⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
“نعم، سيد دالتون. هذا ثلاثة أضعاف راتب المربية الحالية. عليك أن تفكر جيدًا قبل أن توظفني. فشقيقتك هي من سيدفع راتبي…”
“المربية التي وظفتها قبل أن يدخل ابني الأكبر، هنري، المدرسة العامة كانت تتقاضى هذا المبلغ.”
م.م: هنري ابن أخته لكن إيان رباه كابنو لأن أخته كانت مريضة بعد الولادة لذلك هو بمقام الابن بالنسبة له.
“لكنني مجرد مربية.”
“دورك هو دور مربية. ومن غير المعقول التمييز في الرواتب لأسباب مختلفة ما دمتِ تُدرّسين نفس المواد.”
لم تستطع لورا أن تقول شيئًا أكثر. بصراحة، لم يكن بإمكانها الاعتراض أمام عرض راتب سنوي يبلغ 150 جنيهًا.
قال: “شقيقتي منحتني مهلة، لذا لا أستطيع أن أُعطيكِ وقتًا أطول. عليكِ أن تتخذي قرارًا خلال ثلاثة أيام.”
“… نعم. سأفكر في الأمر، سيد دالتون.”
أومأ السيد دالتون ومدّ يده إليها. وضعت يدها في يده، لا تزال عادة متجذّرة فيها. قبّل يدها المغطاة بقفاز كحليّ بسيط، ثم رحل.
عادت لورا إلى غرفتها. وظلّ عرض الـ150 جنيهًا سنويًا يتردد في ذهنها.
كانت وحدها. عليها أن تعيل نفسها وتستعد لشيخوختها بمفردها. ومهما عملت بجهد، متنقّلة بين وظائف أساسية وأخرى جانبية، فإن راتبها الحالي كمربية لم يكن كافيًا لتوفير مبلغ لائق للتقاعد.
كان عرض السيد دالتون مثاليًا من جميع النواحي. ولدان فقط، وهو العدد المناسب للتلاميذ. خمس ساعات في اليوم ستتيح لها القيام بعمل جانبي آخر. وفوق ذلك، هناك طفل آخر في العائلة: إيان فيرفاكس، الأصغر بين الاثنين. وبمجرد أن يلتحق الولدان بالمدرسة العامة، سيحتاج هو الآخر إلى مربية. أي أن العمل مضمون لأكثر من عقد كامل.
أُعجبت بسرعة الحسابات في ذهنها. لكن ما أدهشها أكثر هو تلك الفرصة المعجزة التي ظهرت في هذه الأوقات العصيبة. لقد كان بلا شك طوق نجاة، وظيفة تحتاجها بشدة.
بدأت تمشي ذهابًا وإيابًا في غرفتها، شاردة الفكر. هل تأخذ هذا العرض؟ لكن المنزل قريب جدًا من السيد دالتون. وهو يقدّر شقيقته وابنيها كثيرًا. لا بد أنه يزورهم كثيرًا، فماذا لو اهتز قلبها؟
بين الواقع والمشاعر، لم تستطع أن تحسم أمرها. أيًا كان القرار، هناك ما يقلقها.
طرق.
لا تدري كم مرّ من الوقت وهي غارقة في التفكير، حين جاء طرقٌ عند أذنها تقريبًا. فزعت. من يكون؟ خادمة لجمع الغسيل؟
“آنسة بندلتون!”
قفز قلبها عند سماع الصوت المألوف خلف الباب. سارعت إلى المدخل، فتحت القفل وأزاحت الباب.
كانت الآنسة هايد واقفة أمامها.
“الآنسة هايد! ما الذي جاء بكِ…”
نظرت إليها الآنسة هايد بدهشة، ثم طلبت الدخول. قادتها لورا إلى الداخل وجلست مقابلها على الكرسي أمام الطاولة الصغيرة بجانب السرير.
تجولت عينا الآنسة هايد في الغرفة، ثم استقرت على لورا الشاحبة بملابس الحداد.
“ما الذي تفعلينه في مكان كهذا بحق السماء؟ كان يجب أن تأتي إليّ!”
“الحياة هنا ليست سيئة.”
“إنها خطيرة. هذا مكان يرتاده شتى الناس. ماذا لو صادف أن بعض المسافرين الأشرار كانوا هنا؟ ماذا لو عرفوا أن الآنسة بندلتون تقيم وحدها وقرروا اقتحام المكان بنوايا سيئة؟”
ضحكت لورا بصمت. في الواقع، هذا الاحتمال بالذات كان السبب في حرصها الشديد على قفل الباب.
