⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
ساحة غروسفينور، منتصف الليل، تمامًا كما الآن. تحمل حقيبة سفر كبيرة، ملفوفة بشال حريري أخضر مختلف تمامًا، أخذت تنظر حولها وهي ترتجف. وقفت في حديقة مهجورة، تنتظر العربة المستأجرة لتقلها، وهي تشتاق لحبيبها الوحيد في داخلها.
لكن الفتاة، التي كانت مفعمة يومًا بتوقعات الحب، بدأت تتغير تدريجيًا مع مرور ساعة، ثم ساعتين. من القلق إلى الخوف، ومن الخوف إلى اليأس.
وأخيرًا، مع بزوغ الفجر، اختفت كل ملامح وجهها. وبحلول الوقت الذي راحت فيه عربات الخضار والعربات الفاخرة التي تقل السيدات النبيلات إلى الكنيسة لصلاة الفجر تجوب الشوارع، كانت قد فقدت كل أمل.
بعد أن تحلم بذلك اليوم، كانت دائمًا تستيقظ غارقة في العرق. تنكمش على نفسها ككرة، ترتجف وتبكي. خطة الهروب المتهورة وهي في السابعة عشرة انتهت بخيانة كاملة.
يا لغبائها حينها. ظهر شاب في المجتمع الراقي. وسيم وذكي، لكنه فقير بلا راعٍ. الرجل الوحيد الذي فهمها، وحيد وخائف، جديد على المجتمع.
ظنت أنه سينقذها. يأخذها بعيدًا عن مجتمع نبذها وتعامل معها كأنها هواء.
لكن عربة ذلك الشاب لم تظهر أبدًا. وبعد خيانته لها بشهرين، تزوج من امرأة ثرية، تاركًا إياها أضحوكة بين ألسنة المجتمع الذي كان يعلم أصلًا أنهما كانا عاشقين.
(تذكرت كلمات الآنسة لانـس حين أخبرتها بقصتها باسم سيدة أخرى: “المرأة… انتحرت؟”).
انتحار. ربما كان ذلك أفضل.
لقد فقدت عقلها حينها تمامًا. قصتها كانت همسًا في كل مكان في المجتمع، والسخرية منها والتندر عليها كانت الحلوى المعتادة على موائد الشاي.
لكنها لم تستطع أن تقتل نفسها. لم ترد أن تجلب اليأس لجدتها التي ضحّت بابنها الوحيد من أجلها، ولم ترد أن تغادر الدنيا بوصمة أن ابنة دولوريس بندلتون ماتت ميتة بشعة، مثل أمها. كان ذلك عارًا لا يُحتمل.
لكن، أكثر من أي شيء آخر، أرادت أن تعيش. أن تعيش من جديد بشكل صحيح. أن تعود لتكون لورا شيلدون الحرة، التي كانت قبل أن تُسلَّم لعائلة بندلتون.
شدّت على أسنانها وتمسكت باللقب، وصبرت في المجتمع. ابتسمت بلطف لمن سخروا منها، وعاملت من افتروا عليها بأدب.
كانت فرحة جدتها، صديقة وفية لصديقاتها، وناصحة للفتيات غير المتزوجات. تحملت وصبرت لتبقى على قيد الحياة. وحتى يوم مغادرتها لعائلة بندلتون، أرادت أن تتجنب أن تُتهم بأنها تتبع خطى أمها، ولتردّ جميل جدتها قبل رحيلها.
وأخيرًا، في التاسعة والعشرين، تحررت من عائلة بندلتون.
قبضت على قبضتيها ثم فتحتهما من جديد. الحياة داخل جسدها لم تعد بعد. فكرت في الحرية التي أمامها. تستطيع أن تذهب حيث تشاء، أن تمكث حيث تشاء. لأنها لم تعد “الآنسة بندلتون”، بل “لورا شيلدون”.
لورا شيلدون. كررت اسمها الجديد. كان اسمًا فقدته منذ زمن طويل حتى بدا كأنه اسم شخص آخر.
