره مهيبًا محسوسًا.
تحسّست لورا مظهرها مجددًا. عدّلت قبعتها البسيطة ذات الحافة البنية، تأكّدت من شبكتها السوداء التي تُثبّت شعرها الداكن، نفضت الغبار عن فستانها الأخضر المربّع وشالها الكستنائي، وفحصت قفازيها الكحليين لئلا يكون بهما خيط مفكوك.
عبرت العربة الغابة، مرّت عبر حقل عشبي أخضر وبحيرة صغيرة، ثم توقفت أمام قصر محاط بحدائق أنيقة مشذبة. أمسك السائس بيدها وهي تنزل من العربة بخطوات مترددة.
رفعت رأسها تتأمل القصر. كان مبنى من الحجر البني الفاتح مؤلفًا من أربع طبقات. ضخم وقوي لدرجة أنه بدا وكأنه قادر على الصمود أمام أعتى الكوارث الطبيعية.
تقدّم منها رجل واقف عند المدخل وانحنى احترامًا. قدّم نفسه على أنه كبير الخدم. حيّته بسرعة، فأخبرها أن السيدة فيرفاكس بانتظارها، وقادها إلى الداخل.
ما إن فُتح الباب حتى بان صحن فسيح غارق في عبير الخشب والحجر المعتّق. تمنت لورا أن تتأمله مليًا، لكن الوقت لم يسمح. سارت خلف كبير الخدم عبر ممر جانبي حتى توقفا أمام غرفة مغلقة. دخل أولاً وأعلن:
“سيدتي، وصلت المربية الجديدة.”
انطلق صوت أنثوي رقيق من الداخل. خرج كبير الخدم وأشار إليها بالدخول. دخلت لورا.
فور دخولها، عرفت أنها صالة المعيشة: مساحة رحبة، تحوي أريكة تكفي عشرين شخصًا، بيانو ضخم، وركنًا صغيرًا للخمر عند الجدار. رغم أن الصيف في بدايته، كان الموقد مشتعلًا بحرارة. قربه جلست سيدة في منتصف العمر تطرّز بهدوء. تقدّمت لورا، ركعت وانحنت.
“صباح الخير يا سيدتي.”
ابتسمت المرأة بحرارة وقالت:
“أهلًا بكِ، يا معلمة.”
رفعت رأسها وقالت بهدوء:
“أنا مارغريت فيرفاكس، والدة الطفلين اللذين ستُعهدين بهما. يُعرف عني عادةً باسم السيدة روبرت فيرفاكس.”
أومأت الآنسة بندلتون. نظرت السيدة فيرفاكس إليها مليًا. عيناها الداكنتان ذكّرتاها فجأةً بقريب لها. لم يكن يشبهها في شيء، لكن عمق اللون نفسه جعلها تستشعر قرابة خفية.
شعرت لورا ببعض الألفة رغم أنها تلتقي بمخدومتها لأول مرة. قالت السيدة فيرفاكس بهدوء:
“هل ترغبين في رؤية الأطفال أولًا، أم تفضلين أن تنالي قسطًا من الراحة؟ لقد كانت رحلتك طويلة.”
“أود أن أرى الأطفال أولًا، سيدتي.”
“ليس عليكِ أن تشعري بالضغط.”
“أظن أنني سأستريح أكثر بعد أن أتعرف عليهم.”
أمرت السيدة فيرفاكس كبير الخدم أن يُحضِر الصغيرين. جلست لورا قربها على الأريكة.
“إذن، هذه أول تجربة لكِ كمربية؟”
“نعم، سيدتي.”
“ولداي صعبان. مشاغبان، لا يركزان، ولا يسمعان الكلام. لستُ ألومك إن واجهتِ سوء حظ معهما.”
قالت لورا بلطف:
“لا يمكن توقّع الطاعة من صبيان في مثل عمرهما.”
ابتسمت السيدة فيرفاكس بسخرية:
“بل أراه معجزة لو جلسا على الطاولة أصلًا.”
