⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
بصق الكلمات أخيرًا:
“طُردت.”
“ماذا؟”
“طُردت من آل بندلتون.”
نظر إليه السيد فيرفاكس بتعب واضح على وجهه.
“ما الذي تقوله؟ طُردت؟ الآنسة بندلتون التي خدمت السيدة أبيغيل اثني عشر عامًا تُطرَد؟ هل يعقل هذا الكلام؟”
“هراء. وذلك اللعين جيرالد بندلتون، رأس العائلة، ارتكب فعلًا شنيعًا. لم يكتفِ بمحاولة بيع ابنة أخته لرجل مسن يكبرها بعقود، بل سحق يديها حتى نزفت دمًا ليجبرها على قبول عرضه، وفوق كل ذلك، زوّر وصية جعلت الآنسة بندلتون معدمة ثم ألقاها في الشارع! ذلك الوغد الحقير!”
صرخ إيان دالتون بأسنانه المصطكة، وقد بدت على ملامحه وحشية غاضبة أرعبت فيرفاكس.
“اهدأ، لنبدأ أولًا بالعثور على الآنسة بندلتون. هل تعرف تلك الخادمة إلى أين ذهبت؟”
هزّ رأسه نفيًا. وازداد قلق السيد فيرفاكس على الآنسة بندلتون.
“ربما ذهبت إلى بيت صديقة…”
“بل لا شك أنها تختبئ في مكان لا يعرفه أحد. هي فتاة ذات مبدأ، لن تثقل كاهل أي شخص. ستتقبل محنتها في صمت. تبًا… من أين أبدأ…”
أوقف إيان العربة فجأة أمام مكتبة، ودخل ليخرج منها بدليل سفر إلى لندن. نزل ويليام مسرعًا من العربة بعدما لاحظ أن إيان اختار السير على الرصيف بدلًا من الركوب.
“هل ستبدأ بالبحث في أماكن السكن؟”
ظل إيان صامتًا.
“تعال معي، لا بد أن هناك أكثر من مئة مكان. كيف ستبحث وحدك؟”
“لديك ما تفعله. ابحث عن منفذ وصية السيدة أبيغيل ومحاميها. تحقق إن كان ما سمعته صحيحًا.”
“حسنًا، خذ عربتي إذن.”
لكنه تجاهل كلامه وقفز إلى عربة مستأجرة مارة واختفى.
عاد ويليام إلى منزله، وبفضل شبكة علاقاته التجارية الواسعة، استطاع تتبع محامي السيدة أبيغيل ومنفذ وصيتها. لم يكن الأمر سهلًا، فقد كانت السيدة أبيغيل شديدة التحفظ في حياتها.
لكن في النهاية، وجدهم: ريتشارد رويدن من مكتب رويدن للمحاماة، وبول نايز، صديق مقرب قديم للسيدة أبيغيل وبارونيت سابق فقد مكانته بسبب استثمارات فاشلة.
كان يعرف أن كلا الرجلين في ضائقة مالية. فالمحامي رويدن، رغم مظهره النبيل، ابتُلي بإدمان القمار منذ عام تقريبًا، أما بول نايز فانهارت أسرته قبل ثلاث سنوات، وصار يعيش في حي تجاري مع زوجته وأطفاله، بالكاد يعيل نفسه من خلال كتابة أي شيء يبيعه للجرائد الرخيصة: شائعات المجتمع، روايات تافهة، أو هراء.
ومن خلال نوادي السادة، كان فيرفاكس يجمع المعلومات عن أوضاعهما المالية، محاولًا معرفة إن كان قد طرأ عليها تغيير.
وفي هذه الأثناء، كان إيان يقضي أيامه ولياليه في البحث عن الآنسة بندلتون. يخرج عند الفجر، ويعود بعد منتصف الليل، وأحيانًا لا يعود إطلاقًا.