تنهدت الآنسة هايد بعمق.
“تعالي معي إلى منزلي المؤجَّر.”
“منزل مؤجَّر؟”
“نعم. بإمكانك البقاء معي ما دمتِ تدفعين الإيجار اليومي هنا. الناس يغادرون باستمرار هذه الأيام، وصاحبة البيت تعاني من قلة المال. أحضري حقائبك، بسرعة.”
نهضت الآنسة هايد وألحّت على لورا. وفي الواقع، كانت مخاوفها مبررة. المكان مهترئ، والداخلون والخارجون كُثر. غرف الرجال قريبة من غرف النساء. من الطبيعي أن يكون بقاؤها وحدها خطرًا.
رأت لورا أن منزل الآنسة هايد المستأجر هو الخيار الأنسب لوضعها الحالي. نهضت فورًا وبدأت بجمع أغراضها، وساعدتها الآنسة هايد.
حملت الاثنتان معًا الصندوق الكبير وغادرتا النُزُل. خرجت الآنسة هايد بسرعة إلى الطريق الرئيسي وأوقفت عربة عابرة.
جلستا جنبًا إلى جنب في العربة المتحركة. أخيرًا وجدت لورا الوقت لتسألها كيف عرفت مكانها.
قالت الآنسة هايد: “السيد إيان دالتون جاء لزيارتي.”
تسمرت لورا، مذهولة.
“السيد دالتون؟ كيف عرف أين تعملين؟”
“قال إنه علم من السيد فيرفاكس. وأخبره أنكِ هنا. وأنكِ تعيشين في مكان غير آمن. وطلب مني أن آخذكِ للإقامة في منزلي المستأجر الآمن.”
بُهتت لورا. لم تكن تتوقع مثل هذا التصرف النبيل. قلقًا على وضعها، ذهب بنفسه إلى مكان عمل الآنسة هايد وطلب منها أن تعتني بها.
لقد كان يعلم أيضًا أن سكنها غير آمن. لكنه بدلًا من الإصرار على اصطحابها إلى منزل السيد فيرفاكس، بعث بالآنسة هايد. كان ذلك احترامًا لقرارها، لا تجاهلاً له.
م.م: in the world of boys he is a gentleman 🥰
لطالما عرفته رجلاً عطوفًا. قد يبدو أحيانًا مباشرًا أو فظًا، لكن ذلك مجرد قناع. في حقيقته، كان حنونًا ومراعيًا. صداقته كانت نعمة.
ولولا مشاعرها الخاصة، لكانت قادرة على تقدير هذه النعمة دون ألم.
انطلقت العربة في شارع فليت، المنطقة التجارية الصاخبة المليئة بدور النشر والصحف الكبيرة والصغيرة. سرعان ما بدأت بيوت عادية تظهر بدل المكاتب، وتوقفت العربة أمام حي سكني يضم بيوتًا من ثلاثة طوابق.
رغم اعتراض لورا، دفعت الآنسة هايد الأجرة بنفسها ونزلت أولاً، ثم أنزلت الأمتعة من الخلف.
قادتها إلى بيت بابه أحمر اللون. طرقت بحلقة معدنية على الباب.
طرق.
خرجت امرأة في منتصف العمر ترتدي قبعة أنيقة.
“آنسة هايد، مرحبًا. ومن هذه معكِ؟”
“إنها صديقتي، السيدة كيرون. هل يمكن أن ندخل وأشرح لكِ؟”
سمحت السيدة كيرون لهما بالدخول.
قالت الآنسة هايد: “هذه صديقتي، الآنسة لورا بندلتون. إنها امرأة محترمة للغاية. تبحث عن سكن مؤقت حتى تجد وظيفة كمربية.”
تفحصتها السيدة كيرون بعينين فاحصتين. كانت جذابة الطلعة، لكن ملابسها رثة.
“آنسة هايد، كما تعلمين، قوانين النزل لا تسمح باستضافة ضيوف…”
“ستقيم في غرفتي طوال فترة إقامتها. إن اعتنيتِ بالطعام والغسيل، سأدفع لكِ ما أدفعه كإيجار عادي.”
ابتسمت السيدة كيرون: “امرأة محترمة دائمًا مرحب بها في بيتنا. تفضلي بالبقاء، آنسة بندلتون.”
صعدت الاثنتان إلى الطابق الثاني. وعند دخول الغرفة، أخذت الآنسة هايد قبعة لورا وعباءتها وعلّقتهما، ثم نزلت لتجلب شيئًا نافعًا.