دخل الولدان مع كبير الخدم. كانا أنيقين بشعر بني مجعّد. أطول من أقرانهما، ببنية قوية، لكن ملامحهما لا تزال طفولية صِرفًا.
“هذان هما جورج ودانيال.”
أومآ برؤوسهما بخجل، فابتسمت لهما لورا برفق:
“تشرفت بلقائكما.”
كانا يحدّقان فيها بحذر ممزوج بالفضول.
أوضحت السيدة فيرفاكس:
“هذان هما تلميذاك. أما ابنتي أوليفيا، ابنة الثالثة عشرة، فلها أساتذة في الرقص والرسم يزورونها مرتين في الأسبوع، فلا داعي للقلق بشأن تعليمها.”
ثم بدأت لورا تطرح أسئلة عن الولدين: مستوى دراستهما، معارفهما، وخطط إرسالهما إلى المدرسة العامة. أجابت السيدة فيرفاكس بصدق: بالكاد يعرفان كتابة اسميهما، حسابهما لا يتعدى تقسيم الحلوى بالتساوي، ومعرفتهما بالجغرافيا تنحصر في أن إنجلترا بعيدة عن القارة الأوروبية.
م.م: 🤣🤣🤣🤣🤣متتتتتت
ضحكت السيدة وأضافت:
“أنا أؤمن بترك الصبية يجرون قدر ما يشاؤون. إنهم مثل كلاب الصيد، يحتاجون للركض كي لا يثيروا المتاعب. لهذا ترينهم أقوياء كالجياد.”
نظرت لورا إلى الولدين، ثم قالت:
“بالفعل، إنهما بصحة جيدة. سنتمكن من تعديل وضعهما مع دخول المدرسة العامة.”
“هذا ما يقلقني… أخشى ألا يستطيعان اللحاق بالدروس، لم يدرسا شيئًا من قبل.”
قالت لورا:
“سيتعين عليهما البدء من الصفر في اللاتينية، وسيكون أمامهما الكثير ليتعلموه. هل أبدأ الدروس اليوم؟”
“ليس هناك داعٍ للعجلة. خذي أسبوعًا كاملًا لتتعرفي على المكان. اذهبي بجولة في دنفيل بارك، ستجدين ممشى جميلاً.”
ابتسمت لورا شاكرة:
“ممتنة لكِ سيدتي. سأستغل اليوم للراحة، لكنني أود أن أبدأ غدًا. حتى لو لم نبدأ جدياً، أريد أن أعودهم على الجلوس إلى الطاولة في وقت محدد.”
قهقهت السيدة فيرفاكس فجأة وقالت لأبنائها:
“أردت أن أمنحكما أسبوعًا كما طلبتما، لكن المعلمة الجديدة ترفض. ستجلسان في قاعة الدراسة تحفظان أفعال اللاتينية. أيامكما الذهبية انتهت!”
“الدروس الحقيقية تبدأ الأسبوع المقبل. الآن أريد فقط أن نتعرف على بعض. أكبر همي أن أجعل الأمر ممتعًا.”
لكن ملامحهما لم تلِن. فأضافت:
“أعدكما، لن تمضيا اليوم كله على المقاعد. صحيح أن وقت اللعب سيقلّ، لكن ستجدان وقتًا كافيًا للركض في الخارج. الأطفال في مثل أعماركما يحتاجون للهواء والحركة.”
رفع الصغير، جورج على الأغلب، رأسه وسألها مترددًا:
“إذن… لن نضطر للجلوس أمام السبورة نحفظ الأفعال اللاتينية طول اليوم؟”
ابتسمت وقالت:
“بالطبع لا.”
“ولا حلّ مسائل الحساب كل يوم؟”
“بالطبع.”
“ولا… يعلقنا أحد من السقف ويضربنا كلما أخطأنا في سؤال؟”
تسعت عينا لورا في دهشة.
يُعلَّق طفل من السقف؟
م.م: 🤣🤣🤣🤣🤣، حبييييت الأطفااال و حبيت الرواية أكثر، على كل هذا غلاف آخر للرواية تخيلو لورا كمربية منه 🥰

Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 70"