م.م: إيان 💔💔
ثم، بعد بضعة أيام، اقتحم مكتبه ذات ظهيرة وهو يهتف:
“الآنسة هايد، أين تعيش الآن؟”
“ماذا؟”
“أين تعيش؟”
“أم… في بيت مخصص للسيدات قرب شارع فليت. لكن لماذا؟”
فكّر إيان قليلًا ثم سألها:
“ما اسم دار النشر التي تعمل بها الآنسة هايد؟”
“مهلًا، لماذا تسأل فجأة عن الآنسة هايد؟ أخبرني أولًا السبب.”
“لقد وجدت الآنسة بندلتون. إنها تقيم وحدها في نُزل بائس. سأطلب من الآنسة هايد أن تسمح لها بالإقامة معها. أسرع وأخبريني!”
م.م: إيان واحد من المليون…
فأعطاه السيد فيرفاكس العنوان فورًا، فاندفع إيان خارج المكتب مرة أخرى.
كان قد سمع مسبقًا من الآنسة هايد، خلال نزهة، عن وضع الآنسة بندلتون، وقد طلبت منه بلطف أن يساعدها للانتقال إلى بيتها. استشعرت هايد حينها أن دالتون ينجذب إلى بندلتون. ومن سلسلة خطوات مدروسة، استطاع إيان أن يعثر عليها، واخترع وظيفة “مربية غير موجودة” ليأخذها إلى ملكية أخته بأمان.
وبعدها جلس السيد فيرفاكس أمام صديقه المهووس إيان وسأله:
“إذن، الآنسة بندلتون بأمان. لكن ماذا عن جيرالد بندلتون؟ وعن المحامي والموثق؟”
كان واضحًا أن كليهما قد أصبح ثريًا فجأة. فقد انتقل نايز إلى منزل أفضل، واستعاد رويدن منزله وعربته بعدما كانا محجوزين بسبب الديون. لكن ما الدليل أن المال جاء من جيرالد بندلتون؟
قال إيان ببرود:
“سأحقق أكثر في مصادر أموالهم. وإن ثبت أنهم قبضوا ثمنًا مقابل حرمان الآنسة بندلتون من حقوقها، فسأجعلهم يدفعون الثمن.”
“وكيف؟ برفع دعوى؟”
“لن أجعل الأمر علنيًا. الآنسة بندلتون لن ترضى أن أتدخل في شؤونها.”
“إذن؟”
“سأجعلهم عاجزين عن العيش أو العمل، لا في القانون ولا في النشر. لقد سرقوا حقوق امرأة مقابل بعض المال، وسأذيقهم سقوطهم بأيديهم.”
م.م: جنتلمان 🔥🔥🔥
أومأ فيرفاكس. كان ذلك انتقامًا مظلمًا، لكنه شعر بالارتياح. على الأقل لم يقتلهم صديقه. كانوا يستحقون السجن، وما ينوي فعله أقل قسوة.
لكن فجأة تحوّل نظر فيرفاكس إلى أمر أخطر:
“وكونت جيرالد بندلتون؟”
التزم إيان الصمت. لم يستطع فيرفاكس قراءة ملامحه، وزاد قلقه. كان يعرف أن صديقه حين يغضب بحق، يصبح وجهه بلا انفعال. وهذا ما حدث الآن.
“…لن تقتله، أليس كذلك؟”
“ذلك سهل جدًا.”
“إذن ماذا؟”
تأمل إيان النافذة لبرهة، ثم قال بهدوء:
“ويليام، ما رأيك في أرستقراطية هذا البلد؟”
“لماذا تسأل فجأة؟”
“ألا ترى أنهم يتمتعون بامتيازات لا تتناسب مع واجباتهم؟”
“…لا أعتقد. فالأرستقراطية ورثّت أمجاد أسلاف عظام خدموا بريطانيا. نعم، هم متعجرفون ومنغمسون في شهواتهم، لكن… إن لم تنتقل الامتيازات للأبناء، فمن سيضحّي من أجل بلاده؟”
“إن أردت أن ترث أمجاد أسلافك، فعليك أيضًا أن تقوم بواجبك تجاه المجتمع. الأرستقراطية تخلّت عن دورها كقادة واكتفت بلقب يبرّر فسادها. الأرستقراطية البريطانية مكبّ نفايات لحثالة تدمر البلاد. وجيرالد بندلتون أقذر حثالة صادفتها. يجب أن تختفي عائلة بندلتون من أجل هذا البلد.”
