⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
لم تستطع الآنسة لانس أن تهدّئ قلبها الخافق بعد أن فكّرت في الأمر.
هل يمكن أن يكونا واقعَين في الحب؟ ثم فسدت علاقتهما؟
شعرت الآنسة لانس بوخزة قلق. مجرّد فكرة أن الرجل الذي تكنّ له هذا الشغف قد يشارك نوعًا من العاطفة مع امرأة أخرى هزّت كيانها أكثر.
حاولت أن تصرف نظرها عنه لتستعيد توازنها.
كان من الواضح أنهما ليسا عاشقين في الوقت الحاضر. لم تسمع أبداً أي إشاعة عن عودة السيد دالتون إلى لندن لزيارة عائلة بندلتون. الحفلة الوحيدة التي حضرها كانت حفلة الشاي.
وبترسيخ هذه الفكرة في ذهنها، تلاشت احتمالية أن يكون حبّ السيد دالتون موجّهًا نحو الآنسة بندلتون. هدأ قلق الآنسة لانس بعض الشيء، لكن الشكوك بقيت تلاحقها. فقد تذكّرت كيف ارتبكت الآنسة بندلتون تمامًا عندما ذكرت حادثة النزهة في وقت سابق.
عادت بذاكرتها إلى ما حدث في تلك النزهة السابقة: كان السيد دالتون يتحدث معها، ثم اختفى في الغابة بحجة أن لديه أمرًا عاجلاً. وبعد ساعة تقريبًا، خرجت الآنسة بندلتون شاحبة الوجه، استقلت عربة وغادرت على عجل، ليلحق بها السيد دالتون بعد قليل.
لماذا غادرت بسرعة؟ ولماذا خرج السيد دالتون يبحث عنها؟
تذكرت كيف تحدثت مع السيد دالتون بجانب البحيرة عن نسب الآنسة بندلتون. وبينما كانت أفكارها تدور، ومضت في ذهنها لحظة إدراك مفاجئة:
«السيد دالتون علم بأصلها… وتخلى عنها!»
شعرت الآنسة لانس وكأنها حلت اللغز بأكمله. لقد بدا الأمر منطقيًا تمامًا بالنسبة لها.
لا بد أنهما كانا يكنّان مشاعر لبعضهما. كانت الآنسة بندلتون معجبة بالسيد دالتون، فهو رجل رائع، وسيم، طيب، مهذّب، ومميّز. ولا بد أن السيد دالتون أيضًا قد أحبها. فرغم كبر سنها، إلا أنها كانت طيبة ولطيفة.
ولهذا أهدى لها لوحة وايتفيلد. كإشارة مودة. لكن في النهاية، لا بد أن السيد دالتون واجهها في الغابة بحقيقة نسبها. اعترفت هي بصدق… وبسبب ذلك أعلن هو نهاية صداقتهما!
حين فكرت بهذا الشكل، بدا الموقف الغامض بينهما في النزهة مفهومًا تمامًا: لقد غادرت الآنسة بندلتون مكسورة القلب، وتبعها السيد دالتون شاعرًا بالذنب لأنه تخلّى عنها. فهو، رغم كل شيء، رجل نبيل.
لكن إن كان هذا صحيحًا، فالسيد دالتون رجل قاسٍ. أن يهجر امرأة بسبب نسبها أمر دنيء. أليس هذا ما يفعله الأشرار في الميلودراما؟
ولو كان شريرًا، لكانت الآنسة بندلتون البطلة التراجيدية. كادت أن ترتبط برجل عظيم، لكنها في النهاية هُجرت. لا لذنب ارتكبته، بل لذنب والديها.
وباعتبارها عاشقة للميلودراما، شعرت لوهلة بالغضب من فعل السيد دالتون وبالشفقة على الآنسة بندلتون. لكنها مع ذلك لم تستطع أن تكرهه تمامًا، ولا أن تنحاز إلى جانب الآنسة بندلتون.
كان تخلي السيد دالتون أمرًا محتوماً.
رجل مثله، يعرف نسبها، لن يقرر الزواج بها. فهو رأس عائلة عريقة، مسؤول عن مجدها، ولا يمكن أن يقترن بامرأة ذات نسب مشكوك فيه فيشوّه مكانتهم. كان ذلك مسارًا قاسيًا وغير عادل، لكنه كان واقع المجتمع.
شعرت الآنسة لانس بالأسى من أجل كسر قلبها. فقد ظنّت أنها امرأة حكيمة ورصينة، لكنها تصرفت كحمقاء عاشقة. كيف لم تدرك الآنسة بندلتون، في هذا العمر، ما كانت هي تعرفه وهي في العشرين فقط؟
لكن، بالطبع، بما أن والديها كانا قد عقدا زواجًا متهورًا، فلا عجب أن ترث هي بعضًا من هذا الطيش.
“الآنسة لانس، هل تسمعينني؟”
استفاقت الآنسة لانس من شرودها عند سماع صوت السيد فيرفاكس.
“آه، عذرًا، سيد فيرفاكس. ماذا قلت؟”
ابتسم لها بلطف، مدركًا أنها غارقة في أفكارها.
“من سيكون شريكك في رقصة الفالس الأولى، نجمة الحفل؟”
ابتسمت الآنسة لانس وحدقت بالمكان الذي كان يقف فيه السيد دالتون. لكنه كان فارغًا. تلفّتت حولها في ارتباك.
“أين ذهب السيد دالتون؟”
“لقد غادر للتو.”