بقيت لورا وحدها، تتأمل الغرفة. كانت واسعة ومفروشة بالكامل. مدفأة صغيرة، أريكة مريحة، سرير، مكتبة، ومكتب. الكتب مكدّسة على الرفوف، تذكرت أنها نفس الكتب التي كانت متراكمة في زاوية الغرفة الصغيرة حين كانت عائلة هايد تعيش هناك.
تذكرت لورا الغرفة الضيقة والكئيبة التي كانت الآنسة هايد تتقاسمها مع أسرتها. أما هذه الغرفة، فهي أكبر بثلاث مرات وتحتوي على كل ما قد تحتاجه. وأكثر ما أسعدها أن الآنسة هايد صار لديها مكتب حقيقي.
ماري لوتِس. لقد سمعت عنها من قبل. كانت كاتبة رحلات جابت أوروبا وأمريكا وإفريقيا بمفردها.
أثارتها الحماسة، فحاولت قراءة المخطوط. لكنها لم تفهم شيئًا. الأوراق ملطخة بالحبر، والكلمات أشبه بخربشات. الكتابة متعرجة وغريبة، تتداخل السطور فوق بعضها، كما لو أن القلم زلّ عنها.
دخلت الآنسة هايد وهي تحمل صينية عليها بسكويت وشاي وبعض المرطبات.
قالت لورا: “هل هذا مخطوط ماري لوتس؟”
“نعم. هل حاولتِ قراءته؟”
“لا أستطيع. أهو نوع من الشيفرة؟”
ابتسمت الآنسة هايد وجلست بجانبها. وضعت المخطوط على الطاولة وجلستا تشربان الشاي.
قالت: “هناك كتّاب بخط يد سيئ للغاية. يكتبون الحروف كأنها هيروغليفية، حتى يُرهقوا رؤوس المحررين. وماري لوتس من أبرز هؤلاء. كان خطها رديئًا أصلاً، وزاد سوءًا لأنها كانت تكتب على متن السفن والعربات باستمرار.”
فهمت لورا الآن سبب وجود مخطوطات الكاتبة الشهيرة في بيت الآنسة هايد.
“إذن تستطيعين أنتِ قراءتها؟”
ضحكت هايد: “غريب، أليس كذلك؟ لستُ بارعة في القراءة بالعادة، لكن عندما أنظر في كتاباتها بتمعّن، أفهمها. لذلك أوكل إليّ مهمة تحرير أعمالها. ولأنها دائمًا مسافرة، لا أستطيع سؤالها عن كل صغيرة وكبيرة، فيضطر المحررون للاستعجال. العمل شاق، لكنه ممتع، وأشعر أنني محظوظة لأني أول من يقرأ أعمالها.”
قالت لورا بإعجاب: “هذا مدهش يا آنسة هايد.”
أجابت بابتسامة: “لا. ليست أنا المدهشة، بل لوتس. أنا أجلس في المكتب أصحح كتاباتها، أما هي فتذهب إلى الجبال والبحار وحدها، في جسد امرأة! أليست تلك شجاعة مذهلة؟ وكتاباتها رائعة فعلًا. هذه الأيام تنتشر مذكرات الرحلات، لكن أسلوبها متين وأنيق وجميل. إنها كاتبة نثر حقيقية.”
حين حان وقت العشاء، قُدّمت وجبة وفيرة: يخنة لحم العجل، شوفان، خبز، وهلام الفاكهة. كان الطعام لذيذًا بحق. شعرت لورا، التي اعتادت في الأيام الماضية على طعام غريب في النُزُل، أنها أخيرًا تناولت وجبة حقيقية.
وبعد العشاء، جلستا على الأريكة تتبادلان الحديث. تحدثتا عن تجاربهما منذ مغادرة عائلة بندلتون، الصعوبات في البحث عن عمل، والحياة في النزل. الأيام الأولى من الاستقلال كانت خشنة وهادئة، مليئة بالقلق والحرية في الوقت نفسه.
تفاعلت الآنسة هايد مع كل ما روته لورا، وشجعتها وهي لم تجد بعد وظيفة مناسبة. واستمدّت لورا الثقة من مثال هايد التي سبقتها في الاستقلال وبناء حياة مستقرة.
لقد أثمرت بذور الودّ التي زرعتها لورا في قلب الآنسة هايد قبل أشهر، وعادت إليها الآن حصادًا وفيرًا.
م.م: كما نقول بالجزائرية” دير الخير و انساه و دير الشر و اتفكرو”
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 64"