تجمّد فيرفاكس وهو يستوعب ما يعنيه. آل بندلتون كانوا من أعرق عائلات النبلاء. أما الآن فصديقه يهدد بإبادتهم. كانت صدمة كبرى لرجل محافظ مثله طالما مجّد النبلاء.
لكن، لو أصاب شقيقته جانيت ما أصاب الآنسة بندلتون، لكان شعر مثله تمامًا. فهو رجل يقدّس شرف النساء بقدر ما يحترم طبقة النبلاء. وما ارتكبه جيرالد بندلتون لم يكن إلا وحشيةً أقرب إلى فعل بهيمة.
م.م: فيرفاكس 🫂
وعند عودتهم إلى المنزل، حزم دالتون أمتعته. زوّده فيرفاكس بعربة وسائق وودّعه، دون أن يطلب منه يومًا أن يتراجع عن تدمير آل بندلتون.
في اليوم التالي، ذهب فيرفاكس وأخته جانيت لزيارة الآنسة لانس، ليخبراها برحيل إيان إلى وايتفيلد.
كانا قد اتفقا على اختلاق سبب طارئ لرحيله، حتى لا ينكسر قلبها. جانيت وافقت بسهولة، لكنها لم تفعل حبًا في حماية سمعة دالتون، بل لأنها تعشق الآنسة لانس إلى حد العبادة، ومستعدة أن تكذب من أجلها.
كما توقعا، بدا الحزن على وجه الآنسة لانس عند سماعها الخبر. لم يكن لطيفًا أن يغادرها رجل عرفته دون وداع. فسارع فيرفاكس لاختراع حكاية لتطييب خاطرها:
“لقد استقال وكيل العقار فجأة، فاضطر إيان إلى العودة فورًا. لكنه أوصاني أن أنقل تحياته للآنسة لانس، وقال إن الأوقات التي قضاها معها في لندن لا تُنسى، وإنه يعدّ الأيام حتى يلتقيا مجددًا.”
عندها أضاء وجه الآنسة لانس قليلًا.
“هل حقًا ترك لي هذه الرسالة؟”
“بالتأكيد.” أجاب مبتسمًا رغم تأنيب ضميره.
وأضافت جانيت بحماس:
“حتى وهو يغادر، ذكر اسم الآنسة لانس مرارًا. قال: (كان يجب أن أودّعها وأقبّل يدها الصغيرة الجميلة قبل الرحيل). وأخبرني أن ترك أجمل زهرة في لندن كان ندمًا دمويًا، لكنه وعد أن يعود أول ما ينتهي ليزور الكاتبة الرائعة لانس جونّام!”
كاد فيرفاكس يعترض على مبالغتها، لكنه رأى ملامح السعادة تشرق على وجه لانس، فسكت. غادرتهم ووجهها متورد كزهرة أيار.
خرج الشقيقان فيرفاكس مطمئنين إلى أنهم أدّوا واجبهم كأصدقاء، دون أن يدركا أن أكاذيبهم قد أضاعت على الآنسة لانس فرصتها الأخيرة لاستعادة وعيها.
فقد سكبت الكذبة البيضاء العسل في قلبها الموهوم، لتعيش على خيال لقاء رومانسي وخاتم ماسي قادم، بدلًا من مواجهة الحقيقة وإخماد الشائعات التي كانت تنتشر كالنار في لندن.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 67"