لكن كان بالتأكيد اسمها. تتذكر بوضوح صوت أبيها وهو يناديها:
جربت أن تنطق اسمها بنفسها. لورا شيلدون. لورا شيلدون. بدا غريبًا… لكن…
العاطفة الغارقة ارتفعت. نعم، لورا شيلدون. هذه أنا. أنا جديدة. اسم جديد لحياة جديدة.
الآنسة بندلتون كررت اسمها الجديد مرارًا وتكرارًا، كأنه تعويذة. وكلما كررته، تحوّل الإحساس بالغربة إلى شعور بالتحرر. أدمنت اسمها الجديد.
أرادت أن تردده بلا نهاية. أن يُنادى به بلا نهاية. أن تكتبه، وأن يُنقش حتى على شاهد قبرها حين تموت.
قبضت على قبضتيها مجددًا. عاد لشدّتها المعتادة. عضلاتها المترهلة توترت من جديد.
وأخيرًا، فهمت لماذا جاءت إلى هنا. لتنفصل إلى الأبد عن لورا بندلتون، التي بحثت عن الحرية عبر رجل قبل اثني عشر عامًا.
الفتاة ذات السبعة عشر عامًا، العائدة متعثرة إلى آل بندلتون بحقيبتها، ستُدفن الآن إلى الأبد مع اسم لورا بندلتون. لقد صار لها اسم جديد، أو بالأحرى استعادته، ولن تعود إلى الوراء أبدًا.
وقفت الآنسة بندلتون من على المقعد، ورفعت الحقيبة بجوارها. كان ثقلها يسحب بشدة على عضلات كتفيها. لكنها علمت أن ما تحمله الآن أكثر فائدة بكثير مما حزمته قبل اثني عشر عامًا. جرّت حقيبتها بصعوبة نحو قدر جديد.
في اليوم التالي، استيقظت لورا في سرير صغير داخل فندق من الدرجة الثانية قرب محطة كينغز كروس. فزعت حين أدركت أنها ليست في غرفتها الفاخرة المعتادة، لكنها سرعان ما تذكرت ما حدث ليلة الأمس.
كان وجه صاحب النُزل يُظهر امتعاضه من قدومها المتأخر ليلًا. تبعته وهي تحمله مصباح الغاز عبر ممر مظلم. غرفة صغيرة مضاءة بشمعة وحيدة، هناك خلعت ثيابها وسقطت في النوم.
نظرت لورا إلى الكرسي الصغير في زاوية الغرفة. ملابس الحداد التي خلعتها بالأمس كانت ملقاة عليه بإهمال. نهضت ببطء وارتدتها مجددًا. أمسكت إبريق ماء وصبت قليلًا في حوض خزفي متشقق، غسلت وجهها، ثم رتبت شعرها أمام المرآة الصغيرة على الحائط.
رأت نفسها في المرآة شاحبة، عيناها محمرّتان. فكرت فيما عليها فعله اليوم. لا يمكن أن تفعله بهذا الحال. عزمت على أن تبدو على الأقل بمظهر مقبول، ثم نزلت إلى الأسفل.
كان صاحب النُزل قد أرشدها بالأمس، المطعم في الطابق الأسفل. سارت ببطء عبر الممر نحو السلم.
وهي تمشي عبر الممر، مرّت برجل يرتدي معطفًا مهترئًا يدخن غليونه، وتجنبت طفلين صغيرين يرتديان ملابس صوفية متشابهة، يركضان بجنون. كلما نزلت أكثر، ازداد الضجيج.
المطعم، رغم اتساعه، كان مكتظًا بالناس من كل الأعمار. رجال ونساء في مكان واحد، مزدحمون.
جلست، فجاءها نادل بملابس عادية، لا بزي رسمي، وسألها ببساطة عما تريد. طلبت قهوة، حساء، ولفافتين من الخبز، ثم غادر بخطوات بطيئة.
قُدم طلبها بعد قليل. أكلت وراحت تراقب الحشود.
عدد هائل من الناس، يجلسون إلى الطاولات، يشربون القهوة، يقرؤون الصحف، يدخنون السجائر، ويأكلون الخبز.