حدّقت في المكان الخالي بخيبة. كانت متيقنة أنه سيطلب منها أن تكون شريكته في أول فالس.
قرأ السيد فيرفاكس خيبة أملها بوضوح.
“أوه، لا بد أن إيان نسي موعده. يا له من مشاغب.”
لكن الآنسة لانس لم تستطع إلا أن تبتسم ابتسامة باهتة. لم يكن قد وعدها بشيء في الأساس. كان ذلك مجرد أمل في قلبها. كانت ترغب أن يطلب منها أول فالس في أول حفل تستضيفه عائلتها.
بل إنها كانت تتمنى أن يعترف لها بحبه أثناء الرقصة. ولهذا تحملت ألم شدّ شعرها مرارًا عند تصفيفه، وضغط الكورسيه الذي يخنق أنفاسها.
نظر السيد فيرفاكس بارتباك إلى ملامحها المكسورة. لم تبكِ، لكنها كانت على وشك. تساءل إن كان عليه أن يبحث عن إيان فورًا. لكن الكوتيليون انتهى، والناس يغادرون المنصة، والفالس سيبدأ قريبًا.
مدّ السيد فيرفاكس يده على عجل.
“بفضل إيان، قد أكون أنا المحظوظ. آنسة لانس، هل تشرفيني بالرقصة القادمة؟”
حدقت الآنسة لانس باليد الممتدة أمامها. كانت تحب السيد فيرفاكس، لكنه لم يكن الرجل الذي تنتظره. كانت قد حلمت بأن يمد السيد دالتون يده بهذه الطريقة.
لكن نجمة الحفل لا يمكن أن تبقى واقفة مثل زهرة على الجدار بلا شريك. كبرياؤها لم يسمح بذلك.
ابتسمت له ابتسامة مترددة، وأخذت يده.
“بكل سرور، سيد فيرفاكس.”
أما الآنسة بندلتون، وبعد أن تخلّصت من مجموعة الآنسة لانس، فقد شقت طريقها ببطء عبر الحشد نحو الآنسة جنسن والسيد برايس.
“صباح الخير، سيد برايس. والآنسة جنسن.”
انحنت لهم بأدب، فردّا التحية بمثلها.
“لقد جئت باكرًا، آنسة بندلتون.”
“نعم. أنهيت ارتداء ملابسي أسرع مما توقعت، فاستطعت أن أستعجل القدوم.”
أضافت الآنسة جنسن بخفة روح:
“خادمتك تبدو بارعة. نحن تأخرنا نصف ساعة لأن الخدم نسوا تلميع حذائي. قلتُ لخادمتك أن تتولى أمرهم.”
ضحكت الآنسة بندلتون من كلماتها، ثم نظرت إلى السيد برايس. كان صامتًا، كعادته، منفصلًا عن حديث السيدتين. عادةً، هذا النوع من الثرثرة كان يجعله يتوتر.
“سيد برايس؟”
رفع رأسه عند مناداتها، وعيناه الكبيرتان الجاحظتان ثبتتا عليها.
همّت أن تسأله عن حاله، لكنها سكتت. فقد رأت في عينيه حزنًا عميقًا، كأن دموعه على وشك الانهمار.
نظرت إلى الآنسة جنسن، التي تنهدت بلطف نحو عرّابها. ثم أومأت برأسها إلى جهة أخرى، مستأذنة بالانصراف. أومأت الآنسة بندلتون بهدوء.
“سأذهب لأرى الآنسة لانس إذن. عليّ أن أرى كيف تبدو نجمة الحفل اليوم.”
نظرت حولها. كانت الشرفة الفسيحة متصلة بأخرى، يفصل بينها ستائر مربوطة، فتترك المكان مفتوحًا. لحسن الحظ، لم يكن هناك أحد.
وقفا جنبًا إلى جنب، يتأملان أضواء لندن المتلألئة، وعرباتها المزخرفة المسرعة نحو قاعة الحفل، وحركة الحمالين الدؤوبة.
قال السيد برايس:
“أشكركِ يا آنسة بندلتون على مساعدتكِ لجوان في الاستقرار بلندن. لقد أسديتِ لي معروفًا كبيرًا.”
ابتسمت:
“لا شيء، سيد برايس. لم أفعل سوى أنني كنت صديقة طيبة لها.”
أجاب بجدية:
“لقد عرفتُ المجتمع الأمريكي والإنكليزي معًا. أعلم كم هما مختلفان. جوان وُلدت ونشأت في أمريكا، وهي أمريكية للنخاع: منفتحة، مفعمة بالحيوية. وبصراحة، لم يكن لديها ما يجعلها موضع ترحيب في مجتمع لندن. لكن اليوم رأيتها آنسة إنجليزية مثالية… مثلك تمامًا.”
ثم نظر إليها بثبات:
“لقد تأثرت جوان بتعاملك وسلوكك. بفضلك استطاعت أن تتعلّم الرقة، التواضع، واللطف الذي يميز السيدة الكاملة.”
ظلّت الآنسة بندلتون تحدق في الأفق بصمت، لكنها شعرت بعمق نظرته المثبتة عليها.
قال أخيرًا بصوت حاسم:
“آنسة بندلتون، بعد أن سمعتُ قصة ابنة عرّابتي، كان أمامي خياران: أن أذهب مباشرة إلى جيرالد لأتأكد من الأمر… أو أن أنتظر الليلة وأسألكِ أنتِ عن الحقيقة. وكما ترين، اخترت الخيار الثاني. أريد الحقيقة.”
م.م: موقف مشرف منه في زمنهم
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 52"