ملابسهم كانت عمومًا بالية، وحتى الأكثر ترتيبًا بينهم لم يتجاوزوا البساطة الطبقية الوسطى. بالإنصات إلى أحاديثهم، عرفت أنهم جميعًا مسافرون:
خادمات يعملن في بيوت النبلاء في الأرياف، جئن في إجازة ليوم في لندن. محامٍ وكاتب في رحلة عمل. عائلة تجار من الأقاليم يزورون أقارب. بائع متجول يجوب البلاد ببضاعته. راحت تحدّق فيهم باهتمام.
ولم تبرز لورا بينهم. لحسن الحظ، كانت ملابس الحداد السوداء التي ترتديها بسيطة بالنسبة لسيدة نبيلة، فلم يلحظ أحد مكانتها السابقة.
فضلًا عن أن إرهاق الأيام الماضية جعل عينيها متورمتين وثقيلتين، مما غطى على شيء من جمالها. وهذا كان حسنًا، إذ لم تكن في مزاج للكلام بعد.
أنهت وجبتها بصمت، وعادت إلى غرفتها. أعادت القهوة والحساء الساخن إليها بعض النشاط. وبصراحة، تلك الوجبة البسيطة كانت الأسوأ التي تذوقتها الآنسة بندلتون على الإطلاق. القهوة ضعيفة، الحساء بلا طعم، الخبز محترق من الخارج.
ومع ذلك، ابتلعتها بسهولة. الهضم كان سلسًا، وشعرت براحة لم تعهدها.
عادت إلى غرفتها وأغلقت الباب بالمفتاح. فتحت حقيبتها وأخرجت رزمة أوراق، وبداخلها عثرت على إيصال إيداع بنكي.
الإيصال الأحدث كان منذ شهرين. نظرت فيه. كان هناك 500 جنيه في حساب باسمها.
لقد كانت مقتصدة على مدى اثني عشر عامًا. جدتها، السيدة أبيغيل، كانت دائمًا تعطيها مبلغًا لشراء ثوب أو زينة. لكنها كانت تدخره بعناية.
حدقت في الإيصال. 500 جنيه. مبلغ كهذا يكفي لاستئجار بيت صغير مع مطبخ في إحدى ضواحي الطبقة الوسطى في لندن، أو في حي تجاري آمن. لن يكون معها خادمة، لكن بالعيش باقتصاد، يمكن أن تستمر لعشر سنوات أخرى.
لكن بعد ذلك؟ لا بد أن تعمل.
عمل.
تذكرت المعلومات التي جمعتها عن مهنة التعليم. سواء المدرسات في المدارس أو المربيات، كان من المعتاد أن يتقاعدن في سن الخمسين. أي أن أمامها على الأقل عشرون عامًا في مهنتها، إن بقيت صحتها.
هدفها أن تعمل كمربية حتى الخمسين، ثم تتقاعد وتشتري كوخًا صغيرًا في الريف. سيكون معها خادم ورجل يخدم البيت.
مثل هذا الترتيب يسمح لها بالعيش براحة حتى مع تقدم عمرها وضعف حركتها، ويبعد عنها قلق الوحدة.
ولتحقيق ذلك، فهي تحتاج ثلاثة آلاف جنيه على الأقل. ومع أخذ تعقيدات الشيخوخة غير المتوقعة في الاعتبار، حتى الثلاثة آلاف لن تكون كافية.
فكرت قليلًا، ثم أخرجت حقيبة جلدية عملية من حقيبتها الكبيرة. وضعت فيها بعض الأوراق، محفظتها، وكيسًا صغيرًا من المعادن الثمينة خبأته في العمق.
ارتدت قبعتها البنية المسطحة وعباءتها السوداء، ونظرت إلى نفسها في المرآة. ربما أعطاها الفطور وهجًا صحيًا، وخفّت انتفاخات وجهها، فبدا أفضل قليلًا. مطمئنة، خرجت.
استقلت عربة أجرة إلى الويست إند. تطلعت عبر النافذة إلى لافتة سبق أن حفظتها، فالتقطت عينيها على الفور. أوقفت العربة فورًا، دفعت الأجرة.
وكالة ويستواي للتوظيف المهني للمدرسين الخصوصيين.
م.م: مرحبا يا أحلى قراء، أتمنى تكون عجبتكم الترجمة، الرواية مشوقة و الأحداث حلوة 💜
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 61"